كيف تستخدم قانون باركنسون لزيادة إنتاجيتك؟ (الجزء الثاني)

قانون باركنسون سيف ذو حدين؛ إذ يمكن أن يؤثر سلباً في إنتاجيتك ووقتك، لكن إذا عرفت كيف تستثمره بطريقة إيجابية، فسيعود عليك بكثير من الفوائد، وسيزيد حتى من إنتاجيتك.



لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من المقال عن الناحية السلبية لهذا القانون، وشرحنا مفهومه وتاريخه وآلية عمله وسلبياته، وسنركِّز في هذا الجزء الثاني على الناحية الإيجابية وكيفية استثمار هذا القانون لرفع الإنتاجية.

كيفية تطبيق قانون باركنسون لتحسين إنتاجيتك:

الآن بعد أن أصبحت على دراية بكيفية عمل قانون باركنسون ومدى فاعليته، يمكنك استخدامه بطريقة استراتيجية للمساعدة على إنجاز مزيد من العمل خلال فترة محددة والشعور بالإيجابية تجاه تحقيق أهدافك في النهاية.

اتبع هذه النصائح لتحديد مواعيد نهائية بصورة أفضل وإكمال مشاريعك بكفاءة أكبر والتغلب على قانون باركنسون:

1. حدِّد الأهداف والأولويات:

أفضل طريقة لدفع نفسك أو أي شخص آخر للعمل هو تحديد هدف، اشرح سبب أهمية هذه المهمة، ولماذا يجب القيام بها، ثمَّ أنشئ هدفاً يمكِّنك من إنجاز المهمة في الوقت المحدد، وللحصول على أفضل النتائج، حدِّد أهدافاً ذكية (SMART goals) لك ولأي شخص يعمل تحت إدارتك، فيما يأتي تفصيل لكيفية عمل هيكلية تحديد الأهداف هذه؛ إذ تتطلَّب أن تكون أهدافك:

  • محددة (Specific): ماذا تريد أن تفعل؟
  • قابلة للقياس (Measurable): كيف ستراقب تقدُّمك؟
  • قابلة للتحقيق (Achievable): كيف ستفعل ذلك؟
  • ذات صلة (Relevant): هل هي ذات صلة بحياتك الآن؟
  • محددة زمنياً (Time-bound): ما هو موعد التسليم النهائي؟

تُعدُّ "الأهداف الذكية" (SMART goals) فعَّالة؛ لأنَّها تضمن أنَّ أهدافك مصمَّمة لك ولنجاحك، ومع هدف ذكي (SMART goal) ستتمكَّن من تتبُّع تقدُّمك في أثناء العمل نحو إكمال الهدف بحلول موعد نهائي معين.

قد تجد أنَّ لديك مهاماً أصغر تحتاج إلى القيام بها ضمن مشروع أو هدف أكبر، قسِّم هدفك الرئيس عن طريق وضع قائمة بالخطوات القابلة للتنفيذ، فمثلاً إذا كان هدفك هو كتابة كتاب، يمكنك عمل قائمة بالمهام الصغيرة أو الخطوات كالآتي:

  1. إنشاء مخطط تفصيلي.
  2. كتابة المسودة الأولى.
  3. تحرير المسودة.
  4. نشر الكتاب بنفسك.
  5. تسويق الكتاب والإعلان عنه.

إذا كان ثمَّة عديد من الأشخاص المشاركين في مشروعك، فستحتاج أيضاً إلى توضيح أدوارهم والعمل المُتوقَّع أن يؤدوه؛ لذا وضِّح دور كل شخص والمسؤول عن كل جزء من المهمة، ما يساعد في معرفة كل شخص لمهمته، ومن ثمَّ لا أحد سينتظر شخص آخر ليأخذ زمام المبادرة.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن لمعادلة الإنتاجية أن تحفز الموظفين على العمل بكفاءة؟

2. حدِّد نطاق المشروع:

بحسب مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" (Harvard Business Review)، فإنَّ نطاق المشروع هو مصطلح يُستخدم في مجال إدارة المشاريع، ويُطلق على مجموعة الأعمال التي يجب إنجازها لتحقيق أهداف المشروع؛ أي إنَّه عملية تحديد الأهداف والنتائج والإرشادات والمهام والتكاليف والجدول الزمني لتنفيذ أعمال المشروع وتوثيقها.

ابذل قصارى جهدك لرسم نطاق المشروع قبل البدء به حتى تعرف ما أنت مُقبل عليه؛ إذ سيساعدك امتلاك فكرة قوية عن نطاق مشروعك على معرفة مقدار الوقت الذي يجب أن تسمح أن يأخذه المشروع؛ لذا اكتشف نطاق مشروعك من خلال التوصُّل إلى غاية أو هدف له مثل الأصول التي تحتاج إلى تسليمها في نهايته، ثمَّ اكتشف الموارد أو المواد التي ستحتاج إليها لإكماله بنجاح وسلاسة، وشارك بيان نطاق مشروعك مع أي شخص يحتاج إلى رؤيته، لكن تأكَّد من أنَّه ليس جامداً للغاية، فقد تحتاج إلى تعديل الأشياء في أثناء العمل وهذا أمر طبيعي.

3. خطِّط مسبقاً للعقبات:

من المحتمل أنَّك ستواجه عقبات أو مشكلات طوال فترة مشروعك، فمن النادر جداً أن يُنجَز المشروع على أكمل وجه وفق المخطط؛ لذا يجب الاستعداد المسبق للحوادث، ضع قائمة بأي عقبات محتملة قد تُعرقل تقدمك، ثمَّ أجرِ عصفاً ذهنياً للوصول إلى استراتيجيات عن كيفية منعها أو ما الذي ستفعله إذا استمر حدوثها، وإذا شارك الآخرون في المشروع، فشجِّعهم على التواصل بأكبر قدر ممكن حتى تتمكَّن من الاطلاع على كيفية سير المشروع وما إذا كان هناك أي خطأ.

شاهد بالفيديو: كيف تكون منظماً لتتحكّم بيومك كما تريد؟

4. أنشِئ جدولاً زمنياً:

بمجرد معرفة نطاق مشروعك يمكنك إنشاء مخطط زمني للمشروع، فاكتشف المهام الأصغر التي يجب إنجازها للوصول إلى هدفك النهائي، ثمَّ قدِّر الوقت الذي ستستغرقه كل مهمة من هذه المهام الصغيرة، وسيُشرح هذا تالياً، ومن المفيد أيضاً تعيين النقاط الرئيسة للمشروع لكي تعرف إلى أي مرحلة قد وصلت في المشروع ككل.

إضافة إلى إنشاء جدول زمني شامل للمشروع يجب عليك أيضاً تحديد مواعيد نهائية أفضل لنفسك كل أسبوع ويوم وساعة، مثلاً يمكنك وضع قاعدة تمنعك من القيام بأي عمل في عطلة نهاية الأسبوع أو في أيام الأسبوع بعد الساعة 6 مساءً، وستجد على الأرجح أنَّ الساعات من 9 صباحاً إلى 6 مساءً كل يوم من أيام الأسبوع تعني الكثير من الوقت، ويمكنك أيضاً تجربة تقييد الوقت وجدولة يومك عن طريق تعيين مهمة معينة لكل ساعة، مثلاً:

  • 9:00 صباحاً: جدولة منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
  • 10:00 صباحاً: كتابة مقال في المدونة.
  • 11:00 صباحاً: تناول وجبة طعام والرد على رسائل البريد الإلكتروني.

ليس عليك بالضرورة إنهاء كل مهمة مُدرَجة في القائمة؛ إذ يمكنك العودة إليها في اليوم التالي، لكن يمكنك تحقيق قدر هائل من التقدم في ساعة عمل واحدة جيدة وجدية؛ إذ إنَّ إعطاء نفسك جدولاً زمنياً معقولاً سيزيد من مجهودك وإنتاجيتك ممَّا يساعدك على إنجاز المزيد في وقت أقل.

شاهد بالفيديو: 10 طرق لزيادة الإنتاجية في العمل

5. حدِّد النشاطات التي تستغرق وقتاً طويلاً:

للتغلب حقاً على الجانب السلبي لقانون باركنسون سيتعيَّن عليك تعلُّم كيفية التغلب على المشتتات، سواء كنت تعمل من المنزل أم في مكتب، فإنَّ بعض عوامل التشتيت الأكثر شيوعاً تشمل:

  • وسائل التواصل الاجتماعي.
  • رسائل البريد الإلكتروني.
  • الرسائل النصية.
  • المحادثات (مع زملاء العمل، أو مع العائلة أو رفقاء السكن إذا كنت تعمل من المنزل).
  • الاجتماعات.
  • استراحات الوجبات الخفيفة.

في أحد الاستطلاعات قال 58% من المشاركين إنَّهم لا يحتاجون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للقيام بوظائفهم، ومع ذلك لم يتمكَّنوا من البقاء طوال اليوم دون استخدامها، (مثل تويتر (Twitter)، أو إنستغرام (Instagram))، وإضافة لذلك فإنَّ الموظف العادي يُقاطَع من 50 إلى 60 مرة كل يوم.

إقرأ أيضاً: أهمية تحسين الإنتاجية للتخلص من شعور العجز

تتبَّع وقتك ليوم واحد لمعرفة أي من هذه المشتتات تؤثر فيك، افعل كل شيء تماماً كما تفعله عادةً، ولكن اكتب كل ما تفعله والمدة التي تستغرقها، فقد تندهش من النسبة المئوية من وقتك التي تقضيها على "فيسبوك" (Facebook) مقارنةً بوقت العمل الفعلي، وبمجرد تحديد النشاطات الأكثر إغراءً التي تستغرق وقتاً طويلاً يمكنك اتخاذ خطوات للتغلب عليها.

يمكنك الاستعانة بالنصائح الآتية لذلك:

  • أوقف تشغيل الإشعارات الخاصة بالبريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي.
  • اطلب من زملائك في المنزل تأجيل أي محادثة إلى استراحة الغداء.
  • أعد تحديد مقدار وطول الاجتماعات التي تكون متاحاً لها.

مع وضع المشتتات جانباً، ستكون أكثر إنتاجية؛ لأنَّك ستتمكَّن حقاً من التركيز على المهمة التي بين يديك.

في الختام:

إذا عرفت كيف تستثمر قانون باركنسون بطريقة إيجابية، فسيعود عليك بكثير من الفوائد، وسيرفع من إنتاجيتك.

لقد تحدَّثنا في هذا الجزء الثاني من المقال عن الناحية الإيجابية من هذا القانون وكيفية استثماره لرفع الإنتاجية، وسنتحدث في الجزء الثالث والأخير عن نصائح هامة لمعرفة كيفية تحديد الوقت المناسب لكل مهمة من أجل الاستثمار الأمثل للوقت.




مقالات مرتبطة