كيفية إدارة المال والتحكم في الديون الشخصية

يتقاضى جزء كبير من الموظفين رواتب جيدة؛ لكنَّهم مع ذلك يصلون إلى نهاية الشهر بمحفظة فارغة؛ فقسم منهم يحصل على علاوات في الأجر ويزداد دخلهم، ومع ذلك لا تكفيهم معاشاتهم حتى موعد القبض التالي، أما الديون والمشتريات التي اتُفق على تقسيط ثمنها فهي أيضاً أعباء إضافية تتحملها كواهل الموظفين، فما هو السبب في كل هذه الفوضى والافتقار إلى الأمان المالي على الرَّغم من وجود مصدر دخل جيد؟



إنَّ السبب وراء العوز المالي _ إذا صح التعبير _ على الرَّغم من وجود مدخول جيد هو سوء إدارة المال، والافتقار إلى الطريقة المثلى في التعامل معه، والتي ينجم عن فقدانها تشتيت المبالغ المالية وتبذيرها بطريقة تحرم صاحبها من الادخار والاستثمار، وتحُول حقاً بينه وبين استمتاعه بأمواله، فضلاً عن اختلاقها ديوناً تتراكم فوق كاهله وتثقل أفكاره.

مقالنا هذا مخصص لأولئك الراغبين في الخروج من هذه الدوامة، فهو يتحدث عن كيفية إدارة المال والتحكم في الديون الشخصية.

كيفية إدارة المال والتحكم بالديون الشخصية:

سوف نقدم لكم في هذا المقال مجموعة نصائح تساعدكم على إدارة المال وعلى التحكم بالديون الشخصية، ونبدأ نصائحنا بما يأتي:

1. ضع هدفاً محدَّداً:

إنَّ النصيحة الأولى من نصائحنا لتعلم كيفية إدارة المال والتحكم بالديون الشخصية هي وضع هدف نصب عينيك، يدفعك التفكير به إلى الحماسة والرغبة الملحة في توفير المال من أجل الوصول إليه، وتجاوز جميع العقبات وتجاهل جميع المغريات التي تحول بينك وبينه، ويمكن أن يكون هدفك شراء سيارة أو منزل، أو الذهاب في رحلة مع أصدقائك، أو السفر إلى مكان ما في العطلة، ويمكن أن يكون أكثر تواضعاً مثل شراء عقد ذهبي أو خاتم مزين بالأحجار الكريمة، أو التسجيل في كورس ترغب في تعلمه، ومهما يكن هدفك فهذا شأنك، لكن تأكد من وجود رغبة ملحة في تحقيقه توقد جذوة عزيمتك إذا ما انطفأت في الرحلة نحوه.

2. ضع خطة مجدوَلة زمنياً:

إنَّ النصيحة الثانية من نصائحنا لتعلم كيفية إدارة المال والتحكم بالديون الشخصية هي وضع خطة مجدوَلة زمنياً من أجل الوصول إلى الهدف المنشود، فإذا كنت ترغب في شراء سيارة ثمنها 12000 دولاراً مثلاً، واستطعت ادخار 1000 دولار من معاشك شهرياً، فأنت ستصل إلى هدفك بعد عام واحد فقط، أما إذا استطعت ادخار 500 دولار شهرياً ستشتري سيارتك بعد عامين.

حاول تقدير ثمن السلعة أو الشيء الذي ترغب في الادخار لأجله، والمبلغ الذي تستطيع ادخاره شهرياً لتعرف المدة الزمنية التي تفصل بينك وبين طموحك، وستدرك حينها وقع كل مبلغ إضافي تدخره، فإذا استطعت ادخار500 دولار شهرياً لشراء السيارة، واستطعت في أحد الأشهر أن تدخر 1000 دولار ستدرك حينها أنَّك اقتربت لحظة قيادتك للسيارة شهراً واحداً.

3. اقرأ عن الاستثمار والادخار:

التعامل مع المال بطريقة صحيحة هو مهارة مكتسبة في كثير من الأحيان، ويمكن الحصول عليها عبر القراءة أو مصادقة الأشخاص الخبراء في هذا المجال؛ لذا من أجل تعلم كيفية إدارة المال والتحكم بالديون الشخصية ننصحك بقراءة الكتب التي تتناول هذه الموضوعات مثل كتاب "الأب الغني والأب الفقير" أو سؤال الناجحين في هذا المجال ضمن محيطك.

4. لا تقترض ولا تستدن:

نصيحتنا الرابعة من سلسلة نصائحنا لتعلم كيفية إدارة المال والتحكم بالديون الشخصية هي تجنب الاقتراض والاستدانة، فإذا ما تصفحت الإنترنت ووجدت أحد المتاجر يقدم عرضاً خرافياً مغرياً لشراء غرفة نوم جديدة بالتقسيط ودون دفعة أولى وبمبلغ معقول شهرياً اهرب فوراً، وتذكر أنَّ الديون تعني التزامات جديدة ودفعات إضافية تحُول بينك وبين الوصول إلى هدفك الذي حددته لنفسك، والذي يفترض أن يتربع على قائمة أولوياتك.

أنت بالتأكيد لن تدخر لشراء سيارة وأنت تنام على الرصيف، من المنطقي أنَّ لديك مكاناً تأوي فيه تمتلكه أو تستأجره؛ لذا اجعل هدفك نصب عينيك ولا تتلفت جانباً لئلا تُحوِّل تركيزك عنه، وعموماً إذا دخلت سابقاً في موضوع التقسيط والاقتراض حاول سداده قبل بدء مسيرة الادخار تجنباً لزيادة الضغوطات عليك التي من الممكن أن يدفعك تكاثرها إلى التخلي عن خطوات الوصول إلى هدفك.

شاهد بالفديو: كيف تضع ميزانية تساعد على الادّخار؟

5. لا تقع في فخ التخفيضات والإعلانات والعروض:

إنَّ تجنب فخ تخفيضات نهاية الموسم والعروض التجارية والإعلانات التي تقنعك بشراء أشياء لا تحتاج إليها أصلاً هو نصيحتنا الخامسة ضمن النصائح لتعلم إدارة المال والتحكم بالديون الشخصية.

تُجري العلامات التجارية تخفيضات مغرية قد تدفعك إلى شراء سلعة لا تحتاج إليها، والإعلانات عن منتج معين تثير فيك الرغبة في تجربته، وكذلك الأمر بالنسبة إلى العروض، كم مرة ذهبت إلى السوبر ماركت لشراء أغراض محددة وخرجت بسلة ممتلئة لا تستفيق من تنويمك المغناطيسي في أثناء اختيارها إلا وأنت تدفع ثمنها؛ لذا كن يقظاً واشترِ بوعي ما أنت بحاجة إليه حقاً، وجهِّز قائمة بذلك واسأل نفسك وأنت تضع الأغراض في سلتك: "هل أنا حقاً بحاجة إلى كوب للنسكافيه بلوني الأخضر المفضل لأضعه على الرف إلى جانب الأكواب الأخرى التي لا أستخدمها لأنَّني لا أشرب النسكافيه أصلاً؟".

نحن هنا لا نحمِّلك مسؤولية عدم القدرة على مقاومة الرغبة في الشراء، فيوجد مختصون بعلم النفس التسويقي يعملون ليل نهار ليصمِّموا المنتجات أو ليسوقوها بطريقة تجذبك، فيصمِّمون المتاجر والسوبر ماركت بطريقة تشبه المتاهة، ويستخدمون الأشكال والألوان وأساليب العرض والتسويق التي تشعرك بحاجتك إلى المادة؛ لذا كن واعياً حقاً لذلك واشتر ما تحتاج إليه فعلاً.

إقرأ أيضاً: 5 علامات تدل على أنك شديد الحرص في إنفاق المال وكيف تبسط يدك

6. احذر "الماركات" فهي فخ أيضاً:

قرأت مرة في أحد الكتب أنَّ الماركات هي الحيلة التي اخترعها التجار لسلب أموال الأغنياء، وفيما بعد أصبحت العلامات التجارية حيلة تسلب أموال أصحاب الدخل المتوسط والفقراء الراغبين في الظهور بمظهر الأغنياء والميسورين.

تستطيعين شراء حقيبة يد بمبلغ 200 دولار تحملينها فارغة، وتستطيعين شراء حقيبة بـ 20 دولار تضعين فيها الـ 180 دولار المتبقية، ونحن ندرك أنَّه ربما توجد بعض الفروقات من ناحية النوعية؛ لكنَّ حقيبة اليد لها هدف واحد صُمِّمت لأجله والحذاء كذلك، ولن يفيدك صراخ صديقاتك "واو فيرزاتشي" شيئاً وأنت تؤجلين الحصول على سيارة أحلامك شهراً آخر.

7. قلل النفقات:

نصيحة أخرى من أجل تعلم كيفية إدارة المال والتحكم بالديون الشخصية هي تقليل النفقات قدر المستطاع، ويكون ذلك في جميع تفاصيل الحياة من طعام وشراب ومواصلات ورفاهيات، فبدل أن تستقل تاكسي للذهاب إلى عملك اذهب بالميكرو أو المواصلات العامة أو على الدراجة، وبدل أن تشتري الفاكهة المستوردة أو تلك المخزنة اشترِ الفاكهة والخضار الموسمية، اشترِ من السوق الشعبي والبازارات، وابتعد قدر المستطاع عن المشتريات المُغلَّفة المُعلَّبة إذا ما كان بديلها الطازج متوفراً، فمثلاً ثمن كيلو غرام من الذرة يقارب 1 دولار، أما ثمن علبة الذرة المُعلَّبة التي تزن 350 غرام فتقارب 2 دولار"، ومن ناحية الكماليات والرفاهيات حاول أن تقتصد أيضاً، وخفِّف من الاشتراكات المدفوعة لنتفلكس واستبدلها بقراءة الروايات أو الخروج في نزهة.

إدارة المال

8. حاول كسب مزيد من المال:

هذه نصيحة أخرى من نصائحنا لتعلُّم إدارة المال والتحكم بالديون الشخصية، وفيها ننبهك على ضرورة السعي إلى تعزيز مصادر دخلك، مثل القيام بالأعمال الإضافية للحصول على علاوة أو مكافأة أو تعلم مهارة جديدة من أجل استثمارها في طريق يعود عليك بدخل آخر أو الحصول على دخل سلبي، وبالتأكيد لن تستخدم المورد المالي الجديد في زيادة نفقاتك، كما يفعل ناس كثيرون، وهذا ما تحدث عنه "روبرت كيوساكي" في كتاب "الأب الغني والأب الفقير"، وأطلق عليه اسم "سباق الفأر"؛ بل بخلاف ذلك ستقوم بتحويل المورد المالي الجديد إلى حقيبة الادخار.

9. خصِّص مدخرات للطوارئ:

مدخرات الطوارئ هي حقيبة يجب الاحتفاظ بها، سواء أدخرت لأجل شيء ما أم لم تفكر في المستقبل والادخار أصلاً، إنَّها النصيحة الهامة في إدارة المال والتحكم بالديون الشخصية التي ستجنبك الاقتراض من بطاقة الائتمان أو غيرها من أجل إصلاح سيارتك أو علاج حالة صحية مفاجئة اعترضتك أو أحد أفراد عائلتك.

من الضروري أن تدخر شهرياً مبلغاً لهذا الأمر تستعين به في حالات الطوارئ، ومن أجل أن تتفادى إنفاق ما خططت لادخاره في سبيل حالة مفاجئة فتتأجل خططك زمناً إضافياً.

10. استمر:

معظم الناس يملون في منتصف الطريق ويتراجعون هادمين كل ما جهدوا في بنائه لأشهر سابقة؛ لذا فإنَّ نصيحتنا الأخيرة لك لتعلم إدارة المال والتحكم بالديون الشخصية هي الاستمرار في الخطة التي رسمتها لنفسك مهما بدا لك الطريق طويلاً، وتستطيع تسجيل كمية مدخراتك للاطلاع عليها ومعرفة حجم ثروتك في لحظات اليأس لتتشجع، وتستطيع تخيل نفسك تقود السيارة أو تشرب القهوة على شرفة منزل أحلامك لتعيد شحذ همتك من جديد، وتستمر حتى بلوغ غايتك.

ملاحظة هامة جداً:

كن معقولاً جداً في إدارة أموالك وسداد ديونك؛ فالمال وُجِد لراحتك أولاً وأخيراً، وإيَّاك أن تحرم نفسك من الحاجات الأساسية بحجة التوفير مثل الطعام والشراب والمأوى الآمن إذا ما تعلَّق هدفك بأمر ترفيهي، تخيل شخصاً عزيزاً يفعل بنفسه ما تفعل بنفسك، وبناء على ذلك حكِّم عقلك واختر طريقك.

إقرأ أيضاً: 11 خطأ قد ترتكبه عندما تحاول توفير أموالك

في الختام:

إنَّ إدارة المال والتحكم بالديون الشخصية هي مهارة يجب علينا جميعاً أن نتعلمها من أجل أن نستمتع حقاً بأموالنا ونتعلَّم كيف ننفقها بطريقة صحيحة، وإنَّ التعامل مع المال قد يكون مهارة فطرية بالنسبة إلى بعض الناس، أما بعضهم الآخر يحتاج إلى أن يتعلمها مثل أي مهارة أخرى عن طريق شخص في محيطه أو معلم أو كتاب يقرؤه.




مقالات مرتبطة