كيفية تحويل محادثة محرجة إلى دردشة سهلة

لعلَّك ترى مقالات تحمل عناوين مثل: خمسة أشياء لا يجب أن تقولها للناس الذين في حالة حداد" أو "ثلاثة طرائق لإجراء محادثة جدية حول مصير علاقتك"؛ إذ يمكن أن يساعدنا اتباع قواعد أساسية في المواقف الاجتماعية كثيراً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونَين آشلي بالاثرا (Ashley Pallathra) وإدوارد برودكين (Edward Brodkin)، والذي يحدِّثاننا فيه عن تجربتيهما في إجراء محادثات سلِسة.

حيث من الصعب معرفة ماذا نقول لشخص في حالة حداد، ومَن منا يرغب في قول الكلمة الخاطئة والتسبب بجرحهم أكثر؟ ومَن الذي قد لا يرغب في الاستفادة من نصائح حول خوض موضوعات صعبة مع الشريك، على سبيل المثال: مناقشة مصير علاقتك معه أو حل مشكلة كنتما تتجاهلانها، وعلى الرغم من أنَّ القواعد الأساسية هذه يمكن أن تساعدك، إلا أنَّها مجرد نقطة بداية، فهي نصائح مفيدة، لكنَّها محدودة، ولا تتوقع أنَّها من الممكن أن تحقق لك الوصول إلى علاقات ذات جودة عالية.

إنَّ الإرشادات الاجتماعية المكتوبة والمبادئ التوجيهية تكون مساعدة أكثر عندما تكون غير متأكد مما يجب عليك فعله في موقف معين، أو عندما يكون الأمر جديد بالنسبة إليك، أو عندما يكون غير مريح لأي سببٍ كان.

إليك مثال مأخوذ من واقع حياتنا كمقدِّمين للرعاية الصحية العقلية، عندما كنَّا في بداية مرحلة تعلُّم كيفية مقابلة المرضى في عيادات الصحة العقلية، كنا نعتمد على قوائم موحَّدة للأسئلة المطروحة، فضلاً عن إجراء المقابلات القائمة على المبادئ التوجيهية التي قدَّمها لنا أساتذتنا، وعلى الرغم من هذا المستوى من التجهيز، كانت قلوبنا تخفق بشدة وراحة أيدينا تتعرَّق بمجرد دخولنا إلى أول بضع مقابلات؛ لقد كان من المحرِج جداً أن نسأل الغرباء عن أكثر المشكلات الشخصية والعاطفية التي يعانون منها، فماذا لو كانوا قد رأوا ما نخفيه بداخلنا وأدركوا كم كنا غير مؤهلين ومرتبكين؟

كما هو متوقَّع، هذه المقابلات الأولى كانت محرِجة؛ وذلك لأنَّنا عادةً كنا نلتزم بالأسئلة الموجودة بالقائمة الخاصة بنا، ونركز على محاولة تذكُّر الأسئلة المدرَجة بقائمتنا أكثر من تركيزنا على المشاعر الخفية والعابرة التي كان يعبِّر عنها مرضانا، وعندما كانت المحادثة تخرج عمَّا هو متوقع، لم نكن متأكدين تماماً من كيفية إعادة الأمور إلى مسارها الصحيح.

شاهد بالفيديو: 17 طريقة تبدأ بها محادثاتك لكي تجعلها مثيرة للاهتمام

إنَّ المشكلة في الاعتماد المفرط على القواعد والنصوص الجاهزة أنَّها لم تكن دائماً مناسبة للموقف أو للشخص الذي كنا نتحدث إليه، وكوننا شديدي التركيز على تذكُّر القوائم والمبادئ التوجيهية، لم نستطع الاهتمام بشكل كامل بالشخص الذي أمامنا.

وما ساعدنا على تجاوز الالتزام بالنصوص هو الممارسة الكثيفة والقيام بهذه المقابلات مراراً وتكراراً مع الكثير من الناس، ومع مرور الوقت، قمنا بالعديد من المقابلات التي لم نكن فيها بحاجة إلى التفكير بالقواعد وقوائم الأسئلة بعد الآن؛ وذلك لأنَّنا كنا ندركها جميعها مسبقاً؛ لقد بدأنا نشعر بمزيد من الثقة والراحة، وأصبحت المحادثات مع المرضى عفوية أكثر، وقد أحسسنا بالمرونة والاسترخاء الكافيَين لمقابلة كل مريض مهما كانت حالته، والبقاء معهم خلال التغيرات والتحولات التي تطرأ على المحادثة، لنتمكَّن بعدها من توجيه المحادثة مرة أخرى إلى الموضوعات التي كنا بحاجة إلى استكشافها معهم ومعالجتها، بصفتنا أطباءهم.

حتى إذا كنت تخوض محادثة معينة وفق برنامج أو موضوع محدد تريد أن تتطرَّق إليه، لا يزال من المفيد جداً أن يكون لديك بعض المرونة والمقدرة على الاستجابة لما تدعو إليه اللحظة، فأنت بحاجة إلى مقدرة على التجاوب مع المشاعر التي يمنحك إياها شريكك في المحادثة، وسوف تسير الأمور على أفضل حال عندما تكون قادراً على استشعار الحالة العقلية والعاطفية للشخص الذي تحادثه.

فكِّر في هذا الأمر على أنَّه رقصة مشتركة بين شخصين؛ حيث لا بد أنَّك تعلَّمت وجهَّزت الخطوات اللازمة لتأدية الرقصة أداءً صحيحاً، ولكن من ناحية أخرى، عندما تكون ترقص مع شريكٍ ما، فإنَّه من غير الممكن أن تقوم بالخطوات دون أخذ شريكك في الحسبان؛ إذ يجب أن تتوافق خطواتك مع خطواته، وتتواصلا معاً لتنجح الرقصة، وكل شريك يكون مختلف قليلاً عن غيره، فقد تكون إحدى طرائق التواصل غير الشفوي قد نفعت مع شريكٍ ما، بينما يتطلب الأمر أسلوباً مختلفاً عند التعامل مع شريك آخر؛ لذا عليك أن تستشعر الطريقة التي يتمالك بها شريكك نفسه وكيف يتحرك، وتنطبق الفكرة نفسها على إجراء محادثات جيدة.

إقرأ أيضاً: ما الفارق بين مهارات الاتصال والتواصل؟ وما هو التواصل في المجال الطبي؟

لدى علماء النفس مصطلح تقني لهذا الشأن فيما يخص المحادثات: الاستجابة المشروطة (contingent responding)؛ وهذا يعني أنَّك تستجيب لما قد قاله أو فعله شريكك للتو، بطريقة الأخذ والعطاء؛ أي لا تعكس بكلامك شخصيتهم، أو تتبع خطاهم في الحديث، أو تنشغل بعمل يهمك أنت فقط دون مراعاتهم من خلال اتباع نص جاهز ما؛ بل أن تحاول التواصل أولاً، ومن ثم في سياق ذلك، تكون في وضع أفضل لقيادة الحديث أو توجيهه أو الثناء عليه، إلى جانب متابعة المتحدِّث والإصغاء إليه وفهمه.

يمكن أن يبدو هذا الأمر معقَّداً؛ فكيف تتعلَّم أن تقوم به بشكل أفضل؟ إنَّها حقاً مسألة تطوير القدرة على تحقيق التناغم مع الشخص الآخر ومع نفسك، والبقاء منضبطاً في ظل التقلبات والتحولات التي تطرأ على العلاقة.

إنَّه ما يدور حوله كتابنا المعنون: "نفتقد بعضنا بعضاً" (Missing Each Other)، والذي يتحدث عن موضوع التناغم؛ لذا نستعرض فيما يلي نصائح موجزة للوصول إلى حالة التناغم تلك مع من تتحدث:

  • خذ نفساً بطيئاً وطويلاً، ودع جسدك يسترخي.
  • انغمس وأصغِ إلى تلميحات الشخص الآخر.
  • خذ منظوره في الحسبان، وكذلك الأمر بالنسبة إلى منظورك.
  • اكتشف نقطة توافقك معه عقلياً وعاطفياً.

كلما تدربت على هذه النصائح، قلَّت حاجتك إلى التفكير فيها، وتذكَّر ألا تأخذها بحرفيتها في كل موقف، فهي مجرد نقطة بداية.

 

المصدر




مقالات مرتبطة