كيف كادت شركتي الناشئة أن تتسبب بدخولي السجن؟

في الشتاء الماضي في زامبيا، دفعني ثلاثة غرباء كبار إلى مؤخرة شاحنة؛ فقررت حينها إغلاق شركتي الأفريقية الناشئة. إليك قصتي التي تحمل بين طياتها الفشل الذريع والفساد والخيانة من قبل موظف عزم على زجِّي في السجن، وكيف خسرت مبلغ خمسين ألف دولار أمريكي، وأحدثت فوضى في العمل في السوق الجديد؛ فربَّما يمكنك التعلم من خطواتي الخاطئة:



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب مايكل بيترزاك (Michael Pietrzak)، والذي يحدثنا فيه عن تجربته مع شركته الناشئة في أفريقيا.

1. انسَ أمر الإدارة عن بعد:

بدأت أنا وشريكي في العمل (توم) مشروع مصابيح ضوئية في أوائل عام 2014، إذ كانت مهمتنا السامية هي جلب الإضاءة التي تعمل بالطاقة الشمسية إلى القرى الأفريقية؛ لذا سافرنا إلى زامبيا لمدة ثلاثة أسابيع، ووجدنا سوقاً واعداً ومبشراً بالخير؛ فاستأجرنا مديرين محليين، واشترينا شاحنة ومخزوناً لبيعه على أمل أن نعود إلى الوطن بعد أن نجمع 50 ألف دولار أمريكي ونترك وظائفنا.

كنَّا قد بعنا خلال ثلاثة أشهر ممتلكاتنا الشخصية لإدارة الشركة من وراء المحيط، وقد كنَّا ساذجين للغاية بشأن ما يمكننا تحقيقه من خلال "الإدارة عن طريق البريد الإلكتروني".

لقد أرسلنا رسائل كثيرة لموظفينا دون أن نتلقى إجابة لأسابيع؛ وعندما جاءت الردود، كانت غامضة؛ فحاولنا إجراء مكالمات جماعية منتظمة، لكنَّ الالتزام بالمواعيد كان أمراً نادراً في بلدٍ لا يزال معظم سكانه يعتمدون على الشمس لتحديد الأوقات.

عندما تواصلنا معهم، قتل التشويش في المكالمات كلَّ أملٍ في الحديث المثمر، وتأجلت رحلات المبيعات لأسابيع بأعذار غريبة مثل: "أحتاج إلى رخصة خاصة للقيادة على هذا الطريق السريع"، أو "القرية بأكملها في جنازة هذا الأسبوع".

لقد كان موظفونا بارعين في هدر أموالنا، وأخذ رواتبهم؛ لكنَّهم لم يبيعوا ما يكفي لتغطية نفقات طعامهم؛ لذا عندما وصلت إلى زامبيا، كنَّا على بعد ثلاثة أشهر من الإفلاس.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح لإدارة فِرَق العمل عن بعد بنجاح

2. احرص على مشاركة شريكك في كل شيء:

لقد كانت المبيعات بطيئةً بعد وصولي، لكنَّنا كنَّا نبلي بلاءً حسناً؛ ولكن في أثناء القيادة بين القرى، تعطلت شاحنتنا، ثمَّ وصل مديرنا المحلّي السيد "مبيوا" إلى المدينة من أجل المساعدة.

وبينما كنت أختبأ من الحر في ظل حديقة أمامية لأحد القرويين، وبعد أن أحضر لي أحد أطفاله السبعة شربة ماء لم تستطع معدتي الغربية تقبُّلها، رن هاتفي المحمول في منتصف القيلولة، وقد كان المتصل شريكي (توم)؛ لذا ركضت عبر الطريق باحثاً عن أرض أعلى وشبكة استقبال أفضل؛ وعندما أجبت على اتصاله، سمعته يقول: "لقد قررت الانسحاب من الشركة، ولن آتي إلى زامبيا بعد الآن"؛ فسألت نفسي: هل ما أسمعه حقيقي؟ أم أنِّي مصاب بضربة شمس؟

فواصل: "أنت لم تبع الكثير خلال ثلاثة أسابيع، ولا أعتقد أنَّنا سنجني المال في أيِّ وقتٍ قريب".

لقد شعرت بالصدمة؛ إذ إنَّنا قد اتفقنا على أن نتناوب في زامبيا لثلاثة أشهر في كلِّ مرة، وكنت سعيداً بالحصول على أول وردية؛ لكنَّي توقعت منه المتابعة أيضاً، فهل كان متردداً طيلة الوقت؟

فكرت حينها:"كيف يمكنني إحضار بديل له؟" فتخيلت السيناريو الآتي:

  • "مرحباً، لقد استقال شريكي لأنَّه يعتقد أنَّنا سنفشل؛ فهل تريد أن تحل محله؟".
  • "هل يمكنك التوضيح؟".
  • "سوف أعود إلى الديار في غضون ستة أسابيع؛ لذلك ستضطر إلى الانتقال إلى أفريقيا لمدة ثلاثة أشهر".
  • "ربَّما، ولكن...".
  • "إنَّنا نضيع الكثير من الأموال لأنَّ الإيرادات نصف ما توقعناه، والنفقات ثلاثة أضعاف ما كنَّا نتوقعه".
  • "وكيف ستنقذ الأمر؟".
  • "علينا أن نطلب منك الاستثمار بعشرة آلاف دولار لكي نتمكن من الاستمرار لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر؛ وهي فترةٌ كافية للعثور على مستثمرٍ حقيقي".
  • "كم نسبة الأسهم التي سأحصل عليها؟".
  • "نحو 10%".
  • "هل يوجد راتب؟".
  • "يمكننا أن ندفع لك راتباً، لكنَّ ذلك سيسرع خطواتنا إلى الإفلاس".
إقرأ أيضاً: 24 طريقة لتخفيض نفقات الشركات في ظل الأزمات الاقتصادية الحالية

3. توقع أن يستغرق كل شيء مدة أطول بـ 10 مرات ممَّا خططت له:

عاد السيد (مبيوا) بشاحنة وزنها نصف طن، وعمرها 20 عاماً، ولا تحتوي على مكابح، وتحتاج إلى دفعة لكي تعمل؛ ولم يحضر رجال الإنقاذ أيَّ كابل سحب أو سلسلة أو حبلاً، وإنَّما أحضروا فقط أمواساً للحلاقة لكي نتمكن من قطع أحزمة الأمان خارج المقعد الخلفي وربط المركبات معاً، لنصل إلى منزل ميكانيكي في الغابة لاحقاً.

وبمجرد أن رأيته، سألت السيد (مبيوا):"هل هو ميكانيكي حقيقي؟"؛ فضحك، وأكد لي أنَّ هذا المراهق قد نما على يد عامل القرية المتقاعد.

إذا كنَّا في الغرب، كانت ستقتصر مشكلتنا على ثلاث ساعات للإصلاح؛ ولكن هنا، اتفق الجميع على أنَّه لن يُعثَر على قطع الغيار المطلوبة في أي مكان في زامبيا.

لقد توقفت المبيعات على مستوى الشركة بالكامل بسبب تعطل السيارة التي تجتاز أراضينا عبر الحدود؛ وأمَّا عني، فقد كنت عالقاً في دار ضيافة غير مكيفة، وعلى مشارف مدينة أخبرني أحد السكان المحليين أنَّها "حارة للغاية لأنَّها قريبة من الجحيم".

وصلت قطع الغيار من العاصمة بعد ثلاثة أيام، ولكنَّها كانت عديمة الفائدة دون قاعدة ضغط جديدة؛ ثمَّ مرَّ يومان آخران، ووصل طرد جديد؛ ولكنَّها كانت القاعدة غير الصحيحة.

لقد شعرت أننَّي أنهار مثلي مثل الشاحنة، ومر أسبوعان قبل أن نعود إلى الطريق، وكان بيان التدفق النقدي في ذلك الشهر سيئاً.

4. عندما تطرد شخصاً ما، استعد لنوبة غضبه:

كان علينا الاستغناء عن المدير المحلي (موسوندا) لخفض النفقات، والذي كنَّا نشك بأنَّه "لص".

اشتريت له مشروباً في يوم الاثنين، وأخبرته بذلك؛ ولكن في اليوم التالي لم يُعِد إليَّ الهاتف الذي أعطيته إياه ليكون هاتف الشركة، وقد حاولت الاتصال به، لكنَّه تجنب اتصالاتي حتى ظُهِر الجمعة موعد لقائنا.

وفعلاً، التقينا في مطعمٍ محلي، وسلمني هاتفاً عمره خمس سنوات على الأقل؛ فقلت له: "موسوندا"، ليس هذا هو الهاتف الذي اشتريناه لك منذ شهرين بـ 400 دولار"؛ فقال: "اضطررت إلى بيع ذاك الهاتف لأنَّه لا يشغل هذه التطبيقات...".

وقبل أن أنفعل في وجهه، انضم إلى طاولتنا رجلان كبيران؛ فتساءلت بيني وبين نفسي: "هل هما من أصدقاء الجيش الذين كان يتحدث عنهم دائماً؟".

لقد قدم الرجل الأقصر بطاقة هويته، وهي بطاقة بدت وكأنَّها مصنوعة بطابعة نقطية ومغلفة في المنزل، كما أنَّني لم أذكر أنَّ أقمشة الجينز وسترات البولو هما الزي الرسمي للجيش الزامبي.

  • "مرحباً، يخبرنا هذا الرجل أنَّك في البلد بشكلٍ غير قانوني؛ لذا دعنا نذهب إلى مركز القيادة".
  • "أيُّها السادة، لقد طردت هذا الرجل، وهو يحاول فقط إثارة المتاعب، إنَّه يضيع وقتنا".
  • "ربَّما، ولكن دعنا نذهب لنتحدث".
  • "أنا سعيد بالحديث هنا".
  • "لا، يجب أن نحضرك معنا".
  • "ليس لدي أي طريقة لمعرفة حقيقة هويتك، فقد تكون مجرماً ينوي اختطافي".

شعر الرجال بالإهانة حينما قلت ذلك، واعتقدت للحظة أنَّني مصاب بجنون الشك؛ لذا تعاونت وذهبت معهم، وفي الخارج طلبوا مني الدخول إلى شاحنة.

  • "لماذا لا أتبعك في سيارة أجرة؟ يمكن لأحدكم أن يأتي معي؛ لكنَّني لن أدخل إلى تلك الشاحنة".
  • "لكن عليك أن تفعل".
  • "هل تعتقلني؟".
  • "حسناً، لا".

فاتجهت نحو سيارة الأجرة؛ ولكنَّ الرجل القصير أمسك ذراعي بقوة، وأخذ يدفعني إلى الباب الخلفي المفتوح للشاحنة؛ وعندما حاولت التحرر من قبضته، مارس ضغوطاً أشد؛ وبينما كنت أحاول التخلص منه، أمسك الرجل الثاني ذراعي الآخر، وقبضوا علي.

لقد احترت حينها بين محاولة إنقاذ نفسي والرغبة في عدم التسبب بالمشكلات، وانتهى بي الأمر بسرعة وأنا أصرخ وأنادي على الشرطة.

مشينا إلى مخفر الشرطة مع حشدٍ من الناس بجانب موسوندا، وقد أكد رقيب الشرطة هويات الرجال؛ فاتصلت بمحاميِّ الخاص، والذي نصحني بالتعاون؛ فاستسلمت وعدت إلى موقف السيارات ودخلت الشاحنة.

كان العديد من الرجال ينتظروننا في بهو مكتب الهجرة، وبدؤوا الضغط على كتفي والإمساك برقبتي، وقال لي أحدهم: "أنت تحب القتال، أليس كذلك؟"؛ فقد كان يعرف ما حدث في موقف السيارات.

في الطابق العلوي في غرفة الاستجواب، نظر الرجل القصير -الخاطف المحتمل- إلى ساعته، وقال "لقد تجاوزت الخامسة يوم الجمعة. هل يمكنني الوثوق بك لتعود صباح يوم الإثنين؟ أم ينبغي عليَّ أن أزجَّك في السجن؟"؛ فأجبت: "يمكنك الاعتماد عليَّ يا سيدي، وسأعود بالتأكيد صباح الاثنين".

لم أزعج نفسي في التساؤل بسخرية عن بذل كل هذا المجهود والصراع لأخذي من أجل السماح لي بالرحيل في النهاية؛ لكنَّني سارعت بالعودة إلى فندقي لحجز أول رحلة طيران خارج البلاد؛ ولأنَّني أحظى بحظٍّ "عظيم"، لم يردّ المحامي على مكالماتي؛ فتساءلت: "هل دفع له (موسوندا)؟".

إقرأ أيضاً: كيف تبدأ حياتك من جديد بعد أن يبدو لك أنَّ الأوان قد فات؟

5. لا تنسَ التصاريح، ثمَّ التصاريح، ثمَّ التصاريح:

كانت أقرب رحلة للهروب والعودة إلى الوطن بعد ظهر يوم الإثنين، وقد فكرت حينها أنَّهم قد يرسلون أشخاصاً ليجدوني؛ لذلك خططت لمغادرة الفندق قبل الفجر والاختباء حتى رحلة العودة، وراهنت على أن لا أحد سينبه أمن المطار.

استيقظت في صباح يوم الاثنين، وقد كان هناك صراعٌ يدور بداخلي؛ ولكن لا يمكن أن أترك (موسوندا) يفلت من هذا؛ لذا سأذهب إلى التحقيق وأسوي هذا الأمر، ثمَّ أتجه إلى المطار.

قدمت إفادتي في غرفة استجوابٍ مألوفة:

  • "أنا هنا لبيع المصابيح الشمسية للقرى، وإليك البروشور. هل ترغب في شراء واحد؟ أعتقد أنَّنا يمكن أن نقدم لك حسماً".

فسألني عن تصريح العمل، فأجبت:

  • "لا، ليس لدي تصريح عمل، ولكنَّنا قدمنا ​​الأوراق إلى مكتبك قبل أسابيع، ولا أصدق أنَّه ليس لديك سجل بهذا".
  • "من الذي قدم الأوراق؟ هذا الرجل الذي طردته؟".
  • "نعم، أعطيته 500 دولار لدفع الرسوم".
  • "لا، إنَّه لم يقدم أيَّ شيء".

عندما رفضت بأدب التوقيع على الاعتراف، هددوني بالسجن؛ وعندما وصل محامي الجديد، قال لي: "قد يستغرق الأمر ستة أشهر قبل أن تنظر المحاكم في القضية، فالسجون في زامبيا سيئة للغاية؛ لذا اعترف وستدفع غرامة فقط"؛ فسألت محبطاً: "أين أدفع؟".

اضطررت إلى البقاء في زامبيا، وضاعت رحلة العودة، وكان ملفي لديهم مفقوداً لمدة ثلاثة أيام؛ وفي اليوم السابع بعد هذه الأحداث، جاء مجموعة من الضباط لأخذي لاستكمال الأوراق؛ ثمَّ تلقيت رسالة نصية من (موسوندا): "أين أنت؟ لدي استدعاء من نقابة العمل"؛ وفكرت أنَّي إذا لم أفلت قريباً، فسيحتجزني هذا الرجل هنا إلى أجلٍ غير مُسمَّى.

بعدما اتجهت إلى السفارة الكندية، قال لي ممثل السفارة: "هذا أمرٌ خطير، كان يجب أن تأتي في وقتٍ أقرب"؛ ثمَّ شرح لي عن مواطن الفشل في الحصول على التصاريح الصحيحة، وأخبرني أنَّ عقوبتها أمرٌ سيئٌ للغاية.

عرف (موسوندا) مكان إقامتي، وكنت قلقاً من أنَّني إذا لم أقع بنفسي في فخه التالي، فسيوقعني هو فيه؛ لذا انتقلت لأسكن في فندقٍ جديدٍ تحت اسمٍ مستعار، وأغلقت الستائر، وجلست في الظلام حتى غفوت.

في اليوم الثامن، التقطت أنفاسي، وذهبت إلى مكتب الاستقبال، وأخيراً صار جواز سفري المختوم بين يدي، ولا أكذب إن قلت أنَّني كنت أتوقع وجود (موسوندا) في الخارج مع مزيدٍ من المتنمرين؛ ولكن لحسن الحظ، لم يحدث هذا، وصُدِمت عندما سِرت إلى الحرية بعد انتكاسات لا تنتهي.

عندما استقليت الطائرة وحلقت في السماء، كان جسدي مسرتخياً، وتذكرت أنَّ اليوم عيد ميلادي، فتركت الفرح والسعادة يملآني.

ربَّما قد لذت بالفرار، لكنَّني كنت أعلم أنَّ شركتي قد انتهت، وكانت الدروس شاقة، ولكنِّي واثق من أنِّي سأكون أقرب من تحقيق هذا النجاح في المرة القادمة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة