كيف يساعدك الإيمان بنفسك على تحويل أهدافك إلى حقيقة؟

قد تبدأ بالتفكير أنَّني أحد هؤلاء الأشخاص الذين قرؤوا اقتباساً تحفيزياً على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وأريد الآن أن أقنعك أنَّ ما من شيء مستحيل، أعتقد أنَّ العالم لا يحتاج إلى المزيد من المقالات والكتب أو الفيديوهات التحفيزية، ولم نعد بحاجة إلى المزيد من التحفيز، والسبب أنَّ هذا النمط المبتذل من التحفيز ليس عملياً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن قوة الإيمان بالنفس بوصفه أداة لتحقيق الأهداف.

في الواقع لا يؤدي هذا النوع من التحفيز إلى أيِّ نتيجة، وهو فعلاً ليس مفيداً، ويشبه إلى حدٍّ كبير مشروبات الطاقة التي تعطيك دفعة سريعة من الطاقة التي سرعان ما تتلاشى.

لكن في المقابل توجد طريقة فعالة للغاية وهي بمتناول معظم الناس؛ لكنَّ المشكلة أنَّ معظمنا ينقصهم الإيمان، ونحن نعني هنا الإيمان من وجهة نظر عملية؛ فالإيمان الذي نتحدث عنه هو النوع المقترن بالعمل، لا ذلك النوع الذي يطلب منك أن يكون لديك أمل دائماً بالحصول على ما تريد بينما لا تقوم بأيِّ شيء لتحويل هذا الأمل إلى واقع.

الأمل وحده ليس طريقة حكيمة لعيش الحياة:

الأفضل أن تنظر إلى الحقائق وتخرج منها باستنتاجات، سواء أحببت ذلك أم لا، لكن ما من شيء يدور في ذهنك إلا ما أنت مؤمن به حقاً، سواء نظرتك التشاؤمية إلى الحياة، أم عدم إيمانك بقدراتك الوظيفية، أم اليأس من قدرتك على إيجاد وظيفة أحلامك، أم إيجاد الحب الحقيقي أم قدرتك على النجاح.

كلُّ الأفكار التي لديك هي نابعة من إيمانك بها، يصوغ ويليام جيمس (William James) أحد مؤسسي المذهب البراغماتي هذه الحقيقة بطريقة أفضل عندما يقول: "يساعد الإيمان على إنتاج الحقيقة".

الإيمان أداة عملية يمكنك استخدامها لتشكيل الواقع:

لننطلق من حقيقة أنَّنا نختار ما نريد أن نؤمن به، ليس وفق قناعات أصدقائنا أو أيِّ أحد آخر، فبدايةً أنت تلاحظ الأشياء؛ ومن ثمَّ تقرر أيٌّ من هذه الأشياء ستؤمن به، لهذا يُقال إنَّ الإيمان ينتج الحقائق، وبقدر ما يؤمن البراغماتي بقوة الإيمان على صناعة الواقع، إلا أنَّه يتوخى دائماً أن يكون واقعياً، فمثلاً لا يؤمن الشخص البراغماتي أنَّه يستطيع أن يصبح قائداً ناجحاً ومحطَّ احترام ما لم يسعَ إلى ذلك من خلال العمل، ولا يؤمن بأنَّ حياته ستتغير طالما أنَّه لا يبادر بإجراء التغيير.

لكن هذه ليست المشكلة، فالجميع يعلم أنَّه لا يمكن تحقيق النتائج دون عمل، السؤال الأكثر أهميةً هو ما إذا كنت تؤمن فعلاً بقدرتك أم تجد نفسك غير قادر على الحصول على الحياة التي تريدها، الأمر بهذه البساطة؛ لكنَّ الإيمان ليس مجرد ادعاءات، فمن السهل أن تقول إنَّك تؤمن بشيء ما، لكن لن يكون ادعاؤك هذا صحيحاً ما لم تكن تؤمن حقاً بهذا الشيء.

لنوضِّح هذه النقطة من خلال تجربتي الشخصية، فقد عشت معظم حياتي خائفاً، وبدأ الأمر منذ كنت طالباً في المدرسة، فقد أخبرني الآخرون أنَّني إذا لم أحصل على علامات جيدة، لن أُقبل في جامعة جيدة، ودون شهادة مرموقة لن أحصل أبداً على وظيفة محترمة، وسينتهي بي الأمر متشرداً وأموت وحيداً، كنت أبلغ من العمر 17 عاماً، وأصبت بالذعر بسبب تلك القصة السخيفة.

شاهد بالفيديو: المبادئ 12 لتحقيق أهداف النجاح

الخوف يمنعك من تحقيق أهدافك:

هذا هو أحد الأسباب التي تمنعنا من الإيمان بأنفسنا؛ لأنَّنا بطريقة أو بأخرى ننظر إلى كلِّ هدف على أنَّه مجرد مغامرة غير محسوبة النتائج، فعندما تفعل شيئاً غير مألوف، أو ينطوي على بعض المخاطرة، فإنَّ الحجة الشائعة هي أنَّك تقوم بحماقة؛ لأنَّك ستصبح بلا وظيفة.

أقابل دائماً كثيراً من الناس الذين يقولون لي إنَّهم اتخذوا قرارات مصيرية في حياتهم مبنية على الخوف، بعضهم يكره وظيفته؛ لكنَّه متردد في البحث عن وظيفة أخرى لأنَّه يخشى أن يصبح عاطلاً عن العمل، وبعضهم يريد أن يتوقف عن متابعة دراسته؛ لكنَّه يخشى رد فعل والديه، وبعضهم يخشى أن ينشر عمله؛ لأنَّه يخاف من تلقِّي السخرية.

لكنَّ الحقيقة التي ربما لا تعرفها هي أنَّ هذه الكوارث لا تحدُث في الحياة الواقعية، وهذه مجرد ألاعيب يقوم بها دماغك، شخصياً لطالما أردت أن أصبح كاتباً، وأتذكَّر أنَّني كنت أكتب القصائد عندما كنت في المدرسة، لم تكن قصائد بمعنى الكلمة؛ لكنَّني عبَّرت عن مشاعري، وبصرف النظر عن أيَّة سخرية، لقد استمتعت حقاً بقراءة ما كتبته وتحويل أفكاري إلى شيء مقروء.

لكن كلُّ صعوبة في حياتي جعلتني أشعر بالخوف الشديد، فبعضهم يخبرني أنَّني لا يمكنني أن أحصل على حياة كريمة من خلال العمل بوصفي كاتباً، ربما هم محقون، فليس من السهل الحصول على المال المطلوب لحياة كريمة من خلال الكتابة فقط؛ لكنَّني لم أدرك وقتها أنَّ تحقيق الأشياء العظيمة في الحياة يتطلب العمل الشاق؛ لذلك تخليت عن هدفي، وقررت ألا أغامر، وحصلت على شهادة في إدارة الأعمال.

لست نادماً على هذا القرار؛ لأنَّني تعلمت من خلال دراستي الجامعية أشياء كثيرة مفيدة، لكن حولتني التجربة بمجملها إلى إنسان خائف طوال الوقت، والسبب هو الحادثة الأولى التي جرت معي في المدرسة، والتي أفقدتني إيماني بنفسي، توقفتُ عن القراءة والكتابة، وكان هذا هدراً للوقت الذي كان يجب أن أستغله في صقل مهاراتي.

إقرأ أيضاً: 5 أشياء تمنعك من تحقيق أهدافك حاول أن تتجنبها

يمكنك تحقيق أيَّ شيء إن كنت تؤمن به:

جميعنا آمنا بشيء ما، لكن زعزع الخوف إيماننا به في مرحلة ما، وإذا لم تكن واعياً لذلك، فستبقى خائفاً دائماً، وبالنسبة إلي أدركت فقط منذ سنتين أو ثلاثة أنَّ الإيمان هو الأداة التي تساعدك على تحقيق أهدافك.

بطريقة ما بدأت بالقراءة عن البراغماتية بوصفها أسلوب تفكير، وقد غيرت تفكيري بالكامل، وأدركتُ أنَّ عدم الإيمان بالنفس هو الذي لا يعود علينا بفائدة؛ لذلك قررت أن أؤمن بقدرتي على عيش الحياة التي أريدها.

من المؤكد أنَّني لا أحصل على المال فقط من خلال الكتابة، فأنا أدير شركة وأقدِّم خدمات استشارية؛ لكنَّني أجني بعض المال من مدونتي، وأنا سعيد أنَّني حققت طموحي القديم عندما كنت في السابعة عشر.

إقرأ أيضاً: كيف تضمن تحقيق أحلامك؟

في الختام:

الإيمان بنفسك بسيط للغاية، ويمكنك أن تفعل ذلك أيضاً، افهم فقط أنَّ الإيمان أداة، وهذه الفكرة ليست حديثة؛ إنَّها تعود لمئات السنين، لكن بتسميات مختلفة بحسب اختلاف الأزمنة.

لا يهم ما تسميها، لكن خمِّن ماذا حدث منذ أن كنت أستخدم الإيمان بوصفه أداة؟ لقد تحولت معظم الأشياء التي آمنت بها إلى حقائق اليوم، وما لم يتحقق منها بعد فإنَّني مؤمن بأنَّه سيتحقق يوماً ما، وقد تتساءل ما الذي يجعلني واثقاً لهذا الحد؟

في الواقع، لأنَّ عقلي قادر على تصوُّر حدوثها؛ ولذلك كلُّ شيء أنت قادر على تصوُّر حدوثه فأنت بالضرورة قادر على تحقيقه، وهذا ليس اقتباساً تحفيزياً، إنَّه حقيقة، وكلُّ ما عليكَ فعله أن تبدأ بتصديقها.




مقالات مرتبطة