جميعنا نفكر كذلك، فهذا الكلام يبدو مضحكاً، لكنَّه صحيح، فكل مزاج هو حالة ذهنية، سواء كان سعادتك أم حزنك أم فرحتك أم مخاوفك أم رغباتك؛ لذلك، تستطيع التحكم بالسعادة، ويمكنك التحكم بكل تلك الحالات الذهنية الأخرى أيضاً.
حين تغير حالتك الذهنية، سواء فعلت ذلك عمداً أم لا، ستصبح هي واقعك، أو ربما حالتك الذهنية هي واقعك، ويمكنك تغييره عن طريق تغيير حالتك الذهنية، ذلك ما قاله الممارس "شاي كارل" (Shay Carl) في برنامج "تيم فيريس" (Tim Ferriss) حين نبَّه الجميع بأن يصغوا حين يسمعون عبارات مبتذلة؛ لأنَّها على الأغلب صحيحة.
كان يتحدث "شاي" حينها عن تناول الطعام الصحي، فبعد أن خسر بعض الوزن الزائد أخبر الناس حين استفسروا كيف فعل ذلك أنَّه يجب عليهم ممارسة الرياضة وتناول الخضار، لكنَّهم لم يقتنعوا وطلبوا منه التوقف عن تكرار نصائح مبتذلة؛ وذلك مضحك لأنَّ تلك هي أفضل طريقة لخسارة الوزن.
سنعمم ما ذكره "شاي"، عندما تسمع نصائح مبتذلة ومكررة انتبه إليها، وفكر فيما تقوله؛ لأنَّها على الأغلب تحمل في طياتها حكمة كبيرة، فالأقوال تصبح مبتذلة فقط لأنَّها كُرِّرَت كثيراً؛ وهذا يعني على الأرجح أنَّها كانت صحيحة في مرحلة ما، وعلى الرغم من أنَّها قد تغيرت عما كانت عليه في السابق، كما يتحول سر حقيقي إلى قصة طويلة خيالية، إلا أنَّ النصائح المبتذلة ما تزال تحمل درجة من الحقيقة.
النصائح المبتذلة للسعادة والنجاح:
بدأت على الأغلب بالتململ عند قراءة عبارة "السعادة والنجاح"؛ إذ تتحدث مقالات لا تُحصى عن هذين المصطلحين، لكنَّهما أمران يمكننا الحصول عليهما، وبالطبع يمكن أيضاً أن نفقدهما؛ لذا إن كان النجاح والسعادة حالة ذهنية يمكن بلوغها، فإنَّ تحقيق كل من السعادة والنجاح يتطلب بلوغ حالة ذهنية معينة، تبدو هذه العبارة مبتذلة، أليس كذلك؟ لكنَّ النصائح المبتذلة صحيحة.
من المبتذل أيضاً أن تقول إنَّ السعادة تعادل النجاح؛ وهذا يعني أنَّه إذا كنت سعيداً؛ أي إذا تمكَّنتَ من تحقيق السعادة ثم الحفاظ عليها، ستكون ناجحاً؛ إذاً، فالسعي خلف النجاح هو السعي إلى السعادة.
إذا افترضنا أنَّ "النجاح" - أيَّاً كان تعريفه بالنسبة إليك - هو الهدف من الحياة، فإنَّ الهدف من الحياة هو السعادة، والتي نستمدها من تحقيق النجاح؛ على سبيل المثال، لنفترض أنَّك تقيس النجاح بنوعية علاقاتك؛ لذا إذا كنت تقضي يوماً مع والدتك لتقوي علاقتك معها، فإنَّ هذا الوقت يمنحك السعادة؛ لأنَّك تُحقِّق تعريفك للنجاح.
ولأنَّ العلاقات التي تقيمها مع الناس تسعدك، ستركز على زيادة تلك السعادة عبر إقامة المزيد من العلاقات، وهكذا تحافظ على حالة سعادتك، والتي تصبح وتبقى أهم أولوياتك.
شاهد بالفيديو:8 خطوات بسيطة لتعزيز قدراتك الذهنية
حالة ذهنية ناجحة:
بعد أن أثبتنا أنَّ حالتك الذهنية هي واقعك وخلاف ذلك صحيح، فهمنا أنَّك أنت تتحكم بهذا الواقع، سواء كان حزيناً أم سعيداً، وتطرقنا إلى فكرة أنَّ الهدف من الحياة هو أن تصبح ناجحاً، وأنَّ النجاح يعادل السعادة؛ لذلك بالمجمل، فإنَّ الهدف من الحياة هو أن تكون سعيداً.
لقد توصلنا إلى أنَّ السعادة هي حالة ذهنية ويمكن بلوغها؛ إذاً، إذا كنت تريد أن تكون سعيداً، فمن المنطقي التركيز على تغيير حالتك الذهنية لتحقيق حالة من السعادة، وإذا كان الهدف الأول في الحياة هو تحقيق النجاح من خلال السعادة، فكيف نغير حالتنا الذهنية كي نصبح سعداء ثم نحافظ على تلك السعادة؟
اختيار السعادة:
قد تفكر أنَّ هذه أكثر نصيحة مبتذلة حتى الآن، وأنَّها غير مفيدة إطلاقاً، لكنَّ هذا غير صحيح فكما ذكرنا، دائماً ما تحمل النصائح المبتذلة شيئاً من الحقيقة.
فكر في الأمر بهذه الطريقة: يمكن تحقيق السعادة، وهي حالة ذهنية؛ وهذا يعني أنَّها تحصل داخل ذهنك طوال الوقت؛ أي إنَّك تمتلك السعادة كما تملك أي شيء مادي، وكل ما عليك فعله هو الكشف عنها، فالمقتنيات المادية يزداد بريقها ويطول عمرها عندما تصونها صيانة دورية، وكذلك السعادة تنمو وتزداد قيمتها مع مرور الوقت، لا سيما عندما تؤمن أنَّها موجودة بداخلك طوال الوقت، وتفهم كيفية تحقيقها وفق تعريفك للنجاح.
في الختام:
السعادة هي النجاح، وهي خيار؛ فيمكنك أن تكون ناجحاً بقدر ما ترغب الآن، وكذلك يمكنك أن تكون سعيداً بقدر ما ترغب في هذه اللحظة بالذات، وكل ما يجب عليك فعله هو التفكير بسعادة والعثور على الفرح في التفاصيل الصغيرة في كل يوم، وتذكَّر مسار حياتك والأشياء الرائعة التي مررت بها حتى الآن والتفكير في الاحتمالات اللانهائية لمستقبلك المشرق، حينها ستكون ناجحاً وستعيش حياة تحمل قيمة، وكل ذلك يبدأ مع النصائح المبتذلة.
أضف تعليقاً