كيف تكون ممتناً وقوياً في الأيام الصعبة؟

كم مرَّة تتخلَّى عمَّا تظنُّ أنَّه يجب أن تبدو عليه حياتك وتقدِّرها بصدق كما هي؟ إذا كنت مثل بقيتنا، فعلى الأغلب ليس بما يكفي، لأنَّ الشعور بالامتنان بصدق صعبٌ وسط صخب الحياة، وخاصةً خلال الأوقات الصعبة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "مارك شيرنوف" (Marc Chernoff)، ويذكر فيه نصائحه لتكون ممتناً وقوياً في الأيام الصعبة.

إذ نحوِّل في معظم الأوقات حوادث بسيطة في حياتنا إلى مأساة، على سبيل المثال قد لا يجري شيء ما كما هو مخطَّط له تماماً، لكن بدلاً من التعلُّم من التجربة والمضي قدماً، نُصاب بالذعر بشأنه، ونسمح للتوتر بالسيطرة علينا، أو نرفض تقدير الخطوات الصغيرة من التقدم الذي أحرزناه، لأنَّنا لا نستطيع أن نحقِّق بالضبط ما نريده على الفور، والحل لذلك بين يديك.

إليك 6 نصائح لتكون ممتناً وقوياً في الأيام الصعبة:

1. كن ممتناً لوجود الأشخاص صعاب المِراس:

نحن نتوقع من الناس أن يعاملونا بلطف وإنصاف واحترام، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ بعض الناس لن يفعلوا ذلك، وأنَّهم أحياناً سيفقدون السيطرة على أعصابهم أو سيتصرفون بحماقة، بصرف النظر عن الطريقة التي نتعامل بها معهم، ويجب علينا قبول هذا.

لا تخفض معاييرك، لكن ذكِّر نفسك أنَّ التخلُّص من توقعاتك من الآخرين وخاصة أولئك صعبي المِراس هو أفضل طريقة لتجنُّب الشعور بخيبة الأمل منهم.

عندما تضطر إلى التعامل مع شخص صعب المِراس، يمكنك أن تكون ممتناً لوجود أشخاص آخرين في حياتك ليسوا كذلك، ويمكنك أن تكون ممتناً لامتلاكك طريقة للتدرُّب على التحلِّي بالصبر والتواصل والتخلُّص من توقعاتك؛ أي يمكنك التفكير في هذا الشخص على أنَّه معلم يساعدك عن غير قصد لتصبح شخصاً أقوى، وعلى الأقل يمكنك أن تكون ممتناً له لأنَّه بسلوكه هذا يجعلك تعرف مقدار سوء هذا السلوك، فلا تأتي بمثله أبداً.

2. كن ممتناً عندما تلاحظ أنَّك بدأت بالتذمر:

يتذمَّر معظم الناس عندما لا تسير الأمور على ما يرام، والامتنان هو العلاج، ففي كل مرة تلاحظ أنَّك تتذمَّر، لاحظ أفكارك عن تصوراتك عن الحياة، وبدلاً من ترك هذه الأفكار تسيطر عليك، ابحث عن طريقة بسيطة لتكون ممتناً،، فكِّر فيما يمكنك أن تشعر بالامتنان لامتلاكه، وما الذي يمكن أن تقدِّره في هذه اللحظة، وتذكَّر في الحياة ما يدعو إلى التذمُّر وما يدعو إلى الامتنان، وأنت من يقرِّر إلى أيُّهما تنحاز.

إقرأ أيضاً: لماذا يعد التحلي بالامتنان أمراً ضرورياً؟

3. كن ممتناً عندما تبدأ بالشعور بالإرهاق:

ربما لاحظت كيف أنَّك كلما اعتدت على موقف أو علاقة مذهلة في حياتك، قد تبدأ بالتعامل معها باستخفاف، حتى إنَّك قد تشعر بالانزعاج أو الإرهاق عندما تتعرَّض للضغط؛ لذا تحدَّ نفسك لتغيير وجهة نظرك في هذه اللحظات باستخدام أداة إعادة صياغة بسيطة؛ أضِف عبارة "وأحب ذلك" إلى أي فكرة تُشعِرُك بالإرهاق:

  • أنا أحتاج إلى شراء البقالة ودفع الفواتير وإحضار الأطفال من المدرسة في غضون ساعة، وأحب ذلك.
  • صندوق بريدي الوارد مليء بعشرات من رسائل البريد الإلكتروني من العميل والتي يجب عليَّ الرد عليها اليوم، وأحب ذلك.

غيِّر وجهة نظرك باستخدام أداء إعادة الصياغة الصغيرة هذه، لأنَّ الأشياء اليومية التي ترهقنا غالباً ما تكون نِعَماً نجهلها.

4. كن ممتناً بعد فقدان وظيفة:

لا أحد يفوز في الشطرنج عبر التحرك إلى الأمام فحسب، ففي بعض الأحيان يجب عليك أن تتحرَّك للخلف لتضع نفسك في رقعة تسمح لك بالفوز، وينطبق هذا التشبيه على حياتك المهنية أيضاً.

بقدر ما هي خسارة وظيفتك مؤلمة، لكنَّها نهاية تسمح لك بالانطلاق في بداية جديدة، واستبدال ثقل النجاح بخفة البدء من جديد، بكتابة قصة مختلفة وفرصة لتجديد حياتك وإعادة بناء نفسك.

لذا ذكِّر نفسك كلما كان ذلك ضرورياً، أن تشعر بالامتنان لوجودك حيث أنت الآن، ولهذه اللحظات من التجديد، ولعدم الراحة الناجمة عن الاضطرار إلى إجراء المقابلات، وتعلم مهارات جديدة والارتقاء بمستواك، فيمكنك أن تشعر بالامتنان حين تتاح لك الفرصة لتنمو وتصبح أقوى رغم الآلام التي تؤدي بك في النهاية إلى تحقيق النجاح.

شاهد بالفديو: 7 فوائد للامتنان تذكرك أن تشكر الله كل يوم

5. كن ممتناً وسط المشكلات الصحية:

لقد أخبرتنا صديقة مقرَّبة لنا في اليوم الأخير من حياتها أنَّ أسفها الوحيد هو أنَّها لم تعش كل حياتها بالشغف نفسه الذي كان لديها في العامين الأخيرين منها بعد أن شُخِّص مرضها بسرطان عضال، فقالت: "لقد أنجزت الكثير في الفترة الأخيرة، وأقدِّر حقاً كل خطوة، لو عرفت قبل ذلك لكنت بدأت أبكر".

إذ جعلتنا كلماتها نبكي ونبتسم في الوقت نفسه، وما كان معجزة حقاً هو رؤية الامتنان الحقيقي في عينيها في تلك اللحظة، ورافقنا شعورها دائماً منذ وقتها، لذلك في حين أنَّ المشكلات الصحية ليست ممتعة أبداً، لكن يمكنك التغلُّب على الألم من خلال الشعور بالامتنان لوجود فرصة للمضي قدماً؛ إذ تستحق الحياة أن تعيشها وتستمتع بكل لحظة ثمينة.

6. كن ممتناً عندما يموت شخص تحبه:

يتحطَّم قلبك عندما تفقد شخصاً لا يمكنك تخيُّل العيش من دونه، وللأسف لن تتخطَّى هذه الخسارة تماماً ولن تنساها أبداً، ومع ذلك يمكنك المضي قدماً في التجربة، وحتى إيجاد معنى لها.

يجب أن نقدِّر في النهاية أنَّه مع أنَّ الموت يمثِّل نهاية، فإنَّه أيضاً جزء ضروري من الحياة؛ إذ تبرز النهايات الجمال فيما يسبقها، والموت هو آخر النهايات، وتذكير بأنَّه يجب علينا الاحتفاء بالشخص الجميل الذي عاش حياته، وأن نقدِّر الحياة.

يجبرنا هذا الحدث على الرَّغم من حزننا العميق على إعادة تنظيم حياتنا تدريجياً دون الشخص الذي خسرناه، وفي هذا التجديد فرصة لرؤية الجمال بطرائق وأماكن جديدة لم نلاحظها، وأخيراً الموت هو فرصة للاحتفاء بحياة الشخص، وللتعبير عن الامتنان للجمال الذي شاركه معنا.

ليس من السهل العثور على الامتنان في ظل إحباطات الحياة وصراعاتها، لكنَّها يمكن أن تصبح طرائق للنمو إذا فهمنا الدروس التي تحملها، وبدأنا في جعل كل شيء يبدو كأنَّه فرصة للتعلُّم، وأفضل وقت للتركيز على الامتنان هو عندما لا تشعر بالرغبة في ذلك، لأنَّه يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً حينها.

إقرأ أيضاً: قواعد العقلية الممتنة!

قصة خسارتنا وما أنقذنا:

للتأكيد على النقاط الست المذكورة أعلاه، اسمحوا لي أن أحدِّثكم باختصار عن كيفية تعلمنا أنا وزوجتي لها.

لقد واجهنا قبل عقد من الزمان في إطار زمني قصير نسبياً عديداً من الخسائر الكبيرة وغير المتوقعة وتغييرات متتالية، من خسارة شقيق بسبب انتحاره، إلى فقدان صديقنا المفضَّل بسبب سكتة قلبية، وعدم اليقين المالي بعد فقدان الوظيفة، وقطع العلاقة مع أحد الأحبة بسبب خيانته لنا مراراً وتكراراً، وفشل الشركة العائلية.

لقد كانت تلك التجارب قاسية، وأثَّرت فينا مواجهتها في تتابع سريع، وتُهنا لفترةٍ من الزمن، على سبيل المثال عندما توفي شقيق زوجتي، كانت مواجهة هذا الواقع في أثناء إعالة أسرتها المكلومة مؤلمة بصورة لا تُصدَّق في بعض الأحيان؛ إذ توجد لحظات انعزلنا فيها عن العالم، وتجنَّبنا أحباءنا الذين كانوا حزينين إلى جانبنا، لم نرغب في التعامل مع الألم، لذلك لجأنا إلى الهروب وإيجاد طرائق غير صحية للتخفيف عن أنفسنا، ونتيجة لذلك مرضنا جسدياً واستمر الألم النفسي في التفاقم داخلنا.

كنَّا مذعورين لفترة طويلة جداً، وتطلَّب الوصول إلى الحالة الذهنية الصحيحة التي سمحت لنا بالمضي قدماً جسدياً وعاطفياً مرة أخرى ممارسة جادَّة، فكان علينا أن نتعلَّم كيف نحرِّر عقولنا كي نتمكَّن من التفكير بوضوح والانفتاح على الفرص الحالية التي أمامنا.

لقد تعلَّمنا أنَّ الانفتاح على المشاعر والعواطف المؤلمة ليس سهلاً، ولكنَّه سيسمح لك بالمضي قدماً، لأنَّه يعني أنَّك تعترف بأنَّك لا تعرف حقاً ماذا ستكون الخطوة التالية، وأنَّك ترغب في فهم ما يجري، ويتطلَّب أن تكون حاضراً بالكامل وممتناً بصدق للحصول على فرصة للتعلم والنمو.

How to Be Grateful and Strong When Things Go Wrong




مقالات مرتبطة