كيف تسجل أنشطتك اليومية وتدير وقتك بشكل أفضل؟

إذا توجهت إلى كلية إدارة الأعمال، ستسمع هذه العبارة مراراً وتكراراً: "ما يُمكن قياسه، يُمكن إدارته". يُنسب هذا القول إلى بيتر دراكر (Peter Drucker)، وهو ينطبق أيضاً على إدارة الوقت، فأفضل طريقة لتحسين إدارة وقتك هي تسجيل أنشطتك اليومية، وبذلك تكون أكثر إنتاجية. ولكن قبل أن تبدأ بتسجيل أنشطتك اليومية، لديك خياران يتعين عليك تحديدهما، هما: مكان التسجيل وطريقة التسجيل، فدعونا نناقش كليهما.



أين تسجل أنشطتك اليومية؟

عموماً لديك خياران لتسجيل أنشطتك اليومية: التقويم الورقي أو التقويم الرَّقمي، فعلى الرغم من عدم وجود فرق كبير بينهما، إلا أنَّ هناك أسباباً تجعل الناس يفضلون أحدهما على الآخر.

1. التقويم الرقمي:

يفضل العديد من الأشخاص تسجيل مهامهم في جدول أو برنامج لتتبع الإنتاجية لعدة أسباب:

  1. إمكانية الوصول من أي مكان: يفضل بعض الناس أن يصل إلى مخطط أنشطته من أي مكان؛ حيث يمكنك الوصول إلى أدوات التتبع الرقمية من هاتفك، والذي يلازمك منذ أن تستيقظ إلى أن تعود للنوم، كما يمكنك أيضاً العمل عليها من على حاسوبك؛ حيث يمكنك تعديل البيانات بدقة أكبر.
  2. قابلية التخصيص: إذا كنت ترغب في عرض أنشطتك كتقويم أو قائمة، أو تصنيفها حسب النوع أو المشارك أو الجدول الزمني أو أي شيء آخر، يمكنك القيام بكل ذلك عن طريق التقويم الرقمي؛ حيث تكون لديك القدرة على التحكم في كل شيء فيه تقريباً، كما تستطيع التعديل في أي وقت.
  3. التكلفة: الدفاتر اليومية؛ حيث يمكن أن يكلفك النوع الجيد من الورق الكثير من المال، لكن إذا اتبعت طريقة التقويم الرقمي، فلن تحتاج لشراء أي شيء. تشرح جاكي ريف (Jackie Reeve)، التي تكتب لمشروع (Wirecutter) لصحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) قائلة: "من أفضل الأمور التي يمكنك القيام بها هي الذهاب إلى التسوق ومعك مخطط جميل المظهر تكتب عليه وتستشعره بين يديك وتنظر إليه وتفتحه متى ما أردت".في المقابل، تعد معظم أدوات التتبع الرقمي مجانية تماماً، ويقدم بعضها إصدارات مدفوعة مع المزيد من الميزات، ولكن حتى هذه الإصدارات هي أقل تكلفة من المخططات الورقية، ومع ذلك لا يستخدم الجميع البرامج لتسجيل أنشطتهم اليومية؛ لذا ما الذي يعجبهم في المخطط الورقي؟

2. التسجيل الورقي:

كما يفضل بعض الناس الكتب المطبوعة على الكتب الإلكترونية، هنالك من يفضل تسجيل أنشطته اليومية على الورق، ولهذه الطريقة مزايا، مثل:

  1. الحفظ: تشير الأبحاث إلى أنَّ تدوين الأشياء يساعدنا على حفظها في الذاكرة، فإذا كنت تحاول حفظ روتين جديد، فقد يكون مخطط الأنشطة الورقي هو أفضل حل لك.
  2. الخصوصية: رغم أنَّ شركات البرمجيات تنفق مبالغ طائلة على أمن البيانات، إلا أنَّ حساباتنا يمكن أن تكون قابلة للاختراق في واقع الأمر؛ فإذا كنت قلقاً بشأن تسرُّب جدولك الزمني أو نشاطاتك إلى شخص آخر، فقد يكون المخطط الورقي هو الخيار المناسب لك.تذكر أنَّ التسجيل على الورق يضع المزيد من المسؤولية على عاتقك، إذ يجب أن تفكر كيف ستصل إليه عندما تحتاجه.
  3. إمكانية الوصول: للوصول إلى الأدوات الرقمية لتعقب الأنشطة، ما عليك سوى أن تفتح التطبيق على هاتفك أو جهاز الكمبيوتر، ثمَّ تسجل الدخول إليه، أمَّا إذا قمت بوضع سجل ورقي في المكان الصحيح، فكل ما عليك فعله هو إلقاء نظرة عليه.ولهذا السبب، لا يزال العديد من المتخصصين في الأعمال يحتفظون بتقويم ورقي على مكاتبهم، على الرغم من أنَّ لديهم تقويماً رقمياً أيضاً، لكن لا شيء يؤثر في العقل مثل التذكير المرئي.

حالما تقرر مكان تسجيل نشاطاتك، سيتعين عليكَ تسجيلها وتحليلها؛ لذا تدَّرب على ذلك عن طريق تسجيل الوقت الذي تستغرقه لمراجعة النصائح التي سنسردها في هذا المقال.

إقرأ أيضاً: 7 طرق للتخلص من الأوراق والتحوّل إلى الحياة الرقمية

كيف تتعقب أنشطتك اليومية؟

يعد تسجيل بعض الأنشطة أسهل من غيرها، فقد تكون المؤتمرات الرقمية - مثل مؤتمرات الفيديو - موجودة بالفعل في تقويمك الخاص بموجب الدعوة التي حصلت عليها، أمَّا فكرة اتخذتها فجأة مثل الخروج في نزهة فقد تحتاج بعض التخطيط والتقدير.

إليك من أين تبدأ:

1. تحقق من تقويمك الخاص:

هل يتطابق ما هو موجود في تقويمك مع الطريقة التي تقضي بها وقتك؟

يقول دوغ فولي (Doug Foley)، مُعد برنامج بريك أوت بلوبرينت (Breakout Blueprint): "إذا تعلمت التحكم بالتقويم الخاص بك بدلاً من تركه يتحكم بك، فهذه هي الخطوة الأولى لبناء الحياة التي تريدها".

فإذا لم يكن تقويمك يتوافق مع ما تريد، فيجب عليك تعديله بحيث تحذف الأنشطة والأحداث التي لم تعد تناسبك، وترفض الأمور التي لم تعد تريدها أو تهتم بأمرها، لتملأ جدولك بالأنشطة التي تتوافق مع أهدافك وتطلعاتك.

2. استخدم أدوات تتبع الوقت:

لتتبع الأنشطة الرقمية، استخدم أدوات تتبع النشاطات، مثل توغل (Toggl) أو هارفيست (Harvest)، حيث تمكِّنك هذه الأدوات من سحب تفاصيل الحدث من تقويمك وتسجيل مقدار الوقت الذي قضيته بالفعل في كل نشاط.

تعد هذه الأدوات الأسهل في الاستخدام مع تطبيق مصغر (widget)، وهو نسخة مصغرة من برنامج لا يعرض سوى أدواته الأساسية؛ حيث تتيح لك أدوات تتبع الوقت بدء تشغيل مؤقت النشاط وإيقافه مؤقتاً في أثناء عملك.

إذا كنت تفضل استخدام سجل نشاط مادي مستقل، يمكنك استخدام ساعة إيقاف، فقد يحتوي جهازك المحمول على واحدة مدمجة، أو يمكنك أن تحمل واحدة في جيبك إذا كنت تفضل تجربة ما يُشبه مضمار السباق، وفي كلتا الحالتين، تذكر أن تضغط على "ابدأ" و"توقف" بعد كل نشاط يتطلب التدريب، وتوقع قضاء أسبوعين كي تؤسس لهذه العادة وتجعلها راسخة تماماً.

إقرأ أيضاً: أفضل 5 برامج تعمل على جميع الأجهزة لتتبع الوقت

3. تتبع الوقت المحدد بدقة:

عند تتبع وقتك، فربما تنسى النقر فوق زر البدء على المؤقت، لذلك تضع الساعة 3:25 مساءً، بدلاً من 3:23 مساءً، أو ربما يوجد وقت فراغ في السجل الخاص بالأمس في الساعة 4 مساءً، لذلك تفترض أنَّك قد بدأت المهمة التالية المدرجة في ذلك الوقت.

قد لا يبدو ذلك مشكلة كبيرة، لكنَّه قد يحرف سجل أنشطتك مع الوقت، فلن يكون وقتك لهذه المهمة غير دقيق فحسب؛ بل قد يتسبب أيضاً في تغيير أوقات بدء وانتهاء المهام التي تليها.

يصبح سوء التسجيل هذا مشكلة أكبر عندما تحتاج إلى شرح كيفية قضاء وقتك، فإذا كانت مهام مدتها خمس دقائق - مثل مراجعة البريد الإلكتروني - تتوقف لمدة دقيقتين، فقد تعتقد بأنَّك بالكاد تقضي نصف الوقت الذي تقضيه في بريدك الإلكتروني في الواقع.

4. دوِّن الملاحظات:

هل كان ابنك أو ابنتك يشتتان انتباهك في أثناء قيامك بإنهاء البريد الإلكتروني المذكورة؟ لا عجب أنَّ الأمر استغرق ضعف المدة المعتادة؛ لذلك دوِّن سبب ذلك في سجل نشاطك.

إذا كنت تستخدم التسجيل الورقي، فلا تفعل هذا بقلم حبر، فنادراً ما يمر يوم لا تُجري فيه نوعاً من التصحيح لمخططك.

لا تسمح لك أجهزة التتبع الرقمية بإرفاق ملاحظات بكل نشاط فحسب، بل تتيح لك أيضاً تحديثها وتعديلها كما يحلو لك.

عندما يتعلق الأمر بتتبع وقتك، فإنَّ معرفة السبب وراء ضياع كل دقيقة منه له أهمية قصوى بقدر معرفة كيفية فعل ذلك؛ حيث يجب أن تدرك لمَ تستغرق بعض المهام وقتاً أطول أو أقل من المتوقع إذا كنت تريد أن تدير وقتك على أفضل نحو ممكن.

شاهد بالفديو: 4 نصائح للتوقف عن إضاعة الوقت على الانترنت دون فائدة

5. اطلب التصحيح:

بغض النظر عن مدى دقتك، يرتكب الجميع الأخطاء من وقت إلى آخر، فإذا كنت تسجِّل نشاطاً جماعياً، سواء كانت حملة تسويقية في العمل أم طهي العشاء في المنزل؛ اطلب من الآخرين في المجموعة التحقق من سجل أنشطتك دورياً؛ حيث يمكن أن يختلف سجل وقتك قليلاً عن سجل وقت شركائك.

ليس الأمر الهام هنا هو أي الأوقات أكثرها صحة، ولكن تحديد أنواع المهام التي يشيع فيها التناقضات؛ حيث لا يمكنك تحليل المهام التي لم تُسجل تسجيلاً صحيحاً ما لم تتعامل معها بدقة.

6. عليكَ بالنسخ الاحتياطي:

مهما كانت ذاكرتك جيدة، لن تستطيع تذكر سجل نشاطات الشهر الأخير إذا ضاع أو سُرق؛ فإذا كنت تستخدم متتبع نشاط ورقي، التقط صورة له كل أسبوع، حمِّل الصور إلى أحد مواقع التخزين السحابية، مثل جوجل درايف (Google Drive).

وإذا كنت تستخدم جهازاً رقمياً، فضع نسخة احتياطية من سجل نشاطك على جهاز تخزين محلي أو سحابي، فأنت لا تعرف أبداً متى ستفلس الشركة التي تقف وراء جهاز التعقب الخاص بك.

7. حلل البيانات:

عندما يكون لديك شهر أو أكثر من بيانات النشاطات، وكنت واثقاً من أنَّها مسجلة تسجيلاً صحيحاً؛ فيمكنك حينها الاستفادة بشكل أفضل من وقتك من خلال تحليل كيف كنت تقضيه وتعتمد طريقة تحليل البيانات على ما تريد القيام به.

ربما كل ما تحتاجه هو الساعات القابلة للتعديل في نهاية كل شهر، وهذا أمر هيِّن؛ فما عليك سوى إضافة جميع الأنشطة التي قمت بها نيابة عن عملائك في الأسابيع الأربعة الماضية، كما يتطلب استخدام سجل نشاطك لتحسين حياتك الشخصية التفكير في اهتماماتك وقيمك.

فإذا لم يسمح لك روتينك الصباحي تناول الإفطار، فقد تحتاج إلى الاستيقاظ في وقت مبكر، أو إذا أجبرتك وظيفتك على العمل أكثر من 40 ساعة في الأسبوع عليك بدء البحث عن وظيفة جديدة.

اعمل بجهد أكبر لتحصل على نتائج أفضل:

قد لا يبدو روتينك اليومي مميزاً، لكن إذا قمت بتسجيل أنشطتك اليومية، فسترى أنَّك تقوم بالكثير كل يوم. أنت بحاجة إلى تتبع وقتك لإدارته بشكل أفضل، إمَّا عن طريق الاستغناء عن المهام غير الضرورية أو إكمال المهام الحالية بكفاءة أكبر.

اعلم أنَّ فرص التحسين موجودة، فقط عليك أن تبدأ التعرف إليها.

المصدر




مقالات مرتبطة