كيف يساعدك نهج التعلم المعرفي على التعلم بصورة أسرع؟

يعتقد العديد من الناس أنَّ المرء يصبح مملاً عندما يكبر؛ إذ تبهت الشخصية وتصبح غير متألقة، ويتوقف الدماغ عن قبول الأفكار الجديدة بالطريقة التي اعتاد عليها في فترة المراهقة، ولكن لحسن الحظ، هذا ليس صحيحاً على الإطلاق؛ إذ يمكنك الاستمرار في صقل مجموعة مهاراتك في أثناء نموِّك دون أن تتلاشى القدرة على التعلُّم أبداً، ما دمت تستخدم التقنيات الصحيحة والتعلُّم المعرفي؛ إذ يساعد التعلُّم المعرفي عقلك على التطوُّر المستمر لاكتساب المعرفة.



ما هو التعلُّم المعرفي؟

التعلُّم المعرفي هو الطريقة التي يُنشئ بها عقلك روابط لفهم المعلومات الجديدة؛ إذ يكون من المستحيل على العقل فهم شيء جديد يتفاعل معه دون روابط، على سبيل المثال: إذا حاولت فهم أي لغة أجنبية دون مقارنة المفردات بلغتك الحالية، فلن يكون لأي معلومة معنى في عقلك، ولكن من خلال النهج المعرفي، سيربط عقلك المعلومات الجديدة بالمعلومات التي يعرفها بالفعل.

وللقيام بذلك، يمكنك استخدام الوسائل البصرية أو الصوتية أو الكتابية أو أي طريقة أخرى تناسبك على نحو أفضل؛ ومن ثم سيربط عقلك الكلمات الجديدة بالمعرفة السابقة، أمَّا عن استخدام الوسائل المختلفة، فإذا كنت تتعلَّم كتابة كلمة معينة، يمكنك إنشاء صلة بين معانيها باستخدام عنصر مرئي يساعدك على تذكُّر كيفية كتابتها بصورة صحيحة، وبالمثل، قد لا يتمكن الدماغ من تذكُّر النطق الصحيح ما لم تكن الكلمة مرتبطة بصوت مماثل يعرفه الشخص بالفعل.

التعلُّم المعرفي نهج بنَّاء يؤدي إلى التعلُّم على الأمد الطويل، ويُعدُّ تقنية عملية وفعَّالة للغاية؛ إذ يُجبر الدماغ على أن يكون جزءاً من عملية التعلُّم بأكملها بطريقة مثمرة لا تُتعِب هذا العقل أو تشوِّشه، وتركِّز هذه الطريقة على ربط المعارف الجديدة بالمعارف القديمة؛ ممَّا يسمح للمعلومات بالبقاء في الدماغ، فضلاً عن تعزيز المفاهيم السابقة.

المكونات الثلاثة الرئيسة للتعلُّم المعرفي:

في نهج التعلُّم المعرفي، يجب أن تطبِّق ثلاثة عوامل رئيسة للعملية الإدراكية، وهي استخدام مهاراتك المعرفية وذاكرتك لاستذكار المعلومات المألوفة، وفهم المعلومات الجديدة، ثم تطبيق البيانات المستخرجة من هاتين العمليتين لبناء روابط جديدة؛ وفي هذه الحالة، يقتصر استخدام الذاكرة على التذكُّر، أمَّا بالنسبةِ إلى الفهم فيكتشف عقلك المسار الكامل للمعرفة لاعتماد قاعدة تعليمية قوية، وأخيراً، يعدُّ التطبيق مفيداً في التفكير وحل المشكلات؛ ومن ثم يمكنك البناء على معرفتك الحالية لتعلُّم المزيد.

يجعل نهج التعلُّم المعرفي الدماغ يعمل بطريقة سليمة عموماً؛ إذ يدفع المتعلِّم إلى استرجاع المعلومات عند معرفة معلومات جديدة، بدلاً من إجبارها على الدخول إلى الدماغ؛ لذا فهو نهج فعَّال حتى بالنسبة إلى كبار السن الذين حظوا بسنوات من الخبرة وأصبحت عقولهم مليئة بالأمثلة المفيدة؛ ممَّا يعني أنَّهم قادرون على تعلُّم أي شيء في العالم ما داموا يطبقون هذا النهج تطبيقاً صحيحاً.

إقرأ أيضاً: كيف تتعلم بفاعلية باستخدام أسلوب التعلم الحسي الحركي؟

فوائد التعلُّم المعرفي:

بعدما صرنا نعرف كيف يعمل التعلُّم المعرفي بالضبط، حان الوقت لنعرف لماذا يجب أن تهتم بتنفيذ هذه التقنية في حياتك رغم وجود العديد من الخيارات الأخرى التي تسمح لك بتعلُّم أشياء جديدة بفاعلية أيضاً، إليك الأسباب:

1. تصبح المعرفة قابلة للتطبيق:

تتجاوز عملية التعلُّم الساعات القليلة التي يستغرقها العقل لاستيعاب الأفكار الجديدة، ورغم أنَّ في إمكانك التفكير في نهج ناجح إذا وضعت البيانات المطلوبة في عقلك؛ إلَّا أنَّه لا فائدة من ذلك ما لم تتمكن من استخراج المعرفة العملية من هذه المعلومات المكتسبة حديثاً وتطبيقها.

على سبيل المثال: لنقُل أنَّك التحقت بورشة عمل تدريبية تعلَّمت فيها أساليب التعامل مع العملاء المتذمرين، ووجدت أنَّ الورشة رائعة ومفيدة وأمَدَّتك بقائمة طويلة من النصائح التي يجب تنفيذها، ولكنَّ هذه القائمة غير مجدية ما دمت لا تتمكَّن من استخدامها في مواقف الحياة الواقعية، مثل وقوف أحد العملاء أمام مكتبك والصراخ عليك وأنت في حالة ذعر تام، وعقلك يحاول جاهداً إيجاد طريقة لحل المشكلة، ورغم أنَّك تتذكَّر القائمة المفصَّلة التي تعلَّمتها، إلَّا أنَّك لا تعرف ما هي المعلومات التي يجب استخلاصها من هذه القائمة وكيفية تطبيقها.

لو استخدمت نهج التعلُّم المعرفي، لن يضطر عقلك إلى حفظ قائمة الأساليب دون تطبيق؛ بل ستفهم كيفية تطبيق كل أسلوب على أرض الواقع، كما ستتواصل تواصلاً قويَّاً مع المعلومات الجديدة، وسوف يحفِّز السيناريو الواقعي القابل للتطبيق ما تعلَّمه عقلك على الفور؛ إذ ستضيء الروابط الموجودة في عقلك الجزء الذي يحتوي على المعلومات الضرورية؛ ومن ثم لن تقع في مشكلة عدم القدرة على تنفيذ ما تعلَّمته.

لا يقتصر تأثير التعلُّم المعرفي في مجرد عملية إدخال المعلومات في عقلك؛ بل يؤثر في أجزاء أخرى من الدماغ أيضاً بطريقة غير واعية، وتعمل هذه الأجزاء على تعزيز ثقة المرء ليكون المتعلم واثقاً من أنَّ كل ما تعلَّمه صحيح ومضمون تماماً؛ ممَّا يساعد على عملية التعلُّم السريع والتطبيق الناجح للفكرة.

شاهد بالفديو: 10 نصائح حياتية لتنشيط العقل وتقوية الذاكرة

2. تحسين المهارات:

يساعد التعلُّم المعرفي على تطوير مهارات أكثر ممَّا يهدف إليه المتعلم؛ إذ قد تتعلَّم لغة جديدة باستخدام هذا النهج، وفي الوقت نفسه، ستصقل قدراتك على حل المشكلات أيضاً، ممَّا يعني أنَّ عقلك يبدأ على الفور في تعلُّم كيفية استخدام المعرفة المكتسبة للتعامل مع مشكلات الحياة الواقعية من خلال عمليات عقلية جديدة، بالإضافة إلى أنَّ عقلك سيطوِّر مهارة لفهم المواقف تلقائياً على مستوى أعمق من أجل التعامل معها بكفاءة؛ ومن ثم تتشجَّع على تعلُّم المزيد من خلال هذا النهج بدلاً من الرغبة في الاستسلام.

وسوف تستمر هذه الدورة، وتستمر معها في صقل مهاراتك طوال حياتك، فضلاً عن أنَّ المعرفة المكتسبة بهذه الطريقة تكون طويلة الأمد؛ إذ يعزِّز هذا النهج المعرفة السابقة ويرسِّخ جذور المعلومات الجديدة في عقلك، ومهما كانت المهارات أو المعلومات الجديدة التي تتعلَّمها، ستفيدك إلى الأبد.

كيفية استخدام التعلُّم المعرفي في الحياة اليومية:

لقد عرفت ما هو التعلُّم المعرفي وما هي فوائده، وما تبقَّى الآن، هو معرفة كيفية تنفيذ هذا النهج في حياتك اليومية؛ لذا عليك أن تعلم أنَّ هناك ثلاث مراحل للتعلُّم، وأوَّلها هو التعلُّم المعرفي، وبمجرد تطبيق هذا النهج، تحدث المرحلتان الأخريان تلقائياً، ويمكن إجراء التعلُّم المعرفي بأي من الطرائق الآتية:

1. التعلُّم الضمني:

هناك العديد من المهارات التي تتعلَّمها دون وعي، مثل التحدُّث؛ إذ لم يعلِّمك أحد أن تتحدث، ولكنَّك تعلَّمت ذلك، وأي شيء تتعلَّمه بدون الاستعانة بمدرب هو تعلُّم ضمني من الناحية العملية، ويركِّز على التعلُّم النفسي اللاواعي.

إقرأ أيضاً: الدليل الشامل لعملية التعلم

2. التعلُّم الصريح:

هذا هو النقيض التام للتعلُّم الضمني؛ إذ إنَّه أسلوب التعلُّم الذي تبحث فيه عن مدرب أو مدرس ليعلِّمك شيئاً ما؛ ومن ثم التعليم الصريح هو البحث عن فرص التعلُّم عن وعي.

3. التعلُّم التشاركي:

عندما تتعلَّم إلى جانب متعلِّمين مبتدئين آخرين من المدرب نفسه، يؤدي ذلك إلى مناقشات قد لا تكون قد خطرت ببالك من قبل؛ إذ يعتمد التعلُّم التشاركي على مستوى معين من التفاعلات.

4. التعلُّم التعاوني:

بما أنَّ التعلُّم التشاركي يتضمن نهجاً عملياً بالإضافة إلى مجموعة من الإرشادات المحدَّدة؛ فإنَّ التعلُّم التعاوني كذلك؛ إذ يرتبط ارتباطاً وثيقاً بطريقة التعلُّم التشاركي.

شاهد بالفديو: كيف تتعلَّم أي شيئ بسرعة؟

5. التعلُّم الهادف:

يركز التعلُّم المعرفي على الفهم الحقيقي لما تعنيه المعلومات؛ إذ يقوم على التفسير التام دون تعلُّم أي شيء من خلال الترديد على الإطلاق، على سبيل المثال: سيكون فهم الاختلافات بين كل وتر من أوتار الجيتار أفضل من حفظ النغمات دون فهم؛ ومن ثم يصبح ذلك تعلُّماً معرفياً هادفاً.

6. التعلُّم القائم على الملاحظة:

هذا هو التعلُّم الذي يحدث عن طريق الملاحظة كما يوحي الاسم؛ إذ تتعلَّم ما تراه، وتلعب البيئة الاجتماعية والتفاعلات دوراً هامَّاً هنا؛ ومن ثم تُعدُّ القدرات الاجتماعية إحدى المهارات التي تتعلَّمها بهذه الطريقة.

إقرأ أيضاً: نظريات التعلم

في الختام:

لا توجد طريقة لتطبيق أساليب مثل التعلُّم الضمني عملياً؛ فبما أنَّه نهج يعتمد على اللاوعي، فإنَّه يعمل عندما لا يركز العقل تماماً على المهمة المطروحة، ولكن يمكنك تجربة أساليب مثل التعلُّم القائم على الملاحظة أو التعلُّم الهادف.

ومهما كان ما تحاول تعلُّمه؛ لاحظ أنَّ عليك تعلُّمه عملياً، على سبيل المثال: شاهد المسابقات الرياضية لتتعلَّم قواعد لعب التنس أو كرة السلة، أو افهم المعنى الذي يجعل المعرفة مفيدة بدلاً من مجرد حفظها كلمة تلو الأخرى.

يُعدُّ نهج التعلُّم المعرفي طريقة ممتازة للتعلُّم بالتأكيد؛ فهو تقنية تدوم طوال الحياة، وتنجح على الدوام.

 

المصدر




مقالات مرتبطة