جميعنا وُلِدنا في ظل ظروف كان من الممكن أن تكون أفضل، ولا أحد منا قد وُلِد في عائلة مثالية، ولا يهم مقدار الوقت الذي يقضيه آباؤنا معنا أو مدى ثرائهم أو فقرهم، ولكن ثمَّة أشياء نتمنى لو قاموا بها على نحوٍ مختلف.
جميعنا أصبحنا بالغين الآن ويمكننا إجراء التغييرات اللازمة لنعيش الحياة التي نستحقها، ولا توجد حاجة إلى إلقاء اللوم على أي شخص بعد الآن؛ بل يجب أن نتحمل المسؤولية عن حياتنا، ولكن للأسف يحب البشر إلقاء اللوم على كل شيء وكل شخص وعلى الوضع الذي يجدون أنفسهم فيه؛ فمن الأسهل إلقاء اللوم على شخص آخر؛ إذ إنَّنا نشعر بتحسن عندما نلقي اللوم في مكان آخر.
لقد وُلِدنا مع مواهب عظيمة؛ بعضها يسهل اكتشافها أكثر من غيرها، وعلى الرغم من أنَّه يتعين على كثيرين منا البحث بصورة أعمق بقليل للعثور على ما لدينا من مواهب، ولكن جميعنا نعلم أنَّها موجودة.
لماذا إذاً نجد صعوبة بالغة في استخدام هذه المواهب لتحسين حياتنا وحياة الأشخاص من حولنا؟
إنَّنا نلوم ظروفنا، ونلوم الأشخاص من حولنا، ونركز على المشكلات والأشياء التي لا يمكننا تغييرها، ونهمل العمل على الأشياء التي لدينا القدرة على تغييرها حتى نتمكن من تحقيق الأهداف التي وضعناها لأنفسنا، فغالباً ما نقضي حياتنا بأكملها في القلق أو الشكوى من المشكلات، ولا نأخذ الوقت الكافي لتحسين مواهبنا واستثمارها، إنَّ الحياة صعبة بالنسبة إلى الجميع، وعلينا أن نتغلب على العقبات كل يوم.
بالنسبة إلي لقد قضيتُ معظم شبابي وأنا ألوم والديَّ على عدم وقوفهما إلى جانبي؛ فلم يكونا أفضل والدين على الإطلاق؛ لذلك كنت أعاني الصعوبات عندما كنت طفلةً، وقد كنتُ أُرسَل من منزل إلى آخر باستمرار، وقد أثر ذلك في نموِّي، وشعرت بالغضب والإحباط والبغض تجاههم، وقد ألقيت اللوم أيضاً على الظروف التي جئت بها إلى هذا العالم، وكنت أفكر وأقول في نفسي لو أنَّني ولدت في عائلة مختلفة أو حتى في بلد مختلف لكانت حياتي أسهل.
لقد عملت بجدٍّ لتغيير حياتي بوصفي امرأة بالغة، وبذلت قصارى جهدي لكي أنجح؛ لكنَّني لطالما اعتقدت أنَّني أستطيع الحصول على حياة أفضل لو قضى والداي الوقت الكافي ليكونا والدَين صالحَين، ولقد ألقيت اللوم عليهما على حقيقة أنَّني اضطررت إلى العمل بجدٍّ للنجاح في الكلية، وعلى حقيقة أنَّني لم أصبح طبيبة؛ فعندما كنت طفلة كان طموحي أن أصبح طبيبة؛ لكنَّني غيرت رأيي خلال المدرسة الثانوية عندما أخبرنا المعلم أن نأخذ ضفدعاً لتشريحه، وقد ألقيت اللوم عليهما على حقيقة أنَّني كرهت تشريح الضفادع، وقد علمت أنَّني لا أريد أن أصبح طبيبة بعد ذلك؛ لكنَّني ما زلت ألومهما على تغيير رأيي.
إنَّني ألوم والديَّ على كل قرار سيئ قد اتخذته، ولقد ألقيت اللوم عليهما حتى على علاقاتي السيئة التي مررت بها على الرَّغم من أنَّني كنت امرأة بالغة عندما اتخذت كل تلك القرارات، نعم من الممكن أن يكونا قد أسهما في شعوري بانعدام الأمان، وتدني احترام الذات، والغضب، واستحقا كل اللوم على ذلك؛ لكنَّني الآن أصبحت بالغة.
بصرف النظر عن مدى نجاحي الذي حققته لم يكن ذلك كافياً بالنسبة إلي؛ لأنَّني كنت ما أزال ألوم الظروف التي جئت فيها إلى هذا العالم وعلى كل مشكلاتي، ولم أتمكن من المضي قدماً في حياتي إلا بعد أن شعرت بالإحباط بسبب الغضب وانعدام الأمان والأنانية التي كانت لدي وقررت التوقف عن إلقاء اللوم على الآخرين.
إذا كنت مثلي؛ فدائماً ما ستجد أسباباً لإلقاء اللوم على شخص أو شيء ما؛ إذ إنَّنا نرفض تحمُّل المسؤولية والسيطرة على تلك الأشياء التي يمكننا تغييرها في حياتنا، أمَّا بالنسبة إلى الأشياء التي لا يمكننا السيطرة عليها فلا يمكننا تغييرها؛ لذلك لا يجب علينا إلا أن نتقبلها كما هي.
إنَّ المشكلات التي نواجهها يومياً هي ليست المشكلات الحقيقية؛ بل المشكلة الحقيقية هي نحن؛ فنحن أسوأ عدو لنا؛ إذ إنَّنا نقف في طريقنا ونمنع تقدمنا ونجاحنا بسبب إلقاء اللوم، ونحن بحاجة إلى تحمل المسؤولية عن حياتنا والبدء من اليوم؛ لذا لا تسمح لظروفك بأن تجعلك عاجزاً بعد الآن، وتحرر وتحكم في حياتك ومصيرك؛ فأنت تملك القوة والأدوات اللازمة لتؤمِّن حياة أفضل لنفسك، ويجب أن تجعل رغبتك في تحقيق أهدافك أكبر من أي ظرف تواجهه في حياتك؛ فكل ما يحدث من حولك هو مجرد عوامل تشتيت طوال رحلة الحياة، ولكن يجب عليك زيادة التركيز حتى لا تؤثر هذه العوامل فيك.
شاهد الفيديو: كيف تغير حياتك؟
لتتوقف عن إلقاء اللوم على ظروفك وتمكِّن نفسك من تحقيق كل ما تستطيع.
إليك 14 نصيحة:
1. كن شغوفاً:
يجب أن تجد شغفك وأن تكون على استعداد للعمل حتى تتقنه، ويجب أن تعيش حلمك بالكامل، وأن تحبه كثيراً لدرجة أنَّك حتى لو لم تحصل على أجر بالمقابل، فستفعله بصرف النظر عن كل شيء.
2. تحلَّ بالقناعة:
يجب أن تكون مقتنعاً بأنَّك فريد وموهوب وبإمكانك فعل كل شيء إذا ركزت على ذلك، ولا تنسَ أبداً أنَّك الشخص الوحيد الذي يمكنه منعك من الوصول إلى أهدافك ولا يمكن لأي شخص آخر أن يفعل ذلك، ولا حتى ظروفك، ويجب أن تفهم أنَّ مكانك في الوقت الحالي هو ليس المكان الذي تريد أن تكون فيه في الحياة، ويجب أن تؤمن بأنَّك تملك القدرة على إجراء التغييرات اللازمة لتحقيق النجاح الذي تحتاج إليه.
3. ابدأ بخطوات صغيرة:
لا تركز على النتائج النهائية؛ فأنت تعرف هدفك تماماً وتعرف كيف تحققه، ولكن لا تركز على النهاية؛ بل ركز على الأشياء الصغيرة التي يمكنك القيام بها باستمرار وستوصلك إلى هدفك، افعل ما هو مطلوب لتصل إلى حيثما تريد واستمر حتى تحقق ذلك.
4. لا تخشَ الفشل:
استعد للفشل؛ فالأمر الأساسي للنجاح هو عدم الانسحاب، ولا يهم عدد المرات التي تفشل فيها؛ فلن تُعَدَّ فاشلاً إلا إذا انسحبت، وإذا لم تكن الأمور تسير على ما يرام فألقِ نظرة إلى ما كنت تفعله وأجرِ التغييرات اللازمة للوصول إلى هدفك المحدد.
5. غيِّر الأشياء التي تستطيع تغييرها:
عندما تجد نفسك في مواقف صعبة اعمل على تغيير الأشياء التي يمكنك تغييرها، وتقبَّل تلك التي لا يمكنك تغييرها كما هي، ولا تُضِع حياتك على أشياء لا تملك السيطرة عليها.
6. تقبَّل التحديات:
لا تخف من مواجهة التحديات عندما تأتي في طريقك؛ فالحياة مليئة بالعقبات، ولكن يمكنك التغلب عليها جميعها إذا كنت مستعداً للعمل؛ فلا شيء مستحيل إلا إذا جعلته كذلك، وتذكَّر أنَّ الأمر كله يرتبط بك وليس بالظروف، ولا يجب على ظروفك أن تُملي نتائجك؛ فأنت الذي سيقرر ما ستكون عليه النتيجة.
7. كن واثقاً من نفسك:
كن متأكداً ممَّا تريده واسعَ وراءه؛ إذ يجب أن تكون مؤمناً تماماً بأنَّك يمكنك الوصول إلى هدفك، ولا تقبل بأن تصبح ضحية؛ بل حاول أن ترى نفسك ناجحاً وافعل ما يلزم لتحقيق النجاح، وادفع نفسك أكثر فأكثر في كل مرة، وستدرك الإمكانات والقوة التي تمتلكها بداخلك؛ اعرف من أنت وكن فخوراً بذلك.
8. ميِّز نفسك:
لا تقبل بما هو دون المستوى؛ بل افعل أشياء تجعلك مميزاً، وقدم كل ما لديك وافعل ذلك باستمرار، واعمل بجدٍّ ولمدة أطول من أي شخص آخر لتصل إلى حيثما تريد، ولا تقبل بأي شيء دون مستوى الآخرين والأهم من ذلك دون مستواك.
9. كن محفِّزاً لنفسك:
حفِّز نفسك، واعثر على القوة بداخلك، وعندما لا يقوم أحد بتحفيزك وتشجيعك، شجع نفسك؛ فأنت تعرف نفسك أكثر من أي شخص آخر وتعرف ما الذي يتطلبه الأمر للاستمرار في العمل عندما يفشل كل شيء آخر؛ لذا ابحث بعمق عن القوة التي تدفعك إلى العظمة.
10. تقبَّل فكرة أنَّك ترتكب الأخطاء:
لا تلقِ اللوم على أحد أو على أي شيء، ولكن تقبَّل أنَّك لست مثالياً وأنَّك ترتكب الأخطاء، ولا تدَع هذه الأخطاء تُحدِّد من أنت؛ فأنت لست أخطاءك، أنت تُخطِئ وتصحح خطأك وتمضي قدماً وتصحح الأمور؛ فليس بالضرورة أن تكون على حق طوال الوقت.
11. اقبل المساعدة من الآخرين:
على الرغم من أنَّك تعمل على أحلامك، والأمر يرتبط بتحمل المسؤوليات ولكن لا تخَفْ من قَبول المساعدة من الآخرين، إنَّ الناس موجودون لمساعدتك وسيتمكنون من إعطائك البصيرة التي قد لا تراها بطريقة أخرى؛ لذا اقبَل مساعدة الآخرين وأظهِر التقديرَ لهم، وتعلَّم منهم لتتجنَّب الأخطاء التي قد ترتكبها دون مساعدتهم.
12. حارِب من أجل نفسك:
كن قوياً وحارِب من أجل ما تريد، ولا تستسلم لشعور الهزيمة مهما بدا الموقف قاتماً؛ فأنت تملك أهدافاً، ويجب أن تكملها حتى النهاية وستحصل على مكافآتك إذا لم تستسلم.
13. استمتع بالحياة:
خذ الوقت الكافي للاستمتاع بحياتك وأنت تعمل على تحقيق حلمك، ولا تدع الرغبة في النجاح تشغلك عن متاع الحياة؛ إذ يجب أن تأخذ وقتك وتستمتع بكل شيء طوال الطريق.
14. تجنَّب الندم:
في كثير من الأحيان ستميل إلى إعادة النظر في أخطائك الماضية، ولكن حافظ على تركيزك على المكان الذي تريد الوصول إليه وحاول ألا تنظر إلى الوراء كثيراً؛ فإنَّ ماضيك هو في الماضي لسبب معين ولا يمكن استرجاعه أبداً؛ لذا اعمل نحو المستقبل بحماسة.
في الختام:
لا تسمح أبداً للعقبات التي تواجهك في الحياة بالتسبب في عدم تحقيق أهدافك، اعمل بجد باستمرار وتجنب إلقاء اللوم، ولا تشكُ، لا سيَّما من الأشياء التي يمكنك تغييرها.
أضف تعليقاً