لماذا يجب أن تعتني بعقلك كما تعتني بحديقة؟

اعتنِ بعقلك كما تفعل مع حديقة وانتقِ له خير البذور لينبت فيه بدلاً من الأعشاب الضارة أفكاراً عظيمة كأرقِّ الزهور عقلك يشبه الحديقة؛ فإما أن تعتني به وتزرع فيه بذوراً تنمو لتتحول إلى أفكار بناءة، أو أن تكون تلك البذور فاسدة فتصبح الأرض صعيداً جرزاً.



تُنسَب الكلمات المذكورة آنفاً إلى ثلاثة أشخاص على الأقل، ومهما كان من قالها أولاً فله جزيل الشكر؛ وذلك لأنَّها كلمات رقيقة وتحمل في طياتها حكمة عظيمة، كما أنَّها توضِّح نقطة هامة عن الاهتمام بالعقل، ولن يتطلب الأمر كثيراً من الخيال لإدراك أنَّ البذور تعبِّر عن الأفكار وأنَّ الأزهار هي الكلمات والأفعال الإيجابية، بينما الأعشاب هي الكلمات والأفعال السلبية.

وبقدر الذكاء في اختيار تلك الكلمات فإنَّها تتجاهل عنصرين هامين للعناية بالعقل؛ أولهما: مصدر البذور أو الأفكار؛ أي هل نستخدم أيَّ نوع من البذور المتوفرة حتى لو كانت قديمة أو بذوراً يفرضها الآخرون علينا؟ أم نستخدم البذور التي ننتقيها بعناية؟ وذلك لأنَّ الأفكار لا تأتي من تلقاء نفسها إنَّما هي نتيجة ما تختار تخزينه منها.

أما ثانيهما: فينبغي أن تعتني ببذورك أو أفكارك وتغذيها باستمرار حتى لو اخترت الجيدة منها، ويتعيَّن عليك أن تتخلص من الأعشاب الضارة أو الكلمات والأفعال السلبية وهذا يتطلب منك رعاية مستمرة.

وقد ذكر الكاتب جيمس آلين (James Allen) في كتابه القصير الذي صدر في عام 1903: الإنسان كما يفكر يكون (As A Man Thinketh) مقارنةً بين العقل والحديقة أيضاً، ويعد كتابه من الكتب الكلاسيكية؛ وقد أثَّر في العديد من الكتَّاب لاحقاً ومنهم: نورمان فنسنت بيل (Norman Vincent Peale) الذي ألَّف كتاب قوة التفكير الإيجابي (The Power Of Positive Thinking) وكذلك دايل كارنيجي (Dale Carnegie) الذي ألَّف كتاب كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس (How to Win Friends and Influence People)، وقد لقي هذا الكتاب ثناءً من قِبل العديد من قادة الأعمال الناجحين في القرن العشرين، وذكر الكاتب الأمريكي والكوتش توني روبينز (Tony Robbins) أنَّ هذا الكتاب هو المفضل عنده وقد أثَّر فيه تأثيراً عميقاً.

شاهد بالفيديو: 12 عادة لتعزيز القوة الذهنية

نستعرض فيما يلي أهم النقاط التي طرحها في كتابه:

  • يتشابه عقل المرء مع الحديقة في بعض الأوجه.
  • يمكن استثمار الحديقة بذكاء أو تركها على هواها.
  • مهما كان خيارك، فإنَّ الزراعة والاستثمار أو حتى الإهمال سيفضيان إلى نتائج.
  • إذا لم تضع بذوراً مفيدة (معلومات إيجابية) فيه، فإنَّ الأعشاب الضارة (المعلومات السلبية) ستستحوذ عليه.
  • عليك أن تزرع بذوراً جيدة وأن تغذيها باستمرار، فضلاً عن التخلص من الأعشاب الضارة؛ أي أنَّ الأمر يحتاج إلى رعاية جيدة كي تحصد كلَّ ما تزرعه.

إذاً تُفضي الأفكار الإيجابية إلى نتائج إيجابية، والسلبية منها إلى نتائج سلبية؛ حيث إنَّك إذا زرعت بذرة ليمون واعتنيت بها جيداً فستحصد شجرة ليمون مثمرة.

والواقع أنَّ مفهوم الزراعة والحصاد يمتد لزمن أبعد من ذلك بكثير؛ وذلك لأنَّه كان يُعدُّ قانوناً طبيعياً للكون ويدعى: الكارما؛ حيث اعتقد المعلمون القدماء بأنَّه إذا كنا جيدين فذلك يجعلنا في وئام مع الطبيعة وبذلك فهُم على دراية أنَّ الخير يؤدي إلى السعادة الفردية وسلام المجتمع.

إقرأ أيضاً: الأفكار الإيجابية تؤدي إلى نتائج إيجابية

لقد كتبت جينيفر ليديت (Jennifer Ledet) التي تعمل في إدارة مركز استشارة ليديت (Ledet): "لطالما اعتقدت بأنَّ القراءة ترفع من معنوياتي، وأنَّ المعلومات الملهمة التي أستقيها كل يوم تجعلني شخصاً أفضل مما كنت عليه سابقاً، وليس أفضل من الآخرين".

كما كتبت ميشيل جيلان (Michelle Gielan) المختصة بعلم النفس الإيجابي: "لقد اكتشفتُ أنَّنا جميعاً مذيعون وأنَّنا عندما نغير القصص التي نرسلها لأنفسنا، فإنَّنا نسهم في إحداث تغيير إيجابي، ويحصل ذلك عندما ننشر السعادة".

لقد أجرت ميشيل جيلان أبحاثاً واسعة في مجال علم النفس الإيجابي وقد كانت في وسائل الإعلام الرئيسة لمدة خمس سنوات، إلا أنَّ الأخبار السيئة قد أرهقتها في نهاية المطاف؛ ولذا فقد كرَّست نفسها لتفعل العكس؛ أي نشر الأخبار المفرحة والجيدة ومساعدة الآخرين على فعل الشيء نفسه، كما أنَّها تحثُّ الناس على تشارك الإيجابيات في جميع مناحي الحياة وتؤمن إيماناً راسخاً بأنَّ في إمكان أي شخص أن يفعل الشيء ذاته.

تقترح ميشيل أن نبدأ أي نوع من التواصل بشيء إيجابي؛ وتشمل هذه الأنواع: لقاء الأصدقاء شخصياً أو التحدُّث معهم أو كتابة رسالة نصية أو بريد إلكتروني؛ كما قد يكون إجراء أي نوع من اللقاءات أو التحدُّث مع عميل أو حتى التحدُّث مع أفراد عائلتك ومقابلة أشخاص جدد؛ ذلك لأنَّ البدء بإيجابية يحدد وتيرة المحادثة في أي موقف.

كما تضيف ميشيل أنَّ كل شيء يبدأ عندما نغير وجهة نظرنا نحو الأمور وتطلق عليها: إعادة تركيز اهتماماتنا؛ فإن لم نستطع رؤية الخير حولنا فلن يترسخ في عقلنا ولن يكون هو الشيء الذي تتمحور أحاديثنا حوله، وإذا تركنا دفة القيادة لميولنا الطبيعية، فمن المرجح أن نتجه نحو الخطأ بدل الصواب؛ وذلك لأنَّ ما يخرج من أفواهنا هو نتيجة ما قد ركزنا اهتمامنا عليه وترسَّخ في عقلنا؛ لذا ابحث عن الخير دوماً وعندما تجده شاركه مع الآخرين.

 

المصدر




مقالات مرتبطة