كيف يمكنك أن تكون قائداً يتصف بالإيثار؟

هل تعرف حيوانات السرقاط؟ هم حيوانات صغيرة أصغر من القطة، ويعيشون في مجموعات وهم متعاونون للغاية، ويتشاركون المهام مثل رعاية أطفالهم لضمان المصلحة العامة "لمجتمعهم"، ولاكتشاف المخاطر القادمة، تتبنى حيوانات السرقاط أيضاً دور الحارس، وتتناوب فيما بينها، وهم بالقيام بذلك يسمحون لأقرانهم بالتركيز على المهام الأخرى.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة ليزون ماج (Lison Mage)، وتُحدِّثنا فيه عن كيفية أن تكون قائداً يتصف بالإيثار.

وعندما يُرى حيوان مفترس ينبه الحارس الآخرين بصوت محدَّد ممَّا يسمح لهم بالاختباء في جحرهم، ولكنَّه يكون معرضاً لخطر مميت.

إحدى الحقائق المدهشة هي أنَّ حراسة السرقاط لا يختارها الآخرون، فأحدهم يقرر بإيثار القيام بهذه المهمة المحفوفة بالمخاطر وحده، ويعكس هذا السلوك معضلة المتطوع التي دُرست في نظرية الألعاب، وهي فرع من الرياضيات التطبيقية لتحليل عمليات صنع القرار، ويدرس العلماء في ظل هذا النموذج مفهوم التنسيق السلبي؛ إذ يتعين على فرد أن يقدم تضحيات لحلِّ المشكلة، وإذا لم يفعل أحد ذلك، فسيعاني الجميع.

أمثلة عن هذا الأمر:

توجد بالفعل أمثلة بطولية لهذه المعضلة، ولكنَّنا نواجهها أيضاً في شكل أكثر اعتدالاً، مثل عندما يكون ثمة انقطاع للتيار الكهربائي في الحي، فمن سيتصل بمزود الكهرباء؟ أو حتى الأكثر شيوعاً، من سيأخذ الأطفال من المدرسة؟ فأحد الوالدين ملزم بترك العمل في الوقت المحدد والقيادة إلى المدرسة وإعادة الأطفال إلى المنزل بأمان، ومن الواضح أنَّه سيكون من غير الفعال ذهاب الوالدان كلاهما إلى المدرسة، لكن أسوأ نتيجة ستكون إذا لم يفعل أيٌّ منهما ذلك.

تتطلب الحلول لهذه المشكلات اليومية، التواصل؛ إذ وجد علماء النفس أنَّ التقارب الاجتماعي هو عنصر أساسي يقود الناس إلى التطوع، فكلَّما كنا مقربين من شخص ما زادت رغبتنا في التعامل معه بإيثار، فعلى سبيل المثال، يرسل مديرنا بريداً إلكترونياً إلى الفريق بكامله ليلة الجمعة لإبلاغنا أنَّ العميل قد غير بعض متطلباته، ومن ثم فإنَّ العرض التقديمي يوم الإثنين يحتاج إلى مراجعة عاجلة، وفي هذه الحالة من المرجح أن نتطوع لإنجاز هذا العمل الرتيب إذا شعرنا بأنَّنا مقربون اجتماعياً من زملائنا، وخلاف ذلك صحيح.

شاهد بالفديو: صفات الشخصية القيادية

مع ذلك، لتجنب وجود أكثر من شخص واحد يقوم بالعمل، فإنَّ التواصل أمر بالغ الأهمية؛ ولذلك إذا أخذنا على عاتقنا المهمة، يجب علينا تبليغ الجميع، ويمكننا باستخدام التواصل ضمان أفضل نتيجة للمجموعة.

من المثير للاهتمام أنَّ بالنا ينشغل عند مواجهة مشكلة في تحديد المتطوعين؛ فعلى سبيل المثال، قد نكون على دراية بالأخطاء المتكررة في تقارير المحاسبة لشركتنا، لكن ليس في الأخطاء الإدارية، ومع ذلك نظراً لأنَّها واضحة جداً، فنحن مقتنعون بأنَّ الآخرين ربما لاحظوها، ولكنَّنا غير متأكدين ممَّا يجب علينا القيام به، فإذا تكلمنا فقد يؤدي ذلك إلى طرد الموظفين، وسنصنف إضافة إلى ذلك بالتأكيد على أنَّنا المبلغين عن المخالفات، ممَّا قد يؤثِّر فينا لاحقاً، لكن إذا لم نفعل ذلك، وارتكبنا مزيداً من الأخطاء الجسيمة، فقد يؤثِّر ذلك تأثيراً خطيراً في الشركة، ممَّا يؤدي إلى مزيد من فقدان الوظائف.

يشير الباحثون إلى أحد الأسباب التي تحفز تفكيرنا المفرط بتوزيع المسؤولية (Diffusion of responsibility)؛ إذ نتساءل لماذا يجب أن نتصرف عندما يستطيع شخص آخر القيام بذلك؟ وكلَّما زاد عدد المتطوعين، ازداد انتشار المسؤولية، ومثل الطلاء الذي ينسكب على الأرض، فكلَّما كان السطح أكبر، كانت الطبقة أرق، فإذا لم نتخذ إجراءً فلن نتحمل العواقب على الأمد القصير، ولكنَّنا قد ندفع ثمن أعلى في المستقبل.

عندما نختار عدم اتخاذ أيِّ إجراء، فإنَّ أذهاننا لن تتغاضى عن المشكلة، فإذا طُرد زميل مقرب من العمل بسبب إعادة الهيكلة الاقتصادية، فسوف نتخيل باستمرار ما كان سيحدث لو تحدثنا، وستؤدي هذه السيناريوهات العقلية إلى مشكلات عاطفية؛ أي ندم مدى الحياة، والأسوأ من ذلك كلَّه لا يمكننا التكفير عنه أبداً؛ لذلك عندما تشك بشيء ما، تصرَّف وكن القائد الذي تتمنى أن يكون قائدك وحارب الجمود واتخذ إجراءات لإحداث التغيير.

يمكن في البداية أن نشعر بالغرابة، لكن لدينا القدرة بأفعالنا على إضاءة الطريق، وتوحيد الآخرين لرؤيتنا، فأحد الأخطاء في معضلة المتطوع هو تقديمها على أنَّها حالة يخسر فيها المتطوع لكي يفوز الآخرون، لكن من الضروري تصحيح هذا الفهم، وتذكير أنفسنا بأنَّنا إذا خسرنا، فهذا يسمح للجميع بالفوز، ومن ذلك نحن؛ فعلى سبيل المثال، عندما نبلغ عن انقطاع التيار الكهربائي نستفيد من حلِّ مشكلة الكهرباء.

إقرأ أيضاً: 5 صفات يتمتع بها القائد الناجح

في الختام:

قد جد الباحثون أنَّ التبرع بالدم يحفز أولئك الذين يروننا على فعل الشيء نفسه، فعندما نفعل الخير يبدأ ذلك في سلسلة من ردود الفعل، ممَّا يدفع الآخرين إلى الاقتداء بنا؛ ولذلك يمكننا عند مواجهة هذه المعضلة الخاصة إعادة صياغة الخسارة المتصورة كاستثمار، ونراهن على الخير في الآخرين، وأنَّنا معاً أقوى.

المصدر




مقالات مرتبطة