كيف تصبح قائداً مميزاً دون التضحية بقيمك؟

حتى لو قضيتَ سنوات في استلام الإدارة العليا والقيادة، فسوف تحتاج إلى الاستمرار في تعزيز قيمك حتى تتوافق مع حياتك الشخصية والمهنية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المُدوِّن "جديون كيمبريل" (Gideon Kimbrell)، والذي يُحدِّثنا فيه عن الطرائق التي يمكننا من خلالها أن نكون قادة دون التضحية بقيمنا.

إنَّ القيم التي تضعها بصفتك قائداً ليست مجرد ترويج لإعلانات ملهمة وكتيبات توظيف جديدة، كما أنَّها ليست بالتأكيد شعاراً للعلامة التجارية، ومع ذلك، فإنَّ العديد من الموظَّفين يبلغون عن فجوة عميقة بين القيم المثالية التي يعلن عنها قادتهم وتجاربهم معهم في مكان العمل.

في استطلاع أُجرِي عام 2020 للباحثين عن عمل، قال 62% من الأشخاص إنَّ أرباب العمل الجدد يضعون مجموعة من القيم الأساسية، لكنَّ حوالي 16% من هؤلاء الأشخاص قالوا إنَّ أرباب العمل لم يلتزموا بتطبيق هذه القيم.

وبصفتنا بشراً، نحب التفكير في الأمور بالأبيض والأسود، فنحن نتوق إلى عيش الواقع ببساطة؛ حيث تكون فيه الأمور إما صحيحة أو خاطئة، وإما جيدة أو سيئة، لكن بالطبع، لا يجري العالم على هذا النحو، وعالم الأعمال ليس استثناء؛ إذ إنَّه مليء بمواقف غامضة وصعبة والتي تبرز بوضوح شديد الفرق بين الأخلاق نظرياً واتِّخاذ القرارات الأخلاقية بشكل عملي.

إنَّ المديرين وغيرهم من قادة الشركات يتعاملون مع المشكلات الأخلاقية الكبيرة والصغيرة كل يوم، والطريقة التي يتعاملون بها مع هذه المشكلات تعتمد على القيم الخاصة بهم.

قبل بضع سنوات، على سبيل المثال: تعرَّض أحد المؤسسين المشاركين لي لحادث قارب مروِّع أدَّى إلى دخوله في حالة غيبوبة، وكان تحديد كيفية التقدم والاستمرار في العمل أمراً صعباً، فلقد كان يساهم مساهمة كبيرة في اتخاذ قرارات حاسمة على صعيد وحدة الشركة، لكن لم نتمكن من إيقاف عمليات اتخاذ القرار عندما كان غير قادر على المشاركة، فقد أراد بعض زملائي إبعاده عن العمل للحفاظ على سير الأمور بسلاسة، لكنَّني لم أستطع فعل ذلك.

فلو كنتُ مكانه، لشعرتُ باستياء كبير لو تعافيتُ وخرجت من حالة الغيبوبة لأجد واجبات عملي قد سُلِبَت مني؛ لذا بدلاً من ذلك، تولَّيتُ مهامه مؤقتاً وأعدتُها له لحظة خروجه من المستشفى، فلقد كان له دور فعَّال في بناء شبكة واسعة من السُّفراء والمستشارين للشركة من خلال علاقاته الخاصة، وساعد هذا القرار على الحفاظ على ثقتهم في عمل شركتنا.

قد يبدو هذا السيناريو مثالاً مبالغاً فيه، لكنَّ المشكلات الأخلاقية تواجه روَّاد وقادة الأعمال كل يوم بطرائق غير متوقعة، فقد يكون الحفاظ على بوصلة المرء الأخلاقية في مسارها أمراً صعباً في بعض الأحيان؛ لذا فيما يأتي بعض الطرائق للتأكُّد من أنَّك لا تفقد نزاهتك بينما تستمر في التطور كقائد:

1. تقييم قيم فريقك:

ما يميز القيم الأخلاقية أنَّها تختلف في تأويلها من شخص إلى آخر، ولا يمكنك أن تتوقع من زملائك في الفريق تبنِّي قيمك دون طرح أي أسئلة حولها، وفي نهاية المطاف، عند مواجهة قرار صعب، يمكن للأشخاص الطيبين - لأسباب وجيهة - الوصول إلى استنتاجات مختلفة عن أفضل طريقة للتقدم والاستمرار.

ولكن عندما يتقاسم أعضاء الفريق القيم المشتركة فيما بينهم جميعاً، ترتفع الإنتاجية ويشعر النَّاس بالمزيد من الارتباط بالمهمة التي يعملون على تنفيذها، وللعثور على حل وسط، قيِّم فريقك على الأمدين القصير والطويل.

تشمل القيم قصيرة الأمد أموراً مثل الكرم والدقة في العمل، والاستمتاع به، ومن الممكن أن تتغير هذه القيم حسب المشروع أو الفريق، على سبيل المثال: لن يكون الاستمتاع بالعمل أمراً ممكناً عند إطلاق منصة تقنية متعلقة بدار للعزاء، ومن ناحية أخرى، يجب ألا تتغير أبداً القيم طويلة الأمد التي تشمل تعزيز بيئة عمل تحترم جميع الموظفين وتمنح ترقيات بصورة عادلة.

يمكنك تحديد القيم العليا لأعضاء فريقك من خلال تقديم سيناريوهات مختلفة لهم وسؤالهم عن الطريقة التي يرغبون في الاستجابة بها، فادمج القيم التي يمكنك استخدامها في المؤسسة، وكرر هذه العملية عندما يكون هناك تغيير كبير في بنية الفريق أو الرؤية الشاملة للعمل.

إقرأ أيضاً: 12 طريقة مبتكرة لتعزيز إنتاجية الموظفين

2. التمسك بمبادئك بصورة علنية من خلال عملك:

سيتعلم الموظفون من سلوكك ويحاكونه؛ لذا فلا بُدَّ أن تحرص على ترسيخ قيمك بشكل علني، فحمِّل زملاءك ومرؤوسيك المسؤولية عن القيم التي اتفقتم على الأخذ بها، وتخلَّص من الجهات الفاعلة المسيئة للعمل عندما تحتاج إلى ذلك، فلا يحتاج الموظفون إلى معرفة الأسباب الكامنة وراء كل قرار تتخذه، ولكن يمكنك أن تستخدم عادات بناء الفريق لتسليط الضوء على الخيارات التي اتخذتَها بسبب القيمة المشتركة بينكم.

يجب أن تتضمن نمذجة السلوك الرعاية الذاتية أيضاً، ففي نهاية الأمر، إنَّ الانهماك في العمل أمرٌ غير صحي، وقد يؤدي أيضاً إلى تقويض قدرتك على الالتزام بقيمك؛ إذ تتفهم شركة التسويق الرقمي "بريزم" (Prism) الآثار الضارة المترتبة على الضغط الشديد، وقد اتَّخذَت قراراً جيداً في شهر أيار الماضي بمنح القوة العاملة بأكملها إجازة لمدة أسبوع للراحة والتأمُّل والاسترخاء.

عندما تعمل لساعات طويلة، ينفد صبرك، وتختفي موضوعيتك، وتبدأ باتِّخاذ القرارات السَّهلة، وليس الصحيحة؛ لذا تخيَّل مقدار النشاط الذي شعر به الموظفون في شركة "بريزم" (Prism) بعد إخبارهم بأنَّهم حصلوا على فترة راحة هم بأمسِّ الحاجة إليها، ومقدار شعورهم بالالتزام تجاه شركتهم بمجرد عودتهم إلى العمل.

3. البحث عن شركاء مساءلة للحفاظ على أمانتك في العمل:

عندما تسعى جاهداً إلى الالتزام بقيمك، لا تحاول ذلك وحدك. طوال مسيرتي المهنية، كان لديَّ مجموعة متنوعة من الاستشاريين الذين استثمروا في نجاحي من الناحية العاطفية والحيوية، ولقد ساعدوني على البقاء على المسار الصحيح دون المساس بقيمي الشخصية.

على سبيل المثال: بعد الحادث الذي تعرَّض له أحد شركائي في المؤسسة، تمسَّكتُ بقيمي، وخياري هذا يؤتي ثماره، فليس بالضرورة أن أحصد نتيجة ذلك من خلال الحصول على جائزة كبرى؛ بل عندما أثبت لشريكي أنَّني لم أكن على استعداد للتنازل عن الثِّقة التي منحها لي.

عندما تحدد شريك مساءلة محتمل، ناقش الأهداف التي تريد تحقيقها وأين ترى نفسك بعد خمس أو عشر سنوات؛ إذ يجب أن يكون هذا الشخص غير متحيز؛ لذا حاول اختيار شخص من خارج مكان عملك.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة في الإدارة و القيادة الحكيمة

تواصل مع هذا الشريك كل شهر، وتوجَّه إلى الاجتماع على استعداد لمناقشة المشكلات الأخلاقية التي تحتاج إلى مساعدة على حلها وطرح أمثلة عن كيفية تمسُّكك بقيمك في مواجهة الأولويات التي تتنافس على اهتمامك.

نحن القادة نهتم اهتماماً كبيراً بالثقة، ومع ذلك فإنَّ 36% فقط من العاملين في أمريكا يعتقدون أنَّ أرباب العمل يتمتعون بالنزاهة الكافية لفعل الشيء الصحيح عندما يواجهون مأزقاً أخلاقياً، فلا أحد يطلب منك أن تكون المثال الأعلى للفضيلة، ولكن إذا كنتَ تركِّز على البقاء في الإدارة، فسوف تحتاج إلى صقل مجموعة من القيم التي يمكنك أن تَعُدَّ نفسك مسؤولاً عنها مع تطوُّر حياتك المهنية وزيادة واجباتك القيادية تعقيداً.

المصدر




مقالات مرتبطة