كيف تكون شخصاً ذا هيبة؟

الهيبة ونيل احترام الآخرين وتقديرهم هو أمر يطمح إليه كثيرٌ من الناس؛ وذلك بسبب المكتسبات المادية والاجتماعية التي يحصل عليها الإنسان ذو الهيبة، وقد يظن بعضهم أنَّ المناصب والثروات هي التي تمنح الإنسان هذه القيمة والمكانة، ولكنَّ هذا المعتقد خاطئ، ويضاف إليه ظن بعض الناس أنَّ الهيبة هي الغلظة والقسوة، ومن أجل توضيح مفهوم الهيبة، والتعرف إلى الخطوات التي توصل إلى المهابة، ومعرفة كيف تكون شخصاً ذا هيبة، نقدم لك هذا المقال.



ماهي الهيبة؟

الهيبة في اللغة العربية تعني الإجلال والاحترام، ومفهوم الهيبة التي يتمتع بها شخص بين الناس يعني أنَّ هذا الشخص صاحب مهابة، وأنَّ الناس يحسبون حسابه ويحترمونه ويجلونه؛ وذلك بسبب تمتُّعه بمجموعة من الصفات التي تجعله سيداً في قومه.

إنَّ الشخص ذا الهيبة هو الشخص القادر على التواصل مع الناس بتواضع بعيد عن التذلل، وبكبرياء بعيد عن الغرور والتكبر؛ وهو الشخص البارع في اختيار المفردات والتواصل مع الناس تواصلاً يحفظ مكانتهم، والشجاع في المواقف واتخاذ القرارات بحكمة ودون تهور.

والشخص ذو الهيبة يتمتع بالتأكيد بالذكاء العاطفي، ويستخدمه في تعامله مع نفسه ومع الناس، فهو شخص يبدي رأيه بوضوح دون انفعال، وينصح غيره بفضيلة دون استحقار، ويعتذر إذا أخطأ بغير مبالغة، والشخص ذو الهيبة قوي الشخصية يستطيع فصل مشاعره الشخصية عن تعاملاته مع الآخرين، ويتعاطف معهم ويقدر ظروفهم، ويتمتع بكثيرٍ من الخصال الحسنة التي تجعله أهلاً لاحترام الناس.

ما هي هيبة الرجل؟

لكي لا نقع في الخطأ، علينا أن ندرك تلك الحقيقة التي تقول أن هيبة الرجل بعيدة كل البعد عن المظاهر الخارجية كأن يكون الرجل ثرياً، فهذا لا يعني أن يكون ذو هيبة، وكذلك لا علاقة لدرجة التحصيل العلمي والأكاديمي بالهيبة. حيث إن هيبة الرجل يعني أن يمتلك المرء مجموعة من الصفات والخصائص التي يفرض من خلالها الرجل هيبته واحترامه على الآخرين. وتشمل هذه الصفات مجموعة من الخصائل الحميدة مثل الصدق، والأمانة، والإخلاص، والاتزان، والثقة بالنفس، والحكمة في الأقوال والأفعال والتحكم بردود الأفعال، وغيرها من الصفات الحميدة الأخرى التي تضفي على شخصية الرجل وقاراً وتعطيه الهيبة بين الناس.

الهيبة وقوة الشخصية:

إنَّ الهيبة وقوة الشخصية خصلتان متلازمتان، فالشخص ذو الهيبة هو شخص قوي الشخصية يعرف قدر نفسه، ولا يتنازل عن حقوقه ولا يسمح لأحد أن يظلمه، وفي نفس الوقت هو لطيف وليس فظاً، يتعامل مع الناس باحترام وأدب فلا ينفرون منه؛ بل يتقربون منه رغبة في رفقة هذه الشخصية المهابة.

يترفع الشخص ذو الهيبة والشخصية القوية عن الخوض في النقاشات العقيمة والتافهة، ويقدم رأيه بثقة ناتجة عن إدراك ما يقول، دون أن يحاول فرضه على الآخرين؛ لأنَّ حب السيطرة ناتج عن الضعف، والشخص ذو الهيبة ليس ضعيفاً أبداً، وبالقدر الذي يترفع فيه الشخص المهاب عن الإساءة إلى الآخرين فهو يرفض أن يسيء أحد إليه أو يخدعه أو يتعامل معه باستخفاف؛ وذلك لأنَّ سمته الرئيسة هي الحزم في التعامل مع الآخرين.

صفات الشخصية المهابة:

إنَّ الشخص ذا الهيبة يتمتع بصفات الشخصية المهابة التي سوف نذكرها فيما يأتي:

1. الجدِّية:

تُعَدُّ الجدية من أهم صفات الشخصية المهابة، ويتحلى الشخص ذو الهيبة بالحزم وعدم التسامح مع التراخي والكسل، ويطبق هذه القوانين على نفسه قبل الآخرين، فهو ملتزم بأداء مهامه وأبعد ما يكون عن التقصير في القيام بواجباته.

ومن صفاته أيضاً عدم قبول الأعذار الواهية التي تحول بين الشخص وتأدية واجبه، فهو لا يحب الاستهتار، ولا يتقبل المزاح في الأمور الرسمية والجدية، وإنَّ أبرز صفات الشخصية المهابة هي عدم التسامح مع المتملصين من واجباتهم، والمتذرعين بالحجج الكاذبة لتغطية تقصيرهم وقلة أمانتهم في العمل.

2. الثقة بالنفس:

إنَّ الثقة بالنفس من أبرز صفات الشخصية المهابة، والتي تجعلها مميَّزة في عيون الناس وتنال احترامهم؛ وذلك لأنَّها تحترم نفسها أولاً وتقدرها، ولعلَّ الثقة بالنفس التي تتمتع بها الشخصية المهابة ناتجة عن تكامل مجموعة من الأسباب أهمها:

  1. معرفة النفس جيداً، ومن ثمَّ عدم التأثر بكلام الآخرين السلبي والمنتقد؛ لأنَّها موقنة بأنَّه غير صحيح وغير منطقي.
  2. الترفع عن الدخول في نقاشات تافهة، وتفضيل الاحتفاظ بآرائها الشخصية على طرحها وسط مجموعة لا تقدر هذا الرأي.
  3. الاستقلالية المادية؛ لأنَّ الشخص ذا الهيبة لا يقبل أن يكون عالةً على أحد فيسعى إلى الاستقلال المادي الذي يقود إلى كافة أنواع الاستقلال.
  4. تقبُّل اختلاف الآخرين عنها، وعدم محاولة فرض رأيها على الآخرين، والتسامح مع نفسها وعدم تحميلها أكثر من طاقتها وقدرتها على التحمُّل.
  5. الاجتهاد والسعي الجاد إلى اكتساب المزيد من المعرفة، والطموح وعدم الاكتفاء منه والرغبة بتحقيق المزيد من الأهداف.

شاهد بالفيديو: 8 طرق ذهبية لاكتساب الثقة بالنفس

3. قوة الشخصية:

تُعَدُّ قوة الشخصية وعدم الشعور بالخجل من التعبير عن النفس والرأي من صفات الشخصية المهابة، فهذه الشخصية تستطيع أن تتكلم وسط جموع الناس وتعبِّر عما يدور في رأسها من أفكار دون ارتباك، ودون أن تكترث للصورة التي يمكن أن يرسمها الآخرون عنها، فإنَّ الشخص ذا الهيبة لا يستطيع المجاملة في آرائهم فقط من أجل إرضاء الناس ونيل إعجابهم، هو يقول رأيه بصراحة ولو كانت العاقبة بقاءه وحيداً.

4. الإيجابية:

وهي من أهم صفات الشخصية المهابة، فالإيجابية هي الخصلة التي تتيح للشخص ذي الهيبة التأقلم مع كافة التغيرات في حياته، ولو بدت قاسية ومؤلمة في بادئ الأمر، فهذا الشخص ميَّال بطبعه للبحث عن مواطن الخير حتى في أسوأ المواقف وأكثرها مأساة؛ وهذا يضيء في حياته بصيص الأمل ويمنعه من الاستسلام عن المزيد من السعي من أجل تغيير الظروف الحالية، ولا يعني هذا أنَّ الخوف لا يتسلل إلى داخل الشخصية المهابة؛ بل على العكس، إنَّ الشخصية المهابة هي شخصية طبيعية تخاف وتتردد لكنَّها لا تسمح لنفسها أن تعيش تحت رحمة هذا الخوف، فتتخذ القرار بكسر هذه المخاوف متشبثة ببصيص الأمل.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح تُسهّل عليك تبنّي الإيجابية كأسلوب حياة

5. الذكاء العاطفي:

يُعَدُّ الذكاء العاطفي من أهم صفات الشخصية المهابة، فهو الذي يسمح لها بفهم مشاعرها وتعريفها والتفريق بينها بشكل دقيق، ومن ثم التعامل مع هذه المشاعر بشكل عقلاني وواعٍ بعيد عن الانفعال، فيتصرفون بناءً على استجابة عقلانية مدروسة وليس كرد فعل على المواقف، ويمكِّن الذكاء العاطفي الشخص ذا الهيبة من التعاطف مع الآخرين وتقدير ظروفهم وفهم مشاعرهم، فيتصرف معهم بطريقة تؤكد على ذلك؛ وهذا يزيد من احترام الناس له، كونهم يشعرون بقربه منهم وتقبُّله لإنسانيتهم.

6. المنطقية:

على الرغم من الذكاء العاطفي الذي يملكه الشخص ذو الهيبة، إلا أنَّ العقلانية والمنطقية تُعَدُّ من أهم صفات الشخصية المهابة، وعلى الرغم من أنَّ هذه الشخصية متفائلة وإيجابية، إلا أنَّها تتمتع بتفكير منطقي وواقعي، وتقترح لمشكلاتها حلولاً من كوكب الأرض وليست من عوالم الخيال، ويستند الشخص ذو الهيبة في اتخاذ قراراته إلى ملاحظته الدقيقة، وتجاربه السابقة، وخبراته التي كوَّنها من خلال معرفته، ويتمتع هذا الشخص بالذكاء التحليلي الذي يتيح له ربط الأمور مع بعضها بطريقة منطقية مبنية على أحكام العقل.

7. الإنسانية:

الهيبة بين الناس لا تعني انعدام الإنسانية، فمن صفات الشخصية المهابة أنَّها ذات حس إنساني عالٍ، فهي تميل إلى مساعدة الفقراء ومد يد العون لهم قدر الإمكان، كما أنَّها تسعى إلى حماية المستضعفين ونصرتهم وعدم السكوت عن ظلمهم، ويطغى الاحترام على طريقة تعاملها معهم، فلا نجد في أسلوبها أي منَّة أو إهانة، وإنَّ الشخص ذا الهيبة لا يتوانى لحظة عن مساعدة الناس بشتى أنواع المساعدة التي يستطيع تقديمها، فهو يشعر بالمسؤولية تجاههم، ويبذل قصارى جهده في سبيل تحقيق العدالة المجتمعية في محيطه.

إقرأ أيضاً: بناء علاقات إنسانية ناجحة مع الآخرين

8. اختيار محيطها بعناية:

من صفات الشخصية المهابة أنَّها لا تفضل الاختلاط بجميع أنواع البشر، فهي اختيارية جداً في انتقاء الدائرة المقربة منها والأشخاص الذين تجالسهم، ونجد أنَّها تفضل الوحدة على الجلوس في مكان لا تنتمي إليه ولا تنسجم مع طبيعة الأفراد الموجودين فيه، ولا يعني هذا أنَّها شخصية مغرورة، فهي أبعد ما تكون عن الغرور، لكنَّها لا تحب المجالس الغنية بالنميمة والثرثرة ولا تفضل إضاعة وقتها فيها، وهي تميل إلى الانسجام مع الأشخاص المتعلمين والمثقفين وتبتعد عن الأشخاص المتسرعين في إطلاق الأحكام، وغير الواعين، والبلهاء الذين يتشدقون في أمر لا يفقهونه.

كيف تكون ذو هيبة ووقار؟ إليك أشياء تزيد من هيبتك:

إذا كنت ترغب بأن تصبح شخصاً ذا هيبة، فنحن نقدم لك هذه الخطوات التي تنطوي على أشياء تزيد من هيبتك وتُعزِّزها:

  1. الابتعاد عن الثرثرة: إنَّ كثرة الكلام هي أكثر ما يخفف من حضور الشخص ويقلل من الهيبة أمام الناس؛ وذلك لأنَّ الكلام الكثير يزيد فرص الوقوع في الزلات، وفي نفس الوقت، الهيبة لا تعني أن تظلَّ صامتاً دائماً؛ لأنَّ ذلك قد يوصل رسالة بأنَّك ضعيف الشخصية وغير قادر على فرض حضورك.
  2. الاحتفاظ بأسرارك: إياك أن تسلم أسرارك ومفاتيح حياتك للآخرين فهذا يفقدك هيبتك أمامهم ويعطيهم صلاحية تهديدك وانتقاصك، فكن صديق نفسك وارفع من شأنك ولا تنتقد ذاتك في حضور الناس، ولا تسخف إنجازاتك أبداً.
  3. الهيبة لا تعني الصراخ والقسوة؛ إنَّها اللطف والنبرة الحازمة في الوقت ذاته.
  4. احترام الآخرين وعدم توجيه لهم الإهانات مهما كان شأنهم: احترم الأطفال والمسنين والنساء وكل الناس لأنَّك تعبِّر بذلك عن احترام نفسك.
  5. إياك أن تضع رضى الناس على لائحة أهدافك وغاياتك؛ لأنَّك مهما فعلت لن تدركه وستخسر ذاتك في هذا السعي.
  6. يجب أن تكون إيجابياً ومرحاً ومرناً وباسماً.
  7. قبل اتخاذ أي خطوة أو قرار في حياتك فكر مليَّاً في تبعاته ونتائجه لتكون جاهزاً لتحمُّل مسؤولية أفعالك.
  8. إذا وعدت، فكن وفياً لوعدك فهذا يعزز ثقة الناس فيك واحترامهم لك ولصدقك.
  9. التسامح أيضاً هو من الأشياء التي تزيد هيبتك؛ لأنَّ التسامح ينم عن قوة وكبرياء وترفُّع للنفس عن الصغائر.
  10. لا تكن كتاباً مفتوحاً يقرؤه الجميع؛ بل احتفظ بمخاوفك ونقاط ضعفك لنفسك فقط.
  11. إذا أخطأت، فاعتذر مرة؛ لأنَّ كثرة الاعتذار يضرب بالهيبة عرض الحائط.
  12. المطالبة بحقك دائماً، وعدم تقبُّل أن يتم انتهاكه من قِبل أي أحد، فاطلبه بهدوء وثبات وثقة.
  13. الاستقلالية هي أهم الأشياء التي تزيد هيبتك، فاحرص على نيل استقلالك المادي والعاطفي وجميع أنواع الاستقلال التي تقودك إلى اتخاذ قرارات مستقلة.
  14. لا تحمِّل الأشياء أكثر من حجمها، وكن واقعياً ومنصفاً في كل شيء؛ في الاهتمام، والشعور، والانفعال، والغضب، وكن متوازناً.

إنَّ الشخص ذا الهيبة هو شخص ينال احترام الناس وإجلالهم، ويخلق لنفسه مكانة مرموقة بينهم، وإذا أردت أن تكون شخصاً ذا هيبة، فيجب عليك الاطلاع على صفات الشخصية المهابة والتصرفات والأشياء التي تزيد من هيبتك والبدء بتطبيقها، لتمتلك بذلك مفاتيح الشخصية القوية التي تفرض وجودها بكل عنفوان.




مقالات مرتبطة