لمَ لست كبيراً أبداً في السنّ للالتحاق بالجامعة؟

تتطلَّب وظائفُ اليوم التعلُّمَ المستمر، ويجب أن نضعَ في الحسبان كيف أجبرَ وباء فيروس كورونا العالم بأجمعه على التَّحول إلى نظامِ العمل عن بعدٍ بين ليلةٍ وضحاها؛ إذ أصبحت الاجتماعات كافةً تُعقَد عبر الإنترنت.



يَطلبُ معظمُ أصحاب العمل الآن من موظَّفيهم البقاءَ في المنزل والعملَ عن بُعدٍ إلى أن يتوفَّرَ اللقاح لفيروس كورونا المستجد، إذ يمكن حينها أن تعودُ الحياةُ إلى المكاتب كما كانت عليه من قبل؛ لكن من المرجَّح أنَّه سيكون هنالك مزيدٌ من المرونة في أوقات ومواعيد العمل، وتنقلاتٌ أقلَّ لرؤيةِ العملاء.

يتطلَّب كلُّ هذا تعلمَ مهاراتٍ جديدةٍ، وتعدُّ الجامعة المكانُ الأفضل لتَعلُّم هذه المهارات؛ فإذا كنت كبيراً كفايةً للعمل، فأنت صغيرٌ بما يكفي للذهاب إلى الجامعة؛ إذ إنَّ المطلوب منك: الفضول، والعقل النشط، وتوفُّر الرَّغبةِ في التعلُّم.

بينما يُعيدُ العالمُ تشكيلَ طرائقِ عمله معاً، وتستعدُّ الصناعاتُ للتكيُّفِ مع الوضع الحالي؛ حانَ الوقت الآن للدخول في مستوى تعليمي عالٍ، والخوضِ في أفكارٍ جديدةٍ مبتكرةٍ.

لذا نُقدِّم إليك بعض الأسباب التي تؤكِّدُ أنَّك لست كبيراً أبداً على الالتحاق بالجامعة:

1. يحافظ الذهاب إلى الجامعة على قدرتكَ التنافسيَّة:

قد تجدُ نفسك تنافس -في ظلِّ سوق العمل التنافسي اليوم- من هم أصغر منك سناً بـ 10 أو 20 عاماً، وممَّن يتسلَّحون بدرجاتِ البكالوريوس؛ فإذا لم تسعَ للحصول على شهاداتٍ عليا، فسيحظى منافسوكَ بالأفضليِّة.

عندما تجدُ أنَّك وصلتَ إلى طريقٍ مسدودٍ في حياتك المهنية، ستُساعدكَ العودة إلى الجامعة على اكتسابِ المهاراتِ التي تحتاجُها لتغييرِ مهنتك، إذ إنَّك لست كبيراً على الالتحاقِ بالجامعة، ولا على ممارسة مهنةٍ جديدةٍ ومثيرة.

على سبيل المثال: يجعلُ التقدُّم التكنولوجي بعضَ المهن والوظائف قديمةً وعفا عنها الزمن؛ فإذا كنت تعملُ في صناعةٍ متدهورةٍ -تشمل في أيامنا هذه: وكلاءَ السفرِ، وعمَّالَ البريد، وسماسرة الرهن العقاري- وتتوقَّعُ انتقالاً حتمياً باتجاه الأتمتةِ؛ فسيكون من الأفضلِ لك إعادةَ التدريب للحصول على مهنةٍ أفضلَ تتوافق مع المستقبل.

لا يقتصرُ موضوع الذهاب إلى الجامعة في الوقت الحاضر على الأشخاص الذين هم في سنِّ المراهقةِ والعشرينيات من عمرهم فحسب؛ إنَّما تتراوحُ أعمار طلابُ الجامعات اليوم بين العشرين والخمسين عاماً، وقد تتعداها لتصل إلى الستينيات من العمر.

نحو 40% من الأشخاص الحاصلينَ على شهاداتٍ جامعيةٍ هم أشخاصٌ بالغون، ويمكن للصُّفوفِ الدراسيَّةِ ذات الأعمارِ المختلطة أن تُفيدَ الطلابَ الصِّغار والكبار على حدٍّ سواء؛ إذ من الممكنِ مشاركةُ مواقف الأجيال تجاهَ الحياةِ والفرص، كما يُمكن لوجهاتِ نظرهم أن توسِّع مداركك؛ إضافةً إلى ذلك، عندما تذهبُ إلى مقابلةِ عملٍ، يمكنكَ أن تَذكُرَ أنَّه لا مانعَ لديكَ من العملِ مع زملاء من أعمارٍ أصغر منك.

إقرأ أيضاً: كيف تحافظ على وظيفتك في عالم تزداد فيه الأتمتة

2. تشبه العودةُ إلى الجامعةِ قائمةً من الأمورِ التي تريدُ تَنفيذها:

ربَّما حصلتَ على وظيفةٍ رائعةٍ بعد المدرسةِ الثانوية، أو لم تتمكَّن من الذهابِ مباشرةً إلى الجامعة بعد هذه المرحلة؛ ولكن قرَّرتَ الآن أنَّه الوقتُ المناسبُ للحصولِ على الشهادةِ الجامعيةِ التي لطالما كنت تُريدُ الحصول عليها.

قد تكون في مفترقِ طرق؛ ولكن سواءً كنت على استعدادٍ لمواجهةِ تحدٍّ جديد، أم تبحثُ عن مزيدٍ من الاستقرارِ المالي، أم على صعيدِ حياتك المهنيَّة؛ فقد يكون الحصول على شهادةٍ جامعيةٍ الوسيلةَ لتحقيق هذه الأحلام.

عندما تَشعُر أنَّ الوقتَ قد حان لتخطو خطوةً في اتجاه التعليم العالي، احرص على النَّظر في الخيارات المتاحةِ من حيث الشهاداتِ وعوائدها على الاستثمار، فقد يكون الحصول على شهادةٍ جامعيةٍ خياراً مكلفاً من حيث الوقت والثمن؛ ولكن عليك أن تكونَ متأكِّداً من أنَّ التكلفةَ والجهدَ سيعودان عليك بأرباحٍ جيدةٍ في المستقبل. أما إذا كنت تريدُ زيادةَ معرفتك ببعض الدوراتِ التدريبيَّة القائمةِ على المهارات، فأنت لست كبيراً أبداً على الالتحاق بالكلية وصقل خبراتك وتوسيع اهتماماتك ومعرفتك ومداركك في أيِّ مهنةٍ كانت.

إنَّه لمن مصلحتكَ -ومصلحةِ شركتك أيضاً- أن تبادرَ إلى تحسينِ مهاراتك لتواكبَ الاقتصادَ مستقبلاً، وذلك نظراً إلى عددِ المهنِ والوظائف التي تتطوَّر بسرعةٍ اليوم.

تقدِّم العديدُ من الجامعات والكليَّات دوراتٍ غير ربحيةٍ حول مجموعةٍ من المواضيع؛ بدءاً من الأحداث الحالية، إلى أنواع الأدب، إلى الموسيقى، وغيرها من الدورات.

3. يُمكِّنُك جَمعُ البيانات عند القيام بعملٍ تمهيديٍّ من إنجاحه:

تَعرَّف مسبقاً على المهاراتِ التي تبحثُ عنها، وابحث عن نوع الشَّهادات التي تحتاجُها، وتأكَّد أنَّ الجامعات التي تبحثُ عنها معتمدة.

تُوفِّرُ الجامعات المحليَّة والتعليم المتوسط -في كثيرٍ من الأحيان- برنامجَ شهاداتٍ يتضمَّن كلَّ ما تحتاجُه لوضعِ أهدافك المهنيَّة الجديدة موضعَ التنفيذ؛ لذا ابحث في شروط القبول إذا مضت فترةٌ من الزمن على خضوعكَ لاختبارِ القبولِ في الكلية، فقد تحتاجُ إلى إجراءِ اختبارٍ مرةً أخرى.

احرص على الاستفادة من الدوراتِ التدريبيةِ التي أجريتَها عبر الإنترنت لكي تكون مستعداً.

تقدِّم مؤسساتِ التعليم العالي خياراتٍ عديدةً تعتمد على جدولٍ زمنيٍ مرن، وذلك من خلال دوراتٍ عبر الإنترنت أو دوراتٍ مسائية؛ وطالما أنَّك لست كبيراً على الالتحاق بالكلية، فيمكنك أيضاً العيشُ في السَّكن الجامعي.

قد لا يحتاج الطلابُ البالغون -غالباً ما يُسمَّون بالطلاب غير التقليديِّين- إلى الذَّهاب إلى الجامعات، إذ بمقدورهم الدراسةُ ونيل أعلى شهاداتهم عبر الإنترنت (وفقاً لطبيعةِ الشهادةِ نفسها)؛ ومع ذلك، إذا كنت من المُهتمِّين بمجالِ العلوم، فمن المحتملِ أنَّك ستحتاجُ إلى إكمالِ العمل المخبريِّ في الحرم الجامعي.

استفد استفادةً كاملةً من موارد المؤسسة، لاسيما من أولئك الذين يعملون في أدوار مستشاري القبول والمستشارين الأكاديمييِّن ومستشاري المساعداتِ الماليَّةِ، فهم يقدِّمون مجموعةً جيدةً من الموارد؛ وإذا عَرضت عليك الجامعة خيارَ وجودِ زميلٍ مرشد، فاقبل العرضَ؛ فقد اجتازَ هذا الزميل تعقيدات التأقلُم مع الحياةِ الجامعيةِ، ويُمكنُه تزويدكَ بنصائح من داخل الحرم الجامعي.

بصفتك متعلماً بالغاً، قد يكونُ التقدُّم الوظيفي الدَّافع الأساسي لعودتكَ إلى الجامعة؛ لذا ابحث عن أيِّ فرصةٍ يمكنها تعزيز سيرتك الذاتيَّةَ، أو توسيعَ عملك في الوقت الذي تركِّز فيه على أهدافك.

على سبيلِ المثال: قد تتعاون كفريقٍ مع أستاذٍ جامعيٍّ في مشروعٍ بحثيٍّ، وتأملُ بأن تضيفَ اسمك بين مجموعة المؤلِّفين؛ أو قد تقدِّم ورقةً بحثية في مؤتمرٍ متعلق بصناعتك. لذا ابذل جهداً إضافياً لتتميَّز أو تتركَ انطباعاً إيجابياً، إذ يمكن أن تساعدكَ هذه المشاريع عندما تبدأ في البحثِ عن وظيفةٍ تتناسبُ مع شهادتك الجديدة.

إقرأ أيضاً: أفضل 10 شهادات تكنولوجيا المعلومات للحصول على رواتب عالية

كيف تحافظُ على عملك بينما تدرس في الجامعة؟

إذا كنت تنوي تحقيقَ التناسقِ بين متطلباتِ العملِ والجامعة -وهو السِّيناريو المعتاد للأشخاص الكبار الحاصلين على شهادةٍ جامعيةٍ- فعليك القيام ببعض التخطيطِ المسبق والدقيق.

اعلم أنَّ إكمالِ الواجبات بالنسبة إلى متعلمٍ بالغ قد يستغرقُ وقتاً أطول؛ لذا يجب عليك وضع جدولٍ زمنيٍّ لتحديدِ أوقات الدراسة.

حدِّد أولاً فيما إذا كان بإمكانك العملُ بدوامٍ جزئيٍّ والذهابُ إلى الجامعة بدوامٍ كامل؛ وإن أمكنك تحقيق ذلك، فتأكَد بأنَّك سَتُنهي تعليمك بوقتٍ أسرع؛ ولكن إذا كنت بحاجةٍ إلى الحفاظِ على العمل بدوامٍ كاملٍ، فاكتشف الحدَّ الأدنى للتسجيلِ في الدَّورة؛ وفي حين أنَّ التسجيل بدوامٍ جزئيٍّ يمكن أن يجعلَ حياتك العمليَّةَ أكثر قابليةً للإدارة، فقد لا يسمح لك ذلك بأن تكون مؤهلاً للحصول على المساعدةِ المالية.

إنَّه لمن الأفضلِ لك أن تُخبرَ زُملائكَ في العمل ومديرك بأنَّك ستعودُ إلى الجامعة -ما لم تكن تنوي تغييرَ وظيفتك- إذ سَيُظهر ذلك لهم وجود دافعٍ لتحسين نفسك؛ وعندما يعلمون ما هو السَّبب الذي يَشغلُك، سيكونون أكثرَ تفهُماً عندما يتعيَّنُ عليك مغادرةُ العملِ باكراً لإجراءِ امتحانٍ ما.

بعض أصحاب العمل لديهم برامجٌ لسدادِ رسومِ التَّعليم لمساعدتك في دفعِ التَّكاليفِ اللازمةِ؛ لذا راجع قسم الموارد البشريَّة للتأكُّد فيما إذا كانت شَركتك تقدِّمُ أيَّ تعويضٍ للالتحاقِ بالجامعة.

لم يَفُت أوانُ المزيد من التعليم:

لقد عفا الزمنُ عن قولِ أنَّ الشخص كبيرٌ للالتحاق بالجامعة؛ ولحُسن الحظ، يبدِّد الطلاب الأكبر سناً الملتحقون في الجامعات هذه التَّأكيدات البالية؛ وعلى عكسِ بعض الطلاب في أوائل العشرينيات من عمرهم، يعرف الطلاب البالغون ما يبحثون عنه، ويركزون بشكلٍ أفضل على تحقيقه؛ فإذا كنت طالباً كبيراً في السن، فمن المرجَّح أنَّك في مهمَّة، ولا يمكنُ لأحدٍ أن يثنيكَ عنها؛ لذا أنشِئ حياةً تحبُّها، فأنت لست كبيراً في السِّن على القيام بذلك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة