كيف يكون الأرق في أثناء الحمل غير طبيعي؟

تستيقظ العديد من النساء الحوامل في منتصف الليل مرات عدة، أو تجدن صعوبةً في العثور على وضعية مريحة للنوم. إنَّ اضطراب النوم الخفيف شائع ومزعج، ولكن لا ينبغي الخلط بينه وبين مشكلة الأرق الأكثر خطورة والتي تؤثر في أكثر من 20% من النساء في أثناء الحمل.



وبما أنَّ مشكلات النوم خفيفة الحدة شائعة جداً في أثناء الحمل، فإنَّ العديد من مقدمي الرعاية الصحية يتجاهلون الشكاوى المتعلقة بالأرق، تاركين النساء لإدارة الحالة بأنفسهن ودون موارد هنَّ في أمس الحاجة إليها.

يسمع اختصاصيو علم النفس الصحي السريري الكثير عن لجوء النساء إلى منتجات تحسين النوم باهظة الثمن مثل الوسائد الكبيرة التي تدعم كامل الجسد، أو العلاجات العشبية التي تأملن أن تهدئهن وتدفعهن إلى النوم، ولسوء الحظ، غالباً ما تتلاشى سريعاً فوائد هذه التدخلات.

كما يُرفض استخدام العلاجات الدوائية استخداماً متزايداً، وتفيد النساء الحوامل على وجه الخصوص أنَّهن يترددن في تناول الأدوية المنوِّمة بسبب مخاوفهن من تأثيرها المحتمل في طفلهن النامي.

الخبر السار: يوجد علاج سلوكي عالي الفاعلية متاح لهذه المشكلة.

العلاج السلوكي المعرفي للأرق (CBT-I):

أظهر بحث جديد مثير للاهتمام أنَّ العلاج المعرفي السلوكي للأرق (CBT-I) يمكن أن يحسِّن جودة النوم في أثناء الحمل، وهو برنامج منظم يساعد على استبدال الأفكار والسلوكات غير المفيدة التي تسبب الأرق أو تفاقِم مشكلات النوم، ويساعد على استبدال الأسباب الكامنة وراءها بالعادات والأفكار التي تؤدي إلى نوم أعمق.

ويُقدَّم هذا العلاج إما شخصياً أو في مجموعة أو عبر الإنترنت، وتظهر فوائده في غضون أربعة إلى خمسة أسابيع من المشاركة فيه، وعلى عكس الأدوية، لا تعود مشكلات النوم عادةً عند اكتمال العلاج.

وهناك كتب وموارد شاملة متاحة حول استخدام العلاج السلوكي المعرفي للأرق لأولئك الذين يرغبون في معرفة المزيد.

إنَّ العديد من الممارسات التي يتضمنها هذا العلاج بسيطة للغاية ويمكنكِ تنفيذها في المنزل بنفسكِ اليوم، وستستمر تأثيراتها إلى ما بعد الحمل، وللعديد منها فائدة إضافية، فهي تزوِّدكِ بالأدوات التي ستساعد أطفالكِ أيضاً على النوم جيداً مع تقدُّمهم في العمر.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تقدم الدعم العاطفي والنفسي لزوجتك الحامل؟

تتبُّع جودة النوم:

يُعَدُّ تحديد جدول نوم منتظم من أكثر استراتيجيات تحسين النوم شيوعاً وفاعلية، فهو يفيد خاصةً عندما نحدد وقتاً منتظماً للاستيقاظ لا للذهاب إلى النوم؛ حيث لا فائدة من إجبار نفسك على النوم ما لم تكن تشعر بالنعاس.

يمكن أن يكون الحفاظ على وقت الاستيقاظ المنتظم بمنزلة إعادة ضبط صارم لساعتك البيولوجية؛ حيث سيعتاد جسمك على الاستيقاظ والنوم في وقت معين، مما يجعل روتينك الصباحي أسهل بكثير، كما تتحكَّم الهرمونات في دورات نومك واستيقاظك، وتلك الهرمونات تحديداً تعمل عملاً أفضل عند اتباعك روتيناً جيداً.

من خلال ضبط وقت الاستيقاظ وجعله في الوقت نفسه تقريباً كل صباح، فإنَّكِ تساعدين جسمك على استعادة جودة النوم، وتتبُّع حالة النوم من الطرائق الأخرى لتحسينه؛ إذ نعلم من أبحاث إنقاص الوزن والإقلاع عن التدخين أنَّ مجرد تتبُّع السلوك يؤدي إلى تعديله.

ابدأي بتسجيل جدول نومك باستخدام دفتر يوميات ورقي أو تطبيق؛ والهدف من التتبُّع هو ملاحظة الأنماط المتبعة بحيث يمكنكِ البدء باستخدام ما تعلَّمتِه لضبط سلوكاتك لتحسين النوم.

إقرأ أيضاً: ماهي أفضل الأوضاع للنوم أثناء الحمل؟

استخدام السرير للنوم فقط:

عند الاستلقاء في السرير حاولي أن تكوني هادئةً قدر الإمكان، فهذا أحد الأسباب الرئيسة لفاعلية العلاج بالنوم، وقد يكون من أصعب الأمور؛ لذا عليكِ أن تستخدمي سريرك للنوم فقط.

أدمغتنا هي آلات تعلُّم، يمكننا تعليمها النوم عندما نذهب إلى الفراش، أو يمكننا تعليمها القيام بأشياء أخرى مثل القلق، وكل هذا يتوقف على ما نفعله بالفعل عندما نذهب إلى السرير.

لسوء الحظ، يمكن أن يصبح السرير نقطة انطلاق للكثير من النشاطات بدءاً من استخدام هاتفكِ الجوال، أو استذكار مناقشات الأمس، أو القلق بشأن الاجتماعات التي ستجرينها في الغد.

لذلك، يجب إزالة الأشياء غير المرتبطة بالنوم كالقلق والهواتف والأجهزة اللوحية من غرفة نومكِ، وتذكَّري أنَّه يمكنك بسهولة تصفُّح موقع "إنستغرام" (Instagram) من أريكتك، وإذا كنتِ في سريركِ ولم تَنَمِي لأكثر من 15 دقيقة في أي وقت من الليل، فقومي وافعلي شيئاً مملاً حتى تشعري بالنعاس.

الأرق في أثناء الحمل مشكلة يمكن علاجها:

قد يكون تغيير عادات النوم أمراً صعباً؛ لذا استفيدي من دائرتكِ الاجتماعية التي تدعمكِ، فغالباً ما تشارك النساء الحوامل أسِرَّتهن مع شركائهن أو أطفالهن أو حتى الحيوانات الأليفة، ومن الهام أن يكنَّ واضحات بشأن الاستراتيجيات التي سيجرونها.

يجب وضع خطة تحدد مثلاً مَن سيُشرِب طفلك الماء في منتصف الليل أو في أي وقت من الضروري إيقاف تشغيل الأجهزة الإلكترونية، ويجب وضع هذه الخطط مسبقاً، فليس من المنطقي إجراء هذه المحادثات الساعة الثالثة صباحاً مثلاً.

إقرأ أيضاً: استخدام الأجهزة النقالة يؤثر على عادات النوم

في الختام:

يُعَدُّ الأرق في أثناء الحمل حالة قابلة للعلاج، وتحتاج النساء المصابات بأرق أكثر خطورة أيضاً إلى الحصول على الموارد المساعِدة على النوم سواء الشخصية منها أم تلك التي تُقدَّم عبر الإنترنت في أثناء انتقالهن إلى مرحلة الأمومة.

المصدر




مقالات مرتبطة