كيفية النجاح في العمل عن بُعد (الجزء الثاني)

لقد ناقشنا في الجزء الأول من المقال كيفية الانتقال من العمل المكتبي إلى العمل من المنزل، إضافة إلى بعض النصائح المتعلِّقة بالحفاظ على الإنتاجية في أثناء العمل من المنزل، وسنكمل في الجزء الثاني والأخير طرح بعض النصائح المتعلِّقة بالتواصل بكفاءة وتحديد الأهداف والاعتناء بالصحة العقلية في أثناء العمل من المنزل، إضافة إلى بعض الأدوات التي تساعدك في ذلك.



نصائح التواصل بكفاءة في أثناء العمل من المنزل:

يصبح التواصل مع زملائك في العمل أكثر صعوبة عندما لا تشاركهم مكان العمل نفسه، ولكن على الرَّغم من الصعوبة يصبح التواصل أكثر أهمية أيضاً، فيما يأتي بعض النصائح للتواصل بكفاءة في أثناء العمل عن بُعد:

1. تشارَك ساعات العمل نفسها مع فريقك:

بمجرد معرفة الساعات التي تكون فيها أكثر إنتاجية خلال اليوم وكيف سيكون جدول عملك من المنزل، شارك هذه المعلومات مع زملائك ورئيسك في العمل.

يمكن أن توضح في رسالة بريد إلكتروني سريعة أنَّك ستعمل مثلاً من الساعة الثامنة صباحاً إلى الرابعة عصراً كل يوم من هذا الأسبوع، سيفيد ذلك في تفادي المشكلات المحتملة المتعلقة برسائل البريد الإلكتروني أو المكالمات التي لم يُرَد عليها.

2. وضِّح وضعك الحالي:

تتيح العديد من مواقع التواصل مثل سلاك (Slack) ومايكروسوفت تيمز (Microsoft Teams) وزابير (Zapier) خيار تعيين حالة، يمكنك تحديث هذه الحالة دورياً؛ لإعلام الأشخاص متى تكون منشغلاً بتناول الغداء أو في اجتماع، أو تأخذ قسطاً من الراحة، وبهذه الطريقة يمكن لأي عضو في فريقك ملاحظة ما تفعله في ذلك الوقت وما إذا كان وقتاً مناسباً للتواصل معك.

إقرأ أيضاً: كيف تنال قسطاً من الراحة وتستعيد قدرتك على الإنتاج؟

3. اقترح اجتماعاً قصيراً يومياً للفريق:

يمكن أن تساعد مكالمة فيديو يومية قصيرة فريقك على البقاء على اتصال في أثناء العمل عن بُعد، فاقترح أن يبدأ فريقك كل يوم باجتماع لمدة 15 دقيقة لمشاركة آخر المستجدات التي تخصُّ العمل.

خلال هذا الوقت يمكنكم تلخيص عمل اليوم السابق وتحديد الأولويات ليوم العمل القادم، كما ينشئ هذا الاجتماع مساحة تعاونية حيث يمكن لفريقك مناقشة المشاريع وتبادل الأفكار.

4. استخدم مكالمات الفيديو قدر الإمكان:

التواصل عبر المكالمات الهاتفية أمر لطيف، ولكن ما من شيء يمكنه التفوق على التواصل وجهاً لوجه، فعندما يكون زملاؤك في العمل متفرقين ويعمل كلٌّ من منزله، من الهام الاستمرار في انتهاز الفرص للتواصل بصورة شخصية مثل إجراء مكالمات الفيديو.

يمكن أن تساعد محادثات الفيديو الدورية على الحفاظ على صلة قوية بين أعضاء فريقك، كما تصبح الاجتماعات أكثر إنتاجية عندما تستطيع التواصل مع الجميع وجهاً لوجه.

5. لا تجعل البعد عذراً:

عندما لا ترى زملاءك في العمل شخصياً فقد تميل لبذل جهد أقل في التواصل معهم، فلا ترتكب هذا الخطأ، يجب أن تستمر في بذل نفس القدر من الجهد، إن لم يكن أكثر للتواصل مع فريقك، لا تقلق بشأن احتمالية إزعاجهم عندما يتعلق الأمر بمكان العمل، فإنَّ الإفراط في التواصل أمر مستحيل.

إذا كنت قلقاً بشأن إزعاج زميل في العمل بتكرار، فجرب أسلوبه المفضل في التواصل مثل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية والرسائل الفورية، واعتد التواصل معه حسب الأسلوب الذي يناسبه.

نصائح لتحديد الأهداف للعمل من المنزل:

واحدة من أهم النصائح للعمل بنجاح من المنزل هي تحديد الأهداف، إليك كيفية تحديد أهداف تدفعك لتحقيقها:

1. دوِّن خطتك:

دوِّن الأهداف التي ترغب في تحقيقها في أثناء العمل من المنزل حتى تتمكن من رؤيتها بوضوح، فتدوين أهدافك يجعلها أكثر واقعية؛ إذ تتوقف عن كونها مجرد أفكار في رأسك وتصبح بدلاً من ذلك خطة مكتوبة أمامك على الورق، كما يؤكد العلم أنَّ الأشخاص الذين يدونون أهدافهم أكثر قابلية لتحقيقها بنسبة 42%.

استخدم قلماً وورقة بدلاً من تدوين أهدافك في مستند غوغل (Google doc) أو تطبيق ملاحظات (Notes) على هاتفك، فيمكن أن يجعل ذلك أهدافك تبدو أكثر أهمية؛ وذلك لأنَّ كتابة هذه الأهداف ستحثُّك على معرفة خطواتك التالية.

شاهد بالفيديو: 7 أسباب تجعل من التخطيط وسيلة لمضاعفة إنتاجيتك أكثر من العمل الشاق

2. حدِّد أهدافاً صغيرة:

لا ضرر في الطموح الكبير، ولكن عندما تضع أهدافاً أصغر وأكثر واقعية فمن المرجح أن تحققها بالفعل، وعند تحقيقك لهذه الأهداف ستؤمن بقدراتك وتصبح على استعداد لتحقيق المزيد منها؛ لذا ضع أهدافاً تتمكن من تحقيقها على أرض الواقع، من المرجح أن تكتمل الأهداف التي يمكن التحكم بها بالفعل.

3. خطِّط مسبقاً:

يمكن لقوة التخطيط للمستقبل أن تغير عملك عن بُعد كثيراً؛ مما يساعدك على أن تكون أكثر إنتاجية وتركيزاً.

ضع خطة أسبوعية ويومية حتى تعرف مشاريعك الكبيرة للأسبوع والمهام المفردة التي يتعين عليك إكمالها كل يوم، يحب بعض الأشخاص وضع جدول زمني مع ساعات محددة لكل مهمة، على سبيل المثال: "10:00 صباحاً اجتماع الفريق، 11:00 صباحاً تحرير الفيديو، 12:00 ظهراً الغداء".

يجد آخرون أنَّه من الأسهل كتابة ما يتعين عليهم القيام به كل يوم ببساطة، ثمَّ اختيار المهام من القائمة عشوائياً حتى تكتمل جميعها، أياً كان ما يناسبك فإنَّ التخطيط المسبق يضمن ألا تقصر في إنجاز أي من المهام.

4. ضع حدوداً زمنية:

يعد وضع حدود زمنية أحد مبادئ الأهداف الذكية (Smart Goals)؛ لذا أرفق موعداً نهائياً مع كل هدف تحدده، يمكن أن يكون هذا الحد الزمني يومياً أو أسبوعياً أو طويل الأجل، اعتماداً على طبيعة الهدف، عندما تضيف موعداً نهائياً لأهدافك ستكون أكثر حماسة لإنجازها بالفعل، وستنجز بذلك مهامك في الوقت المحدد دون تأجيل أو مماطلة.

5. ضع الحدود:

يتيح لك العمل من المنزل جدولاً زمنياً أكثر مرونة، يمكن أن يكون ذلك أمراً جيداً، لكن في بعض الأحيان يكون أمراً سيئاً أيضاً؛ فقد يشعر أصدقاؤك وعائلتك وجيرانك أنَّك متفرِّغ طوال الوقت، قد يحسبون أنَّك متفرِّغ لإصلاح الأعطال في المنزل أو توصيل البقالة لهم أو انتظار وصول طفلهم من المدرسة في محطة الحافلات نظراً لأنَّك في المنزل طوال اليوم.

من الرائع أن تكون على استعداد لمساعدة جيرانك، لكن لن يساعدك ذلك على إنجاز عملك بسرعة وكفاءة، ضع حدوداً مع أصدقائك وعائلتك حتى يعلموا متى تكون متفرغاً ومتى تكون منشغلاً؛ على سبيل المثال يمكنك القول: "أنا آسف، يجب أن أعمل حتى الساعة الرابعة عصراً اليوم، ولكن تسعدني مساعدتك في أي وقت بعد الرابعة"، من خلال وضع هذه الحدود يمكنك إنجاز عملك ومساعدة الآخرين في الوقت نفسه.

نصائح الصحة العقلية للعمل من المنزل:

يمكن أن يودي بك العمل عن بُعد إلى العزلة والإرهاق عندما لا تقوم به بصورة صحيحة، فقد كشفت إحدى الدراسات أنَّ 82% من العاملين في مجال التكنولوجيا عن بُعد في الولايات المتحدة يشعرون بالإرهاق، يمكن أن تساعدك هذه النصائح على تجنب الإرهاق والحفاظ على سلامة صحتك العقلية:

1. قدِّر التغيير:

قد لا يبدو التغيير أمراً جيداً في البداية، لكن بطريقة ما يصبُّ في مصلحتنا في النهاية، إن كنت تعاني في معاملة التغيُّرات في حياتك ضع قائمة بالآثار الإيجابية لهذا التغيير، مثل قضاء المزيد من الوقت مع العائلة لأنَّك لم تعد مضطراً للتنقل.

قد يكون من المفيد أيضاً إجراء تغييرات صغيرة بانتظام مثل المشي في طريق جديد، أو صبغ شعرك، أو تعلُّم هواية جديدة، حتَّى تكون أكثر تقبُّلاً للتغييرات الكبيرة، وأخيراً ابحث عن جميع الطرائق التي يجعلك بها هذا التغيير شخصاً أفضل وأقوى.

2. مارِس الرياضة أو تمدَّد يومياً:

تساعد التمرينات اليومية كلَّاً من جسدك وعقلك على العمل بأقصى قدرة، ويمكن لتمرينات الآيروبيك تحسين ذاكرتك وصحتك العقلية وزيادة تركيزك.

ابقَ نشيطاً من خلال المشي أو الجري أو ركوب الدراجة كل يوم، ويمكنك أيضاً القيام بتمرينات القوة في المنزل أو ببساطة إدخال الحركة في يومك من خلال النهوض من مكتبك مرَّة كل ساعة.

إذا كنت تفضل القيام بتمرين أخف وطأة وأكثر استرخاء، فحاول التمدد كل يوم بدلاً من ذلك، وتوجد العشرات من دروس اليوغا والتمرينات المجانية المتاحة عبر الإنترنت التي صُمِّمَت لممارستها بأريحية في منزلك.

3. مارِس التأمل:

يمكن أن يزيد التأمل من مدى انتباهك، كما يساعدك على التخلُّص من الأرق إلى جانب العديد من الفوائد الأخرى، وإن لم تمارس التأمل من قبل فلا مشكلة كل ما تحتاجه هو مساحة هادئة.

اضبط مؤقتاً واجلس مع التركيز على تنفُّسك، وكلَّما شعرت أنَّ عقلك قد بدأ في الشرود أو الانتقال من فكرة إلى أخرى أعد انتباهك إلى أنفاسك.

4. تجنَّب الإفراط في العمل:

قد يكون من السهل جداً عندما تعمل من المنزل ألا تتوقف أبداً، في الواقع يعمل 52% من العاملين في مجال التكنولوجيا عن بُعد في الولايات المتحدة لساعات أطول مما كانوا يعملون في المكتب، كيف يمكنك فصل حياتك العملية عن حياتك العائلية عندما تعمل في المنزل؟

ركز على أهم مهامك حتى تشعر بالرضى عن إنجاز المهام الأساسية، حاول ألا تقوم بكثير من المهام حول المنزل خلال النهار، وإلا قد تميل إلى الاستمرار بالعمل ليلاً؛ لأنَّك لم تنجز "ما يكفي"، ولا تتحقق من البريد الإلكتروني الخاص بالعمل في المساء أو في عطلات نهاية الأسبوع.

يساعد ارتداء ملابس العمل وتخصيص مساحة عمل في هذا الأمر أيضاً، فعندما تبدل ملابس النوم وتذهب إلى مكتبك فأنت في العمل، حتى لو كان هذا المكتب في الطابق السفلي، وعندما تنتهي من العمل تغلق باب مكتبك وترتدي ملابس مريحة.

5. اعرف احتياجاتك:

صحتك العقلية هي مسؤوليتك؛ لذا حدد ما تحتاجه لتشعر بالتوازن، فإن كنت منفتحاً اجتماعياً انتهز فرص قضاء الوقت مع الناس، مثل المكالمات الهاتفية خلال اليوم، أو احتساء القهوة مع أحد الجيران، أو تناول طعام العشاء مع صديق، وإن كنت تشعر بالقلق من أن تكون حبيس المنزل اخرج للمشي يومياً، تختلف طرائق الاهتمام بالنفس من شخص لآخر؛ لذا اكتشف ما تحتاجه لتشعر بالرضى، ثمَّ افعل ذلك.

إقرأ أيضاً: 4 نصائح للحفاظ على الصحة العقلية والنفسية للفريلانسرز والعاملين عن بعد

أدوات تساعدك في العمل من المنزل:

تؤدي أدوات مثل منصات التواصل أو أنظمة إدارة المشاريع دوراً كبيراً في العمل من المنزل بكفاءة، ومنها:

1. منصة أسانا (Asana):

أسانا هي عبارة عن منصة لإدارة المشاريع تساعد فريقك الذي يعمل عن بُعد على البقاء على اتصال، مع التركيز على تعاون الفريق، ويجعل أسانا إكمال المهام معاً أمراً سهلاً حتى لو لم تتشارك أنت وفريقك المكان نفسه، تحتوي هذه الأداة على مساحة للرسائل والمهام والمزيد، وعند إضافة مهمة يمكن إسنادها لموظف ما، كما يمكن للعديد من الموظفين إضافة ملاحظات عن المهمة حتى تُحدد على أنَّها مكتملة.

2. منصَّة زووم (Zoom):

زووم هي منصة مكالمات فيديو شائعة تستخدمها العديد من الشركات لعقد الاجتماعات، وسواء أكانت شركتك تعقد ندوة عبر الإنترنت أم اجتماعاً تدريبياً أم تحتاج إلى إجراء مكالمة جماعية، فإنَّ منصة زووم قادرة على استضافة الحدث، يمكن للحاضرين الانضمام إلى الاجتماع من أي مكان والتواصل مع موظفي الشركة الآخرين وجها لوجه.

3. برنامج ون باسوورد (1Password):

يوفر لك هذا البرنامج مكاناً آمنا لتخزين جميع كلمات المرور والمعلومات الخاصة الأخرى، ويمكنك من خلال تثبيت برنامج ون باسوورد المُلحَق بالمتصفح ملء كلمات المرور ومعلومات بطاقة الائتمان والعناوين تلقائياً في أثناء تصفح الإنترنت، يمكن أن يساعدك هذا البرنامج على توفير كثير من الوقت وتفادي التشتت طوال يوم العمل.

4. برنامج توغل (Toggl):

يستخدم العديد من الموظفين عن بُعد برامج تتبع الوقت حتى تتمكن شركتهم من متابعة مقدار عملهم، وبفضل واجهته الواضحة وتعليماته البسيطة يعد برنامج توغل أحد أسهل البرامج للاستخدام، فيمكنك تتبع مهامك مباشرة أو إدخال مقدار الوقت يدوياً، كما يساعدك أيضاً على الحفاظ على إنتاجيتك؛ إذ يحفزك تشغيل المؤقت على الاستمرار في المهمة في أثناء العمل من المنزل.

في الختام:

كما ترى إنَّ العمل من المنزل سيف ذو حدَّين؛ إذ يمكن أن يسبب لك التشتيت وتجده صعباً في البداية، ولكن إذا اتبعت النصائح المذكورة آنفاً، وتعلمت كيف تحقق توازن بين حياتك الشخصية والعملية، فستزداد إنتاجيتك وتستثمر مرونة العمل عن بُعد في تحقيق نتائج أفضل.




مقالات مرتبطة