كيفية تكوين علاقات اجتماعية ناجحة

تنشأ العلاقات الاجتماعية من خلال الاتصال الذي يتم بين الأفراد، فكل فرد يهدف من وراء هذا الاتصال وهذه العلاقة إلى إشباع حاجاته الأساسية وتلبية رغباته، فعند حدوث فعل ورد فعل اجتماعي تُبنى العلاقات الاجتماعية، وهذه العلاقات تمثل سيرورة الحياة وديمومتها.



تتنوع أشكال العلاقة الاجتماعية إذ تتراوح بين التعاون والتكيف والتنافس والصراع؛ فالموقف الاجتماعي هو الذي يفرض طبيعة العلاقة السائدة بين الأفراد، وفي الواقع إنَّ أهم ما يميز الإنسان هو بناء علاقات اجتماعية عند اتصاله بإنسان آخر، علاقات في بعض أشكالها مرغوبة، وفي بعضها الآخر غير مرغوبة، ومهما يكن فإنَّ الإنسان لا يستطيع العيش وحده، فهو اجتماعي بطبعه يحمل في أعماق نفسه سمات التجمع والحياة الجماعية، فهو بحاجة إلى بناء علاقات اجتماعية ناجحة وداعمة له في مسيرة حياته.

نجاح الفرد في بناء هذه العلاقات يعكس مستوى صحته النفسية والاجتماعية، فنمو شخصيته السليم وتحديد سلوكاته وضبطها، والتأثير في اتجاهاته وتحديد معاييره وقيمه ومدى النجاح في حياته؛ كلها مفاهيم تسهم العلاقات الاجتماعية في تحديدها، ومن هذا المنطلق ماذا يمكن للإنسان فعله كي يتمكن من بناء علاقات اجتماعية ناجحة؟

1. التعاون:

هو من أهم الأساليب الاجتماعية التي من المفترض وجودها عند الرغبة في إقامة علاقات اجتماعية ناجحة، فهو في الحقيقة نشاط تفرضه طبيعة التفاعل البشري، وينتج عنه تكوين الصداقات وبروز مشاعر السعادة وتقسيم الأعمال والاستفادة من الخبرات وتقديم المساعدة أو الحصول عليها في وقت الحاجة؛ ومن ثَمَّ تجنب القلق والتخلص من مشاعر الخوف والتوتر والاتجاه نحو تحقيق الأهداف والشعور بالامتنان للآخرين.

2. تعلُّم فن المحادثة:

اللغة وسيلة للتواصل والتعبير عما يفكر فيه الفرد وما يجول في خاطره، فهي إحدى الركائز الأساسية في حياة الفرد، والتي لا يمكن الاستغناء عنها أبداً، ومن المتعارف عليه أنَّه لاتقان اللغة توجد مهارات مرتبطة بها يجب على الفرد تعلمها وهي: الاستماع، التحدث، القراءة والكتابة.

الحديث هو فن ومهارة أساسية ووسيلة التخاطب الأولى وإتقانه يسهم في التغلب على الخوف والتخلص من حواجز الخجل، فقدرة الفرد على إيصال أفكاره والتعبير عن نفسه بنجاح وما يجول في خاطره من مشاعر وأحاسيس، وما يريد من مطالب يؤدي الدور الكبير في قدرته على إثارة المستمعين واستمالتهم وكسب احترامهم، وإقامة علاقة ناجحة معهم.

أهم المهارات التي ينطوي عليها فن المحادثة:

  • إدراك الشيء الذي يجب أن يتحدث عنه الفرد واختياره؛ إذ يكون عامل جذب للآخرين واستمالتهم.
  • انتقاء الكلمات واختيارها بعناية؛ إذ يستطيع الفرد التعبير عن أفكاره بوضوح.
  • احترام المستمعين واستخدام ألفاظ من مثل: من فضلك، مع احترامي لك.
  • القدرة على مجاملة الآخرين في أثناء الحديث.
  • القدرة على وصف المشاعر الداخلية والأشياء الخارجية والإجابة عن الأسئلة التي تُطرَح عليه.
  • محادثة الآخرين في الموضوعات التي تهمهم وإعطائها الجزء الأكبر من وقت الحديث، فترتبط هذه المهارة بمهارة الاستماع؛ إذ يجب أن يكون الفرد من المستمعين اليقظين الواعين لما يسمعون بحيث يستطيع فهم ما يسمع وتحليله وتفسيره ومقارنته مع ما يعرفه وما سمع به من قبل؛ لذا يجب على الفرد أن يجيد متابعة الشخص الآخر المتحدث، ومعرفة تفاصيل ما يروي، ومتى، وأين يطرح أسئلته.

شاهد بالفيديو: 10 قواعد مهمة لبناء علاقات إجتماعيّة ناجحة

3. مهارة التواصل البصري:

العين مرآة الروح، تعكس خبايا النفس ومشاعر القلوب، فنظرة الفرد وسيلة قوية في التعبير، فنظرتك إلى عيني الشخص وهو يتحدث هامة لكي تعبر له عن مدى اهتمامك بما يقوله، وبأنَّك مضغٍ إليه جيداً، يمكن للفرد التدرب على امتلاك هذه المهارة، فمثلاً يمكن له أن يتمرن على ضبط مستوى النظر بحيث ينظر إلى الشخص الذي يتحدث وليس إلى أي مكان آخر.

3. مهارة طرح الأسئلة والمناقشة الجيدة:

إنَّ طرح الأسئلة على الشخص الآخر يوحي له بمدى اهتمامك به وبمشاعره واهتماماته ومشكلاته، وفي الواقع قد يكون الفرد من النوع الاجتماعي الذي يرغب في تكوين علاقات اجتماعية ناجحة؛ لكنَّه لا يجيد إدارة النقاش وطرح الأسئلة في وقتها المناسب والمناقشة فيها مع الآخرين، مما يعني أنَّه سيفشل في تحقيق ما يصبو إليه من علاقات، إنَّ طرح السؤال هو فن يعمل على تقوية العلاقات وفهمها فهماً أفضل.

3. أن تكون أهلاً للثقة:

الثقة تعني الأمان ومنح الفرد فرص جديدة في الحياة، فعندما تستطيع جعل الآخرين يثقون بك يعني منحك فرصاً لكي تنجح في حياتك، فسوف تجد معظم الناس الداعمين لك في كل مشاريعك وخطواتك التي تقوم بخطوها، وأول خطوة في طريق نيل ثقة الآخرين هي أن تثق أولاً بنفسك، فهذه الثقة بالنفس سوف تعطي انطباعاً قوياً عنك تجعل الآخرين يحترمونك.

4. الالتزام:

كن فرداً يلتزم بكلمته ويلتزم بمواعيده وتنفيذ ما يُطلب منه، وكذلك تنفيذ وعوده، والتزام قراراتك ولا تَعِدْ الآخرين وعوداً لن تستطيع القيام بها؛ فالالتزام في سلوكك وأفعالك يجعل الآخرين يثقون بك ويرغبون في تكوين علاقات معك ويعملون على استمرارها أيضاً.

5. الحب:

أظهر الحب للأشخاص الآخرين واجعلهم يشعرون بعاطفتك تجاههم وأحسن تعاملك معهم؛ فذلك سوف يكسر الحواجز بينكم ويجعلهم يتقربون منك أكثر تقديراً منهم لمشاعرك تجاههم.

6. أسلوب المدح:

لا يُعدُّ المدح مجرد أسلوب فقط؛ بل هو من الأشياء الضرورية التي عليك أن تتقنها إذا أردت تكوين علاقات جيدة مع المحيط؛ فالجميع يفرح وتتحرك مشاعره عند سماع المديح وطيب الكلام، وهذه العبارات هي بمنزلة أساس لتمتين العلاقة بين الأفراد، كما أنَّها أساس في تحفيز الآخرين للسعي نحو تحقيق الأفضل.

7. المرونة:

المرونة تعني أن تكون شخصاً قادراً على التكيف مع المتغيرات في البيئة المحيطة بهدوء وبسرعة وبوعي وبطريقة تستطيع فيها أن تتعامل مع كافة المستجدات أو المهام التي يمكن أن تُطلب منك فجأة بكفاءة، وهذه المستجدات لا يمكن أن تتنبأ بحدوثها؛ بل تحدث فجأة، وتوجد مجموعة من الأشياء التي يمكنك أن تفعلها لكي تتسم شخصيتك بالمرونة، مثل أن تتبنى الأفكار الصحيحة وتتخذها مبدأً في كافة أفعالك ونمط تفكيرك وتحليلك لمجريات الأمور، كما يمكنك أن تساهم دائماً في مساعدة الآخرين؛ فالتضحية في سبيل الآخرين تعزز الثقة بالنفس وتقدير الفرد لذاته وتنمية المرونة في شخصيته.

8. منح الآخرين بعضاً من وقتك:

الوقت هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن لأحد استرجاعه أو تعويضه؛ لذا عندما يمنح الفرد بعضاً من وقته للآخرين فهو بالتأكيد يمنحهم أغلى ما يملك، وسيكون محطَّ تقديرهم البالغ، وسوف يسهم في بناء علاقات اجتماعية ناجحة وطويلة الأمد وتتسم بالاستقرار.

9. احترام وقت الآخرين:

كما تحب أن يحترم الآخرين وقتك، افعل أنت المثل واحترم أوقاتهم والمواعيد التي يعطونك إياها، فلا تتأخر عليهم أو تتجاوز المدة المطلوبة.

إقرأ أيضاً: 5 أمور تجعلك محترماً في مكان عملك

10. ابتسامتك اللطيفة هي سر بداية علاقاتك الناجحة:

الابتسامة من وسائل التواصل غير اللفظي، وهي شيء هام ليس فقط من أجل الفرد نفسه؛ بل من أجل الأفراد المحيطين به، فعلى الرَّغم من هموم الحياة الكثيرة، إلا أنَّ الابتسام في وجه الآخرين يشعر الفرد بالراحة قليلاً، كما يخفف من تلك الهموم سواء في حياة الفرد نفسها أم في حياة الأفراد الآخرين، الابتسامة هي مفتاح العبور إلى قلوب الآخرين والتأثير بهم وإسعادهم.

11. الابتعاد عن أسلوب المزاح المفرط:

نصادف الكثير من الشخصيات التي تتسم بخفة الدم، كما يطلق عليها حسب المصطلح العامي والمقصود بذلك الفرد الذي يكثر من المزاح وطرح النكت، وعلى الرَّغم مما تحمله هذه الصفة من إيجابية، لكنَّها قد تكون مؤذية إن استُخدمت في الوقت الخاطئ أو أُكثر منها لا سيَّما مع الأشخاص الذين يحبون التعامل بجدية أو الذين تفرض عليهم أعمالهم فعل ذلك؛ لذا لكي تكسب قلوب الآخرين حاول ألا تكثر من المزاح، حتى إن كنت من تلك الشخصيات لكي تحتفظ بتقدير الآخرين لك.

12. التواضع:

الغرور هو أشد آفات النفس التي لطالما يُحذَّر الفرد من الاتصاف به؛ لذا تخلَّ عن ذلك الغرور والتكبر وكن إنساناً متواضعاً يحصد محبة الناس بسلوكه وأفعاله، واشكر الله في كل ما وصلت إليه وما يمكن أن تصل إليه في المستقبل، ولا تتحدث عن مدى الإنجازات التي حققتها وتفتخر بها افتخاراً مبالغاً يدفع الآخرين إلى التذمر والشكوى منك والهروب من الجلوس في حضرتك، كما يجب عليك مشاركة الآخرين أفراحهم وأحزانهم؛ لذا شارك في مناسبات الأفراد الآخرين واحضر الاجتماعات التي تُدعى لها، وحاول إعطاء الدعم لكافة الحاضرين بحيث تكسب حبهم ومودتهم.

إقرأ أيضاً: فن التواضع في الثقة

في الختام:

التواصل بين الأفراد وإقامة علاقات اجتماعية بينهم هو هدف الحياة الأول، فالإنسان كائن اجتماعي بطبعه والعلاقات الاجتماعية الصحية هي كنز نفسي لا يفنى؛ فالعلاقات الاجتماعية ليست مجرد كلمات يطلقها فرد تجاه فرد آخر؛ بل تعني في صميمها تفهُّم عميق للآخرين وفهم دوافعهم وحاجاتهم وظروفهم واستخدام هذا الفهم في إيجاد نمط من التعاون يسوده التفاهم؛ فالعلاقة الاجتماعية هي شرط لوجود الأنشطة والعمليات الاجتماعية التي تُعدُّ جزءاً من تلك العلاقات، والتي تزيد من مشاعر الانتماء الاجتماعي والأمان عن طريق العمل المشترك والتعبير الصادق عن الحب بين الأفراد.




مقالات مرتبطة