كيف تصبح كوتشاً مؤثراً؟

عندما كنتُ شابة يافعة، كنتُ مفتونة بريادة الأعمال، وتدريجياً أدركتُ أنَّه يجب على رائد الأعمال البحث عن احتياجات السوق وتلبيتها، وكوني خريجة ماجستير في التجارة من "جامعة سيدني" (University of Sydney)، قُبِلتُ من قِبل شركة "لوريال" (L'Oreal)؛ وهي شركة مستحضرات التجميل الأولى في العالم، وشعرتُ بأنَّ حلمي بدأ يتحقق.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المديرة التنفيذية "نيدا ليردبراسوسوك" (Nida Leardprasopsuk)، والتي تُحدِّثُنا فيه عن خبرتها في العمل كمدربة.

ومع ذلك، لم يكن نوع شخصيتي مناسباً لوظائف الشركات؛ حيث إنَّ التفكير هو أقوى مهاراتي، فكنتُ دائماً متحمسة للإبداع والابتكار وحل المشكلات، فأحببتُ العمل كمستشارة للشركات الأخرى؛ ولذلك، تركتُ العمل في الشركات بعد أن عملتُ في أربع شركات مدرجة على قائمة "فوربس 500" (Fortune 500) وبدأتُ عملي الخاص، ومن خلال هذا العمل، اكتشفتُ شغفي بعلم النفس والإمكانات البشرية.

كيف اكتشفتُ مهنة الكوتشينغ؟

اكتشفتُ الكوتشينغ من خلال مشاهدة مقطع فيديو على منصة "يوتيوب" (YouTube)، وكان هناك رجل يشارك قصته وذكر أنَّه كوتش في مجال الحياة، وفي ذلك الوقت لم أكن على علم بهذا المصطلح من قبل، ولكن لفت انتباهي على الفور كشيء يجب أن أفعله؛ ولذلك بحثتُ في "غوغل" (Google) وكما توقعتُ، شعرتُ بأنَّه مناسب لي، فلقد عثرتُ على برنامج تدريب للحصول على شهادة كوتش وقمت بالتسجيل بسرعة، وتعمقت فيه وحصلتُ على شهادة في العديد من برامج الكوتشينغ.

ولكن بحلول الوقت الذي أنهيتُ فيه أول برنامج تدريبي للكوتشز، تساءلتُ عما إذا كان أحدهم يرغب في دفع 100 دولار ليخبرني بقصته الشخصية ويسمح لي بتقديم الكوتشينغ له، والتفكير في تلك اللحظة لا يزال يضحكني.

حصلتُ على شهادة كوتش مشارك معتمد (Associate Certified Coach) من قِبل الاتحاد الدولي للكوتشيغ (International Coach Federation) وبدأتُ تقديم الكوتشينغ، وبعد فترة من البحث عن مُصمِّم موقع ويب، لم يعجبني شيئاً على الإنترنت، فقررتُ إنشاء موقع الويب الخاص بي في الساعة 1 صباحاً، باستخدام تطبيق إنشاء قوالب مواقع الويب وانتهيتُ في حوالي الساعة 4 صباحاً، وعلى مر السنين واصلتُ التعلم وإضافة المزيد من الأدوات إلى صندوق الأدوات الخاص بي.

ولكنَّ هذا لا يعني أنَّك بحاجة إلى مؤهلات كثيرة لتصبح كوتشاً ناجحاً؛ حيث بدأتُ عرض الإعلانات على صفحاتي، ومنذ ذلك الحين حصلتُ على شهادة كوتش محترف معتمد من "الاتحاد الدولي للكوتشينغ" (ICF)، وحصلتُ مؤخراً على أعلى شهادة كوتش معتمد (the MCC Master Certified Coach credential)؛ حيث كنتُ أتخيل منذ البداية أنَّه من الممكن جداً أن أحصلَ على أعلى شهادة كوتش معتمد، ولكن عندما حصلتُ عليها بالفعل، لم يكن الأمر يتعلق بالحصول على الشهادة؛ وإنَّما كان يتعلق بالتجربة الثمينة التي مررت بها لإتقان مهارات الكوتشينغ.

وخلال مسيرتي في الكوتشينغ، اكتشفتُ العديد من مجالات الكوتشينغ، وصمَّمتُ برنامج تدريب الكوتشز الخاص بي، وحصلتُ على اعتماد من قِبل "الاتحاد الدولي للكوتشينغ" (ICF)، وبدأت تدريب كوتشز آخرين، ونظراً لأنَّني أمتلكُ خبرةً كبيرةً في مجال الأعمال والتسويق وعملتُ كاستشاريةٍ للشركات منذ عقود، فقد اخترتُ في النهاية التخصص في مساعدة الكوتشز والاستشاريين والخبراء الآخرين في بناء أعمالهم التجارية الفريدة من نوعها القائمة على الخبرة.

بهذه الطريقة، يمكنني تحقيق أكبر قدر من التأثير؛ وذلك من خلال مساعدة صانعي التأثير الآخرين على إحداث تأثير أكبر من خلال تحقيق أعلى إمكاناتهم، فلقد جعلني مزيج خبرتي في أعمال الكوتشينغ وعلم النفس في وضع يسمحُ لي بمساعدة رجال الأعمال الآخرين بطريقة فريدة.

وأقومُ حالياً بإكمال بحثي للحصول على درجة الدكتوراه في علم النفس الاجتماعي، والتي اخترتُ البدء بمتابعتها منذ عامين، وكانت لدى الطلاب الآخرين أحلام كبيرة مثلي وأرادوا أن يصبحوا كوتشز ناجحين أيضاً، ولكنَّ معظمهم لم ينجح في ذلك، وأعتقدُ أنَّ السبب في ذلك هو أنَّهم لم يصدقوا أنَّهم أيضاً يمكن أن يكونوا ناجحين.

إقرأ أيضاً: فن التأثير في الآخرين

العوامل التي جعلَتني ناجحة في الكوتشينغ:

هذه هي الأشياء التي ساعدَتني على تحقيق النجاح في مجال الكوتشينغ:

1. تطوير الذات:

لبناء مشروع كوتشينغ ناجح أو أي نوع من الأعمال التجارية، تحتاج إلى رفع مستوى تفكيرك واحترامك لذاتك، وعليك أن تؤمن بأنَّك جدير وكفء بما يكفي لتحقيق كل الأهداف التي تعقد العزم على تحقيقها، ففي مجال الكوتشينغ أو التطوير الذاتي، من الضروري أن تقوم بالعمل بدءاً من داخلك للتطور ليس فقط بصفتك كوتشاً أو رب عمل؛ وإنَّما كإنسان.

لم يقُم الكوتشز بالعمل على تحسين الذات الضروري بشكل متكرر، ومن ثمَّ فَهُم غير قادرين على بناء عمل مستدام، وبعد بعض النجاح الأولي، بدأ كل شيء بالانهيار بالنسبة إليهم؛ حيث تأخذهم الحماسة دون إدراك المعتقدات المُقيِّدة التي لا تزال لديهم؛ حيث إنَّهم يعرضون على العملاء معتقداتهم الخاصة، ويصبحونَ دفاعيين عندما يتلقون تغذية راجعة لا يريدون سماعها من العملاء.

وبصفتنا كوتشز أو محترفين في أي مجال معني بمساعدة الناس، نحتاج إلى العمل باستمرار على زيادة الوعي الذاتي ومواصلة تطوير أنفسنا.

2. تحديد الغاية:

يقول الكثير من الناس إنَّهم يحلمون بأن يصبحوا كوتشز ويريدون أن يكون لديهم عمل كوتشينغ ناجح، ولكنَّ الحلم سيبقى حلماً حتى تبدأ العمل عليه وتحوِّله إلى حقيقة، فالأشخاص الناجحون في عالم الكوتشينغ والقادرون على بناء عمل مستدام هم الأشخاص الذين لديهم غاية كبيرة، وغايتهم تتجاوز كسب العيش أو بناء الثروة، ويريدون إحداث تأثير في العالم، فيحافظ هذا الحافز الداخلي على استمرارك في الأوقات الصعبة ويمنعك من التخلي عن أحلامك.

3. المثابرة والعزيمة:

تأسيس المشاريع ليس بالأمر السهل، فعندما تصبح الأمور صعبة، يستسلم معظم الناس، فالأشخاص الذين نجحوا هم الذين لا يتوقعون أن يكون الأمر سهلاً من البداية، ويفعلون كل ما يلزم ليكونوا ناجحين؛ حيث إنَّهم يفشلون ويستمرون في المضي قدماً.

إقرأ أيضاً: 9 طرق لتحسين مهارات المثابرة لديك

4. التعلُّم من الأفضل:

من أجل إتقان مهارات الكوتشينغ الخاصة بك بسرعة، عليك أن تتعلم من الأفضل؛ حيث يمكنك حضور آلاف جلسات الكوتشينغ ولكن لن ترى أي تحسُّن إذا كنتَ لا تعرف ما الذي يجب تحسينه أو لم تكن على دراية بما تفعله بشكل خاطئ.

يمكن أن يساعدك المنتور المناسب على تحسين مهاراتك في الكوتشينغ في فترة زمنية أقصر بكثير، ولكنَّ الأهم من ذلك هو أنَّه عليك القيام بما هو مطلوب منك من أجل التحسن.

5. الترويج:

لا يفيدك أن تكون كوتشاً رائعاً إذا كان الناس لا يعرفون عنك شيئاً؛ ولذلك تقع على عاتقك مسؤولية جعل نفسك معروفاً لعملائك المحتملين، فإذا لم يكن لديك معرفة بالتجارة أو التسويق، فاستثمر في العمل مع كوتش أو مستشار أعمال مختص؛ حيث يُعَدُّ اتخاذ القرار المهني الصحيح أمراً ضرورياً لنجاحك في المستقبل، وفي أثناء اختيار المهنة المناسبة، يجب عليك أيضاً مراعاة أحلامك وأهدافك ورغباتك، فاكتشف هويَّتك ومبادئك وتأكَّد من أنَّهما يتماشيان مع ما تختار متابعته.

المصدر




مقالات مرتبطة