لماذا يتجنب بعض المحترفين أماكن العمل عالية الأداء؟

هناك مصطلح تذكره إعلانات الوظائف ويُخيف المتقدمين؛ إنَّه "الأداء العالي"؛ حيث تحمل هاتان الكلمتان معاني أخرى للمتقدمين، لأنَّ هذا المصطلح، لا سيَّما عند اقترانه بمصطلح "سريع التعلُّم" في طلب الوظيفة، قد يشير إلى التميُّز واستحالة إيجاد توازن بين الحياة الشخصية والعمل.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المديرة التنفيذية "نيكا وايت" (Nika White) والتي تُحدِّثنا فيه عن سبب خوف المتقدمين إلى الوظائف من أماكن العمل التي تطالب بتقديم "أداء عالٍ".

حيث يربط بعض الأشخاص مصطلح "الأداء العالي" بتوقع رب العمل منهم أن يؤدوا كل شيء على نحو مثالي، وأن يعملوا حتى الإنهاك، وأن يُحمِّلوا أنفسهم مسؤولية الارتقاء إلى مستوى معايير يصعب تلبيتها، من دون تأثُّر سلامتهم الذهنية والجسدية سلباً.

كَوني مؤسِّسة شركة، لا أريد أن يرتبط التميُّز بأشخاص دون غيرهم، فأنا أؤمن أنَّ التميُّز ليس حكراً على فئة دون أخرى، وأعتقد أنَّ من المهم تغيير السياق المحيط بمفهوم الأداء العالي، كي لا يبقى أمراً يخشاه الموظفون. لكن بدايةً، من الضروري تحديد معنى الأداء العالي للأشخاص في مجال الأعمال، ولكي أشرح ذلك، سأتحدث كيف نحقق أداءً عالياً في شركتي، ولماذا يجب ألَّا يخاف المتقدمون من هذا المصطلح.

تعريف الأداء العالي في شركتي:

كنت عازمة في شركتي على شرح الأداء العالي للموظفين وتعريفه منذ البداية، ومن المفهوم اليوم أنَّ معنى الأداء العالي في شركتي هو:

  • حضور الموظفين ومواظبتهم على أداء مهامهم.
  • عدم خوف الموظفين من ارتكاب الأخطاء في أثناء نموهم وتحسُّنهم.
  • تطلُّب التميُّز الإقدام على المخاطرات وتقديم كامل الإمكانات.
  • تبنِّي الموقف الصحيح تجاه المشاريع الصعبة.
  • الشعور بالدافع عند الحصول على تغذية راجعة بنَّاءة، وليس بالخزي.
  • تحدِّي بعضنا بعضاً للارتقاء بمستوانا.
  • دعم بعضنا حتى لو لم نكن نشعر بالقوة.
  • بناء بيئة تتمحور حول التعاون؛ بحيث يكون مصدر الأفكار الجيدة أيُّ مكان، ولا يقتصر على المدير أو المشرف.

هذه هي المبادئ التي قامت عليها شركة "إن دبليو سي" (NWC)، والتي أكسبت موظفينا القوة حتى في ظلِّ الضغوطات الكبيرة؛ حيث طمأنتهم إلى أنَّ كوننا بشراً ليس بمشكلة، وشجعتهم أيضاً على السعي نحو التميُّز متى وأينما أمكن. وفي حين استغرق دعم فريقي لهذه المبادئ نفسها والإيمان بها بعض الوقت، لكنَّه كان ضرورياً. وعلى مرِّ السنين، أنشأنا كفريق عالي الأداء، قيماً معيَّنة تساعدنا على التركيز على التميُّز من دون المساس بعافيتنا.

شاهد بالفديو: 11 طريقة كي تكون عضو فريق عظيماً في العمل

القيم التي تدعم فريقنا المتنوع عالي الأداء:

حين أناقش مفهوم الأداء العالي مع مديري التنوع والمساواة والاندماج (DEI) في شركتي، فنحن نتحدث غالباً عن القيم التي توجه ثقافتنا عالية الأداء، والتي تُمكِّنُنا من دعم بعضنا وتحمُّل المسؤولية تجاه بعضنا بعضاً، من دون أن ينتهي بنا الأمر بالتأثير سلباً في بعض، بالإضافة إلى التركيز على التميُّز وبذل كامل جهدنا وأكثر، وفي الوقت نفسه، العمل بلطف وعطف في الأوضاع الصعبة. وفيما يلي القيم التي ندين لها بكل ذلك في شركتنا:

  • عدم انتظار التعليمات، والمبادرة في حل المشكلات عند ملاحظتها.
  • ممارسة التواصل الفعَّال؛ أي أنَّنا نكتب ونتحدث لنُحدث تغييراً، ونحرص على أنَّ الجميع يفهمون المغزى، وأنَّنا نحدد أولوياتنا بوضوح.
  • الاستعداد الدائم، والتفكير مسبقاً والتحضير للمشكلات المحتملة.
  • التحضير في وقت مبكر استعداداً للتحديات المقبلة، بحيث لا تصدمنا المفاجآت.
  • التركيز الدائم، والتوجه نحو العمل والتنفيذ.
  • التفكير دوماً في الخطوة التالية.
  • طرح أسئلة ذات مغزى تحفز رؤى وعواطف يمكننا استخدامها للارتقاء بعملنا.
  • إيماننا بالتعاون، وفهمنا أنَّ أيَّ شخص يمكن أن يتوصَّل إلى أفكار جيدة.
  • ثقتنا ببعضنا، وإدراكنا بأنَّ الجميع في كل مجالات الشركة يقدمون عملاً جيداً، سواء كنَّا جزءاً منه أم لا.
  • الإبداع في حل المشكلات، والبحث عن الحلول في كل مكان.
  • ارتكابنا الأخطاء بأنفسنا، وتقبُّلنا لتحمُّل المسؤولية والمساءلة.
  • اتِّباعنا طريقة تفكير رواد الأعمال والمديرين التنفيذيين والمالكين، وتحمُّلنا مسؤولية العملية التي يمر بها العميل.
  • تقديرنا الأداء العالي، وسعينا إلى التفوق على النجاحات السابقة، والإنجاز أكثر من المتوقع على الرغم من الإمكانات المحدودة.
إقرأ أيضاً: المفاتيح العشرة لفريق العمل المتناغم

تداخل الأداء العالي والمنافسة وثقافة العمل:

لا يعني الأداء العالي في شركتي أن يرهق الموظف نفسه لتحقيق أهداف مستحيلة. وعندما أتحدث عن الأداء العالي، لا أقصد المثالية، بل التفوق على النجاحات السابقة؛ إذ إنَّني أؤمن بالعمل نحو هدف التفوق على الرغم من القيود، وأفكِّر على أساس أنَّنا نحاول دائماً الارتقاء بمستوانا، وتكوين ثقافة نُلهم فيها زملاءنا للارتقاء أيضاً. فالمنافسة الصحية في رأيي، هي ثقافة صحية، وحين نرى زملاءنا يناضلون لتحقيق المزيد، ويصلون إلى مستويات أعلى ويخاطرون، يشجعنا ذلك على الاقتداء بهم.

الموازنة بين الصحة النفسية والأداء العالي:

يرجع سبب مشكلات معظم الشركات في الأداء العالي، إلى أنَّها لا توازن بين الاحتياجات النفسية لموظفيها ومطالبها للأداء العالي. وأنا متأكدة أنَّه إذا اخترنا التعامل مع موظفينا بعطف ورحمة، ودعمهم حين يحتاجون إلى أخذ قسط من الراحة، وتحفيزهم باستخدام المنافسة المعقولة والصحية، فيمكن أن يكون الأداء العالي حالة تمكِّن الموظفين عوضاً عن أن تكون مصدر قلق وخوف.

إقرأ أيضاً: كيف تؤثر المكافآت وتقدير جهود الموظفين في صحتهم النفسية؟

في الختام:

في حين أنَّ العديد من المتقدمين إلى الوظائف، سيتجنبون أيَّ شاغر وظيفي بعد إلقاء نظرة واحدة عليه، إذا كان يحتوي مصطلح "أداء عالي"، إلا أنَّني أعتقد أنَّه ينبغي عليهم أخذ خطوة إلى الخلف وإلقاء نظرة ثانية، فبيئات العمل عالية الأداء ليست سيئة بطبيعتها، بل يمكن أن تكون حافزاً لتعزيز إمكاناتهم وتحدِّي أنفسهم لتقديم أفضل ما لديهم.

والمفتاح هو أن تشرح الشركات معنى الأداء العالي، وكيف يمكن للموظفين تقديمه في مكان العمل، وذلك لكي يتمكن الموظفون من أداء عملهم على أفضل نحو، من دون أن يعمي بصيرتهم مفهوم المثالية المطلقة ونسيان عافيتهم الشخصية.

يجب تحديد معنى الأداء العالي في الشركة، وممارسة التعاطف والرأفة بالموظفين لحماية سلامتهم، وشرح كيفية تحقيق التوازن في شركتك بين التميُّز والنمو، وتطبيق السابق هو خطوة كبيرة نحو تعيين موظفين أفضل والاحتفاظ بهم.

المصدر




مقالات مرتبطة