يسمح لك التحسين المُستمر لذاتك بتحقيق أهدافك والعثور على النجاح والسعادة في حياتك، ويعطيك هدفاً ومعنىً لحياتك، وهو ما نسعى إليه دائماً، ومع ذلك، هناك شيءٌ واحد لاحظته، هو أنَّه عندما نركِّز على تحسين الذات، ينتهي بنا الأمر أحياناً بالشعور بأنَّ حياتنا الحالية تفتقر إلى الجودة، ويبدو الأمر كما لو أنَّنا نركِّز بشدة على عظمة المستقبل لدرجة أنَّنا نصبح غير سعداء بوضعنا الحالي، ونصبح عازمين على أن نكون أفضل غداً لدرجة ننسى فيها أن نشعر بالرضى اليوم.
ومع أهمية التحسين الذاتي المستمر، فمن الهام دائماً التروِّي وقياس الجودة الحالية لحياتنا؛ إذ يمكننا بهذه الطريقة استخدام هذا الحاضر بِعَدِّها مؤشراً يرشدنا أين كُنَّا، وأين نحن الآن، وإلى أين نتَّجه، وعندما تتَّبع هذا السلوك باستمرار؛ أي أن تقيس جودة حياتك، ستكون قادراً على العثور على السعادة في وضعك الحالي، وتستمر في التطلُّع إلى المستقبل.
وللاهتمام بلحظات الحاضر والتركيز طويل الأمد، من الهام قياس جودة حياتك بهذه الطرائق الخمس:
1. قياس صحتك:
صدِّق أو لا تصدِّق، يُعَدُّ الاهتمام بالصحة أمراً هامَّاً وأساسياً سواء لصحتك الذهنية أم الجسدية؛ فتناول الطعام الصحي، وممارسة الرياضة بانتظام، والنوم المنتظم كلها مؤشراتٍ أساسية تدلُّ على أنَّك تعيش نمط حياةٍ صحي؛ وعندما تلتزم بهذا الروتين، ستزداد قدرتك الذهنية تلقائياً.
يكمن نمط الحياة الجيد في التركيز على مستوى عالٍ من الاهتمام بالصحة البدنية والذهنية؛ فإذا كنت صادقاً مع نفسك، تقرأ باستمرار، وتعيش أسلوب حياة نشط، وتتحدَّى نفسك، وبهذا أنت تعيش نمط حياةٍ جيدة.
2. قياس جودة مشكلاتك:
ظاهرياً، لا يُعَدُّ هذا الأمر منطقياً؛ فكيف يمكن أن تُقيِّم جودة المشكلات؟ والأهم من ذلك، لماذا تريد القيام بذلك؟ فكِّر في الأمر بهذه الطريقة: أي حياة - بصرف النظر عن الجودة - ستواجه مشكلات، فهي مسألة لا مفرَّ منها؛ ولذلك عندما تقيس جودة حياتك، من الهام أيضاً قياس جودة مشكلاتك.
وسواء كانت تلك المشكلات على الصعيد الاجتماعي أم العاطفي أم الذهني أم الجسدي أم مشكلات تتعلَّق بالعمل أم غير ذلك، من خلال قياس مستوى وتعقيد أي مشكلة نواجهها، نحصل على مقياس جيد لمستوى حياتنا في الوقت الحالي.
خُذ الحياة الاجتماعية على سبيل المثال؛ فقد يكون هدفك هو مقابلة مجموعة جديدة من الأصدقاء المتشابهين في التفكير؛ إذاً، ستكون المشكلة في البداية كيف تُقابل الناس حتى؟
عندما تتعلَّم كيفية تكوين روابط، تنتقل مشكلتك من "كيفية مقابلة الأشخاص" إلى "كيفية بناء علاقات مع أفراد يتمتَّعون بالكفاءة"؛ وبعد أن تفهم كيفية تكوين علاقات دائمة، تصبح مشكلتك حينها تنمية تلك العلاقات حتى تعرف أنَّك تضيف القدر نفسه من القيمة التي تحصل عليها، فمن الناحية الاجتماعية، تزداد مشكلاتك من حيث الجودة والتعقيد، لكن من السهل أن ترى أنَّ جودة حياتك تتحسَّن أيضاً.
3. قياس عدد الأشخاص الذين أثرت فيهم:
تُقاس جودة الحياة بمجموعة العلاقات الجيدة من حولك؛ سواء كان ذلك من أصدقائك أم عائلتك أم الغرباء، فكلما زاد عدد الأشخاص ممَّن يمكنك التأثير فيهم تأثيراً إيجابياً، زادت جودة حياتك، ناهيك عن تحسين نوعية الحياة التي ستغرسها في الأشخاص الذين تؤثر فيهم؛ لذا قيِّم عدد الأشخاص الذين تؤثر فيهم إيجابياً، ولا يوجد رقم محدَّد، لكن كلما زاد عدد الأشخاص الذين أثرت فيهم، زادت جودة حياتك وأهميتها.
شاهد بالفيديو: كيف تكون مؤثراً في العمل؟
4. قياس عدد مراحل حياتك:
من الهام هنا تحديد معنى مرحلة الحياة؛ فهي فترة زمنية من حياتك مرتبطة شخصياً بعاملٍ معيَّن، فمرحلة الجامعة على سبيل المثال، ستكون إحدى مراحل الحياة، وأُولى مراحل العمل، ومنتصف حياتك المهنية، أو الفترة التي عشت فيها في مكانٍ جديد، كلها أمثلة عن مراحل الحياة.
إحدى الأشياء التي لاحظتها في أثناء تقدُّمي في حياتي هو أنَّ كل مرحلة تجلُب عدداً كبيراً من العلاقات والخبرات الجديدة، ونظراً لأنَّ العدد الكبير من التجارب الإيجابية يرتبط ارتباطاً مباشراً بجودة الحياة، فكلما زادت خبراتك الحياتية، زادت جودة حياتك. كما أنَّ الراحة ضرورية، لكن عندما تبقى في منطقة الراحة الخاصة بك، فمن السهل أن تصبح حياتك راكدة؛ لذلك من خلال التركيز على زيادة عدد مراحل وتجارب حياتك، تركِّز بذلك على النمو الشخصي وتعزيز تأثيرك وزيادة تجاربك.
وعليه؛ لا تخف من اختبار أشياء جديدة، أو العيش في أماكن مسلِّية، أو مقابلة أشخاص مثيرين للاهتمام؛ إذ سيؤدي هذا إلى حياة رغيدة أكثر.
5. مقارنة نفسك مع ما كنت عليه من عامٍ مضى:
بالنسبة إليَّ، هذا هو المقياس النهائي لجودة الحياة، فنظراً لعدم وجود شخصين متماثلين، فمن المستحيل مقارنة أنفسنا بالآخرين، ومع ذلك، عندما نقيِّم جودة حياتنا، فهذا عادة ما نقوم به، ونظراً لأنَّه من المستحيل أن يتطابق شخصان، فمن المستحيل أيضاً تحقيق النجاح والسعادة، وقياس جودة حياتك في نهاية المطاف من خلال مقارنة نفسك بالآخرين.
فبدلاً من النظر إلى الآخرين بوصفهم معياراً لحياة جيدة، يجب أن نعدَّ أنفسنا معياراً للحياة الجيدة؛ فالقياس الدقيق الوحيد هو علاقة وضعك الحالي بوضعك السابق؛ لذا قيِّم حياتك اليوم: وظيفتك، وعلاقاتك، وتأثيرك، وسعادتك، وقارنها بحياتك قبل عام واحد؛ وإذا كانت حياتك اليوم أفضل ممَّا كانت عليه في العام الماضي، فأنت بالتأكيد تعيش حياةً جيدة.
تحسين الذات في الواقع ليس له صيغة موحَّدة؛ فلا توجد معادلة يمكننا استخدامها لقياس مقدار تحسُّن حياتنا، ومن ثمَّ جودة حياتنا، لكن إذا اتَّبعت الخطوات الخمس المذكورة آنفاً، فلن تحصل فقط على فكرة دقيقة عن المرحلة التي بلغتها حياتك، لكن أيضاً إلى أين تتَّجه.
لذلك، دع تركيزك ينصبُّ على: أسلوب حياة صحي، وعلاج المشكلات، وأن تؤثر تأثيراً إيجابياً فيمن حولك، وعلى زيادة عدد مراحل الحياة وتجاربها، وفي النهاية، أن تتطوَّر مقارنةً مع العام الماضي، وإذا كنت قادراً على القيام بذلك، فستعيش حياة جيدة تزداد تطوُّراً مع مرور الوقت.
ولا تقلق إذا لم تكن في المكان الذي تريد أن تكون فيه؛ فحين تتَّبع هذه الخطوات الخمس، وتقيس حياتك باستمرار من خلال هذه المعايير، فأنت بالضبط في المكان الذي يجب أن تكون فيه، وهو ما سيوصلك بالنهاية إلى هدفك المنشود.
أضف تعليقاً