كيف تنجح في عملك بالتعلم من تجارب الماضي والتطلع إلى المستقبل؟

تمضي الأيام وتترك وراءها ماضياً زاخراً بالدروس والعبر أما الغد فهو أمل للناظرين.



لقد حملَت السنوات الماضية كثيراً مِن المآسي والمصائب والكوارث في جميع أنحاء العالم، وكانت جائحة كورونا (COVID-19) التي اندلعَت في مطلع عام 2020 أشدها فتكاً لما أحدثَته مِن خسارات في الأرواح وانهيار في الاقتصادات العالمية وتفشي البطالة بصورةٍ مهولة، مما أصاب الناس في كافة أصقاع المعمورة بالقلق حيال المصير الذي سيكون بانتظارهم والخشية مِن خسارة وظائفهم.

المذهل في الطبيعة البشرية أنَّ المصائب هي ما تعطيهم الحافز القوي للتغيير، وأحياناً تكون هي دافعهم الوحيد، حيث يتطلب تجاوز الشدائد التركيز على الجانب المشرق من الأمور، حتى في أحلك الظروف.

استفِد مِن تجارب الماضي لتكون دليلاً لك للمضي قُدماً:

بالعودة إلى الماضي، كان التغيير هو ما رسمَ المعالم الجديدة للشركات المبدِعة. هل تعلَم أنَّ مؤسسي هوم ديبوت (Home Depot) - أول متجر ضخم لتحسين المنازل - قد طُرِدوا مِن متجر أدوات محلي؟ وبعد مضي عام واحد، افتتحوا أول متجرين لـ هوم ديبوت (Home Depot) في أتلانتا، وكذلك جرى الأمر مع الموقع الإلكتروني غروب أون (Groupon) الذي يروِّج للشركات مِن خلال تقديم صفقات على منتجاتها وخدماتها للمستهلكين، حيث طُوِّر في ذروة فترة الركود الاقتصادي لعام 2008، وكان لهذه الشركة هدفان: الترويج لمنتجات الشركات المتأزمة، وتخفيف العبء المالي للعامة من خلال منحِ حسومات.

نستنتج مِن المثالين السابِقَين أنَّ الشدائد تؤدي إلى التغيير حتماً، وتَحدُث هذه النزعة للتغيير التي تحفز الابتكار بصورةٍ مستمرة. لهذا السبب، يجب أن يفكر رواد الأعمال والشركات دائماً في كيفية تحويل محنة اليوم إلى نجاح باهر في الغد.

قد تعطي معرفة أنَّ التغيير الإيجابي يلوح في الأفق بعض العزاء للناس، وحلماً بعيد المنال للشركات التي تعاني مِن آثار جائحة استمرت لأكثر مِن عام، ويجب على الشركات على اختلاف أحجامها ومجالاتها إلقاء نظرة فاحصة على ما حدث؛ فعندما تفعل ذلك، تتجلى الحقيقة أمامها واضحةً وهي أنَّ التهاون في أوقات الرخاء لن تُحمد عُقباه.

لا يخفى على أحد أنَّ أنجح الشركات هي أكثرها حيطةً؛ فهي لا تكف أبداً عن التفكير للمستقبل حتى في أفضل الظروف، محاوِلة توقُّع النكبة التالية التي قد تُلمُّ بها، وعندما تعصف الأزمات غير المتوقعة، لا يُحدِث الأمر صدمةً لها لأنَّ مستوى استعدادها يجعلها تؤدي عملها أحسن أداء، دون أن ينال منها الاضطراب سعياً منها للنجاة، حيث تمتلك هذه الشركات ذات المستوى العالي الموارد والقدرة على التواصل مع أولئك الذين يواجهون صعوبات ومساعدتهم. وتُعدُّ القدرة على رد الصنيع نعمةً حقيقية وطوق نجاة لمَن هم في أمسِّ الحاجة إليها.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح تساعدك على الإزدهار في أوقات الشدائد

ابنِ شركةً مقاوِمة للكوارث لتكون في الطليعة:

البنية التحتية هي ما يمكِّن الشركات مِن تبنِّي طريقة العمل هذه، ففي البداية، يجب أن يكون لدى القائد الفذ شغف لتحقيق أهدافه، ويجب عليه إيصال هذا الغرض بمهمة مشترَكة ورؤية واضحة حول كيفية تحقيق أهداف الشركة، فبدون أرضية صلبة لن يكون قادراً على بناء فريق متماسك.

أحد المفاهيم الخاطئة الشائعة في مجال الأعمال هو أنَّ القائد أهم شخص في الفريق، وإنَّ وجود القائد مَطلب ضروري في عملية بناء الفريق؛ ولكن بعد هذا الإنجاز، يجب أن يكون النصر النهائي لأيِّ قائد هو عمل شركته على قدم وساق حتى لو لم يكن موجوداً. تعامِل الشركات ذات الكفاءة العالية الجميع على نفس القدر مِن الأهمية؛ فلا ينبغي لأحد أن تكون له مِثل هذه الوظيفة المتخصصة التي إن غاب هو تناقصَت الإنتاجية.

في بداية جائحة كورونا (COVID-19)، تسابقَت الكثير مِن الشركات لتطبيق آلية العمل عن بُعد؛ في حين كانت قد سبقَتها بعض الشركات إلى ذلك بسنين عديدة، حيث يمكِنك أن تتخيل كيف استطاعت هذه الشركات العمل في أسوأ فترات الجائحة مقارنةً بغيرها لأنَّها لم تكن مضطرةً لتقديم طريقة جديدة للعمل وتعلُّمها في الوقت الحالي أو على عَجل. 

في الوقت الذي كانت جميع الشركات على وشك الانهيار، لم يكن تأثُّر الشركات التي تعتمد العمل عن بُعد شيئاً يُذكَر، حيث يمكِن أن نعزو هذا الهدوء إلى مستوىً عالٍ من التأهب، طبعاً لم تتوقع هذه الشركات حدوث الوباء وضرورة العمل عن بُعد، لكنَّ رغبتها في تجربة شيء مختلف في مرحلة ما أدت إلى إيجاد طريقة جديدة للعمل، وحالفها النجاح بها، وإنَّ لوجود مسارات متعددة لتحقيق هدفك بدلاً من مسار واحد ميزة إضافية عند حدوث أمور لم تكن بالحسبان.

بالنسبة إلى معظم الشركات التي كانت مستعدةً قبل تفشي جائحة كورونا (COVID-19)، كان العمل عن بُعد نتيجةَ قرار مالي قَبل سنواتٍ عدَّة؛ بيد أنَّ الشركات التي ألقَت نظرةً فاحصة على أولوياتها وجهَّزَت مكاتبها بأحسن التجهيزات، كان لها اتجاه آخر، كما صرفَت العديد من هذه الشركات أموالها على اكتساب موظفين عاليي الأداء وأحدثِ التقنيات لأنَّ هذه العناصر هي القوى الدافعة للمستقبل.

إقرأ أيضاً: تطوير استراتيجيات المرونة في التعامل مع الأزمات

استقِ الدروس مِن الشدائد:

ما يجب أن تتعلمه الشركات مِن الظروف الصعبة مثل جائحة كورونا (COVID-19) هو أنَّ عليها أن تكون دوماً بكامل جاهزيتها، حيث ينبع مستوى التأهب هذا من قائد فذ ينقل مَهمةً ورؤية واضحة للوصول إلى ما يطمح إليه، ويجب على هذا القائد أيضاً بناء فريق ذي تفكير تقدُّمي استثنائي يعمل لتحقيق الهدف المشترك، وربما الأهم مِن ذلك، يجب على هذا الفريق وقائدهم ألا يتخلوا عن حذرِهم خلال أوقات الرخاء؛ بل عليهم دائماً توقُّع الشدائد، كي يتمكنوا من تجنُّبها دون أن ينال منهم القلق والاضطراب لدى حدوثها.

ما حدَث قد حدَث، ويجب أن يتعلم الناس مِن المأساة كيلا تتكرر مجدداً، وهذا ينطبق أيضاً على الشركات في مرحلة ما بعد جائحة كورونا (COVID-19)، حيث يجب أن يكون الهدف دائماً هو رؤية الشدائد كدافع إيجابي للتغيير والتكيف تماشياً معها.

لقد تعلَّمنا جميعاً بعض الدروس بغضِّ النظر عن مستوى استعدادنا، كما يجب أن نتكيف مع التغييرات وأن نكون في الطليعة بعد التأقلم مع العادات الجديدة، وأيضاً يجب أن نتعلم دائماً من الماضي كي نتمكن من الاستمرار في التفكير للغد. حافِظ على هذه العقلية، ولن تؤثِّر فيك أعتى الشدائد.

المصدر




مقالات مرتبطة