كيف تعرف أنك في علاقة غير آمنة؟ وكيف تتصرف حيالها؟

الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة، ولا يستطيع العيش بمفرده بمعزل عن الآخرين؛ حيث يتفاعل ويتواصل مع الناس، ويكوِّن العلاقات الاجتماعية في مختلف مراحل حياته، لكن يجب أن ينتبه لهذه العلاقات، ويسأل نفسه في كل علاقة: "هل هذه العلاقة آمنة أم أنَّها غير آمنة؟".



ما هي العلاقات غير الآمنة؟

نقول عن علاقة أنَّها علاقة غير آمنة عندما ينعدم فيها الشعور بالأمان والراحة، وتتسبب العلاقة غير الآمنة بأذى نفسي عميق للإنسان، وتمتص طاقته، وقد تُدمِّر ثقته بنفسه، وتجعله في حالة من عدم التوازن، فضلاً عن الشعور بالقلق والاكتئاب، وليس المقصود هنا العلاقات العاطفية فحسب؛ بل يُمكن أن تكون العلاقة غير الآمنة مع مدير في العمل، أو زميل، أو جار، أو صديق، أو أحد أفراد العائلة حتى.

علامات تؤكد أنَّك في علاقة غير آمنة:

هناك مجموعة من العلامات التي يُشير حدوثها في علاقة ما، سواء كانت مع صديق أم شريك أم زميل في العمل، إلى أنَّ هذه العلاقة غير آمنة، ومن هذه العلامات نذكر:

  • الكذب: عندما تلاحظ أنَّ الطرف الآخر في العلاقة يكذب عليك، وليس صادقاً دائماً، اعرف أنَّك في علاقة غير آمنة، وعليك توخِّي الحذر منها.
  • الاستغلال: يُعدُّ الاستغلال واحداً من أخطر المؤشرات على أنَّ العلاقة غير آمنة، وأن يقوم الطرف الآخر باستغلالك مادياً أو عاطفياً أو اجتماعياً، إنَّما هو دليل على أنَّ الشخص المُستغل لا يُرتجى منه خيرٌ البتة، وهو لا يحبك بل يستفيد منك.
  • الخيانة: من يخونك مرة، يخونك ألف مرة؛ لذا لا تعطِ فرصة لشخص خائن، فالشخص الخائن شخص لا وجود للأمان معه على الإطلاق، والخيانة ليست خيانة الحبيب وحسب، فقد يخونك الصديق ويُفشي سرك، وقد يخونك زميلك في العمل ويؤذيك.
  • الإهانة والتجريح: لا يمكن عدُّ العلاقة آمنة على الإطلاق، مع شخص يجرحك في الكلام، ويُوجِّه إليك الإهانات والكلام المُسيء؛ وذلك لأنَّه سيُلحق بك كمَّاً من المشاعر السلبية والإيذاء النفسي.
  • الأنانية: تُعُّد الأنانية من أبشع الصفات في العلاقات، فالشخص الأناني لا يُمكن أن تشعر معه بالراحة والأمان، فهو يأخذ من دون أن يُعطي، ويريد أن يُبرمج كل شيء لمصلحته هو فحسب، ولا يهتم لك أو لشعورك.
  • الاتكالية: عندما تتعامل مع شخص اتكالي، يعتمد عليك في كل شيء، وغير مستعد لبذل أي جهد، حتى أنَّه قد يُحمِّلك مسؤولية اتخاذ القرارات؛ أنت حينها في علاقة غير آمنة؛ وذك لأنَّها مصدر تعب واستنزاف لطاقاتك.
  • الغرور: العلاقة مع الشخص المغرور علاقة غير آمنة على الإطلاق؛ وذلك لأنَّها قد تزعزع ثقتك بنفسك، وتجعله يُلغيك من دون أن تشعر؛ إذ يرى الشخص المغرور نفسه الأفهم والأذكى والأفضل، ويستخدم أسلوب السخرية والحط من شأن غيره، وآرائه وأفكاره، وربما يتعمَّد إحراجك أمام الآخرين.
  • العصبية وسرعة الانفعال: لا يُمكن أن تشعر بالأمان مع الشخص الغاضب، الذي يفقد أعصابه من دون سابق إنذار، وتشعر معه كأنَّك تسير فوق قشور البيض، فتبقى في حالة من الحذر والقلق في كل ما تقول أو تفعل، خوفاً من عصبيته وغضبه العارم، ممَّا يُفقدك الراحة والأمان في التعبير عن مشاعرك وأفكارك.
  • إلقاء اللوم عليك: يتهرب بعض الأشخاص من تحمُّل المسؤولية، ويلجؤون إلى إلقاء اللوم عليك، وإشعارك بالتقصير والذنب، وأنَّك أنت المُخطئ على الدوام، وعند مواجهته بأي أمر، تجده يقلب الأمور ليوصلك إلى مرحلة تحاول أنت فيها مصالحته والاعتذار منه، على الرغم من أنَّه هو المخطئ؛ إذ يُجيد هؤلاء لعبة تصيُّد الأخطاء، وتشعر معه كأنَّك تسير في حقل من الألغام، التي يُمكن أن ينفجر أحدها في أي لحظة، فتُصبح أنت المُلام والمُذنب.
  • المتملِّك: هناك من يُعاني من صفة التملُّك، فإن أحبَّك أراد أن يتملَّكك، فيمنح نفسه الحق في التدخل في كل شؤونك الخاصة والشخصية، ولا يترك أي مساحة خاصة لك، ويريد أن تُخصص كل وقتك له، وتنعزل عن البقية؛ لذا فالعلاقة مع هكذا شخص مُرهقة للغاية، وتستنزف طاقتك، وتقضي على خصوصيتك وكينونتك.
  • الشك: لا يُمكن الشعور بالأمان مع الشخص الشكَّاك، الذي يضعك دائماً موضع اتهام، يُشكِّك فيك وفي نواياك، ولا ينفكُّ عن توجيه التهم والشكوك إليك، والمطلوب منك في كل مرة، التبرير وإثبات براءتك، ممَّا يجعلك في قلق وتوتر طوال الوقت.
  • الغيرة: قد تشعر أنَّ الطرف الآخر في العلاقة يشعر بالغيرة منك، سواء كان هذا الطرف زوجاً أم صديقاً، كالغيرة من نجاحك، من ترقِّيك في العمل، من محبة الناس لك؛ فهكذا علاقة هي علاقة غير آمنة.
  • المزاجية: تهدد المزاجية العلاقة، وتُفقدها الشعور بالأمان، فالشخص المزاجي متقلب المزاج، ويجعلك في حالة قلق وحذر طوال الوقت؛ وذلك لأنَّك لا تعلم متى ينقلب مزاجه ويُصبح شخصاً آخر.
  • العناد: تُعدُّ صفة العناد من أصعب الصفات التي نواجهها في العلاقات، فالشخص العنيد الذي يتشبث برأيه، والمستعد للمجادلة ساعات من دون أن يقتنع برأي غيره، سيُرهقك ويستنزف طاقتك وصبرك.
  • السيطرة: من علامات العلاقة غير الآمنة، أن يسعى أحد طرفي العلاقة إلى فرض سيطرته على الطرف الآخر، والتحكم به، من خلال فرض آرائه وأوامره عليه، ومصادرة رأيه.
  • الأخذ من دون عطاء: عندما تجد نفسك في علاقة، الطرف الآخر فيها يأخذ ولا يُعطي، يأخذ اهتمامك وطاقتك ووقتك ودعمك، وفي المقابل لا يُقابلك مثلما تُعطيه، فاعلم أنَّ الأخذ من دون عطاء من علامات العلاقات غير الآمنة.
  • التعب: عندما تشعر بالتعب من هذه العلاقة، وأنَّها تستنزف طاقتك، وتُشكِّل عبئاً عليك، اعلم أنَّها علاقة غير آمنة، فالعلاقات الآمنة والصحية تكون مصدر راحة وأمان لنا.
  • عدم الإصغاء: من أخطر علامات العلاقة غير الآمنة، أن يكون الطرف الآخر غير مستمع لك بمعنى أنَّه لا يهتم لأمرك، ولا يسمع ما تقول؛ وذلك لأنَّه لا يسمع غير نفسه، ويُعطي التعظيم لأموره وتفاصيله، ويتجاهل تفاصيلك، كما يجعل الحديث يتمركز حول نفسه، ولا يُعطي مساحة لغيره.
  • المحاكمة المستمرة: قد تجد نفسك في علاقتك مع أحد ما، أنَّك في محاكمة مستمرة لكل شيء تفعله، وتنهال عليك الأسئلة من قبيل، كيف ولماذا ومتى؟ وتكون مضطراً إلى تقديم التبريرات في كل لحظة.
  • عدم الاعتذار: قد يكون من أصعب الشخصيات التي قد تتعامل معها، هو الشخص الذي لا يملك ثقافة الاعتذار، وينظر إليه على أنَّه ضعف، وليس قوة وشجاعة، على الرغم من أنَّ الاعتراف بالذنب فضيلة، والاعتذار هو البلسم الشافي لكثيرٍ من الجروح.
  • التعاسة: أيُّ علاقة تجلب لك التعاسة والحزن، وتحرمك من السعادة، هي علاقة غير آمنة، فالعلاقات الآمنة مصدرٌ للفرح والسعادة والتفاؤل.
  • الدعم النفسي: العلاقة التي لا تُقدِّم لك الدعم النفسي والروحي، لا طائل منها، وسواء كان شريكاً أم صديقاً أم زميلاً، يجب أن تجده بجانبك عندما تحتاج إليه، يُقوِّيك ويدعمك، ويجعلك تشعر أنَّك لست وحدك.

شاهد بالفديو: 12 سبباً وجيهاً لإنهاء العلاقة العاطفية

ما الذي يجب فعله حيال العلاقة غير الآمنة؟

بعد أن تعرَّفت إلى علامات العلاقة غير الآمنة، وآثارها السلبية في صحتك النفسية والجسدية، يبقى السؤال الأهم: ماذا الذي يجب أن تفعله حيال العلاقات غير الآمنة في حياتك؟

أحياناً قد تكون هذه العلاقة غير الآمنة مع أحد أفراد العائلة، وهي العلاقات التي لا يُمكن الخروج منها، فهي مفروضة علينا ولا يُمكننا اختيارها؛ بل علينا تقبُّلها والعمل على تحسينها قدر الإمكان؛ لذا إليك بعض النصائح المفيدة بهذا الخصوص:

  • حاول أن تضع نفسك مكان هذا الشخص المُقرَّب، فقد يجعلك هذا الأمر تتعاطف معه وتتفهَّم موقفه، فتقبله ويقلُّ انزعاجك أو توترك منه.
  • احترم خصوصيته، واطلب منه أن يحترم خصوصيتك، فالتطفُّل والتدخُّل الزائد يُفسد العلاقات، ربما يحتاج الأمر منك إلى بعض الجهد، ولكنَّك مع الوقت ستنجح في تعويده على احترام الخصوصية.
  • حافظ على احترامه مهما أساء إليك أو جرحك؛ وذلك لأنَّك باحترامك هذا تجعله يشعر بالذنب والخجل، وشيئاً فشيئاً يُقلع عن عادة إزعاجك.
  • الجأ إلى المصارحة، وصارح هذا الشخص المُقرَّب بكل ما تشعر به، وبتصرفاته التي تُؤذيك، واطلب منه التغيير والتحسين.
  • استخدم لغة الحب، وعبِّر دائماً عن مشاعر الحب لهذا الشخص المُقرَّب كالأب، والأم، والأخ، كأن تقول له إنَّك تحبه مهما اختلفتما، وأنَّه مصدر أمانك وقوَّتك.
  • كن لطيفاً في التعامل معه، وقدِّم له كلمات الأسف والاعتذار عندما تُخطئ بحقه، وردِّد عبارات الشكر والامتنان.
  • تحكَّم بانفعالاتك، وسيطر على غضبك، ولا تفقد أعصابك مهما كان الموقف.
  • اجعل الحوار وسيلةً لحلِّ الخلافات بينكما؛ استمع لوجهة نظره مهما كنت ترفضها، وأطلعه على وجهة نظرك، وحاول الوصول إلى صيغة تفاهم مشتركة.
إقرأ أيضاً: انفوغرافيك: 8 طرائق علمية لتحسين العلاقة الزوجية

في حال كانت العلاقة غير الآمنة مع شخص غريب، ليس من أفراد العائلة:

فكِّر إن كان هناك أملٌ في تغيير الطرف الآخر، وجعل العلاقة صحية وآمنة، أعطه فرصة وحاول تغييره وتحسين صفاته السلبية، أمَّا إن كان احتمال تغييره معدوماً، فالحل يكون بالانسحاب والرحيل، فلا تتردد في بتر العلاقات غير الآمنة في حياتك، ثم إنَّ عليك أن تأخذ قرار التخلي والنجاة بنفسك، من دون أي شعور بالذنب أو الأسى.

ومن الجدير بالذكر، أنَّك قد تمرُّ بلحظات ضعف بعد قرارك بالانسحاب، وهذا طبيعي؛ إذ من السهل على دماغنا تذكُّر الأوقات الجيدة، وتجاهُل الأجزاء السيئة من العلاقة، وقد ترغب في عودة هذه العلاقة؛ لذا يجب أن تعي لهذه المرحلة الحرجة، وكن حازماً في قرارك، وتذكَّر أنَّك مشيت في طريق التعافي من علاقة تؤذيك وتحرمك الأمان والاستقرار العاطفي والنفسي.

وفي حال كان خيار بتر العلاقة غير متاح، كالعلاقة مع مدير أو زميل في العمل، فالحل يكون بوضع حدود لهؤلاء الأشخاص، بحيث تُبقي مسافة أمان بينك وبينهم، تحميك من أي أذى يُهدد سلامك وتوازنك النفسي.

إقرأ أيضاً: بناء علاقات عمل جيّدة، كيفية جعل العمل أكثر متعة وإنتاجية

في الختام أنت أولاً:

فكِّر في نفسك أولاً، وابحث عن الأشخاص الذين يُضيفون إلى حياتك لوناً وبهجة، من يمنحونك شعور الأمان، والراحة، والثقة، والدعم النفسي والروحي؛ لذا لا تتردد في بتر أي علاقة لا تحقق لك الأمان العاطفي، وتذكَّر أنَّك تستحق السعادة والعلاقات الصحية والآمنة.

ونختم بنصيحة لعالِمة النفس وخبيرة العلاقات الإنسانية والمؤلفة "ماريان فيتشيليتش" تقول فيها: "ابدأ بحب نفسك، بعيوبها وبكل شيء؛ إذ إنَّك كلما آمنت باستحقاقك الحب الصحِّي، تعرَّفت أكثر إلى من يقدرون على منحك إياه وجذب العلاقات الصحية".

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5




مقالات مرتبطة