كيف تعزز مرونتك النفسية بصفتك قائداً؟

هنالك خرافة شائعة مفادها أنَّ العمل بجدٍّ أكبر هو أفضل طريقة للتعامل مع ضغوطات الإدارة؛ إذ نعتقد أنَّ تمديد ساعات العمل وتَعدُّد المهام طريقتان فاعلتان لنكون أكثر فاعليةً في عملنا، إلا أنَّ هذا التفكير خاطئٌ تماماً.



تُظهِر الدراسات التي أُجرِيَت في مجال الإجهاد في العمل أنَّ الأداء لا يزداد دائماً نتيجةً لزيادة الضغط على نفسك؛ حيث يؤدي ذلك فقط إلى الإرهاق والتوتر.

قد يؤدي الضغط الإضافي إلى تحسينات في العمل في بادئ الأمر، ولكنَّ مستوى الأداء يثبت بعد ذلك، وقد ينخفض في النهاية مع زيادة الضغوط المرتبطة بالإرهاق، فعندما تؤدي الأزمات، أو تقلبات الصناعة، أو التحولات المجتمعية، أو ضغوط مكان العمل إلى الإجهاد، يكون قد حان الوقت للتركيز على بناء مرونتك النفسية بصفتك قائداً؛ أي بناء القدرة على التعافي من العقبات والنكسات.

يسبب الكثير من الضغط أو التوتر تضييق نطاق الفكر، ويزيد من احتمالية التفكير بمنطق تشوبه العيوب، كما أنَّه يزيد من استجابة جسمك للتوتر، ويطلق موجات كبيرة من المواد الكيميائية والهرمونات.

إنَّ بناء مرونتك بصفتك قائداً أمر ضروري في العالم المتقلِّب وغير المستقر الذي نشهده في يومنا هذا؛ ولكنَّ السؤال هو: كيف يمكِنك تطوير تلك المرونة؟

كخطوة أولى، من المفيد تحديد المواقف التي تشعر فيها بضغوط مفرطة؛ فما الذي يثير هذا الشعور في داخلك؟

بمجرد أن تتأقلم أكثر مع ما يُسبب لك التوتر والضغوط، يمكِنك بعد ذلك العمل على اتباع أساليب لتعزيز مخزون مرونتك الشخصي.

إقرأ أيضاً: 5 أسباب تؤكد أن المرونة أمر لا غنى عنه

4 نصائح لبناء المرونة بصفتك قائداً:

هناك العديد من النصائح التي يمكِنك استخدامها لبناء المرونة، ولكنَّنا سنورد لك أفضل 4 منها:

4 نصائح لبناء المرونة بصفتك قائداً

1. أعِد صياغة طريقة تفكيرك:

تُعَدُّ إعادة صياغة المواقف من أكثر الأدوات إفادةً في بناء المرونة، ومن المفيد هنا معرفة المواقف التي تثير مشاعر التوتر داخلك، فعندما تشعر أنَّك مثقل أو مهدد أو في صراع، فكِّر في نواحٍ أخرى لوصف الوضع الذي أنت فيه؛ فالتفكير الإيجابي قويٌ بشكل لا يصدق عند القيادة في المواقف المتقلبة أو الصعبة.

وتتطلب إعادة صياغة الوضع دراسته من منظور مختلف والتساؤل عن الأمور الأخرى التي قد تترافق معه، على سبيل المثال: إذا استقال موظف ذو قيمة في العمل؛ فيمكِنك إما التركيز على فكرة الخسارة فحسب؛ أو اختيار إعادة تأطير الموقف والتفكير به على أنَّه فرصة لتوظيف مواهب جديدة.

هناك بعض الأسئلة الأساسية التي يمكِنك طرحها على نفسك: "ما هي فوائد هذا الوضع؟" و"ما هي الأمور التي قد أكون أغفلتُها في تفسيري للوضع؟".

إقرأ أيضاً: 6 طرق لتنمية التفكير الإيجابي

2. خذ قسطاً من النوم:

نعلم جميعاً أنَّ النوم له العديد من الفوائد، وأنَّه يمكِن أن يجعلك قائداً أكثر إنتاجية، ولكنَّ الكثير من الناس في المناصب القيادية لا يزالون على استعداد للتضحية ببعض ساعات النوم من أجل الحصول على مزيد من الإنتاجية.

ومع ذلك، فإنَّ النوم هام للغاية لأنَّه يسمح للدماغ بالانتقال من مرحلة استقبال معلومات جديدة إلى مرحلة تحليل ومعالجة ودمج تجارب اليوم بطريقة تجعلها متاحةً للاستخدام في المستقبل.

النوم هو مصدر بيولوجي متأصِّل في داخلنا هدفه بناء القدرة على الصمود ولكن لا يستفيد منه الكثيرون بشكل كامل.

يمكِن أن يؤدي النوم الكافي إلى تقوية الانتباه والإبداع، وهما القدرتان اللتان يجب أن يتحلَّى بهما أي شخص في موقع القيادة.

3. ابحث عن بديلٍ للنوم:

يستحيل في بعض الأحيان الحصول على قسط كافٍ من النوم، وإذا كنتَ لا تستطيع الحصول على كفايتك منه؛ فخذ استراحةً قصيرة خلال النهار، وجرِّب أخذ قيلولة قصيرة، أو اخرج في نزهة، أو مارِس اليوغا، أو التأمل.

تصرف هذه الممارسات انتباهك بعيداً عن الوضع الراهن وتمنح عقلك فرصةً لتجاوز الأفكار المجهدة، مما يساعدك في بناء القدرة على التحمل، وجرِّب تدريبات اليقظة الذهنية أيضاً، فهي وسيلة بسيطة لتحسين طريقة قيادتك لفريقك.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات لممارسة اليقظة الذهنية والتخلص من القلق والتوتر

4. استكشِف قوة الإيجابية:

أظهرَت الأبحاث التي أجرَتها الأستاذة الجامعية الأمريكية في علم النفس "باربرا فريدريكسون" (Barbara Fredrickson) والأساتذة الآخرون أنَّ الإيجابية تساعد الناس على التعافي من النكسات؛ فالإيجابية هي مصطلح واسع يغطي العديد من المشاعر الإيجابية بما في ذلك الحب، والفرح، والتقدير، والأمل، والصفاء، والمتعة.

وقد وجد الباحثون أنَّه عندما يكون الناس في حالة ذهنية إيجابية؛ فإنَّهم يفكرون على نطاق أوسع مما لو كانوا في حالة ذهنية سلبية؛ لذا ابحث عن الإيجابية في كل المواقف، واستمتِع بمشاعر الفرح والإيجابية كي تستمر، ومن إحدى الطرائق لفعل هذا، الاحتفاظ بمذكرة يومية تسجل فيها بشكل يومي من ثلاثة إلى خمسة أشياء تشعر بالامتنان حيالها؛ حيث سيجعلك الشكر قائداً أفضل في الواقع.

تبني المشاعر الإيجابية القدرة على التحمل في داخلك، ويمكِنك استخدامها عند مواجهة الشدائد في العمل، حيث تحتاج إلى المرونة في حياتك الشخصية كما تحتاجها في عملك؛ فالتمتع بهذه القوة الداخلية مفيد في مواجهة كل ما قد ترميه الحياة القاسية في وجهك من مشكلات تواجهها في علاقاتك أو مرض أو أمور غير متوقعة.

يمنحك بناء المرونة بصفتك قائداً القوة لتتعافى وتعود إلى أفضل حالاتك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة