كيف تصبح طبيباً ناجحاً؟

أن تكون طبيباً، يعني أنَّك تتعامل مع أغلى ما يملك الإنسان؛ صحته وروحه، فمهنة الطب واحدة من أنبل المهن وأصعبها على الإطلاق، لكن هناك آلاف الخريجين من كلية الطب سنوياً، إلا أنَّ القليل منهم من يتميَّز فعلاً، ويحقق نجاحاً مهنياً لافتاً، ونسمع اسمه أول اسم ينصح به الناس عند سؤالهم عن الطبيب الأفضل، ونرى مقابلاته منتشرة في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، فما هو السر؟



أولاً: من هو الطبيب؟

الطبيب هو كل شخص درس الطب في الجامعة، ومن ثم امتهنه، ويعمل في المستشفيات والعيادات العامة والخاصة بمعاينة المرضى وتشخيص المرض الذي يعانونه، ووصف العلاج المناسب له، أو تحويل المريض إلى مراجعة طبيب باختصاص آخر يتناسب مع حالته المرضية.

وتستغرق دراسة الطب نحو 10 سنوات على الأقل، بين ست سنوات لفرع الطب، وخمس سنوات اختصاص وتدريب ومناوبات، فلا يبدأ الطبيب العمل قبل عمر الـ 29، وحتى مزاولة المهنة ليست سهلة؛ إذ يقضي الطبيب أغلب وقته بين المستشفى وعيادته، وبين العمليات والمناوبات، إضافة إلى مسؤوليات الأسرة وحياته الشخصية، فقد ينسى الطبيب النوم أحياناً؛ لذا فهي مهنة بحاجة إلى الصبر والإرادة القوية والوعي بصعوباتها.

ثانياً: خصائص مهنة الطب

تتميز مهنة الطب بالخصائص الآتية:

  1. أكثر المهن إنسانية على الإطلاق؛ فهي تتعامل مع أرواح، فالطبيب يُخلِّص المريض من وجع وألم لا يُطاق، أو قد يُنقذ حياته بعمل جراحي دقيق.
  2. مهنة خطيرة وحساسة؛ فأي خطأ أو سهوة من الطبيب قد يُودي بحياة المريض، ويدخل الطبيب في دوامة من الشعور بالذنب وتأنيب الضمير.
  3. متطلباتها كثيرة؛ إذ تتطلب مهنة الطب توفر الذكاء، والاجتهاد، واجتياز الكثير من الاختبارات، والتحلي بالشجاعة والصبر والإرادة، وتوفر الطموح والدافع لدخول هذا المجال الصعب.
  4. لا تعتمد على المؤهل العلمي فقط؛ فلا يكفي أن تحصل على شهادة الطب حتى تكن طبيباً ناجحاً؛ بل توجد عدة مقومات يجب أن تتمتع بها، وسنأتي على ذكرها لاحقاً.
  5. تتأثر مهنة الطب بآراء ورضى المرضى؛ فمثلاً قد يُفضل بعض المرضى الطبيب الخريج حديثاً؛ كونه يكون متحمساً للعمل، بينما يُفضِّل مرضى آخرون الطبيب الكبير في السن، لخبرته وحصيلة تجاربه.
  6. تحقق مهنة الطب المكانة الاجتماعية والمردود المادي العالي للطبيب؛ وهي ما يجعلها من أكثر المهن المرغوبة من قِبل الكثيرين؛ لأنَّها تحقق مستقبلاً مضموناً.

شاهد بالفيديو: 15 مهارة تساعدك على النجاح والتقدم في حياتك المهنية

ثالثاً: أسرار الطبيب الناجح والمشهور

لا يكفي النجاح في الدراسة، وتحصيل شهادة الطب، ورخصة قانونية لمزاولة المهنة، حتى تكون طبيباً ناجحاً، فالنجاح والتميز يحتاج إلى عوامل أخرى يجب أن تتوفر فيك بصفتك طبيباً، ويمكن عَدُّها أسرار النجاح، وهي:

1. النية الحسنة:

أن تكون لديك نية حسنة في أداء عملك على أكمل وجه، دون تقصير أو تراخٍ، ومساعدة المرضى وتخفيف أوجاعهم.

2. الطموح:

لن تكون طبيباً ناجحاً ما لم تكن طموحاً، فالطب في تطور مستمر، كل يوم ثمة اكتشاف جديد ودواء جديد، ولا بد أن تواكب كل جديد في الطب، وتعمل على تطوير نفسك ومهاراتك، وزيادة معرفتك من خلال المطالعة المستمرة، وحضور المؤتمرات الطبية، ومتابعة أحدث الأبحاث والدراسات الطبية، وتعلُّم كل ما هو جديد.

3. تنظيم الوقت:

أن تكون طبيباً ناجحاً، لا يعني ذلك أن تعمل كل الوقت دون أيَّة راحة؛ لأنَّك حينها ستدخل في حالة من الإجهاد، وتنخفض جودة أدائك وتركيزك، فالنجاح يكمن في تنظيم وقتك، بين عملك والراحة والأهل والترفيه، فنظِّم وقتك بين هذه الجوانب ولا تهمل أياً منها، لأنَّها مصادر تجديد الطاقة لديك.

4. مهارات التواصل:

من أهم أسرار نجاح الطبيب؛ أن يتمتع بمهارات التواصل، فهو مُضطر إلى التعامل مع مرضى من مختلف الشخصيات والثقافات والبيئات؛ لذا لا بد أن يتمتع بمهارات التواصل والذكاء العاطفي وفهم شخصية المريض، وإدارة ردود فعله، وكيفية التعامل معه، وطريقة إخباره بإصابته مثلاً، ومراعاة حالته النفسية، واستيعاب غضبه أو غضب أهله وتهدئتهم في حال وقوع الوفاة.

5. الابتسامة:

لا أحد منا يرتاح لطبيب عابس الوجه أو غير بشوش أو عصبي، وعلى النقيض من ذلك تماماً، فنحن نحب الطبيب المبتسم والضحوك، الذي يُبادلنا الضحكة والدعابة أحياناً؛ إذ يُشعرنا بالألفة والأريحية؛ لذا إن أردت أن تكون طبيباً ناجحاً، فلا تنسَ الابتسامة الدائمة على وجهك، فهي أهم أسرار نجاحك.

إقرأ أيضاً: قصة نجاح الطبيب رينيه لينيك مخترع السماعة الطبية

6. تحمُّل المسؤولية:

مهنة الطب مهنة إنسانية وليست سهلة، فهي تحتاج إلى ضمير حي وتحمُّل للمسؤولية، فالطبيب بيده قد يُنقذ المريض من مرض عضال، وبيده قد يرتكب خطأً طبياً يجعله يفقد حياته؛ لذا لا بد أن تشعر أنَّك مسؤول عن حياة هذا المريض الذي بين يديك وألا تتهاون أو تُقصِّر في عملك تحت أي ظرف.

7. عدم السعي إلى المال فقط:

لا يوجد أجمل من الطبيب الإنساني الذي يتعاطف مع المريض الفقير ويساعده؛ لذا إن أردت أن تكون طبيباً ناجحاً، وتكسب محبة المرضى واحترامهم، وشهرة واسعة، فلا تجعل المال هو أهم أولوية لديك، ولا تسعَ إلى رؤية أكبر عدد من المرضى في اليوم الواحد، فتبخس المريض حقه في المعاينة الدقيقة والكاملة.

8. مشاركة المعرفة:

من مقومات الطبيب الناجح هي أن تُشارك المعرفة التي لديك مع من يحتاجها سواء من الزملاء أم من العامة، وألا تُمانع في التعلُّم منهم أيضاً حتى لو كانوا أقل منك شأناً أو تجربةً.

إقرأ أيضاً: من هو المصري محمد مشالي "طبيب الغلابة"؟

9. الاستماع للمريض:

من أكثر الأشياء التي يهتم بها المريض هي استماع الطبيب له، وإعطاؤه الوقت الكافي للتكلم ووصف ما يشتكي منه؛ لذا حتى تكون طبيباً ناجحاً، أعطِ مريضك الوقت الكافي ليتكلم، واستمع له بكل ود واهتمام، ولا تكن ملولاً أو ضجراً من ذلك؛ إذ غالباً ما يقوم أغلب الأطباء بمُقاطعة المرضى بعد 17 ثانية من بدئهم الكلام.

10. أخلاقيات المهنة:

يحترم الطبيب الناجح أخلاقيات المهنة، كالمحافظة على سرية وخصوصية المريض، وعدم إفشاء أسرار حالته إلى الآخرين من غير أهله، واحترام زملاء المهنة والتعاون معهم.

11. الأسلوب البسيط:

يحتاج الطبيب الناجح إلى التكلم مع المريض بأسلوب بسيط وواضح، وشرح التشخيص له بكلمات بسيطة بعيدة عن المصطلحات الطبية المعقدة أو المفاهيم الأجنبية.

12. الثقة بالنفس:

لا يمكن لأي أحد في أي مجال كان، تحقيق النجاح والتميز ما لم يكن واثقاً من نفسه، ومؤمناً بقدراته، وغير مُشكك في إمكاناته، وهنا يجب التفريق بين الثقة بالنفس والغرور، فالغرور مقبرة الإنسان.

إقرأ أيضاً: الثقة بالنفس مفتاح النجاح

13. التعاطف:

لا تجعل كثرة المرضى والمواقف الصعبة تُفقدك إحساسك بألم المريض أو معاناته، فتُصبح غير مكترث بما يقول أو يعاني، فحافظ على إحساسك بالمريض، وتعاطفك معه، وضع دائماً نفسك مكانه، فتحسين الحالة النفسية للمريض مسؤوليتك أيضاً، ولها دور هام في العلاج.

14. التواضع:

تذكَّر دائماً أنَّ التواضع سمة العظماء، والسنبلة الفارغة ترفع رأسها في الحقل، والممتلئة بالقمح تخفضه، فحافظ على تواضعك مهما بلغت من علم ومكانة، وكن قريباً من مرضاك ومتواضعاً معهم، فهذا يكسبك محبة وشهرة.

15. الصبر:

الصبر من أهم مقومات وأسرار نجاحك بصفتك طبيباً، فأنت تعمل لساعات طويلة، وتتعرض للكثير من الضغوطات والتوتر والتركيز العالي في العمليات الخطيرة، وتتحمَّل ردود فعل المريض وأهله، وسوء حالتهم النفسية؛ لذا لا بد أن تكون صبوراً، وهادئاً، ومُسيطراً على أعصابك دائماً.

16. الدقة:

لا يمكن أن تنجح وتتميز في مهنة الطب، ما لم تكن طبيباً دقيقاً ينتبه إلى أدق التفاصيل وإلى أصغر كلمة أو إشارة من المريض، حتى تصل إلى التشخيص الصحيح، وتتجنَّب أي أخطاء تؤثر في صحته وفي سمعتك المهنية.

شاهد بالفيديو: 7 سلوكيات قد تضر مسيرة تقدمك المهني

17. الصدق:

من أهم أسرار نجاح الطبيب هو الصدق، أن تكون صادقاً مع مريضك، وتُخبره مثلاً بنسبة نجاح العملية أو النتيجة دون مبالغة، خاصة في مجال التجميل؛ إذ كثيراً ما يرفع أطباء التجميل سقف التوقعات للمرضى، ويعدونهم بنتائج مبهرة، قد لا يحصلون عليها في الحقيقة.

18. الترويج لنفسك:

في عصر التكنولوجيا والسوشال ميديا الذي نعيشه اليوم، لا ضير في أن تسعى إلى الترويج لنفسك بصفتك طبيباً، من خلال الوجود على وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر أعمالك وتقييم المرضى لك، والتفاعل مع المتابعين، والرد على استفساراتهم بكل لطف، ونشر نصائح أو مقالات طبية مفيدة؛ وهذا يزيد شهرتك ويجعلك تصل إلى أكبر عدد من الأشخاص.

19. تخيير مريضك:

إن كان لديك أكثر من خيار للعلاج، حاول أن تعرضها جميعها على المريض، وأن تترك له مجالاً للمشاركة في اختيار العلاج الذي يناسبه، فهذا من شأنه أن يُريح المريض ويُشعره أنَّك تهتم لراحته.

20: توسيع دائرتك:

لا تحصر نفسك في مجال الطب فقط، أو تتعامل مع الأطباء فقط، فهذا يجعلك تشعر بالملل تجاه عملك، وحياتك التي تدور حول الطب طوال الوقت؛ لذا وسِّع دائرتك وكوِّن علاقات مع أشخاص من مختلف المجالات، حتى تتجدد الأحاديث وتخرج من جو العمل قليلاً.

في الختام: الشغف هو شيفرة النجاح

الشغف هو شيفرة النجاح سواء في مهنة الطب أم أي عمل تمارسه، فمارس مهنة الطب بشغف، ولا تتعامل معها بوصفها واجباً أو عملاً عليك تأديته لتحصل في النهاية على عائد مادي، فالشغف هو ما يجعلك تعمل بحب وحماسة، وتسعى إلى التطور والتميز، ويحميك من الملل أو التعب، ويجعلك لطيفاً وإيجابياً في تواصلك وتعاملك مع الجميع، وهو ما يجذب المرضى إلى اختيارك من بين آلاف الأطباء، وتذكَّر أنَّك تمارس أنبل وأقدس المهن، فأنت تُنقِذ البشر من الأوجاع وأحياناً من الموت، فهذه الفكرة كفيلة بجعل الشغف لا يخبو في داخلك تجاه هذه المهنة.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة