كيف تطلق مشروعاً جديداً؟

سواء كانت هذه المرة الأولى التي تعمل بها بصفتك رائد أعمال، أم كنت تُخطط لإطلاق مشروعك الكبير التالي داخل شركتك الحالية، فإنَّ القيام بأي مشروع جديد يتطلَّب قدراً كبيراً من التخطيط المُسبق قبل أن يصبح متاحاً للجمهور. ولكن في خضم الإثارة التي تحيط بطرح فكرة جديدة، قد يكون من السهل وضع بعض الأمور الأساسية في الحسبان كي يستفيد منها الآخرون.



إنَّ التباطؤ في العمل للتأكُّد من أنَّ كل شيء في الحسبان يمكن أن يُحدث فارقاً في عملية الإطلاق الناجح لأي مشروع جديد. والمزايا المرتبطة بالعامل الزمني لإطلاق أي مشروع، أو كونك أول من يبدأ تسويق منتج ما، تتضاءل قيمةً مقارنةً ببناء خطة قوية ومتينة حول أهداف واستراتيجية شركتك؛ مما يساعدك على توفير وجني المزيد من المال على الأمد الطويل؛ لذا اسأل نفسك وفريقك لماذا تشعر بأنَّك مضطر إلى التسرُّع؟

بعد ذلك، ضع خطة إطلاق شاملة للمشروع تتضمن كلاً من الأمور الأربعة التالية والخطوات الأولية:

1. أبحاث السوق:

أولاً: هل تعلم أنَّ الناس يرغبون بشراء المنتج الذي تبيعه؟ مهما حاولتَ أن تفعل، لا تُنشِئ مشروعك بناءً على الافتراضات؛ بل تأكَّد منها من خلال جمع بيانات حقيقية، فوفقاً لبحث أجراه موقع "ثينك ويذ غوغل" (Think With Google)، إنَّ أقل من 40% من المسوقين يعتمدون على أبحاث المستهلكين لاتخاذ قراراتهم، والنتيجة النهائية هي خسارة كاملة للمشروع وما يقابلها من خسارة للوقت والمال والسُّمعة، وكان من الممكن تجنب كل ذلك.

يتَّضح هذا بشكل أفضل في فشل شركة "نيتفلكس" (Netflix) في إطلاق شركتها الفرعية "كويكستر" (Qwikster)، فعندما قررَت الشركة أن تُقدِّم خدمات بث مباشر بدلاً من تقديم خدمات تسليم أقراص الـ "دي في دي" (DVD)، أرادَت أن تجعل الأمور أسهل وأكثر بساطة؛ لذلك قام فريقهم على عجل بإنشاء الشركة الفرعية "كويكستر" (Qwikster) كشركة منفصلة عن "نيتفلكس" تُركِّز خاصةً في خدمة تقديم أقراص الـ "دي في دي" للعملاء.

وبطبيعة الحال، تعاملَت بعدها "نيتفلكس" حصرياً مع خدمات البث المباشر؛ وفي النهاية، تبيَّن أنَّ هذا كان فشلاً ذريعاً؛ حيث كانت خدمة تقديم أقراص الفيديو الرقمية بواسطة البريد آخر شيء يهتم به العملاء، دون اتخاذ الخطوات اللازمة للتواصل الفعلي مع عملائها ومعرفة ما إذا كانت هذه الخدمة هي موضع اهتمامهم، فقد انتهى بهم الأمر إلى إحباط العديد من العملاء المشتركين بخدماتهم، والذين اضطروا إلى إنشاء حسابين منفصلين إذا كانوا يحصلون على خدمات كل من تسليم الأقراص والبث المباشر.

لا يتعلق الأمر فقط بما إذا كان عميلك يريد ذلك المنتج أم لا، أو يؤمن بأهمية المنتج أم لا؛ بل يتعلق الأمر أيضاً بفكرة أنَّ العملاء يمثلون وجهة نظر فريدة؛ حيث يمكنهم تقديم بعض الاقتراحات التي لا تُقدَّر بثمن، والتي ستعود بالفائدة على عملك.

أنت تلبي واحداً أو أكثر من احتياجاتهم على هذا النحو؛ إذ لا يوجد أحد أكثر استعداداً لتوضيح ما يرغبون في شرائه في الواقع أكثر من العملاء أنفسهم، كما يمكن لأبحاث السوق أو مجموعات التركيز أن تسفر عن أفكار واستراتيجيات جديدة من شأنها أن تساعدك بشكل كبير.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح تساعدك على وضع خطة عمل ناجحة

2. خلق الإثارة:

أحد الأسباب وراء تسرُّع العديد من الشركات لإطلاق أي مشروع، هو التركيز في فترات زمنية معينة لإطلاقه؛ إذ هناك فترات معينة من العام يكون فيها العملاء أكثر ميلاً لدفع ثمن منتجات معينة، على سبيل المثال: تحظى الخدمات التي تتمحور حول التنمية الشخصية والمساعدة الذاتية بإقبال كبير على شرائها في بداية العام الجديد مباشرة، ومع ذلك، فإنَّ التركيز في توقيت بداية السنة أو ربع السنة ليس بالأهمية نفسها مثل التركيز في مدى جودة تهيئة عملائك لإطلاق منتجك أو خدمتك الجديدة.

من الناحية النظرية، يمكنك إطلاق منتج جديد حول المساعدة الذاتية في الفترة الزمنية التي يحل فيها الاحتفاء بيوم عيد الشُّكر (Thanksgiving) وتُحقِّق نجاحاً أولياً أكبر بسبب الحملة الترويجية لمنتجك، والتي تقوم بها قبل التسويق المباشر له أكثر مما يمكن أن تحققه من خلال محاولة إطلاق المنتج في فترة زمنية معينة، مثل بداية العام مع القليل من التحضير المُسبق لإطلاقه أو عدم وجود أي تحضير على الإطلاق.

بالطبع، يعتمد كل هذا "النجاح" في النهاية على الأهداف الكامنة وراء إطلاق منتجك، ومع ذلك، ضع في الحسبان القاعدة التسويقية، والتي تنصُّ على أنَّ الأمر يتطلب من العميل رؤية شيء ما أو سماعه سبع مرات على الأقل قبل أن يُفكِّر في شرائه.

إذا كان بوسعك الترويج لمنتج أو خدمة تنوي طرحها قريباً سبع مرات - أو أكثر إن أمكن - قبل تاريخ الإصدار، فمن المُرجَّح أن تشهد المبيعات ارتفاعاً لحظة إطلاقها.

3. تحديد الأهداف والنتائج الرئيسة لإطلاق منتجك:

بالطبع، إنَّ الطريقة التي تريد أن تستمر بها فكرة إطلاقك لمنتج ما، هي أمرٌ متروك لك ولفريقك، ولكن من الهام أن يكون لديك الأهداف نفسها قبل مناقشة مرحلة ما قبل إطلاق المنتج.

أسسَت مهندسة الهاتف المحمول "ميلودي يانغ" (Melody Yang) العديد من التطبيقات الشائعة، مثل تطبيق التَّعلُّم الياباني "نوكون" (Nukon)، وحتى يومنا هذا، تقول "يانغ" إنَّها كانت تتعامل مع عملية التخطيط لأي مشروع بدقة، حتى قبل أن تبدأ مشروعاً جديداً، كما أشارت "يانغ" خلال مقابلة أجرتها مؤخراً عبر تطبيق "زووم" (Zoom): "في أثناء مرحلة التخطيط، كنتُ أطرح هذه الأسئلة على فريقي وعلى نفسي: ما هي أهدافنا والنتائج الرئيسة (OKRs) للخطوة الحالية؟ وما هي بعض المعوقات المُحتملة؟ وهل لدينا ما يكفي من الموارد في ظل القيود المفروضة علينا؟".

كما هو واضح في مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review)، فإنَّ الأهداف والنتائج الرئيسة، هي الأكثر فاعلية عند تطبيقها على النتائج العامة للمشروع وليس فقط على أداء الفرد، فهذا المستوى من التخطيط والتحليل لنقاط البيانات الرئيسة ليس مفيداً فقط لتحديد المسار قبل بدء الرحلة؛ بل إنَّه طريقة رائعة للبقاء منظَّماً وعلى المسار الصحيح طوال عملية التخطيط والإطلاق بأكملها.

عندما تكون في حالة شك، أدخل نقاط البيانات القابلة لتتبع هذه في العملية؛ حيث قد يبدو الأمر وكأنَّه تخمين في البداية، ولكن إذا كنتَ لا تتماشى مع الأهداف المحددة آنفاً أو تتفوق عليها، فسوف تدرك أنَّ تصحيح المسار ضروري عاجلاً وليس آجلاً.

إقرأ أيضاً: 8 أمور هامّة لنجاح استثمارك الخاص

4. تقييم عمليات الإطلاق السابقة:

أخيراً، إذا كان الأمر مرتبطاً بفكرة إطلاق مشروعك، فابحث عن عمليات إطلاق المشروع السابقة لتحديد الأسباب التي أدَّت إلى نجاحها أو ما الذي كان يمكن أن يكون أفضل، وفقاً لمؤشرات الأداء الرئيسة (KPIs) والنتائج الجديدة التي تأمل في تكرارها أو تحقيقها.

أفضل بحث يمكنك القيام به هو على منتجاتك الخاصة مع فريقك الخاص، إذا حققَت عملية إطلاق منتجك السابقة نجاحاً باهراً، فعليك أن ترسم خريطة لكل العوامل التي أدت إلى تلك النقطة، بما في ذلك المحتوى الذي كنتَ تنشره، واستراتيجيات التسويق التي نُفِّذَت، والوقت الذي استغرقه التخطيط، وما إلى ذلك، وتأكَّد أيضاً من البحث عن أي متغيرات مثل مقطع فيديو سريع الانتشار أو أحدث التوجهات التي ساعدَت على عملية الإطلاق، وضع هذه المتغيرات في خطتك الجديدة، ومتى أمكن، أعِد إنشاءَها.

فكِّر في المشاريع الجديدة بمنزلة أبحاث لشركتك أيضاً؛ حيث ستستمر في إتقان فن عملية إطلاق مشروعك على مدار وقتك كرائد أعمال، وستجد أنَّ أبحاث السوق والترويج ووضع الأهداف والنتائج الرئيسة والتعلُّم من محاولاتك السابقة، ستكون دائماً في مقدمة ومركز عمليات الإطلاق الجديدة الناجحة.

المصدر




مقالات مرتبطة