كيف يمكن للذكاء العاطفي أن يحسن أداءك في العمل؟

كان الذكاء العاطفي -المعروف أيضاً باسم "الحاصل العاطفي EQ"- محطَّ اهتمام الشركات الأمريكية ومختلف البيئات المهنية لسنوات خلت، وقد رُبِط بالأداء والنجاح في نواح تشمل كلَّاً من: الاحتفاظ بالعملاء، وزيادة المبيعات، وإدارة القيادة (leadership management)، والعديد من الجوانب الأخرى.



لقد أجرت دراسة تابعة لموقع (TalentSmart) اختباراً للذكاء العاطفي إلى جانب 33 من المهارات الأخرى الهامَّة في مكان العمل، فوجدت تلك الدراسة أنَّ معدل الذكاء العاطفي هو أقوى مؤشر للأداء، إذ يشرح ما نسبته 58٪ من مجمل حالات النجاح في جميع أنواع الوظائف؛ كما وجدت أيضاً أنَّ ما نسبته 90٪ من أفضل المشاركين أداءً يتمتعون بذكاء عاطفي أعلى، ويجنُون 29.000 دولار سنوياً أكثر من نظرائهم المتمتعين بمعدلات أقلَّ من الذكاء العاطفي.

ما هو الذكاء العاطفي؟

يُعَرَّف الذكاء العاطفي على أنَّه قدرتنا على التعرف إلى الحالات العاطفية والسيطرة عليها، مع مراعاة الحالة العاطفية لمن حولنا.

ما هو الفرق بين الذكاء العقلي والذكاء العاطفي؟

1. الذكاء العقلي (IQ):

هو عبارة عن درجة ذكاء الفرد التي يتم حسابها من خلال قسمة العمر العقلي للفرد على عمره الزمني ومن ثم ضرب الناتج في العدد 100 أي (العمر العقلي / العمر الزمني ᵡ 100) وهو ما يسمى معامل الذكاء.

وقد ظهر اعتقاد بأن معدل الذكاء العقلي الذي يتم اختباره بواسطة اختبارات الذكاء الخاصة غالباً لا يتغير طوال حياة الشخص، لكن هذا الاعتقاد غير مثبت علمياً، ومن القدرات التي يقيسها الذكاء العقلي: القدرة على حل المشكلات، التعرف على الأنماط المختلفة، الحدس، المعالجة البصرية، المعالجة المكانية، الرياضيات وغيرها، ومن الواضح أن الحصول على معدل ذكاء عالي سيقدم المساعدة في تقديم مسيرتك الأكاديمية والمهنية وبالتالي يعتبر فرصة أكبر للحصول على عمل.

2. الذكاء العاطفي (EQ):

وهو مصطلح تم استخدامه لأول مرة في عام 1990 من قبل الباحثان (سلوفي وماير)، لكن شاع انتشاره وأصبح أكثر شهرة بسبب عالم النفس " دانيال جولمان"  في كتابه الذي يحمل عنوان (Emotional Intelligence: why it can matter more) ويشير إلى القدرة على مراقبة وفهم ومن ثم ضبط انفعالاتنا ومشاعرنا في المواقف المختلفة، وكذلك فهم مشاعر الآخرين وإيجاد الطرق المناسبة لتحقيق الانسجام والاندماج معهم.

كما وجد عالم النفس ثورندايك أنه يوجد ثلاث أنواع للذكاء العاطفي وهي:

  1. الذكاء المادي أو الميكانيكي: .وهو القدرة على معالجة الاشياء والموضوعات المادية ويتجلى في المهارات اليدوية والحسية الحركية.
  2. الذكاء المجرد: Abstract Intelligence وهو القدرة على الفهم ومعالجة الافكار والمعاني والرموز والمجردات.
  3. الذكاء الاجتماعي social Intelligence: وهو القدرة على فهم الاخرين والتعامل معهم.

يقول دانييل جولمان " أننا نمتلك عقلين، أحدهما يفكر وهو العقل المنطقي، والآخر يشعر وهو الوجدان، ويعمل هذان العقلان في تناغم دقيق دائماً فالوجدان يغذي ويزود عمليات العقل المنطقي بالمعلومات بينما يعمل العقل المنطقي على تنقية مدخلات العقل الوجداني، و أحيانا يعترض عليها، ومع ذلك يظل كلا من العقلين شبه مستقلين فكلاهما يعكس عمل دوائر عصبية متمايزة لكن مرتبطة في داخل المخ ".

لقد وجد الباحثون أن معامل الذكاء لا يكفي بمفرده لبناء مستقبل الفرد وتحقيقه النجاح في العمل، بل لابّد من تناغم وانسجام العقل والعاطفة معاً.

ما العلاقة بين الذكاء العقلي (IQ) و الذكاء الانفعالي (EQ)؟

غالباً ما يستطع العاملون من ذوي الذكاء العقلي المرتفع (IQ) تقديم الحلول الإبداعية والابتكارية لحل المشكلات التي تواجههم في العمل، كما قد يمتلكون القدرة على فعل أمور كثيرة مثل القدرة على التعلم السريع، قوة الذاكرة، والموازنة  لكن قد يجدون الصعوبة في ضبط مشاعرهم أو التحكم في غضبهم وانفعالاتهم او حتى يعجزون عن فهم الآخرين والاندماج في العمل معهم، وكل ذلك من شأنه التأثير على نجاح العمل، لذا أصبح من المهم توافر الذكاء العاطفي، حيث يمثل العلامة الفارقة في موقع العمل، فالقدرة على قراءة لغة الجسد، وفهم مشاعر الآخرين والقدرة على إدارة الصراع والأزمات، وحل التوتر بين الأفراد في العمل، من إحداث الفرق في بيئة العمل وكذلك في الربحية وتحقيق الميزة التنافسية للمنظمة، كما يمكن حدوث الحالة المعاكسة، لذا فالذكاء العقلي والذكاء العاطفي شرطان ضروريان يجب توافرهما معاً لتحقيق النجاح والتميز في الأعمال.

خطوات ممارسة الذكاء العاطفي:

تقوم شركة "Genos International" بعملٍ رائعٍ في شرح الذكاء العاطفي في 6 خطوات، وذلك باستخدام نموذج "Genos" للذكاء العاطفي، والذي سنبسِّطه إلى 4 مجالات رئيسة للمهارات كما يأتي:

  1. الوعي الشخصي (الوعي الذاتي): إدراكك لعواطفك ومعرفة كيف يراها الآخرون في أثناء حدوثها؛ أي بمعنى آخر: معرفة كيفية تفاعلك مع مواضيعك الحساسة أو خطوطك الحمراء.
  2. إدارة الشخصية: إدارة عواطفك وإيجاد طرائق أفضل أو أكثر إيجابية للتعبير عنها؛ فمثلاً: يمكنك أن تنهي المحادثة في أثناء جدال محتدم بكل احترام؛ لكي تخفف من حدة الموقف دون أن تُشعِر الشخص الآخر بالدونية لأنَّه لا يتفق معك في الرأي.
  3. الوعي الاجتماعي: بمجرد أن تكون قد حددت مشاعرك وأصبحت قادراً على إدارتها، ستمتلك عندئذ نظرة ثاقبة إلى كيفية إدارة الآخرين لعواطفهم؛ ووفقاً لهذه الصياغة، ستكون على دراية بالسلوكات ونقص الوعي لدى الآخرين، وتتمكن من رؤية الأمور من منظور مختلف.
  4. إدارة العلاقات: هي قدرتك على توظيف وعيك وعواطف الآخرين في تطوير العلاقات والحفاظ عليها؛ وإنَّ هذه مهارة ذات أهمية بالغة في العمل ضمن فِرق، ومع الشركاء والعملاء والبائعين والزبائن.

شاهد بالفيديو: 9 عادات للأشخاص الأذكياء عاطفياً

كيف اكتسب الذكاء العاطفي؟

يمكن تعلُّم الذكاء العاطفي على عكس معدل الذكاء (IQ)، فَوفقاً لـ "ترافيس برادبري Travis Bradberry" -مؤلف كتاب "الذكاء العاطفي (2)" (Emotional Intelligence 2)"- فإنَّ التَّواصل بين عقلك العاطفي والعقلاني هو المصدر "المادي" للذكاء العاطفي.

يتطلب الذكاء العاطفي تواصلاً فعالاً بين المراكز العقلانية والمراكز العاطفية في الدماغ؛ وبعبارة أخرى: تؤدي الممارسةُ إلى الكمال، إذ إنَّك لن تزيد ذكاءك العاطفي في ليلة وضحاها، لكن يمكنك ذلك مع مرور الوقت، ويمثل وجود وعيٍ شخصيٍّ واجتماعيٍّ مقترنٍ بالقدرة على إدراك وإدارة العواطف السلبية مع الضغوطات الناتجة عنها عاملاً حاسماً في ذلك؛ لذا:

  1. كن صادقاً: لا يمكن للمرء أن يبدأ بناء علاقات أفضل إلَّا عندما يقرِّر أنَّ ذلك أمر هام، فيباشر بعدئذ باتخاذ الخطوات الكفيلة بالوصول إلى علاقات أفضل؛ وإنَّ ذلك بمثابة تمرين على الصدق والاهتمام؛ إذ يعود كونك صادقاً مع نفسك ومهتماً بجسدك ومتحكماً بردود أفعالك بالنفع على وعيك العاطفي.إنَّه لمن الهام أيضاً أن تكون على دراية بتغيُّراتك المزاجية، خاصة في المواقف التي تُظهِر فيها مشاعر السعادة والحزن والإحباط وخيبة الأمل والقلق والخوف والغضب؛ إذ سيحسِّن التقليل من العادات القديمة والسلوكات المكتسبة، واستبدالها باستجابات فعالة، علاقاتكَ مع شركاء العمل والزبائن.
  2. درِّب نفسك على التعاطف: إحدى طرائق زيادة الذكاء العاطفي هي فهم كيف يشعر الآخرون؛ إذ يُعرَّف التعاطف على أنَّه القدرة على تحديد كيف يختبر الآخرون عواطفهم، وكيف يشاركونها.

إنَّ إظهار الاهتمام ومراعاة ما يقوله الآخرون جزء من مهارات الإصغاء بإيجابية، والذي يتطلب أن تصغي إلى ما يقوله الآخرون بكل حواسك، وأن تكون حاضراً في أثناء المحادثة جسدياً وعاطفياً، وتقرأ لغة جسد الآخرين، وتراقب كيفية تفاعلهم واستجابتهم لسلوكك؛ حيث ستوفر لك تلك التقنيات نظرة ثاقبة وردود فعل حول الكيفية التي يفهم بها الآخرون نواياك وسلوكاتك.

التوازن بين الذكاء العاطفي والذكاء العقلي في العمل:

لقد فرضت بيئات العمل المتغيرة في ظل الانفجار المعرفي وحالات عدم التأكد والاضطراب البيئي، على الفرد العامل بذل قصارى جهده لكي يكون أكثر إنتاجاً وبالتالي ليستطيع منافسة الآخرين بهدف الاحتفاظ بعمله، لذا يعتبر الذكاء بشقيه العقلي IQ والعاطفي EQ من أهم القدرات المطلوبة توافرها في العمل.

أهمية الذكاء العاطفي في العمل:

قد يكون الذكاء العاطفي في العمل نقطة التحول التي تساعد شركاءَك وفِرق مبيعاتك على بيع المزيد، أو عامل الجذب اللطيف الذي يحولُ دون نقل الزبون المُحبَط أعماله إلى مكانٍ آخر؛ إذ يضع اكتسابك لمعرفةٍ جديدةٍ وزيادة وعيك بذاتك والآخرين أعمالكَ على الطريق الصحيح في إقامة علاقات عملٍ صحيِّة مع الشركاء والموردين، وتحسين تواصلك مع الزبائن، وتحسين أداء عمل موظفيك أيضاً.

ليس من الصعب ملاحظة أنَّه يمكن جني الكثير عند تدريب شركائك ومندوبي المبيعات لديك والفِرق الأخرى التي تتعامل مع الزبائن على الاستفادة من الذكاء العاطفي خاصتهم؛ إذ يمكن لهذا الأمر أن يكون الفارق الرئيس الذي من شأنه أن يساعدك على رفع مستوى عملك؛ ذلك لأنَّ الذكاء العاطفي في العمل أحد العوامل الحاسمة التي تميِّزك عن منافسيك، وتدعم تقدمك الوظيفي.

إقرأ أيضاً: كيف تطبق الذكاء العاطفي في العمل؟

كيف تطبق الذكاء العاطفي في العمل؟

ينبغي أن تتوافر أبعاد الذكاء العاطفي في كل نشاط في بيئة العمل سواءً أكان نشاط فردي أو نشاط جماعي وهذه الأبعاد:

1. الوعي بالذات:

أي إدراك العواطف في الذات وفي الآخرين أيضاً، وفهمها وكذلك التعبير عنها، ويتجلى إدراك الذات في العمل بعدة أشياء مثل:

  • حضور النشاطات التي تقيمها المنظمة.
  • المشاركة وتقديم الاقتراحات الخاصة بالعمل.
  • السعي لتطوير القدرات الشخصية، حتى لو كان هذا التطوير على نفقته الخاصة.
  • الدفاع عن المنظمة وسمعتها عند انتقادها من قبل الآخرين.
  • الالتزام بمواعيد العمل والحرص على عدم الغياب حتى مع وجود أسباب مقنعة لذلك.
  • امتلاك الدافعية لبذل قصارى الجهد لتحسين عمل وأرباح وسمعة المنظمة.
  • الإصغاء لآراء فريق العمل وحثهم على المشاركة دائماً وتقديم الاقتراحات.
  • اكتشاف الرسائل العاطفية التي يحاولون الآخرون إيصالها من خلال التركيز في ملامح الوجه وتعابيره والإيماءات التي يقومون بها.
  • التركيز في نغمات الصوت سواءً للشخص نفسه أو للآخرين، والذي يمكن من فهم انفعالات الشخص المختلفة.

2. إدارة العواطف:

هي القدرة على تنظيم العواطف وضبطها والتحكم بها وتتضمن عدة قدرات منها:

  • الانفتاح على مشاعر الآخرين والأخذ برأي ذوي الخبرة قبل اتخاذ القرار.
  • تلطيف المشاعر الذاتية الداخلية للفرد وكذلك مشاعر الآخرين.
  • تميز المشاعر وتنظيمها لدى الفرد وباقي فريق العمل بشكل جيد ومثمر.
  • الانفتاح والتأقلم على مزاج الآخرين وتقبل آرائهم ومحاولة أقلمته مع متغيرات بيئة العمل.

3. استخدام العواطف ومعالجتها:

وتعني القدرة على توليد العواطف واستخدامها في مكانها الصحيح لإيصال الافكار إلى الأشخاص المطلوبين، بمعنى التركيز على كيفية إدخال العواطف إلى مجال العمل، ويمكن أن تنعكس إدارة العواطف في عدة مواقف منها:

  • مساعدة الفرد لزملائه في العمل ممن لديهم مهام كثيرة والنيابة عنهم عند الحاجة.
  • تسهيل مهام الزملاء الجدد في العمل ومساندتهم وتقديم كافة الدعم.
  • القيام بأعمال إضافية بعد انتهاء أوقات العمل الرسمية.
  • تحمل ضغوط العمل مثل: القيام بأكثر من مهمة بوقت واحد، إنهاء العمل المطلوب إنجازه في الوقت المحدد، حضور أكثر من اجتماع في اليوم الواحد،
  • قبول التدريب على مهارات جديدة إذا تتطلب العمل ذلك.
  • تنسيق الأعمال مع الموظفين والمدراء وإنهاء حالات الصراع في العمل.

4. الوعي الاجتماعي:

أي إقامة العلاقات الإيجابية مع الآخرين في المنظمة والاندماج والانسجام معهم، وتشمل:

  • التعاطف واحترام آراء الآخرين من فريق العمل في المنظمة.
  • إقامة العلاقات الإيجابية مع أفراد العمل داخل المنظمة ومع العملاء الخارجيين.
  • تقبل النقد الذي قد يطالك على المستوى الشخصي أو العمل من الزملاء.
  • فهم سلوكيات أفراد مجموعة العمل ومحاولة تقويمها عندما يستدعي الأمر من خلال إتباع أساليب محددة تتسم بالود كإقناعهم بصحة العمل من خلال الحوار، إعطاء الحافز المعنوي أو حتى المادي إن أمكن ذلك.
  • إدارة الصراعات التي قد تنشأ في بيئة العمل بين طاقم العمل من خلال الإصغاء للجميع للوقوف على أسباب هذه الصراعات والخلافات ومن ثم علاجها بحكمة وتروي، ومحاولة منع الأسباب التي قد تؤدي لتكرارها في المستقبل.
  • الحفاظ على تماسك فريق العمل.
إقرأ أيضاً: أهمية ثقافة الذكاء العاطفي في مكان العمل

الاستعانة بنوعي الذكاء (العقلي والعاطفي) لبناء فريق عمل ناجح:

من أكثر مقومات القائد الناجح والتي غالباً ما يطلب توافرها هي القدرة على المواءمة بين القرارات التي تتسم بالنزعة العاطفية وبين القرارات التي تتميز بأنها قرارات عقلية بحتة، فعند إجراء صفقة تجارية أو بناء مشروع جديد، فإنك تحتاج لمهارات عدة مثل تحليل التكاليف، بناء نموذج للربح أو الخسارة، دراسة أرضية المشروع أو خلفية الشركاء المادية وغيرها، لكن عند بناء فريق عمل متعاون ودفعهم لحبّ العمل فعليك باستخدام ذكائك العاطفي، لذا يمكن إعطائك بعض النصائح لتساعدك في بناء فريق عمل ناجح:

  • يمكنك استخدام ذكائك العقلي لتحديد هدفك ومن ثم استخدام ذكائك العاطفي لتدفع فريق عملك لإخراج أفضل ما لديه، مثلاً من الطبيعي أن تجد أحد أعضاء فريق عملك يتمتع بذكاء مرتفع لكنه عاجز عن التعبير عن أفكاره بطريقة جيدة أو يتسم بالانطواء أو حتى الخجل، إن تمتعك بالذكاء العاطفي يعطيك القدرة على فهم شخصية موظفيك وبالتالي تحديد نقاط قوتهم ونقاط ضعفهم وعلاجها ومن ثم إشراكهم في المناقشات وجلسات العمل لكي يتغلبوا على هذه المشكلات.
  • الاستعانة بنوعي الذكاء يمكنك من تنظيم المجموعات وامتلاك القدرة على التفاوض وتقديم الحلول المرضية لجميع أطراف العمل.
  • على مستوى العلاقات الشخصية والتي تعتبر بمثابة فن إدارة البشر، يساعدك استخدامك للتوازن بين نوعي الذكاء على إقامة العلاقات الجيدة والطيبة مع فريقك عملك وكذلك مع كافة أنواع الناس الذين يمكن أن تصادفهم أثناء عملك.
  • القدرة على التحليل الاجتماعي أي اكتشاف الآخرين والتعرف على اهتماماتهم ودوافعهم وبالتالي سهولة في إقامة العلاقات والحفاظ عليها وتطويرها أيضاً.
  • الاستماع للآخرين والتفاعل بإيجابية.
  • اكتساب القائد العديد من مصادر القوة والتأثير على مرؤوسيه وبالتالي يمكنه من ممارسة كافة أدواره القيادية.

إن كلا نوعي الذكاء العاطفي والعقلي مرتبط بالرضا عن الحياة.

الذكاء العاطفي والقيادة الإدارية:

يمكن للعوائق أن تتواجد بين شركاء العمل وقسم المبيعات، وبين فِرق خدمة الزبائن والعميل؛ فعندما يشعر العملاء أنَّه لا يمكنك مراعاة احتياجاتهم واهتماماتهم، تقلُّ فرصة بناء العلاقات، ممَّا يؤثِّر بدوره في الإيرادات المحتملة.

إنَّ سرَّ بناء علاقات تجارية أفضل هو التحلي بنظرة ثاقبة، وتجسيد السلوكات الإيجابية في المجالات الأربعة لمهارات الذكاء العاطفي، والتي هي: الوعي الشخصي، وإدارة الشخصية، والوعي الاجتماعي، وإدارة العلاقات.

ما علاقة الذكاء العاطفي بزيادة الايرادات؟

إذا كنت مدير أعمالٍ مسؤولاً عن زيادة الإيرادات وإدارة العلاقات مع الزبائن، فسيكون الذكاء العاطفي في العمل أحد المواضيع التي يجب عليك تغطيتها بالتأكيد؛ إذ لا يقوِّي الذكاء العاطفي علاقات عملك وحسب، بل يمكنه أيضاً أن يُسهِم في زيادة إيراداتك.

لقد أُجرِيت في عام 2015 دراسة بحثية حول العلاقة بين الذكاء العاطفي في العمل وأداء المبيعات، وأشارت النتائج إلى أنَّ الذكاء العاطفي يرتبط ارتباطاً إيجابياً بإيرادات المبيعات؛ كما وجدت أيضاً دراسة أخرى أجريت عام 2011 أنَّ مندوبي المبيعات في قطاع التأمين والعقارات من ذوي المعدلات العالية من الذكاء العاطفي يحققون عوائد سنوية أعلى في المبيعات، ويكونون أفضل في الاحتفاظ بالعملاء.

كما اكتشف كلٌّ من "جينينغز" (Jennings) و"بين بالمر" (Ben Palmer) في مقال كُتِب عام 2007 تحت عنوان "تعزيز أداء المبيعات عبر تطوير الذكاء العاطفي" (Enhancing Sales Performance Through Emotional Intelligence Development) وجود تحسُّنٍ في إيرادات المبيعات في إحدى كبرى شركات الأدوية، والذي كان ناتجاً عن التدريب على الذكاء العاطفي.

إذاً، وكما أظهرت الدراسات مراراً وتكراراً، فإنَّ التدريب على الذكاء العاطفي استثمار مجدٍ، خاصة إذا كان الهدف منه تحسينَ أداء المبيعات؛ لذا اجعل الموقف في صالحك، وفكِّر بجدية في التسجيل في دورة تدريبية في الذكاء العاطفي لفِرَق المبيعات وقسم خدمة العملاء لديك.

إقرأ أيضاً: كيف تستفيد من الذكاء العاطفي في مقر العمل؟

كيف اتعلم الذكاء العاطفي؟

1. استخدم التعليم المتعدد الوسائل:

يمكن أن يكون نموذج التعليم متعدد الوسائل وسيلة مناسبة لكي تتدرب على الذكاء العاطفي؛ إذ يتيح التدريب المباشر للمشاركين تقمُّص الأدوار، ومناقشة وتفسير السيناريوهات عبر التغذية الراجعة؛ كما يعَدُّ التدريب عبر الإنترنت باستخدام نظام إدارة التعلم (LMS) طريقة رائعة لتدعيم المواد التعليمية التي حصلت عليها من التدريب المباشر، وسيكون لدى المشاركين فيه تقدير أكبر لمواده التعليمية.

يجب أن تكون قادراً عبر استخدام نظام مناسب في إدارة التعلُّم على تتبع معايير التدريب المباشر أو حلقات البحث عبر الإنترنت، بالإضافة إلى معرفة نتائج التدريب عبر الإنترنت؛ إذ يجب إجراء تدريب على الذكاء العاطفي وإكماله مرة كل ثلاثة أشهر، ويجب أن يكون ذلك أولوية ضمن قائمتك للتدريب.

2. ادمج الاختبارات القصيرة مع الاختبارات التقليدية:

تلعب الاختبارات التقليدية والاختبارات القصيرة عبر الإنترنت دوراً رئيساً في كيفية تعرُّف المتدربين على أهم العناصر في الدرس، كما أنَّه يُبقي الدَّارسين أكثر انخراطاً، ويُعزِّز تجربتهم.

لإنشاء الاختبارات التقليدية والاختبارات القصيرة عبر الإنترنت، غالباً ما يستخدم المدربون أساليب أسئلة مختلفة، كالاختيار من متعدد، والصح أم الخطأ، واختبارات المطابقة (اختبارات التوصيل)؛ الأمر الذي يجعل من الدورة أكثر ديناميكية، ويحول دون أن تصبح المواد غاية في الملل.

3. جرِّب ذلك على أرض الواقع:

إنَّ من أسهل الطرائق بعد اكتمال التدريب لجعل المتدربين لديك يتمرنون على تطبيق الذكاء العاطفي هي أن تجعلهم يمارسون ذلك في محيطهم اليومي.

يقترح "جون كيسير" (John Keyser) في مقاله "الذكاء العاطفي هو مفتاح نجاحنا" (Emotional Intelligence Is Key to Our Success) بعض استراتيجيات تطوير الذات بهدف تعزيز الذكاء العاطفي، وهي:

  • إلقاء التحية على الناس بأسمائهم.
  • الإصغاء بفاعلية في أثناء المحادثات.
  • التجول في المكتب لمدة 15 دقيقة يومياً ووضع نفسك مكان الآخرين.

إنَّ الاقتراحات المذكورة أعلاه مقرونةً بالممارسة اليومية لمهارات الإصغاء الفعال، بضعُ طرائق رائعة لتقصير منحنى التعلم؛ فعندما يستثمر مندوبو المبيعات ومديرو خدمة العملاء في التعرف على عملائهم المحتملين وزبائنهم، يهتم هؤلاء الزبائن والعملاء بدورهم بمعرفة مزيد عن منتجاتهم وخدماتهم؛ لذا كلَّما زاد وعيك الذاتي والاجتماعي، زادت فرصتك في الحصول على علاقات ناجحة يمكن أن تتحول بدورها إلى فرص لتحقيق الأرباح.

شاهد بالفيديو: الذكاء العاطفي في العمل مفتاح النجاح المهني

علاقة الذكاء العاطفي بالنجاح:

تعدُّ المهارات الشخصية من المهارات الأخرى التي يمكن أن تزيد من ذكائك العاطفي وأرباحك في الوقت نفسه.

تُعَرَّف المهارات الشخصية على أنَّها الصفات الشخصية كالخصال ومهارات التواصل الاجتماعي، والقدرة على حل النزاعات بين الأشخاص، والقدرة على التكيُّف، ومهارات القيادة؛ وهي تُعَدُّ بدورها من المهارات والصفات اللازمة ضمن أي بيئة كانت، والتي يمكن أن تتحسن بمرور الوقت.

تقول "كاثرين هاتر" (Kathryn Hatter) ضمن مقال لها عن المهارات الشخصية في موقع "small business chronicle" أنَّ المهارات الشخصية تنطوي على التفاعل مع الزبائن والعملاء وزملاء العمل بكل احترام ومهنية، وتقدم في مقالها هذا نصائح رائعة حول كيفية بناء مهارات شخصية أقوى.

كما تؤكِّد "كاثي روبنسون" (Kathy Robinson) -مؤسسة شركة "تورنينج بوينت" (Turning Point) للتدريب المهني في مدينة بوسطن الأمريكية- أنَّ المهارات الشخصية هي مفتاح بناء العلاقات والبروز على صعيد العمل، وخلق مزيد من الفرص للتقدم.

إذاً لا يمكنك من خلال التدريب والمتابعة والممارسة مساعدة المتعلمين على تحسين ذكائهم العاطفي فحسب، ولكن يمكنك أيضاً بناء مهارات شخصية أقوى؛ ولا تعزز هذه المهارات المرغوبة من سمعتك فحسب، ولكن تحسن صورتك أيضاً.

ركِّز على تجربة العملاء:

لا بدَّ للفِرق التي تتعامل مع الزبائن أن تتعلم كيف تفهم احتياجات زبائنك، وكيفية اتخاذ القرارات والتوصيات التي تدعم تلك الاحتياجات؛ لذا ذكِّر مندوبي المبيعات لديك بعدم التركيز كثيراً على عقد الصفقات، بل التركيز بدلاً من ذلك على التعاطف مع الزبون وتوفير أفضل تجربة ممكنة له؛ وشجِّعهم على الاستفادة من فرص لقائهم وجهاً لوجه مع العملاء للتعرف عليهم شخصياً، وتسخير معرفتهم بالذكاء العاطفي في كل جانب من جوانب العمل.

يمكن لأي عمل تجاري أن يتحوَّل بسهولة إلى حاضنة للأداء العالي من خلال الالتزام والتدريب والعملية المناسبة، ومن ثمَّ الحصول على نتائج مذهلة؛ لذلك اعمل على تعزيز خبرتك عن طريق التدرُّب على الذكاء العاطفي لتجني ثمار علاقاتك وعملك الجاد.

الخلاصة:

تشهد الشركات يومياً نتائج مثل التحسن في نسب استبقاء العملاء، وزيادة الإيرادات، ومشاركة أفضل من الشركاء؛ وذلك نتيجة لبرامجهم التدريبية عبر الإنترنت؛ لذا حاول أن تتعلَّم كيف يمكنك أنت أيضاً تحقيق ذلك.




مقالات مرتبطة