لماذا تنخفض إنتاجية العاملين وما الذي يمكن للموارد البشرية فعله؟

وفقاً لوزارة العمل في الولايات المتحدة، إنَّ إنتاجية الموظفين الأمريكيين خلال الساعة آخذةٌ بالانخفاض؛ وذلك للربع الثالث من السنة على التوالي؛ فبالنسبة إلى الربع الممتد من شهر نيسان/ أبريل وحتى شهر حزيران/ يونيو، انخفض الإنتاج بالساعة لكلِّ عاملٍ بنسبة 0.5%، ومن شهر كانون الثاني/ يناير إلى شهر آذار/ مارس، انخفضت الإنتاجية بنسبة 0.6%.



يُعَدُّ هذا الانخفاض هو الأطول زمنياً بالإنتاجية منذ عام 1979، وهذا ما يثير قلق الاقتصاديين الذين لا يدركون تماماً ما يحدث، لكنَّهم يتفقون أنَّه إذا استمر على هذا التوجه، فقد يدفع الشركات إلى التقليل من التوظيف، ناهيك عن خفض الأجور، الذي يُعَدُّ أحد النتائج الأخرى للركود أو النمو السالب للإنتاجية.

قال كبير الاقتصاديين في "مصرف دويتشه" (Deutsche Bank) "جوزيف لافورجنا" (Joseph LaVorgna) في مقابلةٍ مع مجلة "ذا نيويورك تايمز" (The New York Times): "إنَّ السبب الذي يبقي الاقتصاد قادراً على التوسع، يكمن في العمل الذي يقدمه الموظفون؛ إذ توظف الشركات الأشخاص بمعدلٍ مقبولٍ نسبياً، ومع ذلك، لا نعتقد أنَّ ذلك يمكن أن يستمر؛ لأنَّ التوظيف القوي في مواجهة ضعف الإنتاجية يعني بالضرورة مزيداً من التدهور في هوامش أرباح الشركة".

هل هو قياسٌ حقيقيٌّ للوضع أم أنَّه مجرد قياسٍ سيِّئ؟

يتساءل بعض الاقتصاديين عمَّا إذا كانت البيانات موثوقة؛ إذ قال الاقتصادي الأمريكي "باتريك نيوبورت" (Patrick Newport) في منظمة "آي إيتش إس غلوبال إنسايت" (IHS Global Insight): "هل نحن نراوح مكاننا من دون حراك أم أنَّنا نقيس النمو بطريقةٍ خاطئة؟ كلاهما صحيح، فقد قُلِّل من شأن نمو الإنتاجية، والاقتصاديون غير متأكدين من مقدار ذلك النمو".

لكن قُدِّم رأيٌ مخالفٌ في تقريرٍ مُفصَّلٍ في بحث "دايجسيت للمكتب الوطني للبحوث الاقتصادية لشهر حزيران/ يونيو" (the June Digest of the National Bureau of Economic Research)؛ إذ يذكر التقرير البحثي الذي أعده أستاذ الاقتصاد "تشاد سيفرسون" (Chad Syverson) في "جامعة شيكاغو" (University of Chicago)، أنَّ تباطؤ الإنتاجية أمرٌ حقيقي وليس نتيجة القياس الخاطئ للاقتصاد الرقمي بالمقام الأول.

كما ورد في مقال "دايجسيت" (Digest): "يخلُص "سيفرسون" (Syverson) إلى أنَّ تباطؤ الإنتاجية يعكس على الأرجح تغييراً حقيقياً في معدل التقدم الاقتصادي".

شاهد: 6 أنشطة غير مرتبطة بالعمل تعزز الإنتاجية

الابتكار يتباطأ:

يقول الخبير الاقتصادي "روبرت غوردون" (Robert Gordon) من "جامعة نورث وسترن" (Northwestern University): "إذا كان التباطؤ حقيقياً، فإنَّ السبب هو الافتقار إلى التقدم التقني الكبير وخفض الاستثمار التجاري في الأدوات الجديدة؛ إذ إنَّ السبب يكمن في معداتهم وفي ممارسات أعمالهم في القرن الماضي".

قال "غوردون" (Gordon) لمجلة "ذي أتلانتيك" (The Atlantic): "في كثيرٍ من مجالات الاقتصاد، لا تتأثر الممارسات اليومية لأساليب العمل بالابتكارات الحديثة؛ وذلك فيما يتعلق بالروبوتات أو الهواتف الذكية أو الأشياء الأخرى التي حدثت في الفترة الأخيرة".

تظهر نسخةٌ أكثر سوداويةً من آراء "غوردون" (Gordon) في مجلة "ذا نيو يوركر" (The New Yorker)؛ إذ يفصِّل الكاتب "جون كاسيدي" (John Cassidy) التفسيرات الثلاثة الأكثر شيوعاً لتباطؤ الإنتاجية بقوله: "إنَّ عدم القياس، وتردد الشركات في الإنفاق على التقنية، ونظرية "غوردون" (Gordon) القائلة إنَّ التطورات المعزِّزة للإنتاجية تدريجيةٌ أكثر من كونها ثورية، قد تكون كلها صحيحةً إلى حدٍّ ما على الأقل".

إقرأ أيضاً: 5 نصائح تمكن موظفي الموارد البشرية من تعزيز ذكائهم العاطفي

الدور الذي يمكن أن تؤديه الموارد البشرية:

بصرف النظر عن التفسير الصحيح، أو حتى إذا ما كانت كلٌّ من التفسيرات تؤدي دوراً في الأمر، فإنَّ التباطؤ لا يؤثر في الولايات المتحدة فحسب، لكن على جميع الاقتصادات المتقدمة في العالم، وسواء كان ذلك وهماً أكثر من كونه حقيقة، فقد يكون التأثير في التوظيف والشركات والفوائد والثقافة التنظيمية كبيراً.

يحمل تقليص الزيادات في الأجور تداعياتٍ على التوظيف والاحتفاظ بالموظفين، في حين أنَّ الضغط على المديرين التنفيذيين المباشرين لتحسين الإنتاجية يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، كأن يصبح العمال المجهدون غير متفاعلين مثلاً.

ومع ذلك، تؤدي الموارد البشرية دوراً في العمل مع القيادة في الأعمال لزيادة الإنتاجية، وقد ثبُت أنَّ تحسين الإدماج يؤدي إلى مزيدٍ من العمال المنتجين؛ لذلك فإنَّ تقوية العلاقة بالإدارة العليا قد تكون أكبر مساهمةٍ تُقدِّمها الموارد البشرية.

توجد نقطةٌ أخرى من الهام التركيز عليها، وتتمثل في مساعدة المديرين على أن يصبحوا مديرين أفضل، فضلاً عن إظهار الطرائق التي يمكنهم بها أن يكونوا أكثر كفاءةً، وكيفية تحسين أداء فريقهم من خلال تقديم تغذيةٍ راجعةٍ بشكلٍ أكثر تواتراً وإيجابيةً.

إقرأ أيضاً: طرائق التفكير العشر للأشخاص ذوي الإنتاجية العالية

في الختام:

أشار منشور مدونة "ويليس تاورز واتسون" (Willis Towers Watson) للإنتاجية إلى أنَّه: "سيعتمد النجاح على التعاون بين الموارد البشرية والموظفين العاملين في القسم المالي وقسم العمل والقادة التشغيليين لتحديد التدابير المناسبة وفهم الأدوار ذات الصلة والبدء بالإجراءات المناسبة".

المصدر




مقالات مرتبطة