كيف تقدِّر الحياة وتكون أكثر امتناناً؟

عندما تفكر في حياتك، هل تُقدِّرها؟ هل تتمكَّن من الاستمتاع باللحظة التي تعيشها؟ وهل تمتن للحياة عموماً؟ إذا لم يكن هذا هو الحال، فما الذي يتعيَّن عليك تغييره إذاً؟



يتطلَّب الامتنان تغييراً بسيطاً في عقليتك، وربَّما عليك تغيير نظرتك إلى كل شيء من حولك؛ فمثلاً: لاحظ الأشياء الإيجابية من حولك، لتشعر بالإيجابية؛ ولاحظ البهجة والمرح، لتشعر بالسعادة؛ ولاحظ روعة الحياة التي تمتلكها، لتحظى بمزيد من الأشياء التي تتطلع إليها.

يعيد الامتنان من الناحية العلمية ارتباطات خلايا الدماغ حرفياً؛ فهو ينشط قشرة الفص الجبهي الأنسي الظهري والبطني، ممَّا يعزز كلَّاً من: مشاعر المكافأة، والأخلاق، والترابط بين الأشخاص، والتفاعلات الاجتماعية الإيجابية، والقدرة على فهم ما يفكر فيه أو يشعر به الآخرون؛ حيث يطلق دماغك مواد كيميائية عصبية تُشعِرك بالسعادة، مثل: الدوبامين، والسيروتونين، والأوكسيتوكين.

ربَّما تبدأ أيامك بمشاعر وأفكار سلبية، ولكن قد يساعدك خيار الامتنان بطرائق عديدة؛ إذ يُولِّد التقدير العزيمة والشعور بالكمال، ويساعدك على حب حياتك وتقديرها حتى في اللحظات العصيبة؛ فالتقدير هو كل ما تحتاجه لتحقيق أقصى استفادة من حياتك، ويمكنك أن تقدِّر الحياة وتكون أكثر امتناناً باتباع الطرائق الآتية:

1. امنح الآخرين شيئاً ما:

عندما تمنح الآخرين أي شيء مهما كان بسيطاً، فإنَّك لا تدرك مدى تأثير حياتك وأفعالك عليهم مباشرة؛ ممَّا يجعل الأمر ذا مغزى وفائدة عظيمة.

يمكنك مساعدة أي شخص من خلال الوقوف إلى جانبه؛ وعندما نتحدث عن العطاء، لا يهم إن كنت تملك موارد لتقدِّمها للآخرين أم لا، فما يهم حقاً هو اهتمامك الصادق بهم.

إنَّه لمن المؤكد أنَّ مشاعر العطاء والإيثار تجعلك نسخة أفضل من نفسك؛ ذلك لأنَّها تُشعِرك بأنَّك جزء من شيء أكبر منك، وأعظم من مجرد التمحور حول ذاتك؛ حيث تجعلك هذه المشاعر تعيش حياة ذات مغزى وهدف؛ فعندما تمنح الآخرين بإيثار، تكتسب الأخلاق والتعاطف، وتتقدَّم وترى الأمور الأكثر أهمية في الحياة.

يكون أحياناً من السهل الابتعاد عن الواقع وفقدان هويتك في الجوانب الزائفة من الحياة؛ لكن عندما تقدر على العطاء، تتذكر جوانب الحياة ككل، والسبب الذي دفعك إلى مساعدة المحتاجين؛ وستشعر حينها أنَّك لم تعد بمفردك، ويشرق حب الحياة بداخلك من جديد.

قد تتساءل ما الذي يتوجب عليك منحه للآخرين؛ لكن إذا لم تكن تمتلك أي شيء لمنحه لمن حولك، فامنحهم وقتك؛ حيث يمكنك من هذا المنطلق أن تقدم شيئاً قيِّماً للآخرين، وتشعر بالامتنان تجاه كل ما يمكنك القيام به في هذه الحياة، وتجاه كل ما تملك.

لا يعني هذا أنَّ العطاء سيحل مشكلاتك أو مشكلات الآخرين، ولكن يمكن للتعاطف واللطف أن يفعل الكثير من الأشياء في هذا العالم، والتي قد لا ندركها دونهما.

لا يجب أن تفعل ذلك منتظراً مقابلاً ما، بل يجب أن تفعل ذلك لأنَّه من الصواب أن تكون معطاءً؛ فهذه هي الطريقة التي تعيش بها حياة تشعر فيها بالرضا عن نفسك.

إقرأ أيضاً: 8 أمور عليك فعلها لتشعر بالرضا التام عن نفسك

2. كن يقظاً:

انتبه إلى مشاعرك وأفكارك، واستمع إلى ما يخبرك به حدسك، وأحب نفسك، وانظر حولك وإلى ما تملكه، وركِّز على ما تشعر به، وأحِط نفسك بالأشياء التي تجعلك سعيداً؛ إذ يمكنك بذلك الشعور باللحظة الحالية والاستمتاع بها، وتقدير الحياة والأشياء الصغيرة التي تُسعِدك حقاً.

حاول أن تدرك مدى ضآلة حجمك مقارنة باتساع البحر أو السماء، إذ هناك الكثير من الأشياء المذهلة في هذا العالم؛ لذا انسَ ما هو زائف وعابر، وشاهد تألق الحياة وروعتها.

تُعدُّ اليقظة الذهنية إحدى الحيل التي يستخدمها معظم علماء النفس لمساعدة الآخرين في التغلُّب على مخاوفهم، إذ يتعلق الأمر بالتقبل والتعامل مع الأمور بإيجابية؛ فبدلاً من التركيز على ما تخشاه أو تقلق بشأنه، يتعين عليك الاهتمام بكل لحظة تعيشها والتركيز على الوقت الحالي لا غير.

إذا كنت متيقظاً، ستتمكن من التحكم بحياتك من خلال التخلي عن كل ما يزعجك، حيث يقلل ذلك من توترك، ويعزز قوتك الذهنية، ويحسِّن حياتك، ويعلِّمك كيف تقدِّر الحياة دون الاعتماد على الآخرين.

3. أحِب نفسك:

عندما تحب نفسك، يمكنك أن تكون أكثر امتناناً تجاه الحياة التي تعيشها، ومواجهة أي تحدٍّ يقف في طريقك والتغلُّب عليه.

ما عليك سوى أن تكون جيداً مع نفسك، وتعاملها برفق وحنان كما تفعل مع أي شخص آخر؛ فالتعاطف مع الذات هو مفتاح النجاة والاستمرار مهما كان ما تمر به من صعاب؛ وبمجرد أن تشعر بذلك، ستعرف ماهيتك ومن يجب أن تكون.

وفقاً للكاتب ديباك شوبرا (Deepak Chopra)، يرتبط حبك غير المشروط لذاتك بتقبُّل عيوبك ومقاومة التحديات والجروح القديمة؛ ولا يعني هذا مجرد رسم الابتسامة على وجهك والتظاهر بحب الذات فحسب، بل يجب أن تكون واقعياً مع نفسك، وأن تحبها وتتعاطف معها بمنتهى الصدق.

يستنزف الشعور بالضعف القوة والصدق، ولكن قد تحب نفسك أكثر إذا واجهت الأمور بصدق وقدَّرت ما أنت عليه حقاً؛ لذا، قدِّر نفسك كما هي؛ وعندما تتقبل نفسك بمميزاتك وعيوبك، ستتمكَّن من الوصول إلى أبعد ممَّا تتخيل، وتنظر إلى نفسك بكل فخر.

فكر في عيوبك وتقبَّلها، وحاول إصلاحها، وكن صبوراً مع ذاتك، وأدرك أنَّك تمتلك الكثير لتقدِّمه، وألَّا أحد يعيش حياتك سواك، وأنَّ لديك طريقك الخاص والفريد من نوعه؛ لذا حاول أن تحب نفسك وتستمتع بالرحلة.

إقرأ أيضاً: 31 وعداً عليك أن تعد بهم نفسك لتغيير حياتك

4. تبنَّ نظرة إيجابية في الحياة:

عندما تكون نظرتك إيجابية، تصبح أكثر إنتاجية بالتأكيد؛ وعندما تنظر إلى ما هو جيد، يمكنك الحصول على المزيد؛ وعندما تركز على أن تبقى إيجابياً، يمكنك تحقيق أي شيء يخطر في بالك.

ستقدِّر بهذه العقلية الإيجابية الحياة أكثر؛ ذلك لأنَّك تختار عدم التركيز على جوانبها السلبية؛ لذا تأمَّل الأشياء من حولك، واكتشف ما يمكنك استخدامه للتقدُّم، واسأل نفسك الأسئلة التالية:

  • ما هو العمل اللطيف الذي قمت به أو قام به شخص أعرفه؟
  • ما هي التجربة التي يمكنني تذكُّرها والشعور بالرضا حيالها؟
  • ما الذي جعلني أشعر بالسعادة مؤخراً؟
  • ما هي الأنشطة التي استمتعت بها؟
  • ما هو الفكر الإيجابي الذي أكوِّنه عن نفسي وحياتي؟
  • ما هي الخيارات السليمة التي اخترتها؟
  • ما الأشياء الجيدة التي يمكنني فعل مزيد منها؟
  • ما الذي يمكنني تقديره حتى في ظل الأيام التي أشعر فيها برغبة في الاستسلام؟
  • كيف يساعدني الامتنان؟

5. أنشئ قائمة امتنان:

ربَّما سمعت عن هذا من قبل، ولكن ليس من السهل إنشاء قائمة امتنان؛ ومع ذلك، يجب عليك اعتماد هذه الطريقة الفعالة؛ لذا دوِّن كل ما تشعر بالامتنان تجاهه في نهاية كل يوم، وكن منفتحاً على مدى تقدُّم الحياة وكيف يتغير موقفك ومعتقداتك قبل فوات الأوان.

ليس بالضرورة أن تكون الأمور التي تشعر بالامتنان تجاهها عظيمة أو هائلة، إذ يمكن أن تكون شيئاً بسيطاً حدث في ماضيك ويُشعِرك بالرضا عن نفسك، أو شيئاً تتمناه وحدث لك فعلاً.

هناك العديد من الطرائق البسيطة لإنشاء قائمة امتنان، ولكنَّ الأهم من الطريقة بحد ذاتها هو كتابة قائمة الامتنان بانتظام؛ فمهما كان حجم ما تمتن له، اكتبه فحسب، وستجد نفسك تشعر بالامتنان الحقيقي لكل ما دوَّنته.

إقرأ أيضاً: لماذا يعد التحلي بالامتنان أمراً ضرورياً؟

6. خذ قسطاً من الراحة:

هل أمضيت بعض الوقت مع من تحبهم مؤخراً؟ هل اخترت أن تسترخي وتنظر حولك لتقيِّم مدى جودة حياتك؟

لا يعني هذا أنَّك لست مضطراً إلى الاستمرار في التطور والتقدُّم نحو الأمام؛ ولكن لكي تتطور، عليك أن تعرف ما الذي يستحق الكفاح حقاً، وأسرع طريقة للقيام بذلك هي أخذ قسط من الراحة للاستمتاع بالحياة أكثر.

سواء كنت تأخذ إجازة أم تتأمَّل، خذ الوقت الكافي للقيام بذلك؛ فقد تحتاج إلى أن تتنفس وتشعر أنَّك بأمان فحسب، أو ربَّما تفتقد بعضاً من الأمور التي كنت عليها في الماضي، أو أنَّ هناك نسخة من نفسك ترغب في استعادتها؛ وأيَّاً كان الأمر، يمكنك الحصول عليه من خلال ممارسة الامتنان.

استكشف الطبيعة، أو اذهب في رحلة، واخرج من المنزل، وأغلق هاتفك، وانظر إلى السماء أو سِر في طريق فيه مناظر خلابة، وفكر في الأمور التي تهمك وتعني لك الكثير.

إقرأ أيضاً: أقوال وحكم رائعة عن التفاؤل في الحياة

7. احتفِ بمكاسبك:

فكر في كل ما أنجزته في الحياة وما تستمر في القيام به بصورة جيدة، فذلك يقول الكثير عنك؛ وبناءً عليه، ستشعر أنَّ هناك سبباً للاستيقاظ كل صباح والاستمرار في العمل.

يمكنك من هذا المنظور فعل أي شيء تريده، وأن تكون ممتناً لأي إنجاز تقوم به وكل شيء يحدث لك، حتى لو كان الأمر بسيطاً كبقائك على قيد الحياة؛ فأنت لا تزال هنا، وسيكون لديك دائماً ما تحققه وتحتفي به.

حتى لو لم تتمكن من النجاح في كل شيء، وأيَّاً كان حجم التقدُّم الذي أحرزته، فهو هام للغاية؛ ذلك لأنَّه يروي قصة رائعة، ليس عمَّن تكون فحسب، ولكن عمَّا تستطيع أن تكون عليه أيضاً .

إنَّك صامد ومرن وجدير بالنجاح وجيد بما يكفي، وكل ما عليك فعله هو رؤية ذلك ومعرفة قيمتك حق معرفة؛ لذا قدِّر قيمتك وما تستحقه، وأعد صياغة قصة حياتك الأسمى.

8. كن شاكراً:

قد لا تدرك تأثير كلمة "شكراً" - البسيطة - التي تقولها لأحدهم؛ لكن في الحقيقة، عندما تقدِّر الجميع، تبني تواصلاً أكثر عمقاً ومغزى بينك وبينهم؛ وعندما تأخذ حياتك منعطفاً إيجابياً، لا يجب أن تنسى الأشخاص الذين ساعدوك على طول الطريق؛ ففي النهاية، إذا كان بوسعك تذكُّرهم، فبوسعك تذكُّر نفسك لأنَّك تقتدي بهم، وستختار الاستمرار في العطاء والوقوف إلى جانب الآخرين لأنَّك تتذكر أنَّ هناك من يدعمك دوماً.

قل "شكراً" للحياة نفسها، وكن ممتناً في كل مرة تسير فيها بالخارج وتقوى على فعل ما تريد، واعلم أنَّ القرار يعود إليك في جعل يومك جيداً من خلال الشعور بالامتنان؛ فأنت لا تمتلك سوى هذه الحياة؛ وما تفعله اليوم، ستجني ثماره في الغد.

عندما تكون شاكراً، فإنَّك تصنع مغزى لكل شيء، وتختار التشبث بكل الأمور الجيدة في حياتك رغم كل شيء، ثمَّ تسدد هذا الدين عن طريق القيام بأفعال خيِّرة لشخص آخر.

الخلاصة:

ليس من السهل رؤية النِعم المتاحة لك دوماً، فالشكوى والانغلاق وتجاهل الجمال المتواجد في هذه الحياة أسهل من ذلك بكثير؛ ولكن عندما تتعامل مع الحياة بعقلية منفتحة، تدرك أنَّك لست وحدك أبداً، وأنَّك تمتلك ما يكفي من القدرة، وأنَّك جيد بما يكفي.

قد يغمرك التقدير بالأفكار والعواطف الإيجابية عندما تعتقد أنَّك لا تمتلك شيئاً؛ فهو الدافع الذي يساعدك على الاستمرار والمضي قدماً لتحقيق السعادة والرضا في حياتك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة