كيف نحسِّن قياس الأداء والمكافآت؟

عندما يتعلق الأمر بتطوير إدارة الأداء وما يترتب عليه من استحقاقات مالية، فإنّها بالفعل كانت رحلةً طويلة.

لسنواتٍ مضت، كان الأداء نصب عيني المتخصصين في قسمَي الموارد البشرية والتعويضات، وفي كل المؤتمرات على مدى السنوات القليلة الماضية، كان لجلسات الأداء وحدها حضورٌ غفير، لقد بدا أنَّ الشركات الكبيرة والصغيرة على حدٍّ سواء جرَّبت العديد من الطرائق وهي غالباً تدرك أنَّ هذا لا يُجدي نفعاً.



فشل إجراءات تحسين الأداء:

تحتاج إدارة الأداء إلى التحسين؛ فإن كانت نيَّة تقييم الأداء هي تحسينه وحثُّ الموظفين لفعل الأفضل، فإنَّ الممارسة الفعلية تعجز عن تحقيق الهدف، وهذه بعض الأسباب:

  • قد تكون مخيفةً: تسبِّب تقييمات الأداء استجابةَ الكر أو الفر لدى الموظفين؛ وهذا يجعلهم غير مستعدين لإجراء محادثات بنَّاءةٍ لتحسين أدائهم ومواءمة سلوكاتهم مع أهداف الشركة العامة.
  • تستغرق وقتاً طويلاً: في دراسة مُصمَّمة لاستعراض ممارسات تقييم الأداء في شركة "ديلويت" (Deloitte)، قامت الشركة بحساب جميع الساعات المستهلَكة على إدارة الأداء التي وصلت إلى مليونَي ساعة.
  • لها أثر رجعي: تملك تقييمات الأداء عادةً توجُّهاً رجعياً، مقيِّمةً الأحداثَ خلال سنةٍ ماضية؛ إذ تتحرك معظم المؤسسات حالياً بسرعةٍ كبيرةٍ لدرجة أنَّه إن لم يغيِّر الموظف سلوكه الإشكالي بحلول وقت التقييم، فمن المحتمل تسريحه من العمل.

إذاً، لتحسين النهج القياسي لتقييمات الأداء، ينبغي على الشركات البحث عن سبلٍ لتغيير طبيعة المحادثة، وتدريب المديرين على إجراء محادثاتٍ وتفاعلات كوتشينغ دائمةٍ وغير رسمية، كما تُظهِر الأبحاث أنَّ 42% من جيل الألفية يريدون تغذية راجعة أسبوعياً؛ وهذا قد يبدو محبِطاً حين نفكر في الأداء بالطريقة القديمة، لكن من حينٍ لآخر، يمكن للتعليقات القصيرة الآنية تقديم الكثير لتؤثر إيجاباً في الأداء المستقبلي أكثر من الأسلوب الجامد للمراجعة السنوية.

في مؤتمر شركة "وورك هيومن" (WorkHuman)، حثَّ "فيكي وليامز" (Vicki Williams) من شركة "إن بي سي يونيفيرسال" (NBCUniversal) محترفي الموارد البشرية على مساعدة المديرين ليصبحوا شجعان بما فيه الكفاية لتقديم تغذية راجعة في لحظتها؛ إذ يتوافر عددٌ من التقنيات المبتكَرة لتبنِّي تقييم الأداء من خلال تقديم تغذية راجعة بطريقة جس النبض أو بطريقة 360 درجة، التي تؤدي إلى محادثاتٍ أكثر إنتاجية بين المديرين والموظفين.

كيف نقيس الأداء قياساً أفضل؟

لقد قطعنا شوطاً طويلاً بعيداً عن سياسة "التصنيف والتسريح" لإدارة الأداء؛ على سبيل المثال، لا تجبر معظم الشركات المديرين على إخبار الموظفين العظماء أنَّهم جيدون؛ لأنَّنا بكل بساطةٍ نملك تصنيفاً زائفاً لمكافئة الموظفين المتميزين، ولعلَّ القياس هو جانب تقييم الأداء الذي شهد أعظم كميةٍ من الاختبارات، وفيما يأتي بعض الأمثلة:

  1. تخلت بعض الشركات عن سياسة التقييم والتصنيف، وبدلاً من ذلك، يقدمون الكوتشينغ للمديرين للتركيز على محادثات الأداء؛ وهذا يساعد الموظفين للقيام بأفضل ما لديهم لتحقيق الأهداف.
  2. على العكس من ذلك، تخلَّى أرباب العمل الآخرون عن التصنيف لكن قاموا خلف الكواليس بتجميع الموظفين في مجموعات أداءٍ تبدو كأنَّها تصنيفاتٌ دون شفافية.
  3. احتفظت مؤسساتٌ أُخرى بالتصنيف، ولكنَّها سهَّلت عملية المراجعة للتركيز أكثر على محادثات الكوتشينغ الدائمة.

تطوَّرَ أساس التصنيفات أيضاً على مرِّ الوقت، من الإدارة عن طريق الأهداف الذكية (ٍِSmart Goals) إلى الأهداف والنتائج الجوهرية (OKRs)، سواء كانت هرمية أم لا، فقد بقي التركيز على الأهداف التنظيمية وأهداف الأفراد محطَّ اهتمام، وفي المؤسسات المرنة، قد تستغرق الأهداف الهرمية وقتاً لتطويرها، لكن ينبغي أن تبقى الأولويات جليَّةً ومركِّزةً على النتائج؛ وهذا يؤدي إلى تحسين محادثات الأداء.

في مؤتمر شركة "وورك هيومن"، تحدَّث "راؤول فارما" (Rahul Varma) من شركة "أكسنتشر" (Accenture) عن انتقالهم من إدارة الأداء اللاإنسانية إلى تقييمات الأداء التي تستخدم التكنولوجيا لإضفاء طابع شخصي على إجراءات إدارة المواهب، وبينما تتيح التكنولوجيا خياراتٍ أفضل لإدارة الإنجاز، تستمرُّ الممارسة في التطور.

في نفس المؤتمر، قال المدون "جوش بيرسين" (Josh Bersin) إنَّ إدارة الأداء غير فاعلة لأنَّ المديرين غير ناجحين، فيجب أن يُدَرَّبوا على الإنصات وتقديم الكوتشينغ والتغذية الراجعة بوتيرةٍ أكبر، ولقد حثَّ المديرين على الانتقال نحو إدارة الإنجاز المستمرة التي تتعرَّف إلى الطبيعة المترابطة للمؤسسات الحالية المعتمدة على الفريق.

شاهد بالفيديو: 8 عوامل لقياس تحقيق الأهداف

كيف نربط الأداء بالأجر؟

لعلَّ الجزء الأصعب في التطور المستمر لإدارة الأداء هو إمكانية وكيفية ربط الأداء بالأجر؛ إذ كان الأداء السبب الأساسيَّ الأول لإعطاء العلاوات حسب تقرير تعويضات الممارسات الأفضل لموقع "بايسكيل" (PayScale).

قد يريد الموظفون ذوو الأداء العالي تصديقَ أنَّهم يتقاضون أكثر من أقرانهم العاديين؛ إنَّه جزءٌ من تجربة شعورهم بالتقدير والعدل في الأجر، وعلى أي حال، لا يعني دفعُ الأجر لقاءَ الأداء بالضرورة إعطاءَ زياداتٍ كبيرة، فتوجد عدة طرائق يمكن بها للمؤسسات مكافأة الأداء وتقديره، ومن ذلك المكافآت المالية وغير المالية.

كيف تكافئ وتميِّز المؤسسات الموظَّفين عاليي الأداء؟

مع وجود سبلٍ كثيرةٍ للإقرار بالإنجازات، فمن المفاجئ أنَّ 11% من المؤسسات لا تكافئها بأي طريقة، وعلى الجانب الآخر، يعني ذلك أنَّ 89% منها تكافئ وتعترف بها بطريقةٍ ما، وحقيقة الأجر مقابلَ الأداء هي أنَّه يصبح من الصعب تمييز أصحاب الأداء العالي الذين يتقاضون أجوراً مرتفعة؛ لأنَّ ميزانيات التعويض محدَّدةٌ غالباً.

ووفق التقرير، خصَّصَت أكثر من 30% من المؤسسات ميزانيةً 3% للزيادة، وأعطت أكثر من 25% من المؤسسات زيادةً وسطيةً بمقدار 3% فقط، وأعطت 8% منها حداً أعلى بمقدار 3%، وفي النهاية، إن كان ربُّ العمل قادراً على تمييز ذوي الأداء العالي عن المتوسط فقط من خلال دفع نقطةٍ مئوية أو اثنتين، فربما حان الوقت للتفكير في طرائق أُخرى لتمييز الأجور، ويُظهِر البحث أيضاً أنَّ إعطاء الجوائز- طريقة تعويضية أُخرى للإقرار بالإنجاز- ازدادَ انتشاراً في السنوات القليلة الماضية.

إقرأ أيضاً: 6 أساليب لمكافأة الموظفين وإظهار التقدير لهم

أنواع المكافآت:

بافتراض دفع الأجور حسب السوق، فإنَّ نقل الأجر المعتمِد على الأداء إلى ساحة الأجور المتغيرة يبدو منطقياً جداً في حالات كثيرة؛ إذ يقدِّم هذا النهج مرونةً أكبر لمكافأة عمال الشركة الأعلى إنتاجيةً، ويسهِّل أيضاً إعطاء حوافز للفريق، فإن كانت المؤسسة موجَّهةً نحو أهداف الفريق والجهود التعاونية، فربما الأكثر أهمية، وجوبُ ارتباط المكافآت والحوافز بسرعة العمل.

لقد وجد بحث موقع "بايسكيل" أيضاً أنَّ 40% من المؤسسات أنفقَت العلاوات والحوافز أكثر من مرة سنوياً؛ ولذا إن كانت مؤسسةٌ تنجز مشاريع موسمية، فقد يضع المديرون في الحسبان صرفَ المكافآت ضمن الجدول الزمني للمشروع، أو إن كانت تعمل بدوراتٍ ربع سنويةٍ، فيمكن دفع الحوافز ربعياً.

إقرأ أيضاً: 8 طرق لمكافأة موظفيك دون أي تكلفة

الانحياز للثقافة وأهداف العمل:

ينبغي للطريقة التي يقدر فيها ربُّ العمل الأداء أن ترتبط بثقافة المؤسسة وأهداف العمل الأوسع نطاقاً؛ إذ يبيِّن لنا التاريخ أنَّ محادثات الأداء ليست دوماً فرصاً فاعلةً للتحدُّث عن الأجر، ومع ذلك، تُعَدُّ كلُّ محادثةٍ عن الأجور فرصةً جيدةً للمديرين ومحترفي الموارد البشرية لكي يتحدَّثوا عن الإنجازات، والالتزام، والأهداف الإنمائية وما يحفِّز الموظفين للقيام بأفضل ما لديهم.

تستمر الشركات الكبيرة والصغيرة بالتكرار والتجربة في ثورة الأجور والمكافآت القائمة على الأداء، ويبدو أنَّ تقييمات الأداءٍ السنوية ستكون أقل مقارنة مع النقاشاتٍ الآنيَّة المتعلقة بالإنجازات والحوارات الصريحة عن كيفية مكافأة السلوكات.

المصدر




مقالات مرتبطة