كيف يحقق اعتماد القيمة الافتراضية الفوائد للشركات والموظفين؟

عندما أنشأتُ أنا ومجموعة من زملائي مجموعة تُسمى "نادي وادي السيليكون" (Silicon Valley) الثقافي في أوائل الثمانينيات، كنا نهدف إلى إنشاء بيئة تسمح للأشخاص الذين يشاركون في إدخال التكنولوجيا إلى مؤسساتنا بمناقشة تأثير هذه التكنولوجيا في ثقافة الشركات مناقشة علنية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة "ليكسي مارتين" (Lexi Martin)، والذي تُحدِّثنا فيه عن كيفية تطبيق مقياس بيان قيمة الموظف في عمل الشركات، وفوائد هذه التقنية لكلٍّ من الشركة والموظفين.

بعد أن عملت في وادي السيليكون، وعشت هناك منذ عام 1974، رأيت التأثير الهائل للتكنولوجيا، وأردت أن يكون لها تأثير إيجابي في الناس بأفضل الطرائق الممكنة.

ومع مرور الوقت، أصبح العاملون في مجال التكنولوجيا وخاصةً العاملون في "غوغل" (Google) أكثر صراحةً بشأن مطالبتهم لأرباب العمل بإظهار مزيدٍ من المسؤولية والتعاطف، وأصبحت هذه المطالبات من المطالبات الشائعة في "وادي السيليكون"؛ كما بدأت بالظهور في بيئات عمل أخرى؛ إذ أصبح الموظفون واعين بالقضايا التي تتعلق بخصوصية البيانات.

وفي ظل هذا الوعي المتزايد أصبح مطلوباً من الشركات أن تسمح للموظف باستمرار بأن يفهم أين تكمن مصلحته الحقيقية في العمل. وتزداد صحة هذه المطالبة خاصةً في مجال تكنولوجيا الموارد البشرية واعتماد تحليلات الموظفين على وجه الخصوص.

الفائدة التي يحققها كل من الموظف والشركة:

تستفيد الشركات معظمها من تحليلات الموظفين بوصفها نوعاً من الاستثمار القائم على وجهة نظر الشركة؛ وذلك بهدف تحقيق مزيدٍ من النتائج الإيجابية، سواء كان الهدف تحقيق مزيدٍ من الأرباح من خلال تقليل معدل دوران القوى العاملة، أم كسب رضى العملاء من خلال رفع مستوى تفاعل موظفيها في العمل.

وخلال السنوات الثلاث الماضية ومن خلال وظيفتي في شركة "فيزر" (Visier) كمسؤولة عن البحث وتحديد قيمة مالية للعملاء، كنت أساعد الشركات على فهم الآلية التي تمكِّنها من الاستفادة من هذه التكنولوجيا القيِّمة، سواء على المستوى الكلي للمؤسسة، أم على مستوى قسم من الأقسام، أم مجال من مجالات الصناعة، أم حسب المنطقة التي تنشط فيها الشركة.

لكن منذ نحو عام تقريباً، أدركت أنَّه حان الوقت للبدء بمعالجة مفهوم القيمة من وجهة نظر الأفراد الموظفين.

خلال مؤتمر في مدينة "أمستردام" (Amsterdam) طرحت فكرتي هذه على "جان شوارتز" (Jan Schwarz)، وهو الشريك المؤسِّس لشركة "فيزر"، وطلب مني كتابة مقال عن هذه الفكرة التي أُعجب بها جداً؛ ولاحقاً قررنا التعاون وتطوير الفكرة للوصول إلى القيمة الافتراضية للموظف بناءً على تحليلات الأفراد.

يُعَدُّ تحديد القيمة الافتراضية للموظف عنصراً أساسياً كأحد تطبيقات تحليلات الأفراد، التي تقوم على عنصر بشري بالكامل؛ فبدلاً من جعل الشركة تفسر البيانات المتعلقة بالفرد فقط، فإنَّ التحليلات الفردية البشرية بالكامل تمنح العامل الأدوات اللازمة لتفسير بيانات الموظف وتحليلها لتوفير قيمة واضحة لها.

تُظهر العديد من الدراسات كيف يمكن لمنظور القوى العاملة أن يحقق مكاسب لكلٍّ من الموظف والشركة؛ وذلك من خلال إحداث تغييرات تمكِّن من الاحتفاظ بالموظف، وتعزز تطوُّر أداء الموظفين، كما تُحسِّن الروابط الاجتماعية في العمل، وتقوِّي التعاون المتبادل.

لكن لم تُحقَّق لحد الآن الفوائد الكاملة لتحليلات الأشخاص من منظور الموظفين، مع أنَّ العمال المؤقتين هم موظفون أيضاً؛ لكن إذا بدأ مسؤولو تحليلات الموارد البشرية بالدعوة إلى الأخذ بمقياس القيمة الافتراضية للموظف، فإنَّ نشاطات تحليلات الموظفين ستسير بسلاسة، مع تقديم قيمة لكلٍّ من الموظف ورب العمل.

إقرأ أيضاً: تحليل الاحتياجات التدريبية

تطبيق بيان قيمة الموظف في إطار "هرم ماسلو للاحتياجات الشخصية":

للبدء بتجسيد هذا المفهوم، أطَّرنا مقياس القيمة الافتراضية للموظف وفقاً لـ"نظرية ماسلو" في ترتيب الاحتياجات وفقاً لتسلسل هرمي. جوهر "نظرية ماسلو" هو أنَّه عند تلبية الاحتياجات الأساسية الهامة جداً، مثل السلامة والأمن والانتماء، يصبح الدافع وراء سلوك الإنسان هو الرغبة في الإتقان.

وبعد تلبية هذه الرغبة يصبح الدافع وراء سلوك الفرد هو التفوق؛ أي الرغبة في تحقيق أهداف يطمح إليها الجميع؛ وبعبارة أخرى، الرغبة في تحقيق هدف شخصي.

وقد توصَّلنا إلى استنتاج مفاده أنَّ أي نقاش عن تحليلات الأشخاص من منظور الموظف، يجب أن ينطلق من رغبة الإنسان في التعلم والنمو وتحقيق هدف ما؛ وفي الوقت نفسه لا يمكن تجاهُل الحاجات الإنسانية الأساسية المتزايدة.

فيما يأتي بعض التوصيات التي طوَّرناها:

  • التركيز على إنشاء أساس للعمل، يقوم على مبدأ الأجر العادل والرعاية الصحية والسلامة لتتماشى مع فئتي الحاجات اللتان تقعان في أسفل الهرم، على سبيل المثال، في سياق التركيز على صحة الموظف، يمكنك السماح للموظفين الذين يقومون بعمل إضافي بالتحكم بجدولهم الزمني باستعمال حلول آلية تتضمن التحليلات اللازمة.
  • الاستفادة من التكنولوجيا التي تمنح الموظفين القدرة على مقارنة سلوكهم بالسلوك الاعتيادي لباقي أعضاء الفريق؛ وذلك حتى يتمكنوا من معرفة ما يحتاجون إليه للعمل على تحقيق أهدافهم المهنية.
  • إنشاء فرص وظيفية جديدة؛ وذلك من خلال تحليلات المسار الوظيفي لمساعدة الموظفين على الوصول إلى المنصب الوظيفي التالي. ومن خلال الاستفادة من سجل البيانات، يمكن للشركات إظهار التطابقات المثالية لكل من المرشحين من خارج الشركة، والوظائف الداخلية الشاغرة التي تتوافق مع المهارات، والطرائق التي يحب الأفراد العمل بها.

لقد استمتعتُ أنا و"جان" (Jan) كثيراً في أثناء حديثنا عن هذه الفكرة، كما شاركنا أفكارنا مع "ويس وو" (Wes Wu)، وهو نائب رئيس الخدمات الاستشارية في شركة "فيزر"، واقترح بأن نجمع نشاطات الموارد البشرية التقليدية التي تركِّز على مجالات مثل المزايا والالتزام والاستقرار، بالإضافة إلى الاحتياجات الأساسية في "التسلسل الهرمي لماسلو".

كما يمكن أن تتماهى نشاطات العمل المستقبلية، التي تشمل تطوُّر الموظف من خلال التقدُّم المهني مع احتياجات المستوى الأعلى في الهرم، الذي يشمل الإتقان الشخصي وتحقيق الهدف. وكنا قد مضينا في هذا العمل شوطاً بعيداً عندما رأيت تغريدة من صديقتي وزميلتي السابقة "إيفيت كاميرون" (Yvette Cameron) تقول فيها: "ما الذي يمكننا فعله من أجل الموظفين؟".

بصفتها مؤسِّسةً لشركة "نيكست جين إنسايتس" (NextGen Insights)، وهي شركة استشارية تركِّز على عمليات وتقنيات إدارة رأس المال البشري، فقد تعمَّقت "إيفيت" في تجربة الموظف. بينما تركِّز تجربة الموظف تركيزاً كبيراً على كيفية عمل الخبرات الفردية في وقت ما خلال مسيرة العمل ضمن الشركة، فإنَّ برنامج القيمة الافتراضية للموظف من خلال تحليلات الأشخاص ينظر في كيفية حصول الفرد على الخبرات، والحصول على قيمة من خلال جمع بيانات القوى العاملة وتحليلها على وجه التحديد.

ذكَّرنا عمل "إيفيت" باقتصاد العمل الحر والحاجة إلى الحفاظ على استمرارية البيانات الشخصية داخل وخارج المؤسسات، وقد دفعني هذا إلى التفكير في السؤال عما إذا كان يجب على الشخص سواء أكان موظفاً أم رب عمل أن يمتلك بياناته الخاصة، وكان الجواب أنَّه يجب أن ترافق هذه البيانات الشخص عندما يدخل الشركة بصفته موظفاً، أو يخرج ليصبح مرةً أخرى عاملاً مؤقتاً.

من الواضح أنَّ ما بدأ بوصفه فكرة واحدة تطوَّر في النهاية من خلال عملية تعاونية إلى سلسلة كاملة من الأفكار، التي يمكن لمسؤولي الموارد البشرية والمعنيين بتحليلات الأفراد الاستفادة منها.

المصدر




مقالات مرتبطة