كيف تصبح محاسبا ناجحاً
المحاسبة هي علم ومهنة، وهي لغة الأعمال والمال، ومن المهن الاجتماعية ذات الصلة بالاقتصاد، وهي من أدوات التنمية الاقتصادية التي تعتمدها الدول، فتطور هذه المهنة مرهون بالتطور الاقتصادي، وتسهم هذه المهنة في توفير المعلومات الدقيقة اللازمة لاتخاذ القرارات الاقتصادية سواء على المستوى الجزئي في شركة أو منظمة ما أم على المستوى الكلي للدولة، ونظراً للأهمية الكبيرة لهذه المهنة فقد خُصصت لها أقسام في الجامعات لكي تُدرَّس أصولها وقواعدها، كما تم تأسيس الجمعيات المحلية والدولية التي تمثل الداعم لها.
تحرص هذه الجمعيات على تطوير مستوى الكفاءة والسلوكات المهنية، وتعمل على حمايتهم والحفاظ على حقوقهم واستقلاليتهم وتقديم كل ما يمكن من أجل الحفاظ على سمعة المهنة وتطويرها وتطوير مستوى العاملين فيها.
في الوقت الحالي تتسابق الشركات الكبرى للحصول على المحاسب الخبير والأفضل، فإذا أردت الحصول على فرصتك في هذه المهنة يجب عليك أن تصبح محاسباً ناجحاً، وهذا ليس بالشيء المستحيل، لكن تحتاج إلى بذل الجهود والسعي بصبر لتحقيق ذلك، وفي هذا المقال نقدم لك بعض الخطوات لكي تصبح محاسباً ناجحاً.
1. تعلُّم مهنة المحاسبة بشكل أكاديمي:
لكي تمتلك المحاسبة بوصفها علماً يجب عليك التعلم والدراسة بشكل جيد واكتساب أكبر قدر ممكن من المعلومات عن مهنة المحاسبة، فعادة ما تتيح الجامعات في جميع أنحاء العالم اختصاص المحاسبة بوصفه أحد الأقسام الأساسية لديها، فبعد إنهائك للمرحلة الثانوية بإمكانك الدخول إلى قسم المحاسبة في إحدى جامعات بلدك لكن بعد تحقيقك للشروط التي تضعها الجامعة، ولعلَّ أهمها المجموع العام من العلامات.
في الجامعة سوف تدرس مجموعة من المواد التي ترتبط بهذه المهنة بحيث تبني قاعدة معرفية كبيرة عنها، وعند تخرجك من الجامعة سوف تكون قادراً على العمل بصفتك محاسباً، ولكنَّ نجاحك يعتمد على مدى صبرك وتفانيك في العمل والجهود التي تبذلها للتطور في هذا المجال.
2. الكفاءة المهنية:
تمثل الكفاءة المهنية المعارف والاتجاهات التي يمتلكها المحاسب بحيث تصبح جزءاً أساسياً من سلوكه، وبمعنى أوضح تشير الكفاءة إلى الإتقان في العمل؛ أي أداء سلوك معين ومهام مطلوب إنجازها بإتقان لتحقيق الأهداف الموضوعة، فينبغي عليك بصفتك محاسباً تطمح للنجاح أن تكون أهلاً لهذه المهنة وأن تؤدي كافة الواجبات المرتبطة بها بالشكل الأمثل ولا تدخر أي جهد للوفاء بمسؤولياتك.
3. الموضوعية:
يجب عليك أن تتحلى بالموضوعية وتبتعد عن الذاتية، وأن تكون غير متحيز، وأن تتجنب وضع نفسك في مواقف محرجة تتعارض فيها مصلحتك مع مصالح من تنفذ لهم أعمالهم.
4. الثقة:
ينبغي لكي تحقق النجاح أن تصنع من نفسك شخصاً موثوقاً؛ لذا عليك أن تكون أميناً في أداء مهامك، ويجب أن يتحلى سلوكك بالنزاهة والأمانة والاستقامة.
5. إتقان مهارات الحاسوب:
بسبب ما يشهده العصر الحالي من تقدم تكنولوجي أصبح من أساسيات النجاح إتقان المهارات الحاسوبية، فهي الآن من أهم متطلبات سوق العمل، فدونها سيغدو من الصعب تحقيق النجاح؛ بل من الصعب حتى الحصول على وظيفة جيدة حتى وإن كانت خلفيتك العلمية مميزة جداً.
من المهارات التي يجب أن تتقنها أولاً المهارات المادية، مثل معرفة أجزاء الحاسوب وكيفية توصيلها لتعمل بشكل جيد، والمهارات البرمجية التي تمكِّنك من استخدام البرامج الحاسوبية بكفاءة عالية.
يجب عليك بصفتك محاسباً أن تتقن استخدام جميع البرامج التي ترتبط بعملك ومتابعة التحديثات الخاصة بها، ولعلَّ أهم تلك البرامج برنامج الجداول الإلكترونية (Excel) و(outlook) ومعالج النصوص (Microsoft) وبرنامج إنتاج المستندات الرقمية (Google Docs) المستخدَم في معظم المنظمات حول العالم، إضافة إلى برنامج العروض التقديمية (Powerpoint) الذي يساعد أيضاً على ترتيب الأفكار وتقديمها بأفضل شكل.
توجد تطبيقات خاصة بالمحاسبة يجب عليك إتقانها؛ إذ تعمل هذه البرامج على تسهيل العمل وتوفير الوقت والجهد؛ لذا لا تنتظر وجود حاجة لتعلم هذه التطبيقات؛ بل يجب أن تتعلمها في أول فرصة تتاح لك وتجعلها جزءاً من الروتين اليومي، فيمكنك اختيار نص وكتابته على معالج النصوص (word) وإجراء التعديلات عليه دون مناسبة، كما يمكنك إدخال جداول إلى (excel) وإجراء العمليات التي يتيحها البرنامج عليها وغير ذلك.
شاهد بالفيديو: 5 دلائل تُشير إلى أنَّك بحاجة إلى محاسب محترف
6. سرعة البديهة وقوة الملاحظة:
يجب أن تمتلك الخبرة الكافية وأن تتصف بسرعة البديهة لكي تستطيع أن تعرف ما يريده الآخرون منك ومعرفة طبيعة المشكلات التي قد تواجهك في عملك، فقوة الملاحظة تنطوي على معرفة التفاصيل الدقيقة التي تمكِّنك من إدارة المواقف بشكل صحيح واتخاذ ما يناسبها من قرارات.
تنطوي مهارات قوة الملاحظة على تحديد ما يجب القيام به وتحديد الأشياء التي يجب تجنبها، والابتعاد عن الروتين اللاواعي الذي يقوم على إنجاز الأعمال نفسها دون انتباه، فعلى الرغم من إيجابيات هذا الأمر أحياناً، إلا أنَّه قد يبعدك عن التعلم، كما تنطوي مهارات الملاحظة أيضاً على التركيز على الآخرين وما يمتلكون من مهارات والتعلم منهم وتقوية مهارات التواصل وغير ذلك من المهارات التي تساعد على التطور الوظيفي وتحقيق النجاح.
7. تحمُّل المسؤولية:
شعورك بتحمل المسؤولية يعني أنَّك إنسان ناجح، فتقبلك للمسؤولية الملقاة عليك يعني إيمانك بأنَّك أنت من تصنع حياتك بنفسك، فعليك أن تتقبل نفسك أولاً وتتحمل مسؤولية أفكارك ومشاعرك وحديثك وأفعالك وتوقف بشكل نهائي عن إلقاء اللوم على الآخرين؛ بل أكثر من ذلك يجب عليك أن تتوقف عن أداء دور الضحية، وكن صاحب قرار واسعَ إلى تغيير الأمور من حولك ولا تلجأ إلى الشكوى والتذمر، فالشكوى شأنها شأن اللوم تجعل منك ضحية للظروف وتدفعك للشعور بالإحباط، ومن ثم تمنعك عن التقدم في عملك وتحقيق النجاح الذي تصبو إليه.
8. مهارات الترتيب والتنظيم:
تعبِّر مهارات الترتيب والتنظيم عن ترتيب الأولويات ذات الأهمية الكبرى والمستعجلة التي يجب أداؤها قبل غيرها التي يمكن تأجيلها أو تكليف آخرين بأدائها، وتنطوي مهارات التنظيم على تنظيم بيئة العمل التي توجد فيها، فالفوضى متعبة للجسد وللفكر، فحدد ما تريد تحقيقه من أهداف سواء كانت يومية أم على الأمد الطويل، وبشكل أوضح عليك أن تحدد الأعمال التي يجب عليك إتمامها مثل ترتيب بيانات أو إجراء حسابات محددة وربطها بالمدة اللازمة لإنجازها والالتزام بهذه المدة.
من بين مهارات الترتيب والتنظيم المحاسبية يجب عليك:
- ترتيب المستندات المحاسبية مرفقة بكل ما يتعلق بها من الأوراق الثبوتية التي تؤيد صحتها.
- الحرص على أن تكون المستندات المحاسبية موقَّعة من أصحاب العمل حتى تُجنِّب نفسك أيَّة مساءلة قانونية.
- فهم طبيعة المستندات المحاسبية بحيث تستطيع توجيهها توجيهاً صحيحاً.
- تجهيز كل ما يطلب منك من موازنات وكشوف شهرية، كما يجب أن تعرف كيف تُعِدُّ التقارير المالية للإدارة.
- المقارنة بين الخطط وبين ما تم تنفيذه.
- امتلاك مهارات التدقيق والمراجعة.
- استخلاص النتائج وتقديم نصائحك بصفتك محاسباً للإدارة.
9. مهارات في الرياضيات:
لا يبتعد مجال المحاسبة كثيراً عن المجال الرياضي، لذلك لا بد أن تمتلك المهارات الأساسية في الرياضيات لكي تستطيع العمل في مجال المحاسبة، مثل إجراء عمليات الجمع والطرح والضرب والقسمة والكسور والنسب المئوية.
10. مهارات إدارة الوقت:
إن لم تستطع تعلم كيفية إدارة وقتك بشكل صحيح فلا بد أن يكون مصيرك الفشل، فإدارة الوقت هامة للغاية فكل فرد منا يجد نفسه يومياً أمام مجموعة كبيرة من المهام والمسؤوليات والواجبات، وإدارة الوقت تساعد على ترتيبها ضمن قائمة بحيث تتمكن من إنجازها بالشكل الأمثل، وتنطوي مهارات إدارة الوقت على التنظيم، تحديد الأهداف، ترتيب الأولويات، التخطيط باستخدام وسائل مساعدة مثل الخرائط الذهنية والمفكرات واستخدام التقويم.
11. اتِّباع الدورات في المجال المحاسبي:
مجال المحاسبة هو أحد العلوم التي تتطور على نحو سريع؛ لذا لا بد لك للاحتفاظ بكفاءتك العملية من اتباع الدورات التي تقام في هذا المجال، ومن أشهر الدورات المحاسبية في الوقت الحالي على المستوى العالمي دورات (CMA) – (CFA) – (CPA)، بامتلاكك لواحدة من هذه الشهادات يعني فرصة كبيرة للحصول على وظيفة محاسب في أهم الشركات العالمية:
- (CMA): شهادة المحاسب الإداري (Certified Management Accountant): هي شهادة معترف بها دولياً، وهي صادرة عن الجمعية الأمريكية للمحاسبين في الولايات المتحدة الأمريكية.
- (CPA): شهادة المراجعة المالية (Certified Public Accountant) وهي صادرة عن المجمع الأمريكي للمحاسبين القانونيين.
- (CFA): شهادة في التحليل المالي (Certified Financial Analyst)، وهي صادرة عن جمعية المحللين الماليين في الولايات المتحدة الأمريكية.
12. تمرين الذاكرة على الحفظ:
يجب عليك فهم وحفظ الكثير من المصطلحات والصيغ المحاسبية، وهذا يتم عن طريق العمل ضمن هذا المجال وتمرين الذاكرة باستمرار على الاحتفاظ بما تتعلمه بشكل يومي.
13. الالتزامات الأخلاقية لمهنة المحاسبة:
عرف المعهد الأمريكي للمحاسبين القانونيين الالتزامات الأخلاقية بأنَّها (مجموعة المبادئ والقواعد والتغييرات والأحكام التي تمثل نصوصاً تعبِّر عن المسؤولية التي تشكل إطاراً عاماً للقواعد التي تحكم السلوك بشكل دقيق محدد للمسؤوليات المذكورة ضمن المبادئ والقواعد والتغييرات، والتي تعد توجيهات حول نطاق تطبيق القواعد دون أن تحد منها، كذلك تلخص تطبيقات التغييرات والأوضاع والحالات الحقيقية).
الهدف من الالتزام بأخلاقيات المهنة من قِبل المحاسبين:
- الرفع من مستوى مهنة المحاسبة والمحافظة على كرامتها.
- تنمية روح التعاون بين المحاسبين.
- تحقيق الطمأنينة والثقة في نفوس المعنيين بخدمات المحاسبين.
فيجب عليك بصفتك باحثاً عن النجاح في مجال المحاسبة أن تتحلى بأخلاقيات المهنة، ومن ضمنها المصداقية والمهنية وجودة الخدمات التي تقدمها والثقة وغيرها.
في الختام:
المحاسبة من العلوم الحديثة نسبياً إذا ما تمت مقارنتها بغيرها من العلوم الاجتماعية، وهذه المهنة التي تعتمد على الدقة في العمل تحتاج إلى من يرفع مستواها، وذلك من خلال توفير الكوادر المحاسبية المؤهلة التي تتمتع بالكفاءة؛ لذا لا بد للمحاسب من بذل الجهود الكبيرة كي يحقق النجاح، وأن يتحلى بآداب المهنة وسلوكاتها، وألا يدخر جهداً لتطوير نفسه في البرامج المحاسبية التي تعتمدها الدول والتي تمثل نقطة تحول في تاريخ ممارسة المهنة وتطور المجتمع.