كيف نمارس الرعاية الذاتية؟

نعلم جميعاً أنَّ الرعاية الذاتية يجب أن تكون أولوية، إلا أنَّ معظمنا لا يملك الوقت لجعله كذلك، ولكن إليك ما في الأمر: كلما كنتَ أكثر انشغالاً، زادت حاجتك إلى الرعاية الذاتية؛ حيث كشفت الدكتورة "كريستيان نورثروب" (Christiane Northrup) أنَّ "الانشغال الشديد يمكن أن يسبب مشكلات صحية خطيرة"؛ فعندما لا تهتم بنفسك بقدر درجة انشغالك، ستعاني من اختلال داخلي، وهذا يؤدي إلى ارتفاع مستويات التوتر، وتدهور الصحة وانخفاض السعادة.



الرعاية الذاتية ضرورية للحفاظ على تمام الصحة والنجاة على هذا الكوكب؛ فإذا كنت تريد أن تزدهر في حياتك الشخصية والمهنية، فقد حان الوقت لتخصيص بعض الوقت لرعاية ذاتك في روتينك؛ حيث سيمدك الشعور بالتجدد من الداخل والخارج بالمزيد من الطاقة والإبداع، ويتيح لك مجالاً أكبر لحل المشكلات ووقتاً لممارسة النشاطات التي تحبها؛ لذا نستعرض فيما يأتي خمس طرائق لتخصيص الوقت للرعاية الذاتية في جدولك المزدحم:

1. منح الأولوية للرعاية الذاتية:

يصعب إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية ما لم تقرر فعل ذلك؛ فسوء الالتزام بالأمر لن يفيد في أي شيء؛ فإذا أردت الاهتمام بنفسك بحق، عليك أن تتخذ قراراً بجعله أولوية قصوى في حياتك.

ذَكَر "المركز الدولي لأبحاث الرعاية الذاتية" (International Center of Self-Care Research) أنَّ إحدى صعوبات تطبيق الرعاية الذاتية هي تغيير السلوكات القديمة، ولكنَّ منح الأولوية للعناية بنفسك يساعدك على اكتساب عادات جديدة؛ إذ سيؤدي التزامك إلى اتخاذ إجراءات لدعم قرارك.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح للعناية بالنفس حينما تكون دائم الانشغال

2. تخصيص وقت للرعاية الذاتية في تقويمك:

إذا لم تخصص وقتاً للرعاية الذاتية في تقويمك، فلن تطبِّق أياً من الخطوات لتحقيق ذلك، فحينما تبدأ شيئاً جديداً أو تلتزم بتطوير أمر ما، سيساعدك وضع خطة للتجهيز له، فما إن تتخذ قرارك، عليك وضع خطة وتحديد وقت لتطبيقها؛ لذا حدد أولاً متى ستهتم بنفسك، ثم خصص وقتاً له في تقويمك، ثم قرر ما ستفعله.

أما إذا كنت قد بدأت للتو، فاختر من يوم إلى ثلاثة أيام حيث تخصص وقتاً للرعاية الذاتية في جدولك، فهناك العديد من النشاطات التي يمكنك القيام بها، وتشمل: الاهتمام بجسدك وعقلك وروحك، وربما تخصِّص وقتاً لممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة، أو تأخذ حماماً طويلاً بعد العمل، أو تقضي وقتاً في طهي وجبة مغذِّية لنفسك؛ فكر فيما يجدد طاقتك وينشطك لجني أقصى الفوائد.

3. البدء بممارسة الرعاية الذاتية لمدة 10 دقائق:

إن لم تكن تدري من أين أو كيف، فجرِّب تخصيص 10 دقائق لممارسة الرعاية الذاتية في بداية الأمر؛ إذ ليس بالضرورة أن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً؛ حيث يمكن أن يؤثر أخذ استراحة لمدة 10 دقائق تأثيراً عميقاً في جسدك وروحك.

وفقاً لدراسة أجرتها "جامعة كورنيل" (Cornell University)، يمكن أن يحسِّن قضاء 10 دقائق فقط في الطبيعة الحالة المزاجية، ويقلل من ضغط الدم؛ إذ يمكنك تخصيص فترات راحة لمدة 10 دقائق طوال يوم عملك؛ فمثلاً: يمكنك جدولة استراحة لممارسة الرعاية الذاتية لمدة 10 دقائق بعد كل ساعتين من العمل؛ حيث يمكنك خلالها الخروج والاستمتاع بأشعة الشمس، أو المشي، أو الاستماع للموسيقى المفضلة لديك، أو قراءة صفحات من كتاب تحبه.

والأهم من ذلك، تخلَّص من كل مصادر التشتيت خلال هذه الدقائق العشر؛ حيث سيمنح ذلك الراحة لعقلك وعينيك؛ لذا احرص على الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية قدر الإمكان خلال هذا الوقت.

شاهد بالفيدو: 12 وسيلة فعالة للرعاية الذاتية لا يمكنك العيش دونها

4. الالتزام بممارسة الرعاية الذاتية في الأوقات التي خصصتَها لها:

تُعَدُّ هذه أهم خطوة في قائمتنا هذه، ولا يمكن تطبيق أي شيء آخر دونها؛ لذا كيف يمكنك أن تلتزم بقرارك وتتابع العمل على خطتك؟ نحرص جميعاً على الالتزام بمواعيدنا مع الأطباء ومصففي الشعر وفي مقابلات العمل، فلمَ لا نلتزم برعاية أنفسنا أيضاً؟

يمكنك التخطيط وجدولة المواعيد بقدر ما تريد، ولكن إذا لم تلتزم بها، فسوف تكون قد أضعتَ وقتك؛ لذا التزم بالأوقات المخصصة للرعاية الذاتية كالتزامك بمواعيدك مع الآخرين.

5. التوقُّف عن القلق بشأن القيام بما هو صحيح:

مع انتشار مفهوم الرعاية الذاتية في أيامنا هذه، ينشغل الناس بالبحث عن الطريقة الصحيحة للقيام بذلك؛ لكن لا تدع القلق يمنعك من الاهتمام بنفسك؛ ففي نهاية المطاف، الرعاية الذاتية أمر شخصي بحت، وما قد يكون شكلاً من أشكال الرعاية الذاتية بالنسبة إليك قد يكون مزعجاً بالنسبة إلى شخص آخر.

يحب بعض الناس الموسيقى والرقص، بينما يفضِّل بعضهم الآخر الهدوء والقراءة؛ لذا ها هي فرصتك لاكتشاف ما تفضِّله لرعاية ذاتك، فعلى مستوى بسيط للغاية، تُعيد الرعاية الذاتية التركيز عليك وعلى احتياجاتك، لتحدد من خلالها ما الذي تحتاجه في هذه اللحظة، وما الذي يساعدك على الازدهار.

لا تفرط في التفكير وافعل ما يهواه قلبك؛ فسرعان ما سيتحول الأمر إلى عادة تمارسها من تلقاء نفسك دون الحاجة إلى تخصيص أي وقت في جدولك المزدحم؛ ذلك لأنَّ جسدك سيعتاد على رعايتك له كلما اعتنيتَ بنفسك أكثر.

لا بأس إن واجهتَ صعوبة في بداية الأمر، فهذا طبيعي تماماً؛ إذ تحاول أدمغتنا دوماً إبقاءنا في منطقة راحتنا؛ وذلك لأنَّها تشعرنا بالأمان، ولكن لا تدع ذلك يثبط عزيمتك؛ بل ركز على تجاوز هذه العقبات من خلال الالتزام بالرعاية الذاتية من 30 إلى 90 يوماً.

كما لا تُعَدُّ الرعاية الذاتية بمنزلة عمل روتيني شاق؛ لذا فكِّر في الأمر على أنَّها جرعة من الفرح تضيفها إلى يومك لتنشيط روحك وقلبك، وسرعان ما ستبدأ بملاحظة الفوائد التي ستجنيها من خلال تطبيق هذه الإجراءات البسيطة، وستتطلع إلى فترات الراحة الخاصة بالرعاية الذاتية.

المصدر




مقالات مرتبطة