كيف تعزز مقاومة موظفيك للإجهاد؟

يمكن أن يكون العمل مكاناً مرهقاً؛ فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون الإجهاد جزءاً منتظماً من حياة الموظفين الذين يضطرون إلى التعامل مع سَخَط العملاء، أو إلى العمل في ظروف خطيرة جسدياً.



يمكن أن يأتي الإجهاد أيضاً من التغيير التنظيمي؛ إذ إنَّ التغيير يؤدي إلى حالة من عدم اليقين، وعدم اليقين يؤدي إلى خطر الفشل أو الخسارة؛ وهذا الشعور بالخطر يولِّد الإجهاد، ومن ثم، يولِّد هذا الإجهاد القلق والتوترات التي تؤثر سلباً في صحة الموظف وأدائه وإبداعه؛ وهذا يؤدي إلى مزيد من الضغط؛ ما يؤدي بدوره إلى تدهور سريع قد يُفضي في نهاية المطاف إلى الاحتراق الوظيفي أو دوران العمالة أو فشل الشركة.

غالباً ما تكون الشركات غير قادرة على حماية الموظفين من تجارب العمل المجهِدة، ولكن من الممكن أن تساعد الموظفين على الاستجابة لهذه التجارب وإدارتها بطريقة تحد من الآثار المؤذية المترتبة على الإجهاد؛ إذ إنَّ هذا الشيء يكون نتيجة القيام بأمور لتعزيز مرونة الموظف، وتعكس المرونة قدرة الشخص على الاستجابة للمواقف الصعبة أو الغامضة بطريقة تقلل من الآثار الضارة للإجهاد.

فيما يأتي ستة أشياء يمكن للشركات القيام بها لتطوير ودعم مرونة الموظفين:

1. تشجيع سلوكات التكيُّف الفعَّالة:

غالباً ما يستجيب الأشخاص للمواقف المجهِدة بسلوكات تزيد من التوتر مع مرور الوقت؛ على سبيل المثال، العمل لساعات طويلة وعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم أو عدم ممارسة التمرينات الرياضية أو استعمال الكافيين أو الأطعمة السكرية كمصدر للطاقة لمواجهة متطلبات العمل.

يجب على الشركات تشجيع الموظفين على ممارسة سلوكات التكيُّف الفعالة مثل الحفاظ على أنماط النوم الجيدة وتوفير خيارات غذائية صحية في مكان العمل وإعطاء الموظفين الوقت وإمكانية الوصول إلى الموارد التي تمكِّنهم من ممارسة التمرينات الرياضية بانتظام.

2. تعليم الموظفين استعمال تقنيات العلاج السلوكي المعرفي:

يشير "العلاج السلوكي المعرفي" (CBT) إلى مجموعة من التقنيات النفسية التي تمَّ التحقق من صحتها تجريبياً، والتي تزيد من القدرة على التكيُّف في المواقف العصيبة؛ إذ يتضمن هذا العلاج إعادة صياغة المشكلات بحيث تصبح أكثر قابلية للإدارة، ووضع القضايا في منظورها الصحيح، وتحديد ومعالجة الأسباب الرئيسة للإجهاد، وتوفير التدريب الذاتي لزيادة الثقة بالنفس.

يتم تعلُّم أساليب العلاج السلوكي المعرفي من خلال الممارسة والتكرار، بالطريقة نفسها التي قد تتعلم بها استعمال مضرب التنس أو أداء حركة من حركات الرقص. بمجرد إتقان هذه الأساليب، فقد ثَبُت أنَّها تحقق نتائج إيجابية هامة في إدارة الأفراد لتجارب العمل المجهِدة؛ إذ إنَّ العلاج السلوكي المعرفي يُعَدُّ أمراً مفيداً بشكل خاص في مساعدة الموظفين الذين يعملون في ظروف عمل تتسم بضغط عالٍ أو تحدٍ عاطفي.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة لتحافظ على نفسيتك وتتلّخص من التوتر والإجهاد

3. تشجيع العلاقات الاجتماعية القوية:

يكون الأشخاص أكثر قدرة على التعامل مع الإجهاد عندما يشعرون بأنَّهم جزء من مجموعة أو فريق؛ إذ إنَّ العلاقات الاجتماعية القوية تساعد على الحماية من الآثار الضارة الناجمة عن الإجهاد، ويجب على الشركات دعم تطوير الفريق وتشجيع الموظفين على التفكير في أنفسهم على أنَّهم ليسوا مضطرين إلى مواجهة التحديات بمفردهم؛ ومن الجدير بالذكر، أنَّ إعادة الهيكلة التنظيمية غالباً ما تخلق ضغوطات كبرى؛ وذلك لأنَّها تُحدِث التغيير وتعرقل العلاقات الاجتماعية في الوقت نفسه.

إقرأ أيضاً: 10 قواعد مهمة لبناء علاقات إجتماعيّة ناجحة

4. إظهار التقدير للموظفين:

تكون لدى الأشخاص قدرة كبرى على التعامل مع الإجهاد عندما يشعرون بأنَّ الشركة تقدِّر مساهماتهم ولديهم ثقة بقدراتهم؛ إذ إنَّ التقدير أمرٌ هام بشكل خاص عندما يكون الناس تحت الضغط.

عندما نشعر بالإجهاد، فإنَّنا نميل إلى الشعور بالحساسية المفرطة إزاء ما يحدث من أخطاء؛ إذ يحتاج القادة إلى توضيح ما يحدث أيضاً بشكل صحيح، إلَّا أنَّ هذا لا يعني تجاهل التحديات أو التقليل من شأنها؛ بل إنَّه يعني إعطاء الموظفين شعوراً بأنَّ ما يقومون به يدفعهم إلى الاتجاه الصحيح، وأنَّ الجهود التي يبذلونها للتغلُّب على التحديات تحظى بالاهتمام.

5. إظهار سلوك قيادي داعم:

إنَّ التعاطف الذي يبديه القادة تجاه الموظفين يساعدهم على التعامل مع المواقف العصيبة، وهذا أمرٌ هام بشكل خاص عندما يعاني الموظفون من الإجهاد الناجم عن التعارض بين متطلبات العمل وتلك غير المتعلقة بالعمل؛ فيجب على القادة الاعتراف بالتحديات التي يواجهها الموظفون عند محاولتهم الموازنة بين العمل والتزامات الحياة الأخرى.

من الناحية المثالية سيكون القادة نموذجاً يُحتذى به فيما يتعلق بسلوكات التوازن بين العمل والحياة الشخصية؛ وذلك من خلال تبادل الأمثلة التي أعطوا فيها الأولوية للالتزامات غير المتعلقة بالعمل أو الاحتياجات الصحية، على سبيل المثال، تعمُّد إلغاء الاتصال بالبريد الإلكتروني في عطلات نهاية الأسبوع أو جدولة وقت خلال يوم العمل للمشي أو ممارسة التمرينات الرياضية أو ترك العمل في وقت مُبكر للمشاركة في نشاط عائلي.

إقرأ أيضاً: قيم القيادة وأخلاقيات العمل

6. حماية احترام الموظف لذاته:

إنَّ الأفراد الذين يعانون من الإجهاد - وخاصة الأشخاص في مناصب السلطة - ينتقدون أحياناً الإحباط من الانتقادات المتعلقة بالتزام الموظف أو الذكاء أو الكفاءة، ونادراً ما يلهم سلوك القيادة المُسيء أو المهين الموظفين لأداء أفضل ما لديهم ويزيد من مستويات الإجهاد داخل الشركة.

يجب أن تتبنى الشركات فلسفة "عدم التسامح" تجاه الأفراد الذين يهاجمون عمداً أو يقوِّضون القيمة الذاتية للآخرين، لا بأس في انتقاد سلوك الناس أو أفكارهم - على الرغم من وجود طرائق صحيحة وخاطئة للقيام بذلك - ولكنَّ وصف الأشخاص بالكسل أو الغباء أو عدم الكفاءة أو إكراههم بالتهديدات بشأن وضعهم الوظيفي يجب أن يكون سبباً للفصل بغض النظر عن مستوى الشخص في سلَّم القيادة.

لا يمكننا تجنُّب مواجهة الضغط في العمل، ولكن يمكننا تجنب العديد من النتائج السلبية للإجهاد؛ إذ إنَّ الخطوة الأساسية تكمن في اتخاذ خطوات لبناء ثقافات العمل التي تُمكِّن وتدعم مرونة الموظف.

المصدر




مقالات مرتبطة