كيف تكتسب مهارة تحمُّل المسؤولية في حياتك ومستقبلك؟

قال ايرل نايتنجيل ذات مرة: "نحن جميعاً صنيعة أنفسنا، لكن الناجحون فقط هم من يعترفون بذلك".



تأمَّل قليلاً:

هل تساءلت يوماً لماذا لم تصبح الشخص الذي تريده حتى الآن؟

لماذا تخفق في اتخاذ الخطوات الضرورية من أجل تحقيق ما تصبو إليه؟

لماذا تلقي اللّوم على الظروف والأشخاص وتعيش دور الضحية لكل شيءٍ لا يعجبك؟

ما الذي ينقصك؟ ما هو الشيء الذي كان يجب أن تفعله ولم تفعله؟

تابع معنا قراءة سطور هذا المقال لتتعرف إلى ذلك.

أنت المسؤول الأول والأخير والوحيد عن حياتك ومستقبلك "أنت صنيعة نفسك":

تواجهنا صدمات وعقبات فينقلب معظمنا على نفسه، ظناً منه أنَّه هو الوحيد الذي يعاني في هذا العالم، وأنَّ همومه وقضاياه هي الأصعب والأعقد، فمن السهل منه العتاب ولوم الآخرين والظروف وأي شيء آخر، والتَّهرب من تحمُّل المسؤولية لإجراء أي تغيرات، وللأسف فهو بذلك يحدُّ من تصرفاته ويمنع نفسه من استخدام إمكاناته الحقيقية.

فأنت وحدك المسؤول عن حياتك الحالية والمستقبلية وهي الخطوة الأولى في السيطرة على حياتك، قال أحد المحاضرين العالميين: "عندما تلوم الآخرين، والظروف، والمواقف، فإنَّك بذلك تعطيهم القوة لقهرك، فيجب عليك أن تتوقف عن لوم الآخرين، وتتحمل مسؤولية حياتك".

تعريف المسؤولية:

لو حللنا كلمة "المسؤولية" سنجد أنَّها تعني: القدرة على التجاوب من أجل التقدم للأمام، فإنَّك عندما تتحمل مسؤوليتك تستخدم إمكاناتك وقدراتك، فإنَّ النجاح بكل المقاييس يتطلب أن تتحمل المسؤولية، وهي أهم صفةٍ مشتركة بين كلِّ الناجحين.

أيضاً تحمل في طيَّاتها معنى آخر وهو: قدرتك على اختيار نوعية الاستجابة الصادرة عنك، فلا يُعلق الناس الذين يتمتعون بالمسؤولية سلوكاتهم على الظروف أو الأحوال، لأنَّهم يعون تماماً أنَّ سلوكاتهم هي نتاج لاختيارهم الواعي المبني على أساس من القيم وليست وليدة الظروف التي يمرون بها والمبنية على المشاعر.

شاهد بالفديو: 14 عذراً يجب أن تتوقف عن اختلاقه إذا أردت أن تحقق النجاح

9 صفات للأشخاص الذين لا يتحملون المسؤولية:

1. اللوم:

هو عملية إلقاء اللوم على الظروف أو على شخص آخر عند حدوث خطأ أو تصرُّف خاطئ أو سلوكٍ غير مقبول من جانبه، وقد يتم ذلك بشكل علني أو خاص، وبغرض تحميل الشخص الملام بما حدث، دون أن يحمِّل نفسه مسؤولية الحدث.

2. كثرة الشكوى:

الشكوى المتكررة من الأحداث والمواقف والأشخاص، فالشخص المشتكي يعبر عن عدم الرضى عن شيء معين أو تجربة غير مُرضية، بالمقابل قد تؤثر الشكوى في الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية للشخص المشتكي، فقد تؤدي إلى الشعور بالإحباط والعجز والتشاؤم، وتدمير العلاقات مع الآخرين.

3. الأعذار والمبررات:

هي عادةٌ للتهرب من المسؤولية باختلاق الأعذار والتبرير، وهذا يؤثر في الثقة والاحترام الذي يتمتع به الشخص، وقد تؤدي هذه العادة إلى فقدان الفرص والتحديات وعدم النجاح في الحياة الشخصية والمهنية، فيصبح الشخص غير مسؤول عن أفعاله ولا يتحمل نتائجها.

4. العيش بدور الضحية:

يرى الشخص أنَّ الكون كله ضده، ويلقي اللوم على كل شيء حوله، كما أنَّه مقيَّد في التصرفات تحت رحمة من يأتي لينقذه من الظروف الصعبة؛ فيقول: لو أنَّني عشت في مكانٍ أفضل، لو أنَّني لم أولد فقيراً، لو لم يكن رئيسي في العمل محباً للسيطرة، لو لو....

5. النقد:

نقد الجميع على أي شيء وكل شيء دون تحمُّل المسؤولية، وهذا يؤدي إلى توليد الأحاسيس السلبية.

6. المقارنة:

مقارنة أنفسهم باستمرار مع الآخرين، وهذا يؤدي في بعض الأحيان إلى تجنبهم تحمل المسؤولية أو التصرف بشكل مستقل، إذ يمكن أن يصبحوا متعلّقين بمقارناتهم وما إذا كانوا أفضل أم لا بدلاً من التركيز على الواقع والتحرك بما يخدم أهدافهم ومصالحهم.

عموماً، فإنَّ عدم تحمُّل المسؤولية يعد سلوكاً سلبياً يمكن أن يؤدي إلى التأخُّر في تحقيق الأهداف.

7. الهروب:

يتجنب الشخص تحمل المسؤولية عندما يواجه مشكلةً أو تحدياً، ويحاول البحث عن طريقة لتفادي المواجهة مع المشكلة.

8. عدم الالتزام:

يتجنب الشخص تحمل المسؤولية والالتزام بالخطط والأهداف، وهذا يؤدي إلى تراجع الإنتاجية وتقليل فرص النجاح.

9. عدم الثقة في الذات:

يشعر الشخص بالتردّد والقلق بشأن قدرته على تحمل المسؤولية، وهذا يؤثر سلباً في ثقته في نفسه ويعرقل قدرته على اتخاذ القرارات الصائبة.

أنت جديرٌ بأن تكون مسؤولاً:

في عام 2010، حدث خلل في هاتف آيفون 4 الجديد الذي أطلقته شركة آبل ، وفي البداية، حاولت آبل تجاهل المشكلة وعدم الاعتراف بالخطأ، ولكن بعد فترةٍ قصيرة، قام الرئيس التنفيذي الراحل ستيف جوبز بإصدار بيان صحفي يعترف فيه بالمشكلة ويعلن عن خطوات لإصلاحها.

على الرغم من أنَّ هذا الاعتراف قد أثر سلباً في سمعة آبل في البداية، إلا أنَّه أظهر تحمُّل المسؤولية والتزام الشّركة بالجودة ورضى العملاء، ومن خلال ذلك، تمكنت آبل من استعادة ثقة العملاء وتحقيق نجاحٍ باهر في الأعوام اللاحقة.

تذكَّر:

يجب عليك أن تتحمل المسؤولية الكاملة بصرف النظر عن النتائج، وما إن تتصرف بهذا المعتقد فإنَّ حياتك ستتغير نحو الأفضل، فلن تلوم أو تنتقد أحداً، ولن تقارن أحداً بنفسك أو بشخصٍ آخر، ومهما يكن، يجب عليك أن تقرِّر أن تصبح أفضل ما استطعت، وتسعى إلى إيجاد الحلول المناسبة لأي تحد يقابلك.

طريقتان تساعداننا على ذلك:

  1. أن تقطع على نفسك عهداً وتفي به من الآن:عندما تأخذ على نفسك عهوداً، حتى لو كانت صغيرة يتكون تكامل داخلي يولِّد لديك وعياً بالتحكم بالنّفس والشجاعة والقوة التي تؤهلك لتحمُّل المسؤولية.
  2. أن تضع هدفاً نصب عينيك وتجتهد لتحقيقه.

هناك من يجد الحلول، ولكن الأغلبية يختلقون الأعذار:

عندما تفكر في ذلك، ستجد أنَّ بعض الأشخاص يتمتعون بالقدرة على إيجاد الحلول وتطبيقها بشكل فعال، بينما يعاني الأغلبية من صعوبة في تحديد الحلول المناسبة والعمل على تنفيذها، وعندما يصبح الأمر صعباً، قد يبدأ الناس في اختراع الأعذار وتبرير عدم القدرة على تحمُّل المسؤولية، وهذا يؤدي إلى التأخر أو الفشل في تحقيق الأهداف المرجوة.

فعندما تعرف ما هو الهام في حياتك، فإنَّ ذهنك سيطرد عنك ما هو غير هام فالذين يتحلون بالمسؤولية يتميزون بامتلاكهم أهداف يعيشون من أجلها لتحقيق دورهم في إعمار الأرض، ومن يملك أهدافاً يعيش من أجلها لن توقفه الظروف ولا كلمات الجاهلين، أمام غايته الكبرى التي وجد من أجلها.

لكن من الهام أن يتذكّر الأشخاص أنَّ تحمُّل المسؤولية هو جزء من النضج والنجاح في الحياة، وأنَّه يتطلَّب العمل الجاد والتحلي بالصبر والعزيمة للوصول إلى النتائج المرجوة، وعندما يتعامل الأشخاص مع الصّعوبات والتحديات بشكل مواجهٍ ومسؤول، سيصبحون أكثر قدرة على إيجاد الحلول وتنفيذها بشكلٍ فعَّال وتحقيق النجاح في الحياة.

شاهد بالفديو: 10 أشياء لا يفعلها الواثقون من أنفسهم

تقنيات فعَّالة لاكتساب مهارة تحمُّل المسؤولية في حياتك ومستقبلك:

الحل بسيط للغاية هو أن تبدأ من هذه اللحظة بالتّصرف كما لو أنَّك مسؤول بشكلٍ كاملٍ عن كلِّ شيء يحدث لك أو لا يحدث لك، فعندما يحدث لك أمر غير مخطَّط له، فإنَّ اعتناقك لهذه الفرضية بوصفها معتقداً أساسياً تتصرف وفقه، يجعلك تمتلك الحرية الكاملة في طريقة استجابتك للمواقف السلبية المؤثرة، فالعجيب في الموضوع أنَّ ما يحدث لنا ليس هو ما يجرحنا، بل استجابتنا له هي ما تفعل ذلك، فتحمُّل المسؤولية هي مهارةٌ هامّة للنجاح في الحياة الشخصية والمهنية، وهناك عدد من التقنيات التي يمكن استخدامها لاكتساب هذه المهارة، ومنها:

1. المنظور الفكري:

هي الطريقة التي ترى فيها العالم ليس على أساس الرؤية الحسية، ولكن على أساس التصور والفهم والتفسير؛ ويشمل ذلك العقائد والمبادئ والقيم والمفاهيم التي تؤمن بها والتي تؤثر في رؤيتك وتفكيرك وتصرفاتك، فعندما تواجهك أحداث في الحياة فإنَّك تستخدم ما يسمى بالمنظور الفكري للاستجابة لهذه المواقف، ويختلف هذا المنظور من شخص لآخر، فالأشخاص الذين يتمتعون بمنظور فكري إيجابي يستطيعون أن يواجهوا التحديات والمسؤوليات بشكل إيجابي وبنَّاء، في حين يمكن للأشخاص الذين يتمتعون بمنظور فكري سلبي أن يفشلوا في التعامل مع المسؤوليات والتحديات التي تواجههم.

ومن ثمّ، فإنَّ المنظور الفكري يمثل جانباً هاماً في تحمل المسؤولية، فيساعد الفرد على التفكير بشكلٍ إيجابي ومبتكر، والتّعامل مع المسؤوليات والتّحديات بطريقةٍ فعالة وبنَّاءة، والتركيز على الأهداف والعمل على تحقيقها، والتفكير الإبداعي والحلول المبتكرة للمشكلات التي تواجهه.

تغيير المنظور الفكري هو الخطوة الأولى لإحداث تغييراتٍ جذريّة إيجابية في حياتك.

2. تأخذ بزمام المبادرة دوماً:

كلمة المبادرة تعني: الخطوة للأمام، أي إنَّنا بصفتنا بشراً مسؤولين عن حياتنا وإنَّ سلوكنا هو نتاج لقراراتنا وليس ظروفنا، فنحن نستطيع أن نضع المشاعر في مرتبة أدنى من القيم، ونحن نمتلك حس المبادرة والمسؤولية التي تمكننا من تحقيق ما نريد.

والناس الذين يتمتعون بالمبادرة السريعة يدركون تماماً معنى تحمل المسؤولية ولا يعلقون سلوكاتهم على الظروف أو الأحوال.

ولأنَّ المبادرة هي طبيعة إنسانية، فإن كانت حياتنا نتاج الظروف والمؤثرات الخارجية؛ فذلك لأنَّنا اخترنا تمكين هذه الأشياء التي تتحكم فينا، وهذا الاختيار يحولنا إلى أشخاص انفعاليين يتأثرون بالبيئة الاجتماعية المحيطة، إي إنَّهم يكونوا سعداء إذا حَسُنَت معاملتهم، تعساء إذا أُسيئَت معاملتهم ويلجؤون فوراً إلى الدفاع، أما المبادرون فيتأثرون بالمثيرات الخارجية سواء المادية أم الاجتماعية أم النفسية، لكنَّ استجابتهم لتلك المثيرات سواء الواعية أم اللاواعية، هي اختيار أو استجابة أساسها القيم التي تعمل على العمل المثمر.

لو تأمَّلت قليلاً ستجد أنَّ المبادرة هي قوة إيجابية يمكن استخدامها في أقسى الظروف، لتكون مصدر إلهام وتشجيعاً على اتخاذ خطوات جريئة للتصرف والتغلب على الصعوبات التي تواجهها، لتوضيح هذا المعنى إليك قصة الدكتور فيكتور فرانكل المؤثرة، الذي كان طبيباً نفسياً، وفي أثناء الحرب العالمية الثانية اعتُقِل في المعسكرات ومرَّ بتجارب صعبة جداً لا يمكن تحملها، فقد هلكت أسرته بالكامل باستثناء أخته، وقد عانى فرانكل من التعذيب وانُتهِكَت كرامته مرات عديدة.

في أحد الأيام وبينما هو جالسٌ في زنزانته أدرك ما أسماه لاحقاً "آخر حريات البشر"، وهي الحرية التي ليس بمقدور أي من البشر سلبهم إياها، فمع أنَّ حراس السجن لديهم القدرة على التحكم بشكل كامل في بيئته وجسده، لكنَّه كان يدرك في قرارة نفسه كيف سيؤثر كل هذا فيه، وإنَّه يملك كامل الحرية في اختيار طريقة الاستجابة لهذه المآسي الذي تحدث له، فكان يرى نفسه في المستقبل القريب يخرج من المعتقل ويلقي محاضرة على طلابه في الجامعة ويشرح لهم ما تعلمه في أثناء الاعتقال، وخلال هذه التدريبات في ضبط النفس تمكَّن من اختلاق حريته الخاصة التي لا يستطيع أحد أن يسلبها منه، كما قال غاندي في هذا السياق: "لا يمكن لأحد أن يأخذ منا احترامنا لأنفسنا ما لم نعطه نحن إياه".

إقرأ أيضاً: كيف تكون شخصاً مبادراً بدلاً من إظهار ردات فعل؟

3. الوعي بالتوقعات:

لا تبالغ في توقعاتك من الحياة، بل انزل بها إلى أقل درجة ممكنة حتى لا تخيب آمالك في الأشخاص أو الأشياء ولا تنتظر رد فعل محدداً أو قراراً معيناً من شخص ما، فعندما لا تنتظر شيئاً محدداً من الآخرين في مستقبل محدد، يؤدي ذلك إلى راحةٍ داخلية كبيرة ويقلِّل التّوتر ويمنع الإحباطات ويزيد الألفة ويساعدك على تحمُّل المسؤولية ويبعدك عن لوم كل شيء لا يعجبك.

4. وضوح الرؤية والأهداف:

عندما تعرف ما هو الهام في حياتك وتحدد أولوياتك، فإنَّ ذلك يساعدك على التركيز على ما هو هام وتجاهل ما هو غير هام، فمعظم الأشياء في الحياة يمكن أن تشتت انتباهنا وتحول دون تحقيق أهدافنا، ولكن عندما نحدد الأهداف الهامة ونركز جهودنا عليها، ونقول "لا" بكل شجاعة ومسؤولية لكل ما يعوق تحقيق غاياتنا والتخلي عن كل ما ليس له قيمة في حياتنا، فمن الطبيعي أن نبتعد عن التفكير والانشغال بالظروف والناس، وأيضاً نبتعد عن تعليق المسؤوليات على الأحداث التي تقع حولنا ونعيش دور الضحية.

إقرأ أيضاً: دليل إنشاء بيان الرؤية الشخصية مع 11 مثالاً ملهماً عنه

في الختام:

عندما تتحلى بروح المسؤولية تصبح أنت القدوة ومثالاً يحتذى به، فإنَّ أقوى القادة على الإطلاق هم من يتحمّلون مسؤولية الأمور من حولهم، وهم الأقوى والأجدر بالتّأثير في الآخرين، وهم من يحقّقون أعلى درجات النجاح في حياتهم ومستقبلهم. (فأنت صنيعة نفسك)




مقالات مرتبطة