لم ينبغي أن تتخلص من نهج "الشطيرة" عند إعطاء التغذية الراجعة؟

نحن نعلمُ جيداً طريقة عمل نهج "الشطيرة" (Sandwich Method) عند إعطاء التغذية الراجعة: أن تقول شيئاً لطيفاً في البداية، ثم تتبعها بنقد، وأخيراً تختتمها بثناء.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة كارولاين ستوكس (Caroline Stokes)، والتي تحدِّثنا فيه عن تجربتها في إعطاء التغذية الراجعة.

يخفي هذا الأسلوب وراءه نية طيبة؛ وذلك لأنَّ المديرين غالباً ما يخشون قول أي شيء سلبي لموظفيهم؛ ولهذا ابتُكرت هذه الطريقة حتى يتمكنوا من تمرير الملاحظات السلبية بين ملاحظتين إيجابيين.

ولكن يفهم الموظفون ذلك؛ لذا عليك قول ما تريد قوله مباشرة لتستطيع بناء الثقة مع أعضاء فريقك، والهدف هو أن تكون صادقاً، مما يؤدي إلى تحسين العلاقات والعمل، ولكي تكون التغذية الراجعة مفيدة، ينبغي أن يتفاعل معها كلا الطرفين.

قبل تقديم التغذية الراجعة، سواء أكانت إيجابية أم سلبية، ينبغي أن توضِّح لموظفيك اهتمامك بهم كأفراد؛ وذلك لأنَّ الثقة تستغرق وقتاً، وتُبنى من خلال تفاعلات يومية بسيطة؛ لذا عليك أن تأخذ الوقت الكافي للتعرُّف إلى موظفيك شخصياً، وأن تطرح أسئلة عن حياتهم؛ ولأنَّ الحوارات هذه ستكون أكثر من مجرد دردشة، ولن تلهيك هذه المحادثات عن عملك، بل هي جزء منه بصفتك قائداً لهم؛ فإن لم يشعروا بأنَّك تهتم بشخصيهم، فلن تحظى تغذيتك الراجعة بأي قبول منهم.

شاهد بالفيديو: كيف تتقبل النقد وتتعامل مع الانتقادات السلبية في العمل؟

كيف تكسب النزاهة عندما تعطي تغذية راجعة؟

يكمن سر اكتساب النزاهة في تقديم التغذية الراجعة عندما يراك فريقك تتلقى التغذية الراجعة بنفسك أيضاً؛ حيث يعمل أفضل القادة في العالم جاهدين لإزالة الحدود الهرمية التي تمنع أعضاء الفريق الأدنى من التحدُّث عندما يواجهون مشكلة في أعلى الهرم؛ كما أنَّها تُنشئ شعوراً بالمسؤولية المشتركة عن نجاح جميع جوانب الشركة؛ وأيَّاً كان منصب الشخص، فلا بد أن يكون قادراً على التحدُّث عندما تكون هناك مشكلة؛ وذلك لأنَّ القادة الحقيقين يضعون غرورهم جانباً، وينصتون للنقد البنَّاء على اختلاف مصدره.

إنَّ إنشاء هذا النوع من الثقافة أمر صعب، وذلك لأنَّه ليس كل قائد ملتزم بالعطاء والصدق في التلقي؛ إنَّما القادة الحقيقيون فقط الذين يريدون قيادة فِرق ومنظمات عظيمة كذلك.

إقرأ أيضاً: كيف تعبر عن مشاعرك بطريقة صحية؟

عندما تكون أنت القائد، فمن النادر أن تجد موظفين من المناصب الأدنى يتكلمون بصراحة عما يجول في أذهانهم؛ حيث يحدث تحول غريب عندما تصبح مديراً، فهناك أمر يثير خوفنا، ويمنعنا من تحدي السلطة، لدرجة أنَّنا سنفعل أي شيء تقريباً لإقناع أنفسنا بأنَّنا لا نحتاج إلى التحدُّث عندما نواجه مشكلة، وتدور في أذهاننا عبارات على غرار: "أنا أظن أنَّ الأمر ليس بهذا السوء" أو "ربما يجدر بي أن أجد طريقة للتعامل مع المشكلة"، ولكن لا يأتي النمو الحقيقي إلا عندما يكون الناس أحراراً في التعبير عما يجول في خاطرهم ومواجهة المشكلات.

سبق وواجهتُ موقفاً مزعجاً كهذا في عملي عندما قدَّم موظفون استقالتهم بوقتٍ غير متوقعٍ، وأذكر موظَّفَين سابقين اثنين بالتحديد، ولنطلق عليهما اسمَي "بن" (Ben) و"ريبيكا" (Rebecca)؛ حيث لم تكن "ريبيكا" سعيدة من مهامها في الشركة؛ وكلما عزم أحدهم على التحدُّث عن الأهداف التي ينبغي عليها تحقيقها، كانت تقول إنَّها ليست مرتاحة بالقيام بذلك، وكنتُ أتساءل في سري: "ما الذي تعنيه بذلك؟ فهذا جزء من عملها؟". ومع ذلك لم تشعر "ريبيكا" أنَّ في إمكانها التحدُّث بحُريَّة عن معاناتها في إنجاز جزء من وظيفتها، التي لم تكن مناسبة لها؛ وقد تمنيتُ لو أنَّها شعرت بالأمان الكافي الذي يمكِّنها من التحدُّث بحُريَّة معي لإيجاد الحل المناسب.

وتمنيتُ حينها لو أنشأتُ بيئة قائمة على المزيد من الثقة؛ حيث يشعر فيها الجميع بالحرية في مواجهة مخاوفهم؛ فربما كان في إمكاني مساعدة "ريبيكا" في العمل على الجوانب التي تثير اهتمامها وتخدم مواهبها.

وعلى نحو مماثل، كنتُ أتوق إلى التحدُّث مع "بن"، وإخباره أنَّه لا يبذل الجهد الكافي في العمل، وأردتُ معرفة السبب لذا سألته: "ما الذي يحدث؟ أنت تتراجع في عملك، ولا تضع كامل تركيزك فيه"، فقد كنتُ أرغب في مساعدته على النجاح، ولكن لم يشعر "بن" أنَّ باستطاعته إخباري عما يحدث معه؛ لأنَّني كنت مديره، ولكن كل ما كان يدور في خلدي هو كيف أستطيع أن أوطد علاقة عمل جديرة بالثقة، أما "بن" فكل ما كان يفكر فيه هو أنَّ الحديث عن أخطائه والصعوبات التي يواجهها كان كمَن يشي بنفسه، لقد كان طريقاً مسدوداً، ولكن عندما رحل، شعرتُ بالندم على جميع المحادثات التي لم أخُضها معه أبداً.

كيف يمكنك أن تشجع موظفيك على مصارحتك بصفتك قائداً؟ عليك أن تطلب تغذيات راجعة باستمرار عن نفسك، ثم تثني على أعضاء الفريق الذين يعطونك إياها؛ أي الاعتراف الصريح أنَّك تواجه صعوبات، وتحتاج إلى أحد يوجهك نحو المسار الصحيح أيضاً؛ وإذا كان الموظفون لا يعطونك تغذيات راجعة عندما تطلبها، فعليك الانتظار قليلاً، ثم السؤال مرة أخرى؛ وذلك لأنَّهم سيقولون شيئاً في النهاية لينتهوا من الاجتماع مهما كلفهم الأمر، وعندما يفعلون ذلك أظهِر امتنانك لهم، وبذلك يظهر أنَّك لن تعاقبهم لمجرد قولهم الحقيقة؛ ولكنَّ هذا لا يعني أن تتقبَّل كل النقد، فمن الهام معرفة نية الشخص الذي أعطاها لك، فإذا كانت نيته طيبة، فاشكره علناً، ثم أخبره عن موقفك على انفراد.

وسواء أدَّت التغذية الراجعة إلى تغييرات أم لم تؤدِّ، فينبغي تقدير الشخص الذي عرض رأيه بموافقته على كل ما قاله، فلا تُسكِت شخصاً ما يتكلم بصدق بإخباره كم هو خاطئ أو أنَّ اقتراحه لم يُجدِ نفعاً؛ بل اشكره مراراً وتكراراً ليشعر الآخرون بالحرية في إبداء رأيهم أيضاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة