كيف تعرف بمن يمكنك الوثوق في مجال الأعمال التجارية؟

في الأيام الأولى من تأسيس شركتي، انفضَّت شراكة كبيرة بيننا وبين سلسلة متاجر هول فودز (Whole Foods)؛ حيث كانت تخزِّن منتجاتنا، وكان ذلك مكسباً كبيراً، ليس بسبب التوزيع فحسب، بل لأنَّ حجم مبيعات المياه التي نقدِّمها كان مرتفعاً للغاية على رفوفهم أيضاً، ثمَّ أتتني محادثة هاتفية يخبرونني فيها بأنَّهم سيوقفون بيع منتجاتنا، فقد هزمتنا شركة كوكا كولا (Coke)، التي كانت تدخل مجال بيع عبوات الماء أيضاً، فأخذوا منا مساحة الرفوف التي حصلنا عليها بشق الأنفس.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة كارا غولدن (Kara Goldin)، والتي تحدِّثنا فيه عن تجربتها في مجال الأعمال.

وعندما توقفت شركة كوكا كولا (Coke) عن إنتاج منتجاتها، تراجعت شركة هول فودز (Whole Foods) مرة أخرى، فكان عليَّ اتخاذ قرار صعب: هل أقطع التواصل بيننا، أم أثق فيهم وأعطيهم فرصة أخرى؟ انتهى بي الأمر باتخاذ الخيار الثاني، وكان أحد أفضل القرارات التي اتخذتها على الإطلاق.

هذا النوع من القصص شائع في الأعمال التجارية؛ حيث تعتقد أنَّ شخصاً ما يساندك أو يقدِّم لك نصيحة رائعة، وبعد ذلك تظهر المشكلات تباعاً وتبحث عن طريقة لحلها؛ فليس من السهل معرفة من يجب عليك أن تسمح له بدخول دائرة المقربين منك.

فيما يلي بعض أهم الأمور لمعرفة ما إن كان في إمكانك الوثوق بشخص ما في مجال العمل:

1. وجود دليل على أنَّ قيمهم تتوافق مع قيمك:

في عام 2006، عرضْتُ منتجي على شركة كوكا كولا؛ حيث كنا نواجه صعوبة في توزيع عبوات الماء التي تُدعى هنت (Hint) على نطاق واسع؛ لذلك تواصلت مع مسؤول تنفيذي في الشركة، والذي رفض طلبي بنبرة مهينة.

على الرغم من أنَّ الأمر كان باعثاً على الغضب، إلا أنَّني قد تعلَّمت درساً، وهو أنَّه إذا كانت قيمك لا تتوافق مع قيم الآخرين، فامض بطريقك إلى الأمام؛ فإذا كنت أبيع الماء بدون نكهات صناعية أو مواد حافظة، فلماذا أعقد شراكة مع كوكا كولا؟ أو مع أي شخص لا يقدِّر الحياة الصحية؟

وفقاً لاستطلاع أجرته منصة ريوورد  المختصة بدمج الموظفين في مجالات عملهم، يقول 98% من أرباب الأعمال و94% من الموظفين إنَّه من الهام بالنسبة إليهم التوافق مع مهمَّة الشركة.

تُعد إقامة شراكة مع أي شخص يشاركك قيمك أمراً رائعاً أيضاً للأعمال، ووفقاً لشركة "إقليدس" (Euclid)، وهي منصة بيانات للتحميل دون اتصال بالإنترنت وإعادة استهداف زيارة المتجر، فإنَّ 52% من جيل الألفية (millennials) و48% من أفراد الجيل إكس (Gen-Xers) يقولون إنَّه من الهام أن تتوافق قيمهم مع العلامات التجارية التي يحبونها.

يجب أن تعرف قيمك حقَّ المعرفة أولاً، ثمَّ تقوم بعدها بأبحاثك؛ فهل لدى الشخص أو الشركة التي ترغب في العمل أو إقامة شراكة معها سجل حافل في اتخاذ خطوات العمل التي تتماشى مع أفكارك الخاصة؟ وهل لديهم شهادات أو مراجع تظهر أنَّهم يوفون بوعودهم؟ سيقدر أي شخص يطبق رسالة مهمته أبحاثك؛ لأنَّ ذلك يعني أنَّك تهتم حقاً بما تفعله.

إقرأ أيضاً: من أجل البقاء والازدهار أنت بحاجة إلى تبني عقلية النمو

2. شغفهم بعلامتك التجارية:

كانت إحدى اللحظات الصادمة التي اكتشفتها في وقت مبكر من مسيرتي هي عندما أدركت أنَّ الشركات الأخرى تبيع المشروبات، لكنَّني كنت أبيع شيئاً آخر تماماً؛ حيث كنت أبيع أسلوب حياة صحي، وفي البداية اعتقدت أنَّ هذا يعني أنَّني بحاجة إلى توظيف أشخاص ذوي خبرة عالية في صناعة المشروبات حصرياً، ولكن تبين لي أنَّهم من بين أسوأ الموظفين لدينا؛ حيث اعتادوا على البقاء في ممراتهم وعدم التفكير خارج الصندوق.

بعدها قررت توظيف أشخاص من خارج مجال شركتي، فوظَّفنا أخصائي تغذية بدوام كامل؛ حيث كنت أرغب في العمل مع أشخاص يهتمون جلَّ الاهتمام بالصحة.

هذه هي الطريقة التي جذبَتْ من خلالها شركة هنت (Hint) الموسيقار والمغني جون ليجند (John Legend) إلى الاستثمار في الشركة، فلطالما كان مدافعاً عن الحياة الصحية، وتطلب عمله أن يظلَّ في أفضل حالاته عندما يقوم بالتسجيل أو الأداء؛ كما أراد أن يكون قدوة لعائلته أيضاً؛ ونظراً لأنَّه دائماً على طريق سفر، فإنَّ الحفاظ على إماهة جسده كان أهم شيء بالنسبة إليه، وعندما رأى منتجاتنا على رفوف متاجر ستاربكس (Starbucks) قبل عقد من الزمن، قرر أنَّ علامتنا التجارية مناسبة تماماً لحاجته، لكنَّه لم يكن مهتماً بالاستثمار لتحقيق أرباح مالية فقط؛ بل لأنَّه كان يؤمن بفلسفتنا أيضاً؛ فهو يحتفظ بزجاجة ماء بجانب البيانو عندما يعزف.

إقرأ أيضاً: هرم العلامة التجارية: بناء الوفاء لدى الزبون

3. يخبرك حدسك أنَّ هذا الشخص يساندك:

أعلم أنَّ إخبار شخص ما بأن "يتَّبع حدسه" قد يبدو أمراً سخيفاً أو ساذجاً، لكنَّ الثقة في غرائزك هي طريقة فعالة مدعومة بالأبحاث؛ فهي إحدى الدروس الهامة التي تعلمتها في وقت مبكر عند بدء شركتي، بعد تجاهل الإنذارات والمشكلات.

ووفقاً لبحث أجرته كلية هارفارد للأعمال (Harvard Business School) ، يعتمد حدسك على كل من المعلومات الموضوعية والذاتية المتوفرة بالفعل، وعلى وعيك بمحيطك وخبرتك المكتسبة؛ أي أنَّ الإنسان يتمتع بإحساس قوي ينبهه في حال وجود مشكلة أو شخص سيء.

تُظهر الأبحاث أنَّ الإفراط في التفكير يمكن أن يعيق قدراتنا على اتخاذ القرار، كما ذكرت صحيفة واشنطن بوست (Washington Post)، وجد بحث حديث نُشر في مجلة "الاقتصاد السلوكي والتجريبي" (Journal of Behavioral and Experimental Economics) أنَّ الأشخاص الذين "يشككون بأنفسهم يتخذون قرارات أسوأ بكثير من أولئك الذين يتمسكون بغرائزهم".

في النهاية، إذا لم يكن لديك معلومات كافية للاعتماد عليها عندما يتعلق الأمر بشريك عمل أو صفقة محتملة؛ فاتبع حدسك، فهو من أقوى الأدوات التي بين يديك.

المصدر




مقالات مرتبطة