كيفية بناء العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة المعارف

إن لم تكن أنت فإنَّ أحداً من معارفك أو أصدقائك قد حصل على وظيفة جيدة رشَّحَهُ للحصول عليها شخصٌ ما يعرفه، أو أنَّ فرصة ذهبية للسفر والعمل في الخارج قد وصلت إليه على طبق من فضة عن طريق علاقاته الاجتماعية، ولا بدَّ أنَّك تعرف فتاة في محيطك التقت بفارس أحلامها عن طريق العلاقات الاجتماعية والمعارف والصداقات المشتركة.



إن كنت قد دققت النظر في محيطك فسوف تجد أنَّ أكثر الناس حظاً والذين تسير شؤونهم بسلاسةٍ ويُسرٍ هم الذين يمتلكون معارف واسعة، كالأشخاص ذوي النفوذ والمديرين والأصدقاء في كل مكان، يسهِّلون عليهم المهام أينما وُجدوا، وإن كنت تظن أنَّ بناء هذه العلاقات الاجتماعية المتشعبة هو أمر عشوائي أو محض صدفة فأنت مخطئ؛ لأنَّ بناء العلاقات الاجتماعية بشكل سليم هو فن بحدِّ ذاته يحتاج إلى امتلاك العديد من المهارات.

في هذا المقال سنضع بين يديك أسرار كيفية بناء العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة المعارف، لتلبِّي حاجتك الفطرية إلى التواصل مع الآخرين أولاً، ولتشرع أبواب حياتك لاستقبال الفرص الجديدة، فمرحباً بقراءتك.

كيفية بناء العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة المعارف:

بالتأكيد سمعتَ المقولة الشهيرة: "الأمر لا يتوقف على ما تعرف، بل على مَن تعرف"، وفي هذه المقولة تتلخص أهمية المعارف والعلاقات الاجتماعية في اقتناص الفرص الذهبية في الحياة، فمهاراتك وسيرتك الذاتية الموجودة بين مئات السير المتقدمة إلى وظيفة ما لن تنال الاهتمام عينه مقارنة بتوصية شخص ما بك يرشحك لتنال سيرتك الدراسة التي تستحقها وتكسب الوظيفة، وهذا بالتأكيد لا يعني التقليل من شأن السيرة الذاتية، ولكن إذا ما اجتمعت السيرة الذاتية الجيدة والعلاقات الاجتماعية المتشعبة فإنَّ فرصك في الحياة ستتضاعف.

إذاً، لندخل في صلب موضوعنا ونتحدث عن كيفية بناء العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة المعارف بالتفصيل عبر اتباع النصائح الآتية:

1. ابنِ ذاتك وتعلَّم مهارات الذكاء العاطفي:

قد تتساءل عن علاقة الذات والذكاء العاطفي في بناء العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة المعارف، ونحن سنجيب؛ إنَّ بناء العلاقات الاجتماعية يعني إنشاء خطوط للتواصل بينك وبين الآخرين، وهذا يتطلب قبول الآخر لك من أجل أن يبدأ التواصل معك، فإذا ما كانت شخصيتك منفرة أو لا تجيد التعامل مع الآخرين بذكاء أو مغروراً مثلاً، فلن يرغب أحد بتعزيز العلاقة معك؛ لذا إذا ما أردت بناء علاقات اجتماعية جيدة عليك أولاً أن تبني ذاتك؛ أي أن تمتلك مسيرة حياة مشرفة تتحدث عنها للآخر عندما تقدِّم نفسك له.

الخطوة التالية هي أن تمتلك مهارات الذكاء العاطفي، هذه المهارات السحرية التي تقلب حياتك رأساً على عقب، فمن خلالها تجد الإجابات على كثير من التساؤلات التي تخطر لك، ومن خلالها تتعلم تحديد مشاعرك والتعامل معها بطريقة واعية، وهذا ما سيساعدك لاحقاً على فهم مشاعر الآخرين، فأنت تستطيع أن تضع نفسك مكان أيٍّ منهم وتدرك الطريقة المثالية في التعامل معه.

كما ستمكنك مهارات الذكاء العاطفي من التعاطف مع الآخرين، ومن ثم التوقف عن إلقاء اللوم عليهم ومعرفة السبيل الصحيح إلى تحفيزهم وتشجيعهم، وهكذا تتحوَّل إلى شخص إيجابي في حياتهم يتحدَّثون عنك بالخير ويمدحونك في محافلهم ولا يتخلَّون عنك وعن دعمك لحظة واحدة.

تخيَّل أنَّ لصديقك جاراً يعزف الموسيقى، ذكي، لطيف، ماهر، يتحدث لك عنه دوماً عن مهاراته ونجاحه وقدرته على تحمل المسؤولية والإبداع، ثم قررت أن تفتتح فرعاً جديداً لشركتك أو أن تقيم عشاء عمل، ألن تقوم بدعوته للعزف في هذه الأمسية لإضافة لمسة من الرقي إليها بسبب سيرته المشرفة وذكائه العاطفي في المواقف التي أخبرك بها صديقك؟

شاهد بالفديو: بناء العلاقات: 8 قواعد للترويج الذاتي

2. سوِّق لنفسك بشكل ذكي:

التسويق الشخصي لذاتك بطريقة ذكية هو سرُّ بناء العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة المعارف، ويمكنك استخدام منصات التواصل الاجتماعي لمساعدتك في هذا الأمر، والتسويق الشخصي هو الطريقة التي تقدم فيها نفسك للآخرين، والتي من الضروري أن تحرص خلالها على تسليط الضوء على جوانبك الإيجابية والخيرة، وعدم التركيز على عيوبك ومساوئك، ولكن هذا لا يعني التصنع والزيف وادعاء المثالية، الأمر أشبه بحالة من التوازن والتجانس تظهر فيها ميزاتك كإنسان وتمر مروراً خاطفاً على سلبياتك لأنَّ هذا يعطيك طابعاً من المصداقية والشفافية يحبب الآخرين بك.

المُغنِّية سيلينا غوميز مثلاً التي تنتشر صورها الجميلة والمثالية بقوامها الرشيق على إنستغرام، وتتميز بدعمها لصديقاتها ومواقفها الإنسانية تعرف كيف تسوِّق لنفسها جيداً، فعن طريق الصفات الجيدة التي تقدمها عن نفسها تتلقى العروض المهنية المغرية، ولكنَّها ظهرت مؤخراً بصور طبيعية دون مكياج أو فلاتر وقد اكتسبت بعض الوزن الزائد، وهذا يعدُّ من النقاط التي تؤخذ على المؤثرين والفنانين، ولكنَّ هذا الأمر زادها شعبية وتُرجم على أنَّه دعوة لتقبُّل الذات في جميع حالاتها ولأن نكون حقيقيين وطبيعيين.

إقرأ أيضاً: 10 أسباب رئيسية وراء نجاح العلاقات

3. احضر المؤتمرات والفعاليات:

إذا كنت تبحث عن بناء العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة المعارف في مجال معين، فلا يوجد أفضل من أن تواظب على حضور الفعاليات والمؤتمرات التي تُعقد في هذا المجال، فإذا كنت شاعراً مثلاً وترغب بالانضمام إلى تجمعات الشعراء، فمن الجيد أن تذهب لحضور الأمسيات الشعرية واجتماعات الصالونات الأدبية لتقدم مشاركاتك في هذا المجال وتتعرف إلى النخبة الموجودين هناك.

مع تكرار اللقاءات سوف تنشأ بينك وبينهم علاقات اجتماعية قد تفتح أمامك كثيراً من السبل، كأن يُطلَب منك تقديم عمل أدبي في مناسبة معينة أو أن تُرشَّح للاشتراك في مسابقة ما.

4. تطوَّع:

التطوُّع أيضاً هو من أهم طرائق بناء العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة المعارف، فالمتطوِّعون يعملون مع الناس على أرض الواقع ويلتقون يومياً بعدد كبير من الأشخاص يقدمون لهم الخدمات، كما يلتقون أيضاً بزملائهم المتطوعين المنحدرين من خلفيات ومسيرات مهنية متنوعة، إضافة إلى التقائهم بجهات رسمية تدعم مساعيهم في التطوع وتتعاون معهم؛ وهذا يعني نشوء العديد من العلاقات الاجتماعية الجديدة، التي يحتمل أن يكون أي منها بوابة لنقلة نوعية في حياة المتطوع.

شاهد بالفديو: 8 طرق لبناء الثقة في العلاقات

5. استعِن بمواقع التواصل الاجتماعي:

لا شكَّ أنَّ مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت اليوم تؤدي دوراً كبيراً وهاماً في بناء العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة المعارف، وباتت أسرع طريقة للتعرف إلى شخص ما أو لتوطيد المعرفة به وتعزيزها.

يمكن أن تتعرف إلى زملاء لك في الشركة يعملون في فرع آخر عبر المجموعة المخصصة لموظفي الشركة على فيسبوك أو واتساب، ويمكن أن تنشأ صداقة حقيقية بينك وبين طبيب زميلك في دولة أخرى بعد نقاش طبي دار بينكما على أحد المنشورات في صفحة طبية، وحتى إنَّ بعض العلاقات العاطفية قد انطلقت شرارتها بسبب مواقع التواصل الاجتماعي.

6. كن مبادراً:

لنفترض أنَّك التقيت بشخصية مرموقة في أحد المحافل، بطبيب قدير أو إعلامي مخضرم أو شاعر فذ أو شخص ما يعدُّ من الخبراء في مجالك، بالتأكيد إن كان هذا الشخص لا يعرفك، فلن يبادر بالاقتراب منك وإلقاء التحية، وهنا تكمن وظيفتك.

إذا أردت بناء علاقات اجتماعية، فعليك أن تتجه إليه وتسلم عليه وتعرِّفه بنفسك وتبدأ معه حديثاً يشده ويلفت نظره، وبالتأكيد فإنَّ الطريقة التي تقدم بها ذاتك وأسلوبك في الحديث لهما دور في قبوله لك، فاطلب منه رقم هاتفه في حال كان هنالك أمر ترغب في مناقشته معه ولم يمانع ذلك، أو استأذنه بإضافته على منصات التواصل الاجتماعي أو دعوته لحضور مناسبتك أو دعوتك على العشاء، وهذا بالتأكيد سيساهم في توطيد العلاقة بينكما.

إقرأ أيضاً: كيفية بناء العلاقات وخلق الفرص

7. اعرِض خدماتك وقدِّم المساعدة:

هذه طريقة فعالة في بناء العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة المعارف؛ لأنَّ تقديم المساعدة للناس تجعلهم يتحدَّثون عنك حديثاً إيجابياً أمام الآخرين.

لقد كانت لي زميلة تهوى العمل على برنامج فوتوشوب، طلبت منها كغيري من الزملاء المساعدة في تصميم غلاف لمشروع التخرج الخاص بي ولم تتردد لحظة في ذلك، كانت تخبرنا أنَّ هذا نوعٌ من التدريب وصقل الخبرات بالنسبة إليها، ومن بين الأشخاص الذين ساعدتهم كانت صبية يمتلك والدها دار نشر ويبحث عن مصمم لإنشاء أغلفة الكتب التي تُطبع عنده، فكانت الوظيفة من نصيب زميلتنا المساعِدة.

8. لا تكن متطلباً وثقيلاً ولا متنازلاً وخفيفاً:

قد يكون إنشاء العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة المعارف أصعب بكثير من الحفاظ عليها، لنفترض أنَّك قابلت الطبيب المخضرم في المهنة وأنت طبيب مبتدئ، إياك أن تكون متطلباً وتسأله في اليوم عشرات الأسئلة وترهقه بالاتصالات والتساؤلات، أره اهتمامك واشكره على جهده وقدِّم له هدية إذا أمكن الأمر، واحرص على ألا تكون آخذاً فقط، أو معطياً فقط، فالعلاقات تنمو بالأخذ والعطاء.

إياك أيضاً أن تتنازل عن شيء من مبادئك مقابل الحفاظ على علاقة بأحد ما، فلا تتملق ولا تؤدي شيئاً ليس من مهامك مقابل الحصول على رضى الطرف الآخر، واحذر الدخول في العلاقات السامة.

أعرف طبَّخاً طموحاً تعرف إلى شخص لديه مطعم في دولة أخرى، ورغب الطباخ في العمل والسفر، فدعا هذا الشخص إلى المكان الذي يعمل فيه ليذيقه طعامه ويتقرَّب منه، ولكنَّ الأخير استغل الأمر وأصبح يتردد إلى المطعم بشكل متكرر بحجة تذوُّق صنف جديد متنصلاً من الفواتير ومقدماً لوعود وهمية تستغل حاجة الشيف وتعلقه بآمال كاذبة، فخلاصة القول هي يجب الانتباه إلى العلاقات السامة والاستغلال، وعدم السماح للرغبة ببناء علاقات اجتماعية بإجبارك على تقديم تنازلات وتحميلك أعباء لا طاقة لك بها.

في الختام:

إنَّ بناء العلاقات الاجتماعية وتوسيع دائرة المعارف من شأنه أن يتيح للإنسان كثيراً من الفرص، ويمنحه الضوء الذي يجعل الآخرين يلاحظونه، ولكنَّه في الوقت ذاته ينطوي على أعباء معينة، وقد يتحول إلى طريقة للاستغلال إذا لم ينتبه الإنسان لذلك.




مقالات مرتبطة