كيف يساعد التلعيب في الوصول إلى أهدافك؟

قد يكون تحصيل الإنتاجية المطلوبة بعيد المنال، لكنَّ بلوغها ليس صعباً بالمحاولة المستمرة، ومهما كان حب العمل عظيماً فلا بُدَّ من المرور ببعض الأيام الثقيلة التي يكون فيها العمل المضني أكبر من القدرة على تحمُّله؛ إذ يفضل الكثيرون اتخاذ الطريق الأسهل والأكثر متعة في قضاء اليوم بالاسترخاء ومشاهدة البرنامج التلفزيوني المفضل، أو أداء أدوار في لعبة إلكترونية، بدلاً من العمل الجاد حتى نهاية اليوم، وبالتأكيد هناك طريقة للجمع بين الإنجاز والمتعة؛ إنَّها سياسة التلعيب.



تُمثل سياسة "التلعيب" (Gamification) توجُّهاً متزايد الاستخدام؛ حيث يمكن تطبيق جوانب اللعب على النشاطات الأخرى، ويتم تطبيق التلعيب في محاولة لجعل النشاطات الإنتاجية أكثر تسلية وجدوى، ثم إنَّ تطبيق الصيغة الصحيحة "للتلعيب" في معالجة المهام اليومية، سيجعلها أسهل من أيِّ وقت مضى، وإليك كيفية استخدام التلعيب لتحسين مستوى عملك.

ما سبب نجاح التلعيب؟

ثبتت فاعلية التلعيب بسبب تلبيتها حاجات عدَّة ورغبات إنسانية أساسية، وهذا ليس سراً على أحد، فدمج اللعب بالعمل وتحقيق الإنجاز هو سر فاعلية التلعيب:

1. إنشاء نظام مكافآت:

يُعَدُّ إنشاء نظام المكافآت الأساس والدافع الحقيقي إلى النجاح في تطبيق التلعيب؛ إذ يبدو الأمر مثل "الجزرة والعصا"، من خلال تثبيت ناظريك على الهدف الذي يدفعك نحو الأمام باستمرار، حتى عندما تسوء الأمور، لذلك لا يُعَدُّ التلعيب مجرد عملية احتيال على العقل؛ ذلك لأنَّ الحصول على "الجزرة التي في نهاية العصا" هو أمر ممكن عن طريق وضع العديد من محطات الإنجاز، والتي ستمكِّن الفرد من التوقف والحصول على مكافأة.

2. متابعة التقدم:

يؤدي إحراز التقدم إلى الشعور بالارتياح الكبير، على سبيل المثال: إنَّ مراجعة مشروعٍ منجَزٍ استغرق ساعاتٍ طوال، أو النظر إلى رحلة فقدان الوزن وما أثمرَت عنه، جميعها أمور تعطي شعوراً يشابه الحصول على مكافأة، فيمكن مقارنة رحلة النجاح الواقعية برحلة في عالم الألعاب؛ إذ يتحسن اللاعب في أثناء انتقاله من النقطة A إلى النقطة B ويفخر بالمرحلة التي قطعها.

3. تعزيز المكانة:

حتى أكثر الناس تواضعاً يستمتعون بالقليل من التقدير من وقتٍ إلى آخر؛ لذا تعمل سياسة التلعيب بشكل أفضل عند وضع استراتيجية لدعم ومديح العملاء، من خلال تقديم ألقاب وشارات للعملاء حتى يتباهوا بها، فيتم تحفيزهم لإنفاق المزيد على نشاطك التجاري لجمع النقاط في شكل منافسة ودية.

إقرأ أيضاً: وازن بين حاجاتك كي تستطيع الإنجاز

4. إضافة المرح:

أخيراً وليس آخراً، يضيف التلعيب المتعة إلى العمل، فقد تتذكر جهود والديك في تحويل الأعمال المنزلية إلى لعبة ومنافسة، أو قيامك بالواجبات الحياتية مع أطفالك بشكل مرحٍ وممتع، كما يوقف دمج المتعة بالعمل، الاستجابة الآلية للعقل بأنَّ العمل عبءٌ ثقيل، ويحوِّل حتى أبسط المهام إلى شيءٍ مثير.

كيفية تنفيذ التلعيب:

لا يستغرق تطبيق مبادئ التلعيب الأساسية وقتاً طويلاً، كما لا يحتاج التلعيب إلى صياغة نظام معقد للتمتع بفوائده؛ إذ إنَّ كل ما نحتاج إليه هو بعض الإضافات البسيطة إلى نمط الحياة، وسنكون في طريق الإنجاز:

1. تعيين نظام مكافآت:

من الممتع سماع جملة "تفضَّل، لقد استحققتَ ذلك" عند تحقيق الهدف، كما يمكن سماعها مراراً في حال استُخدِمَ التلعيب لزيادة الإنتاجية بمقدار عشرة أضعاف؛ إذ يُعَدُّ وضع نظام مكافآت أسهل طريقة لتطبيق سياسة التلعيب بشكلٍ فعَّال؛ لذا ابدأ بتحديد المحفزات ووضع معايير لكسب المكافآت.

على سبيل المثال: يمكن الحصول على مكافأة ببعض الهدايا من قائمة الرغبات في موقع "أمازون"، إذا تم الوصول إلى أرقام المبيعات المطلوبة، كالحصول على زوجٍ جديدٍ من الأحذية أو مجموعة من سماعات الرأس؛ حيث توفِّر المكافآت ما يكفي من الدافع للعمل حتى عندما تشعر بالضجر، كما يمكن أن تشمل المكافآت الطعام أو الرحلات أو مقداراً إضافياً من الوقت في مشاهدة مسلسلات "نيتفلكس" (Netflix) ليلاً.

بمجرد أن تُقرر ما المكافآت التي تهدف إليها، حدِّد المعايير التي يجب أن تقوم بها في سبيل الحصول عليها، بالعودة إلى المبيعات على سبيل المثال، فمع كل صفقة تعقدها تكسب 50 نقطة، ولكنَّك تحتاج إلى كسب 200 نقطة قبل أن تنعم بشراء زوجٍ جديدٍ من الأحذية الرياضية.

إقرأ أيضاً: 9 طرق بسيطة لمكافأة نفسك والقضاء على التراخي

2. إضافة التنوع:

يضيف التنوع حوافز إضافية، ورغبة في البقاء مهتماً فترةً أطول، تماماً كما في معظم ألعاب الفيديو أو ألعاب الطاولة الممتعة؛ حيث توفِّر المهام الجانبية والألعاب المصغرة ترفيهاً إضافياً إلى جانب اللعبة الرئيسة، كما تزيد من مقدار المحتوى المتاح للاستمتاع به، ويمكن فعل الشيء نفسه مع التلعيب الشخصي، لرؤية نتائج أفضل على الأمد الطويل.

للبدء، يجب تحقيق توازن الأهداف التي حُدِّدَت، بحيث تضع أهدافاً صغيرة وأهدافاً كبيرة، على سبيل المثال: يمكن تضمين قائمة المهام بمهمات سهلة، كالرد على رسائل البريد الإلكتروني أو إعادة ملء الطابعة بورق الطباعة، وذلك في سبيل الحصول على كميات أصغر من النقاط؛ حيث سيعطي المزج بين المهام السهلة والصعبة دفعةً من طاقة الإنجاز؛ مما سيرفع القدرة على التحمُّل حتى تحقيق المهام الأصعب، بما في ذلك النشاطات التي لا تُعَدُّ ضرورية؛ ذلك لأنَّها ستضيف بعض التنوع إلى إنتاجيتك، وتشمل المهام الشخصية غسل الأطباق، وممارسة الرياضة اليومية، وممارسة الهوايات، كما يمكن توظيف سياسة التلعيب في العمل وجميع جوانب الحياة العامة.

3. تتبُّع مسار التقدم:

يتطلب تطبيق سياسة التلعيب بشكل جيد تتبُّع التقدم، وبهذه الطريقة، يمكنك تصوُّر التقدم المُحرَز ومعرفة إلى أيِّ مدى يمكن التقدم؛ حيث سيساعد تسجيل التقدم على ضبط صعوبة سياسة التلعيب مع تحسُّن الإنتاجية والحاجة إلى تحدٍّ إضافي، ويمكن تتبُّع التقدم باستخدام التقويم أو بكتابته يدوياً، كما يمكن للمبدعين في الرسم تحويل التقويم إلى رسومات وتصاميم ممتعة تتناسب مع اللعبة، حتى إنَّ تدوين بعض الملاحظات في هاتفك عن التحسُّن المستمر، سيكون أفضل حالاً من إهمال تتبُّع أيِّ شيء.

بالحديث عن الهاتف المحمول، هناك العديد من التطبيقات المخصصة للتلعيب التي يمكن تجربتها، فتحقَّق من متجر التطبيقات أو ابحث عبر الإنترنت عن الموارد المختلفة المتاحة حتى تتمكن من الحصول على أفضل الأدوات، وسوف تتمكن باستخدام سياسة التلعيب من إنجاز المهام اليومية دون وقت أو جهد يُذكَر، وفي النهاية ما الحياة إلا لعبة، وإذا لعبتَها بشكل صحيح، فلن يصعب عليك تحقيق أيِّ هدف.

المصدر




مقالات مرتبطة