كيف تنتزع الاعترافات والمعلومات من شخص ما؟

قد يجد المرء نفسه في حالة مستمرة من الفوضى باحثاً عن إجابات يتحفَّظ عليها محيطه من مديره في العمل إلى زميله أو صديقه أو أحد أفراد عائلته؛ لذا نقدِّم فيما يأتي بعض النصائح التي تساعدك على انتزاع الحقائق.



يُستخدم علم النفس السلوكي في انتزاع الحقائق من الآخرين، ويستكشف المقال بعض أدوات كشف الحقائق المستخدمة في حثِّ الأفراد على البوح والاعتراف بالمعلومات.

لا بدَّ من الإشارة بدايةً إلى ضرورة استخدام هذه النصائح في تقصِّي الحقائق لأهداف نبيلة؛ لأنَّ معرفة الحقيقة على الرَّغم من قساوتها أرحم من العيش بنعيم جهلها؛ لذا ضع في حسبانك استخدامها لجلب مزيد من الصدق لحياتك واختبار موهبتك في انتزاع الحقائق.

يُطلَق على الشخص الذي تُجرى معه المقابلة أو الاستجواب في تجربة كشف الكذب اسم "الخاضع للاختبار".

الخاضع للاختبار: هو الشخص الذي تود انتزاع الحقيقة أو الاعتراف منه.

قد يشمل الخاضعون للاختبار:

  • زميلك.
  • طفلك.
  • شريكك.
  • صديقك.
  • الوكيل العقاري أو المحامي أو جليسة الأطفال.

نقدم فيما يأتي أساليب انتزاع الحقيقة من شخص ما:

1. الصمت:

يكمن خطأ معظم الباحثين عن الحقيقة في التركيز على الأسئلة التي ينبغي طرحها، وعلى الرَّغم من أنَّ نوعية الأسئلة هامة إلا أنَّ ما تمتنع عن قوله يوازي بأهميته ما تفصح عنه.

لا تقوم الطريقة المثلى على استغلال كل فرصة في الكلام وملء لحظات الصمت؛ بل عليك أن تنتظر قليلاً بعد انتهاء الطرف الآخر من الكلام حتى تتأكد أنَّه لن يضيف شيئاً آخر، ولسوف تدهشك كمية الاعترافات التي يفصح عنها الكاذبون في مثل هذه اللحظات.

2. الإيماء برأسك:

يُعدُّ الإيماء بالرأس هاماً لحثِّ الناس على الانفتاح؛ إذ إنَّه يُعدُّ إشارة مناسبة على الموافقة، وقد أظهرت الدراسات أنَّ الأشخاص قد يتكلمون أكثر بثلاث إلى أربع مرات من المعتاد عندما يومئ المستمع برأسه في أثناء الحديث، ويمكن استخدام هذه الطريقة لحثِّ المتكلم على البوح بالمزيد بعد أن ينهي كلامه.

  • عندما يتوقف شخص ما عن الكلام مسِّد ذقنك (إشارة في لغة الجسد تدل على التفكير).
  • أومئ برأسك ثلاث مرات لحث المتحدث على مواصلة الكلام، وهذا يساعد أيضاً على إطالة فترات صمتك.

يمكن لإظهار الاهتمام والقبول أن يحثهم على الإفصاح عن أفكارهم في حال وجود سبب يمنعهم من البوح.

3. جعل طريقة الاستجواب ودية:

تظهر غرف الاستجواب في عروض الجرائم التلفزيونية مظلمة ومنعزلة بغية تعزيز شعور الضعف والموقف الدفاعي، ومن هذا المنطلق يُنصَح بتجنب الازدحام، واختيار بيئة حميمية للتحدث وجهاً لوجه مع الشخص المعني دون حضور الأصدقاء أو العائلة لتعزيز التواصل الإنساني بينكما.

4. تبسيط الأمور:

تستخدم هذه الطريقة التقليدية في جميع العروض المتلفزة المتعلقة بالشرطة، وتقوم على إظهار التعاطف، وجعل الأخطاء تبدو أبسط مما هي عليه لحثِّ الطرف الآخر على البوح بما لديه أو على الأقل إعطاء تلميح عمَّا يدور بباله، وقد تبدو هذه الطريقة مبتذلة، إلا أنَّها مجرَّبة ومضمونة.

5. مشاركة شيء ما مادياً كان أو معنوياً:

ينبغي العمل على المستوى الإنساني من خلال المشاركة؛ إذ يُعدُّ الطعام أفضل خيار في هذا الصدد، وتُفلح المشاركة لأنَّها تحمل الناس على الانفتاح، وهذا سبب قيام وكالات السيارات بتقديم المشروبات المجانية.

يمكنك تجربة الممارسات التالية لحثِّ الآخرين على الإفصاح عن المعلومات التي يتحفظون عليها:

  • دعوتهم إلى تناول العشاء أو الغداء.
  • الخروج لتناول مشروب ما.
  • تقديم السجائر أو الحلويات.

كلما كانت العلاقة بينك وبين أحد الأشخاص أكثر تشاركية أصبح أقل تحفظاً وأكثر ثقة بك.

6. التحلي بالصدق:

يُعدُّ التحلي بالصدق والنزاهة النهج الأمثل في الحياة، وفي انتزاع الحقائق والاعترافات؛ لذلك عليك أن تؤدي دور الطرف الصالح من خلال:

  • أن تكون مصدراً للاطمئنان عبر إظهار تفهُّمك وقبولك لأفعالهم وتجنُّب النفور.
  • تبسيط العواقب؛ إذ لن ينجم عن الاعتراف ما يدعو إلى القلق.
  • دفع الآخرين إلى إخبارك بأسرارهم عبر توضيح المكاسب المحتملة بعد إفضاء السرائر كالشعور بالراحة أو التحسُّن على المستوى الشخصي أو اكتساب وجهات نظر جديدة.
  • إظهار القبول ومحاولة الإحاطة بوجهات نظرهم والدوافع الكامنة خلف أفعالهم، والتأكد فيما إذا كانوا تعرضوا للضغط أو الإكراه.
إقرأ أيضاً: مفهوم الصدق وآثاره في النفس البشرية

7. بناء علاقات وطيدة:

تفيد التجربة بأنَّ المعلمين يتفوقون على رجال الشرطة في مهارة كشف الكذب، على الرَّغم من أنَّ عملهم يعتمد اعتماداً رئيساً على ذلك؛ إذ يعود تفوق المعلمين والاختصاصيين الاجتماعيين في كشف الأكاذيب إلى قدرتهم المميزة على بناء الثقة والتعاطف؛ أي التواصل الصادق مع محاورهم على مستوى شخصي عميق.

يساعد إتقان فهم لغة الجسد على بناء علاقات وطيدة والتواصل مع الآخرين على مستوى إنساني عميق، ومن هنا تأتي براعة المعلمين في حث الطلاب على الاعتراف.

8. التخلص من الحواجز:

عندما تريد انتزاع معلومة من أحدهم عليك بإزالة جميع الحواجز كالمكاتب والطاولات وغيرها حتى تتواصل معهم مباشرة وجهاً لوجه.

هذا يفسح المجال لرؤية الأقدام وقراءة إشارات الجسد؛ إذ يميل المذنب للاختباء خلف الأشياء كالطاولة أو الوسادة وغيرها والجلوس في وضعية الانزلاق؛ ولذلك سيتسنَّى لك قراءة المزيد من إشارات الجسد عندما تتخلص من الحواجز.

9. طرح أسئلة مفتوحة:

تسهُل المراوغة عبر أسئلة نعم أو لا، في حين كلما طالت الإجابات أَكثَرَ المتحدث من الزلَّات العاطفية وغير اللفظية التي يمكن تتبُّعها من خلال قراءة لغة الجسد؛ لذا يجب أن تطرح أسئلة تستلزم إجابات مطوَّلة أو تنتهي بسرد القصص.

10. زراعة "الألغام" في الحديث:

يُقصَد بالألغام التفاصيل التي تقوم بإضافتها عند إعادة صياغة قصة شخص آخر، وهي التفاصيل التي تعتقد أنَّها غير صحيحة.

تقوم الطريقة على إعادة صياغة القصة التي يخبرك بها أحد الأشخاص مع إضافة تفاصيل مختلفة، في حال قام صاحب القصة بتصويب الأخطاء، فإنَّه غالباً يقول الحقيقة، وبخلاف ذلك فإنَّ القصة مختلقة أو أنَّ بعض التفاصيل غابت عن ذهن صاحب الرواية.

11. تغيير طريقة السرد:

ثمَّة طريقة أخرى لمعرفة الكاذبين أو الحصول على معلومات جديدة تقوم على مطالبتهم بتغيير أسلوب السرد؛ إذ يتمرن الكاذبون على سرد قصتهم وفق طريقة معينة؛ لذلك عندما تطلب منهم إعادة روايتها بأسلوب مختلف لم يتمرنوا عليه، فإنَّك تضعهم أمام احتمالين؛ عجزهم عن إخبار القصة، أو روايتها والإفصاح عن مزيد من الزلَّات والأخطاء.

  • مطالبتهم برسم القصة.
  • مطالبتهم بسردها من النهاية إلى البداية.
  • مطالبتهم بسردها بدءاً من المنتصف.

12. سرد الكذبة بأسلوب أسوأ:

ليس بوسع المرء منع نفسه من تصحيح المعلومات المغلوطة، وخاصة إذا كانت تتعلق بشخصه، وبناءً عليه يمكن إخبار الشخص المعني بنسخة أكثر فداحة من الرواية الأصلية التي تعتقد أنَّها حدثت، وعندما يحاول تصحيح أخطائك تحصل على اعترافات.

لنقل مثلاً أنَّك تظن أنَّ أحد المراهقين أخذ المال من محفظتك، فتواجهه بقوة وتسأله فيما إذا كان أخذ النقود وبطاقة الائتمان من محفظتك، تفيد التجربة بأنَّ المراهق لا بدَّ من أن يصحِّح معلوماتك ويعترف بالجرم الصغير.

13. انتهاك فضائهم الشخصي:

تُعدُّ هذه النصيحة متقدمة، وتستند أساساً إلى نزعة الإنسان للارتباك عند اقتحام فضائه الشخصي، فإذا قربت كرسيَّك أو خطوت خطوة إضافية تجاههم ستزيد من صراحتهم وعمق إجاباتهم، وهذه الطريقة فعالة في انتزاع المعلومات السرية، لكن تبقى أفضل طريقة في حث الآخرين على قول الحقيقة في اعترافك بالحقيقة بدورك.

إقرأ أيضاً: قواعد مهمة لاحترام المساحات الشخصيَّة للآخرين

في الختام، كل اعتراف مختلف:

سيزيد اتباع نصائح الدليل من قدرتك على حثِّ الآخرين على قول الحقيقة، وعليك أن تضع في حسبانك أنَّ كل إنسان حالة مختلفة بحد ذاتها، وتحتاج إلى تقنية معينة للتعامل معها، ولا يوجد أسلوب فعَّال مع جميع الناس، ومن الهام أن تحافظ على هدوئك وطيبتك، وإن اضطررت لتغيير تقنياتك.




مقالات مرتبطة