لماذا تفشل أنظمة إدارة التعلم (LMS) في بيئات العمل عن بعد؟

تحوَّل التعلم الإلكتروني خلال السنة الماضية من ميزة إضافية إلى حاجة أساسية؛ فمع غياب إمكانية إجراء الجلسات التدريبية وجهاً لوجه، توجَّهت الشركات إلى الحلول الإلكترونية التي تسمح لهم بتدريب قواهم العاملة المنتشرة عن بعد.



اختار كثير من الناس نظام إدارة التعلُّم (LMS: Learning Management System) على أنَّه حلٌّ آمنٌ وبديهيٌ، عبر تحويل جلسات تأهيل الموظفين التي تحدث عادةً ضمن قاعات دراسية إلى دورات إلكترونية يسهل الوصول إليها في أيِّ زمان ومن أيِّ مكان.

تشير بحوث مقنعة إلى وجود سلبيات للاعتماد الكامل على أنظمة إدارة التعلُّم لتدريب وتأهيل الموظفين على الرغم من شعبيتها؛ لذا نستعرض في هذا المقال أربعة أخطاء شائعة يجب أن يكون كلُّ رائد أعمال على دراية بها في أثناء تقييم حلول نظام إدارة التعلُّم، مع كيفية تفاديها:

1. تُنسى المعلومات التي تتعلمها في دورات نظام إدارة التعلُّم على الفور:

أظهرت الأبحاث (وخاصةً دراسة منحنى النسيان (Forgetting Curve) التي أجراها عالِم النفس الألماني هيرمان إبنجهاوس (Hermann Ebbinghaus) أنَّ الموظفين ينسون قرابة 50% مما تعلَّموه للتو خلال ساعة واحدة دون مراجعتها، وقد تصل تلك النسبة إلى 70% بحلول اليوم التالي.

ما يحصل هو أنَّ الذاكرة العاملة للإنسان لها سعة محدودة تدعى الحمل الإدراكي، ويُقدَّر أنَّ الإنسان البالغ الطبيعي يستطيع تخزين ما متوسطه خمس إلى تسع معلومات جديدة معاً في ذاكرته قصيرة الأمد؛ لذا بعد أن يُنهي الموظف جلسة لمدة ساعتين لتعلُّم استخدام أداة جديدة، سيجد في اليوم التالي حين يحاول استخدام تلك المعلومات أنَّه في الغالب قد نسي معظمها.

إقرأ أيضاً: 7 أشياء تُعرّض الشخص للنسيان المؤقت

2. لا يمكن الوصول إلى الدورات بسهولة:

أظهرت دراسة أجرتها شركة الاستشارات الإدارية الأمريكية "مكنزي" (McKinsey) أنَّ الموظفين يقضون "1.8 ساعات في اليوم الواحد ومتوسط 9.3 ساعات أسبوعياً في البحث وجمع المعلومات".  

ربما تجد صعوبة في تقبُّل تلك الأرقام، لكن تخيَّل المشهد التالي: يُكمل الموظف في اليوم الأول دورة تدريبية عن المنافسين ويتعلَّم خلالها الفوارق بين شركتك وشركاتهم، وبعد مرور 45 يوماً، يواجه ذلك الموظف أحد أولئك المنافسين في أثناء التواصل مع عميل محتمل، لكن لتذكُّر معلومات التدريب، سيضطر إلى البحث عن الدورة، والعثور على الجلسة، ثم الانتقال إلى القسم الصحيح قبل أن يصل إلى معلومات الميزة التنافسية التي تميز شركتك عن شركتهم.

أضف إلى ذلك حقيقة أنَّ الموظفين اليوم غير قادرين على الاستدارة في كرسيهم والحصول على المساعدة من زملائهم بسرعة؛ فهم مضطرون إلى انتظار الإجابة عن بريدهم الإلكتروني أو غيره من وسائل التواصل؛ حيث يؤدي كلُّ ذلك إلى ضياع كمية هائلة من الوقت والطاقة.

يعني استرجاع المعلومات من دورة نظام إدارة التعلم أنَّ الموظف سيترك عمله ليبحث عن الدورة، ثم يعثر على المعلومة المحددة ضمنها.

تقضي الفِرق المسؤولة عن إنتاج هذه المواد التعليمية وقتاً طويلاً وتبذل جهداً ضخماً لتطويرها؛ لكن في النهاية، إن لم تكن المعلومات التي تحتويها متاحة بسهولة، فلا حاجة إلى استخدامها.

3. لا تترسَّخ المعلومات في أذهاننا:

يعزى ذلك أيضاً إلى سعة الذاكرة القصيرة الأمد؛ فإن لم تُثبَّت المعلومات وتُعالَج في الذاكرة العاملة، يتم التخلُّص منها لإفساح المجال لمعلومات وأفكار جديدة.

للاحتفاظ بالمعلومات الجديدة، يجب ترسيخها عبر تطبيقها في الحياة اليومية وفي أثناء العمل؛ لذا تخيل أنَّك تحاول تعلُّم كرة السلة، وقد أنهيت للتو أول جلسة مع المدرب، هل ستشعر بأنَّك لاعب محترف على الفور؟ بالطبع لا.

وبالطريقة نفسها التي تكرر فيها مبادئ اللعبة الرياضية إلى أن تنتقل إلى ذاكرتك طويلة الأمد، يجب أن يتدرَّب الموظفون على العملية والأدوات التي تعتمدها الشركة مرة تلو الأخرى حتَّى يتقنوها.

إقرأ أيضاً: 7 طرق مثبتة لتقوية الذاكرة طويلة الأمد

4. لا تعكس الدورات أسلوب تعلُّم الموظفين خارج العمل:

لنفترض أنَّك في المنزل تحاول إعداد البيض المقلي، لن تحتاج إلى البحث في عشرات كتب الطهو حتى تعثر على تلك الوصفة؛ إذ يمكنك بكل بساطة استخدام محرك بحث غوغل أو يوتيوب أو حتى فيسبوك وخلال ثوانٍ ستتمكن من صنع طبق يضاهي أطباق أمهر الطباخين.

المعلومات في حياتنا الشخصية فورية، لكن في حياتنا المهنية نضطر إلى الخضوع لدورات تدريبية طويلة ونادراً ما نطبقها على الفور.

خلاصة الأمر، نحن معتادون على التعلُّم في أثناء التطبيق؛ لذا بدلاً من التعامل مع التدريب المهني على أنَّه هدف مؤسساتي، يجب أن يتوافق التعلُّم الفعال مع حياتنا العملية بالسلاسة والبساطة نفسها التي نطبق فيها ما نتعلَّمه من بحثنا في المواقع في حياتنا الشخصية.

5. ليست مصمَّمة للتدريب على التغيرات الطفيفة:

تنمو الشركات هذه الأيام بسرعة غير مسبوقة؛ حيث أظهرت دراسة حديثة أنَّ 44% من الشركات تُغيِّر أو تُحدِّث عملياتها أو أدواتها مرَّة كل أسبوعين على الأقل، ويجد الموظفون صعوبة في المجاراة بين التغيرات المتسارعة التي تطرأ على العمليات، واعتماد أدوات جديدة دوماً، والتعديلات التي تطرأ على تلك الأدوات نفسها.

يتطلب تدريب الموظفين على تلك التحديثات باستخدام أنظمة إدارة التعلُّم إنشاءَ دورة جديدة لكلِّ واحد من تلك التغييرات المتكررة؛ لكن تُحيل الشركات التواصل بشأن التغييرات الطفيفة إلى وسائط يسهل تجاهلها مثل البريد الإلكتروني واجتماعات "زوم" (Zoom) وقنوات "سلاك" (Slack)؛ وذلك بسبب القيود الزمنية، ومن ثم يؤدي ذلك إلى ضياع معلومات وتحديثات بالغة الأهمية في زحمة الحياة اليومية.

أساليب تطبيق تدريبك في الزمن المعاصر:

لا تزال منصات نظام إدارة التعلُّم ذات فوائد على الرغم من كلِّ هذه العيوب؛ لذا قبل أن تتخلى عن أنظمة إدارة التعليم، اسأل نفسك: "أيُّ نوع من التدريبات ملائم للتعلُّم الإلكتروني وأيٌّ منها غير ملائم؟"

على سبيل المثال، قد تتمكن من طرح دورات تتعلق بسياسات الشركات العامة أو التدريب الأمني أو عرض لمحة عن القسم بأسلوب التعليم الإلكتروني، لكن في أغلب الأحيان، ستجد أنَّ تدريب الموظفين على استخدام الأدوات والعمليات والمنهجيات يتم بشكل أفضل باستخدام أسلوب مختلف.

بالنسبة إلى النوع الثاني من التدريب، احرص على معالجة النقاط التالية:

  • الترسيخ: تثبيت المعلومات الأساسية عبر توظيفها ضمن سياق العمل اليومي.
  • سهولة الوصول: توفير الوصول إلى المعلومات بسرعة عند الحاجة إليها.
  • سهولة استيعاب المعلومات: أن يعكس التدريب طريقة التعلُّم خارج العمل.
  • المرونة: التدريب على التغيرات الصغيرة المتكررة آخذاً بالحسبان النقاط السابقة.

في الختام:

لحسن الحظ، هنالك حلول جديدة ترتبط بالتَّمكين الإلكتروني المصممة خصيصاً لهذه التحديات وتعمل جيداً مع أنظمة إدارة التعلُّم، كما توجد استراتيجيات يمكنك تبنِّيها ليتوافق تدريبك مع متطلبات الظروف الحالية، بغضِّ النظر عن الأدوات التي تستخدمها.

 

المصدر




مقالات مرتبطة