لا ينبغي توقع الإيرادات

لا يُقصَد بالعنوان عدم توقُّع الإيرادات نهائياً؛ وإنَّما أعني فقط سبب عدم توقُّع أرباحك الآن، ولأولئك الذين يبنون أعمالاً، فكما ترى، عندما تكسب دخلاً، يكون دخلك مستقراً نسبياً باستثناء أي تسريح للعمال أو تباطؤ اقتصادي أو صراع سياسي داخلي



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدِّون "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، يُحدِّثُنا فيه عن كيفية أنَّه لا ينبغي توقُّع الإيرادات.

ويمكن للأشخاص الذين يكسبون رواتب، توقُّع الدخل الذي يحصلون عليه؛ إذ إنَّه مبلغ الشيك نصف الشهري مضروباً باثنين؛ إنَّها عملية حسابية بسيطة.

مع ذلك، وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يكسبون المال مباشرةً من أرباح الأعمال التجارية أو يحصلون على رواتبهم الشهرية مباشرةً من نجاح الأعمال التجارية، فإنَّ توقُّع الحصول على الدخل الصافي يكون أصعب قليلاً، والحيلة تكمن في الإيرادات؛ إذ تتمتع النشاطات التجارية المستقرة - وخاصة تلك الخاصة بالعامة - بفرصة جيدة في توقُّع الإيرادات للشركة، ولكنَّ هذا ليس النوع الذي أتحدث عنه.

عندما أقول الإيرادات، فإنَّ ما أعنيه هو الأرباح بشكل تدفق نقدي كبير للأعمال، وينتج عنه دخل شخصي، فإذا كنت مالكاً لنشاط تجاري صغير - حتى لو كنت تخطط لتطويره إلى شركة تبلغ قيمتها 100 مليون دولار - فإنَّ الإيرادات التي تؤدي مباشرة إلى دخلك الشخصي هي مصدر قلقك الأول، لكن بحكم التعريف، فإنَّ الشركات الصغيرة عرضة لإيرادات متقلبة، وبخلاف الدخل، لا يمكن التنبؤ بها بدقة 100%؛ وهذا يسبب تحديات عند التخطيط للمستقبل؛ لذا كيف يمكننا توقع الإيرادات بشكل فعَّال حتى نتمكن من توقُّع أرباحنا الصافية؟ وكيف يمكننا التخطيط للمستقبل؟

أهمية الإيرادات:

أنا لا أقصد أن أعطي المواعظ، لكن إذا فهمتَ فكرة الأرباح وأهميتها عموماً، فلا تتردد في القراءة السريعة ولا تتخطَّ ذلك، حتى بالنسبة إلى أولئك الذين يحتاجون إلى تجديد معلومات، أو إذا كان لديك دخل ثابت، فاقرأ هذا القسم، فلقد حان الوقت لأن نبدأ جميعاً بالتفكير في أنفسنا بوصفنا شركات؛ إذ إنَّ الإيرادات هي الرقم الأول في بيان الربح والخسارة للشركة؛ أي هو المبلغ الإجمالي للوحدات المباعة مضروباً بسعر الوحدة، أو إجمالي المبلغ الذي يدفعه العملاء مقابل الخدمات المقدمة، وفي الأساس، هو ما تحققه من بيع سلعتك أو خدمتك للمستهلك.

أما بالنسبة إلى الأشخاص الذين لديهم دخل ثابت، فتمثل إيراداتك راتبك الشهري قبل أيَّة ضرائب أو مزايا "راتبك السنوي مقسوماً على 12 شهراً"، ومنه تُطرَح تكاليف البضائع المُباعة لتحصل الشركة على ربحها الإجمالي؛ كمثال: إذا باعت شركة أداة مقابل 5.00 دولارات وتكلفتها 1.00 دولار، فإنَّ الربح الإجمالي لكل عنصر مُستخدم يُباع سيكون 4.00 دولارات، واضرب 4.00 دولارات بعدد الأدوات المباعة، وستحصل على إجمالي ربح الشركة، واضرب 5.00 دولارات بعدد الأدوات المباعة، وستحصل على إجمالي إيرادات الشركة وما إلى ذلك.

أما بالنسبة إلى الأشخاص الذين يملكون دخلاً ثابتاً، فإنَّ إجمالي الإيرادات يساوي الراتب الشهري مطروحاً منه أيَّة مزايا قبل الضرائب؛ أي التقاعد والتنقل والسفر وغيرها، وبعد احتساب إجمالي الربح، تطرح الشركة جميع نفقات التشغيل الخاصة بها من هذا الرقم وتحصل على أرباحها التشغيلية، وهذا لا يأخذ في الحسبان الهياكل المالية المعقدة، بينما تُحتَسَب الضرائب كنسبة مئوية من الربح التشغيلي.

بالنسبة إلى الشركات ذات المسؤولية المحدودة، فسيكون معدل الضريبة هذا هو معدل ضريبة الدخل العادي لرب العمل، وما يتبقى بعد الضرائب يمثل الربح الصافي لرب العمل، وأما بالنسبة إلى الموظفين براتب شهري، فيُحسَب الربح - أي الربح التشغيلي - عن طريق طرح جميع الضرائب من إجمالي رقم الربح أو راتبه الشهري مطروحاً منه مزايا ما قبل الضرائب، وهذا من شأنه أن يعطي لصاحب الراتب الدخل الشهري.

مع ذلك، وأنا متأكد من أنَّك قد لاحظت، فإنَّ صاحب الراتب لم يدفع بعد أيَّة نفقات؛ وهذا يعني أنَّه يغطي جميع تكاليفه بأرباحه الشخصية، لكن كما هو الحال بالنسبة إلى أصحاب الشركات، فيمكن للمالك إدارة معظم النفقات من خلال الشركة قبل حساب الربح التشغيلي؛ وهذا ما يقلل الدخل الخاضع للضريبة؛ لذلك، عندما يكون صاحب الراتب قد حصل على ضرائب قبل دفع أيَّة نفقات، يدفع رب العمل معظم النفقات قبل دفع أيَّة ضرائب؛ وهذا يوفر ما يقرب من 35% إلى 45% على كل دولار يُنفَق؛ وهذا يعني - ومن منظور مالي - أنَّ هيكل أعمال الشركة يوفر إيجابيات أكثر من الراتب، وهذا كله لا يشمل التقلبات.

لكي تخطط الشركة بنجاح ويحقق رب العمل راحة البال المالية، يجب توقُّع الإيرادات الشهرية ونفقات التشغيل الشهرية بدقة، لكن في حال كانت التنبؤات غير دقيقة، قد تزدهر الشركة يوماً ما وتختفي في اليوم التالي، وقد يكون رب العمل قادراً على الوفاء بالتزاماته في يوم ما ويعيش على الائتمان في اليوم التالي؛ وهذا ما يجعل شيك الراتب نصف الشهري أكثر أماناً، ولكنَّه ليس بالضرورة أفضل؛ وإنَّما فقط أكثر أماناً في الوقت الحالي على أي حال؛ إذاً، كيف يمكننا بوصفنا أرباب أعمال أن نتنبأ بالتقلبات ونمنح أنفسنا الاستقرار المالي؟

شاهد بالفديو: 12 نصيحة للوصول إلى الاستقرار المالي في حياتك

توقُّع التقلبات:

الجواب: لا يمكنك؛ أي من المستحيل توقُّع التقلبات، لكن ليس من المستحيل توقُّع وجود تقلبات، وفي الواقع، هو سهل للغاية، وسنوضِّح ذلك من خلال الشرح الآتي: التقلُّب سيكون موجوداً ويمكن أن يأخذ شكل الموسمية أو معدل دوران العملاء أو شيئاً إيجابياً مثل النمو المتسارع، ولكنَّه سيكون عاملاً رئيساً في أي عمل تجاري، وبشكل خاص، في حال كانت الشركة جديدة.

تخيَّل مثلاً أن تكون الإيرادات هي الجزء الأول من مسار تحويل الأعمال، لكن إذا كنتَ لا تعرف حتى الآن ما هو مسار التحويل أو كيف سيبدو، فإنَّ تحقيق إيرادات يمكن التنبؤ بها أمر مستحيل؛ إذ سألني أحد الأصدقاء ذات مرة خلال السنة الأولى من عملي: "ما هي أهدافك المتعلقة بالأرباح في ربع السنة؟" فكان جوابي: "لا أعرف؛ إذ يجب عقد الصفقة مع العميل أولاً ثم القلق بشأن أهداف المبيعات".

لكن مع ذلك، فإنَّه يسلط الضوء على نقطة هامة؛ إذ إنَّه عندما تبدأ بلا شيء، فمن الصعب التنبؤ بالمبيعات، وقد لا يكون من المنطقي القيام بذلك، ولكنَّ هذا لا يعني حقيقة أنَّ الإيرادات المستقرة أمر بالغ الأهمية لرب العمل؛ لذلك، من الضروري معرفة كيفية التنبؤ به، وكيف تعرف ما ستكون أرباحك الصافية، ومن الهام جداً الانتباه إلى انطلاقتك في العمل لنجاحك أنت وشركتك؛ إذ إنَّ التدفق النقدي للأعمال هو شريان الحياة بالمعنى الحرفي للكلمة، ومن الضروري تحقيق عائد ثابت ومن ثم الحفاظ عليه؛ إذ يعمل بشكل موثوق به مثل الأرباح الشهرية للموظفين، لكن كيف؟

إقرأ أيضاً: 4 نصائح لزيادة المبيعات من خلال المنتجات الموسمية

ركز في الجهد بدلاً من التوقعات:

في البداية، لا تتعلق المشكلة بتوقُّع أرباح مستقرة؛ بل بتوليد أرباح كافية لتحقيق الاستقرار عموماً، وهنا يُخطِئ معظم الناس، فما هي أهداف الإيرادات؟ وكيف يمكنك التوصل إلى صيغة تزيد من إيرادات الأعمال من الصفر إلى أي شيء؟ بحكم التعريف، النتيجة إما صفر أو رقم غير محدد؛ فإنَّها أهداف ليست مفيدة للغاية، لكن بصفته نشاطاً تجارياً للتدفق النقدي، فهو بحاجة إلى الإيرادات من أجل البقاء، وبالمثل لشركتك.

إلى الآن، أهداف الإيرادات لم نأخذ بها، وفي نفس الوقت قد تكون الأهداف غير ضرورية، لكن أنا لا أقول ألا يكون لديك أهداف؛ بل أقول كن واقعياً بشأن مرحلتك في دورة حياة العمل وخطِّط لأهدافك وفقاً لذلك، وعندما تبدأ، لا تكون أهداف المبيعات هامة؛ بل الهام هو الجهد والمرونة في العمل والانضباط، وأعلَم أنَّها أشياء نوعية، ولكنَّها الأشياء الوحيدة التي يمكنك الاعتماد عليها.

أقول هذا لأنَّني عملتُ في هذه البيئات غير المعروفة، فلنفترض أنَّ لديك عميلين ينفقان 10 آلاف دولار شهرياً لكل منهما بإجمالي 20 ألف دولار، وهدفك هو الوصول إلى 50 ألف دولار شهرياً، فهل تعتقد أنَّ عميلين آخرين سيوصلانك إلى 50 ألف دولار؟ وماذا لو غادر عملاؤك الحاليون؟ إذاً، هل يبقى لديك شيء، فما هو هدفك في هذه الحالة؟ وهل تغيَّر شيء؟ والجواب هو لا؛ إذ إنَّ هدفك الأساسي كان الحصول على المزيد من العملاء، وبعد مغادرة عملائك الحاليين، ما زال هدفك هو الحصول على المزيد من العملاء، وحتى من يوم إلى يوم يبقى كما هو إلى حد كبير.

ففي السابق، كنتَ تخدم عملاءك وفي نفس الوقت كنتَ تبحث عن العملاء وتُقيم معهم علاقات، وبعد ذلك، الشيء الوحيد الذي يتغير هو أنَّ لديك الآن المزيد من الوقت للبحث عن العملاء؛ ولذلك، سواء كان لديك ألف دولار في الإيرادات أم 100 ألف دولار، فيجب أن تكون الأهداف متشابهة وهي: بذل أقصى مجهود، والعمل بفاعلية، والبصيرة، والمرونة في العمل أو تغيير الموقع في حالة الحاجة إلى تغيير الاستراتيجية، ولأنَّك تفعل هذه الأشياء الثلاثة، تزداد الإيرادات تلقائياً.

بعد ذلك، عندما تصل الإيرادات إلى مستوى مريح ومستدام، يمكنك عندها أن تشعر بالراحة عند الحصول على أرباح قابلة للتنبؤ؛ وذلك لأنَّك تعلم أنَّ مجهودك ومرونتك وانضباطك سوف يسد أيَّة فجوات في انخفاض المبيعات، فهل تشعر بالقلق من عدم وجود الأهداف التي تجعلك تفكر تفكيراً كبيراً؟ افعل عندها كما أفعل؛ إذ إنَّني أتخيل بأنَّني أريد أن أكسب مليار دولار، ثم أبذل مجهوداً يومياً كالمعتاد، وربما لن أصل إلى هناك، ولكن أعلم أنَّ الهدف ليس هاماً؛ وما يهم هو أن تكون جاهزاً للعمل كل يوم.

المصدر




مقالات مرتبطة