كيف نشعر بالراحة النفسية في فصل الخريف؟

يشير فصل الخريف إلى التحوُّل من الصيف إلى الشتاء، وأخيراً تنتهي أيام الصيف الطويلة، وتظهر الأوراق الصفراء والبرتقالية والحمراء النابضة بالحياة قبل أن تتساقط عن الأشجار، إنَّه الوقت الذي ننتقل فيه من المواقف المريحة والهادئة في الصيف إلى طاقات الخريف الأكثر جدية.



في نظرية العناصر الخمسة للطب الشرقي، يرتبط فصل الخريف بعنصر المعدن؛ حيث يمكنك التفكير في ذلك من خلال الصفات التي تتمتع بها المعادن، فهو صلب ومصقول، فضلاً عن أنَّ هذا الفصل يضبط التنظيم ويضع الحدود ويحميها.

في الخريف، ننتقل من الطبيعة الواسعة للصيف إلى مساحات البيوت الضيقة؛ لذا من الجيد إنهاء أيِّ مشروع بدأتَه في أثناء الربيع أو الصيف للاستمتاع بنتائج عملك الشاق، فضلاً عن أنَّه وقت مناسب لبدء المشاريع التي تركز على تنمية الجسم والعقل الداخلي.

علاقة فصل الخريف بالرئتين والحزن:

في الطب الشرقي، لكلِّ فصل عضو وعاطفة مرتبطة به، وفصل الخريف يرتبط بالرئة والحزن؛ حيث تنخفض طاقة الرئتين؛ ممَّا يجعله الوقت المناسب للتخلي عن أيِّ شيء نحن متمسكون به، حتى نتمكن من إفساح المجال لتجارب جديدة، وترتبط الرئتان بالتفكير والتواصل الواضح، والانفتاح على الأفكار الجديدة، والصورة الإيجابية للذات، والقدرة على الاسترخاء، والتسامح، والسعادة.

عندما تكون الرئتان غير متوازنتين، أو إذا كنت تعاني من حزن زائد، فسوف تجد صعوبة في التعامل مع الخسارة والتغيير، وقد تشعر بأنَّ شعور الغربة والحزن لا يتحسن، كما تمثل الرئتان إحساسنا بالارتباط؛ لذلك إذا كنت تواجه صعوبة في التخلي عن الأشخاص أو الأماكن أو التجارب السابقة، أو كنت تقضي الكثير من الوقت في تذكُّر الماضي، فقد يشير ذلك إلى قصور في الرئتين.

يتحدث الطب الشرقي عن الطاقة الحيوية، وهي طاقة تنشأ من خلال الهواء الذي تتنفسه والطعام الذي تتناوله؛ حيث يمكن أن يكون تأثيرها ضعيفاً أو قوياً تبعاً لعوامل عدة، فإذا كانت طاقة الرئتين أو الطاقة الحيوية ضعيفة، فقد تواجه حالة حزن مستمرة وغامرة لا تهدأ، وإذا استمر هذا النقص فترة طويلة، فيمكن أن يؤدي إلى الاكتئاب ومشكلات صحية أخرى.

على النقيض من ذلك، فإنَّ الحزن الذي يُعبَّر عنه بشكل كامل يقوي جسدياً ونفسياً؛ لذلك، لا يتعلق الأمر بتجنب الحزن؛ بل بطريقة التعامل الصحيحة معه، وهذا هو مفتاح السعادة والتوازن في جميع جوانب الحياة.

تؤدي الرئتان إلى جانب عضو آخر هو الأمعاء الغليظة دوراً هاماً في الحفاظ على صحة أجسادنا؛ حيث إنَّ الرئتين مسؤولتان عن التجارب الجديدة، ويتجلى ذلك جسدياً في تنفس هواء الخريف المنعش، والذي يملأ الرئتين بالأوكسجين الذي نحتاج إليه للتفكير بوضوح؛ ممَّا يسمح لأجسامنا بالعمل على نحو أمثل، في حين تكون الأمعاء الغليظة مسؤولة عن التخلص من الفضلات، وهي المرحلة الأخيرة من عملية الهضم؛ حيث تطرح إلى الخارج ما لا يحتاج الجسم إليه، وتحتفظ فحسب بما هو حيوي ويحتاج إليه الجسم.

عاطفياً، هذا هو السبب في أنَّ الخريف هو الوقت المناسب للنظر في الأشياء التي قد نتعلق بها، ومواجهتها حتى نتمكن من التخلي عنها إلى الأبد، وغالباً ما تشير مشكلات التخلص من شيء ما مثل الإمساك إلى عدم قدرة الجسم على التخلي عن الفضلات، ويمكن أن تكون مشكلات الرئة أيضاً بسبب الحزن المستمر داخل الجسم والنفسية.

كيف يمكننا التخلي عن الماضي هذا الخريف؟ إليك بعض الأفكار لمساعدتك على البدء بالتخلي عمَّا لم يعد يخدمك حتى تتمكن من توفير مساحة.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح ذهبية للتخلص من الحزن والعيش بسعادة

الترتيب والتنظيم والتبرع:

أفضل وقت لتقوية الرئتين هو فصل الخريف، فعندما تكون طاقة الرئتين في ذروتها، فالخريف هو الوقت المثالي لتقييم الأشياء في حياتك وتنظيمها والتخلي عن أيِّ شيء لم تعد بحاجة إليه، وهذه ممارسة جيدة على الصعيدين الجسدي والعاطفي.

أعد ترتيب خزانة ملابسك، وأخرِج جميع الملابس القديمة التي لم ترتدِها منذ زمن طويل، ثم تبرَّع بها لجمعية خيرية محلية حتى تكون جديدة بالنسبة إلى شخص آخر، ونظِّف جهاز الحاسوب الخاص بك، واحذف أيَّ شيء لم تَعُد بحاجة إليه، وقد يستغرق ذلك بعض الوقت، ولكنَّه سيشعرك بالارتياح ويوفر لك مساحة، ورتِّب خزانتك وأثاث المنزل.

في الفلسفة الشرقية، للحصول على صحة مثالية، يجب أن نتعرف إلى طبيعة كل فصل وأن نعيش في تناغم مع روحه؛ إذ إنَّنا حين نعيش في تناغم مع العالم من حولنا، سنرى أنَّه في الخريف تتباطأ الطبيعة وتتقلص وتستعد للراحة، ومن الجيد لنا أن نفعل الشيء نفسه.

إقرأ أيضاً: اكتئاب الخريف: أعراضه، وأسبابه، وطرق معالجته

النوم فترةً أطول قليلاً، والشعور بالدفء، وتناول الأطعمة، والبقاء في المنزل، وإيلاء المزيد من الاهتمام لحياتنا الداخلية، هذه ممارسات جيدة في هذا الوقت من العام، نظراً إلى أنَّ العنصر المعدني داخل كلٍّ منَّا يمنحنا إحساساً بقيمة الذات، فهذا هو الوقت لمنح أنفسنا بعض الاهتمام الإضافي وحب الذات، بدلاً من البحث عن قيمة في الخارج، مثل السعي وراء المكانة أو المال أو الإنجاز، كما يمكننا العمل لنكون راضين عن أنفسنا ونعلم أنَّ لدينا كل شيء نحتاج إليه لنكون سعداء وبصحة جيدة.

المصدر




مقالات مرتبطة