كيف تقيس نموك الشخصي بخمس خطوات؟

ما الذي يجعلك تشعر بأنَّك قد حقَّقت نجاحاً في الحياة؟ هل هو الاستقلال المالي، أم سعادة الأسرة، أم تقديم الخدمة للآخرين مدى الحياة؟



بصرف النظر عمَّا يجعلك سعيداً، فإنَّ رحلتك نحو تحقيق تلك السعادة لا تقلُّ أهميةً عن الوجهة، وأفضل طريقة للوصول إلى وجهتك تكمن في تحديد أهداف قابلة للتحقيق على طول الطريق.

من أجل الوصول إلى الهدف الذي تريد تحقيقه، يجب عليك أن تتحقَّق دوماً من أهداف النمو الشخصية، كي تحرص على أنَّك تحرز تقدُّماً فعلياً، وأنَّك تسير على المسار الصحيح، فمعرفة كيفية قياس نموك الشخصي تساعدك على تجنُّب الشعور بالإحباط نتيجة عدم تحقيق أهدافك على الفور، وتساعدك أيضاً على إدراك مقدار تقدُّمك ومكافأة نفسك على ذلك من أجل تحفيز نفسك، فأنت قادر تماماً على إنشاء الحياة التي تتوق إلى عيشها، وتكمن الخطوة الرئيسة في هذه العملية في قياس تقدُّمك نحو أهداف النمو الشخصية.

لماذا تحتاج إلى وضع أهداف نمو شخصية؟

يساعدك وضع الأهداف على تحديد ما تريده في الحياة؛ فإذا كنت تعرف وجهتك، فأنت بذلك تتحكَّم بحياتك، بدلاً من أن تسمح لها بالسيطرة عليك؛ إذ إنَّ تحديد الأهداف وقياسها أمر ضروري لتقدمك الشخصي، فهو يعزِّز تركيزك، ويحفِّزك أيضاً، ويساعدك على التغلُّب على التسويف.

للأهداف أنواع عديدة، ولكنَّ أفضل طريقةٍ لإحداث تغيير في حياتك أو في العالم من حولك هي أن تضع "أهدافاً ذكية" (SMART goals).

إذ إنَّ الأهداف الذكية:

  1. محدَّدة: واضحة وموجزة، وليست عامةً أو غامضة.
  2. قابلة للقياس: يمكن تتبُّعها حتى تتمكَّن من تحديد ما إذا كنت تُحرِز تقدُّماً.
  3. قابلة للتحقيق: لها درجة من الصعوبة، ولكنَّك قادر على تحقيقها حتى لا تتثبَّط عزيمتك.
  4. مناسبة: تتوافق مع خططك العامة والأهداف الأخرى في حياتك.
  5. مؤطرة بإطار زمني: مرتبطة بموعدٍ نهائي والذي يكون واقعياً، ولكنَّه يمثِّل تحدياً لك في نفس الوقت.

ستكتشف أيضاً أنَّك عندما تضع أهداف نمو شخصية، فإنَّ التغيُّرات الجذرية الناتجة عن الخطوات الذكية التي تتخذها، ستنقلك إلى مستوىً آخر، فتحقيق الهدف المطلوب يفتح لك باباً نحو الآخر؛ لذلك، يجب أن تقتصر حياتك على التقدُّم، والذي سيجلب لك الرضى والسعادة حتماً.

شاهد بالفديو: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك

5 خطوات لقياس نموك الشخصي:

بمجرد تحديد أهدافك الشخصية بوضوح، سيتوجب عليك تتبُّع تقدمك وقياسه؛ لذا ستمنحك الخطوات الخمسة الآتية أفضل فرصة ممكنة لتحقيق كل ما تسعى إليه:

1. تحديد جدول زمني لنفسك:

للتأكُّد من أنَّ "أهدافك الذكية" مؤطرة بإطار زمني، حدِّد تاريخاً نهائياً تريد فيه الوصول إلى هدفك، فقد تتضمَّن بعض أهدافك جداول زمنية مسبقاً؛ فمثلاً قد يجب عليك تعلُّم 50 عبارة أساسية باللغة الإسبانية قبل الذهاب في إجازةٍ إلى أمريكا الجنوبية، أو قد يجب عليك توفير مبلغ معيَّن من المال للتعليم الجامعي لطفلك بحلول وقت تخرجه من المدرسة الثانوية.

سيكون تحديد الجدول الزمني المناسب للأهداف الأخرى متروكاً لك تماماً، فعلى سبيل المثال، قد ترغب في إنهاء تأليف كتابك الأول قبل نهاية العام، أو في كسب دخل كبيرٍ جداً بحلول عيد ميلادك الأربعين.

إنَّ أفضل الجداول الزمنية لأهداف النمو الشخصية لها موعدٍ نهائي طموح، لكن يمكن الوصول إليه؛ إذ ستظلُّ متحفِّزاً إذا تحديت نفسك، لكن لا تكن طَموحاً أكثر من اللازم وإلا ستخاطر بعدم تحقيق هدفك والشعور بالفشل في نهاية المطاف.

لذا، ابدأ بتقدير المدة التي ستستغرقها لتحقيق هدفك إذا سار كل شيء تماماً كما هو مخطط له، ثمَّ ضع تاريخاً نهائياً محدداً، وبعد ذلك، اسأل نفسك عمَّا إذا كنت ستحتاج إلى وقت إضافي أم لا، مع الأخذ في الحسبان العوائق التي قد تظهر في طريقك، أم أنَّك تريد أن تدفع نفسك بوتيرةٍ أسرع ممَّا يُريحك.

بعد أن تحدِّد التاريخ النهائي، ستتمكَّن من إنشاء جدول زمني لما ستحتاج إلى القيام به كل يوم أو أسبوع أو شهر أو سنة، لتحقيق هدفك في الوقت المحدد.

2. تحقيق أهدافك الصغيرة على طول الطريق:

سيساعدك الجدول الزمني الذي أنشأته على تحديد الأهداف الصغيرة التي يجب عليك بلوغها لتحقيق هدفك النهائي، فإذا كان هدفك هو قراءة 24 كتاباً عن تحسين الذات هذا العام، فيمكن أن تشمل أهدافك الصغيرة الانتهاء من قراءة كتابٍ كل أسبوعين، فقد يساعدك أيضاً تحديد عدد الصفحات أو الفصول التي يجب أن تقرأها كل يوم.

وسيساعدك التحقق من أهدافك الصغيرة على تحفيزك على مواصلة التقدم إلى الأمام، كما يمكن أن تساعدك الأهداف الصغيرة على معرفة ما إذا كان جدولك الزمني مبالغاً فيه، ويحتاج إلى تغيير ليكون أكثر واقعيةً، مع الحفاظ على شيء من صعوبته، وستساعدك هذه الأهداف الصغيرة أيضاً على النظر إلى الوراء، والتفكير في النجاحات والإخفاقات التي تواجهها في رحلتك في حين تقيس نموك الشخصي بفاعلية.

إقرأ أيضاً: كيف تتخذ الإجراءات اللازمة لتحقق أهدافك؟

3. تتبُّع تقدمك:

الخطوة التالية في معرفة كيفية قياس التقدم في أهدافك تكمن في تحديد كيفية تتبُّعها، فهناك كثير من الأدوات المتوفرة، لذا اختر تلك التي تريحك؛ إذ يحب بعض الأشخاص تنظيم أهدافهم وتتبعها في برامج مثل "مايكروسوفت إكسيل" (Microsoft Excel)، و"غوغل شيتس" (Google Sheets) مثلاً، أمَّا بعضهم الآخر فيفضِّل استخدام أداة لإدارة المشاريع، مثل منصة "أسانا" (Asana) المُصمَّمة خصيصاً لتتبُّع الأهداف، وإعداد قوائم المهام، ومراقبة التقدم.

يمكنك أيضاً استخدام تطبيق لتحديد الأهداف، مثل "غولز ويزارد" (Goals Wizard)، والذي له موقع ويب أيضاً لتتبُّع أهدافك على جهاز الحاسوب والهاتف، وإذا كان أي من هذه الخيارات ليس مناسباً لك، يمكنك أن تنجح أيضاً في تتبُّع تقدُّمك باستخدام قلم ودفتر.

مهما كانت الطريقة التي تختارها، فإنَّ الجزء الهام يتمثَّل في أن تكون أهدافك مكتوبة، وأن تكون قادراً على تتبُّعها بسهولة وبانتظام؛ إذ إنَّ الأشخاص الذين يكتبون أهدافهم وتقدمهم يملكون دوافع داخلية لمواصلة هذا التقدم، ويتمثَّل أحد الجوانب الرئيسة لتتبُّع تقدُّمك في كتابة أهدافك بصيغة الحاضر، فعندما تفعل ذلك، فإنَّ عقلك الباطن يعدُّه أمراً عليك تنفيذه، وهذا يمنحك الدافع للمضي قدماً نحو هدفك.

على سبيل المثال، تساعدك عبارة "وزني 68 كغ في الشهر القادم" على تصور الشكل الذي ستبدو عليه وتشعر به في ذلك الوقت، وتلهمك أفكار عن كيفية الوصول إلى هدفك وتحفيزك على إجراء التغييرات اللازمة.

من الهام أيضاً تتبع مشاعرك، وتفكيرك، وأفعالك، وعاداتك، بالإضافة إلى أهدافك الصغيرة؛ إذ يمكن أن يمنحك ذلك فكرة عن التقدُّم الذي تحرزه، وما قد يجب عليك التركيز عليه للتغلُّب على العقبات، فإذا لم يكن هناك أي تقدُّم عند مرحلة ما، أو كنت تتراجع نحو الخلف مثلاً، فقد يكون الوقت قد حان لتغيير شيءٍ ما للبدء بنمو جديد.

تذكَّر أنَّ تعلُّم كيفية إدارة وقتك بحكمة سوف يدفعك نحو النجاح لتحقيق أهدافك؛ لذا رتِّب مهامك حسب الأولوية كل يوم، وتغلَّب على التسويف.

4. وضع أوقات محددة لقياس تقدمك:

إنَّ الخطوة الرئيسة التالية من خطوات التنمية الشخصية، هي التحقُّق من تقدمك بانتظام؛ لذا احرص على عدم الوقوع في فخ وضع أهداف مذهلةٍ ونسيانها بعد الدفعة الأولية من التحفيز، كما هو الحال في عديد من أهداف العام الجديد التي ننساها على الرَّغم من نوايانا الصادقة في تحقيقها.

بدلاً من ذلك، ضع وقتاً محدداً للتحقق من تقدُّمك، ثمَّ تأكَّد من متابعتك لذلك، ابقَ مستمراً في تتبُّع تقدمك، سواء كان ذلك يومياً، أم أسبوعياً، أم غير ذلك، وفكِّر في الأمر على أنَّه اجتماع عمل هام، ولا تفوِّته أبداً؛ إذ يتطلَّب الوصول إلى أهدافك جهداً مستمراً؛ لذا تأكَّد من صقل مهاراتك في إدارة الوقت والتنظيم لمساعدتك على الحفاظ على تركيزك وزيادة إنتاجيتك حتى تصل إلى أهدافك.

شاهد بالفديو: 8 أخطاء شائعة في تحديد الأهداف

5. تحفيز ذاتك:

إنَّ المفتاح الأخير لمعرفة كيفية قياس نموك الشخصي هو تشجيع نفسك؛ لذا استمر في ترديد عبارات التحفيز الإيجابية يومياً، والتي ستساعدك على البقاء مندفعاً ومتشجعاً.

في أي مشروع يتطلَّب التغيير، سيكون هناك صعوبات حتماً وحتى نكسات، لكنَّ هذا كله جزء من السير الطبيعي للعملية؛ لذا لا تقسُ على نفسك أبداً إذا تخلَّفت قليلاً أو تأخَّرت عن مواعيدك، بل انظر إلى الأمر على أنَّه تجربة تتعلَّم منها والتي يمكن أن تساعد على دفعك نحو مزيدٍ من التقدم.

يكمن المفتاح لقياس نموك في أن تكون على درايةٍ به وقبوله وإجراء تغييرات لتعزيزه؛ لذلك من الضروري أن تكون صادقاً مع نفسك، بدلاً من اختلاق الأعذار أو تجاهل العقبات، وكن قابلاً للتكيُّف، ومرناً مع كيفية تغيُّر الأشياء خلال عملية نموك الشخصية، وتحمَّل مسؤولية نفسك، وامضِ قدماً.

إقرأ أيضاً: 8 خطوات للحفاظ على استمرارية التحفيز الذاتي حتى في الأوقات الصعبة

نصائح لتتحمل مسؤولية نفسك:

عندما يكون لديك نظام مُحكم لمساعدتك على أن تظلَّ مسؤولاً عن أهدافك، فمن المُرجَّح أن تحقِّقها؛ ويعني هذا غالباً إشراك شخص آخر في رحلتك نحو التقدم الشخصي والاحتفاء بإنجازاتك؛ لذا ضع في حسبانك النصائح الثلاثة الآتية لتحمُّل مسؤولية نفسك فيما يخصُّ أهدافك:

  1. ابحث عن شركاءٍ للمساءلة، أو انضم إلى مجموعةٍ للمساعدة، وتبادل الأفكار لمشاركة هدفك معهم حتى يتمكَّنوا من مساعدتك على البقاء على المسار الصحيح؛ وذلك من خلال تحفيزك لتحقيق أهدافك الصغيرة والاحتفاء معك عند تحقيقها.
  2. ضع مكافآتٍ عند تحقيق أهدافك الصغيرة، مثل أخذ يوم عطلة، أو الخروج في نزهة مع عائلتك، أو قراءة كتاب جديد، أي كل ما سيساعد على تحفيزك شخصياً لتحقيق الخطوات اللازمة نحو هدفك.
  3. شارك تقدمك على وسائل التواصل الاجتماعي، أو مع أصدقائك وعائلتك لمساعدتك على أن تظلَّ مسؤولاً عن طريق مشاركة كيفية تقدمك نحو أهدافك علناً مع الأشخاص الهامين بالنسبة إليك.

في الختام:

يبدأ إنشاء حياتك المثالية بتحديد أكثر ما تريده فيها، وتحديد "أهداف ذكية" للوصول إليه، ومن ثمَّ تطبيق خطوات قياس نموك الشخصي، وبعد تحقيق هدفك، هناك دائماً هدف جديد في انتظار اكتشافه، فعندما تقيس تقدُّمك في أي هدف، ستتمكَّن من معرفة أين شعرت بالعجز أو تميزت، ومن ثمَّ يمكنك استخدام ذلك لتعلم النجاح عندما تبدأ في التفكير في هدفك التالي.

المصدر




مقالات مرتبطة