كيف تساعد موظفيك على تحقيق النجاح الباهر في العمل؟

يرغب جميع أرباب العمل بأن يحقِّق جميع موظفيهم نجاحات باهرةً؛ لذا يستثمرون الوقت والموارد لتوظيف الأفراد وتدريبهم، ذلك لأنَّهم يعلمون أنَّ مِن مصلحة كلِّ مؤسسة أن توجِد بيئةً يحقق فيها الموظفون الازدهار، حيث لا يمكِن للنشاط التجاري أن ينجح إجمالاً دون نجاح الموظفين على المستوى الفردي.



هناك فرقٌ شاسع بين الإقرار بأهمية نجاح الموظف مِن جهة، وتمكينه من ذلك مِن جهةٍ أخرى. وهذه هي الصعوبة التي تواجه المؤسسات على اختلاف أحجامها ومواقعها وتخصُّصاتها التجارية. فقد أجرَت شركة أتشيفارز (Achievers) البرمجية الموجَّهة للأعمال مؤخَّراً دراسة استقصائية للقوى العاملة في أمريكا الشمالية ووجدَت أنَّ هناك قصوراً كبيراً في تحقيق النجاحات الباهرة في عالم الأعمال.

القصور في النجاح الباهر:

يكون الموظفون الناجحون منخرطين في العمل، ويكون نيلُ المكافآت والموارد مجرد أساسٍ له. فضلاً عن ذلك، تكون متطلباتُهم ملموسةً بدرجة أقل، فهُم بحاجة إلى التقدير والتوجيه والإلهام والدافع لينجزوا، وبذلك يسعون إلى أن يكون عملهم على درجةٍ كبيرة مِن الإتقان، وأن يكونوا جزءاً مِن المؤسَّسة وعنصراً فاعلاً فيها.  

للأسف يقصِّر بعض أرباب العمل في تلبية هذه المتطلبات؛ وهذا ما يجعل عدم انخراط الموظفين يمثِّل مشكلةً شائعةً. فوفقاً للتقارير التي تتناول النجاحات الباهرة، إنَّ %51 مِن الموظفين غير سعيدين في العمل، ومِن المحتمَل أن يترك الموظفون أمكنةَ عملهم بالنسبة نفسها ليلتحقوا بوظائف جديدة خلال عام.

يَرجع سبب عدم الانخراط إلى عدم وجود هدفٍ أو مغزىً من العمل، والذي يُعدُّ جزءاً هامَّاً مِن انخراط الموظف. يؤجِّج الإحساسُ بالهدف الدافعَ الداخلي؛ وهذا ما يُخفِق أرباب العمل في غرسه في موظفيهم؛ حيث وَجدت التقارير التي تتناول النجاحات الباهرة أنَّ 61% مِن الموظفين لا يعرفون القيَم الثقافية لشركتهم، ولا تحفِّز مَهمَّة الشركة 57% منهم.

شاهد بالفديو: 10 قواعد في الحياة للمحافظة على الدافع

لا تمثِّل ثقافة الشركة أيضاً خلافاً كبيراً؛ فقد أشار 44% فقط مِن الموظفين إلى إعجابهم بثقافة الشركة التي يعملون فيها. يرجع جزء من هذه المشكلة إلى القضايا العالقة مع المديرين المسؤولين عن نقل القيَم الأساسية وعدم تنمية بيئة تدعم ثقافة الشركة.

وهنا نكتشف صحة القول بأنَّ الناس يتقدمون للعمل في الشركات بسبب سمعتها، لكنَّهم يتركون العمل فيها بسبب المديرين السيئين، حيث يثق 45% فقط من الموظفين في قيادة الشركة. ويَرجع أحد الأسباب في ذلك إلى عدم تلقِّيهم تغذيةً راجعةً مباشَرة مِن مديريهم، وتمثِّل هذه الحالة نسبة 60% حسب التقارير.

بالإضافة إلى ذلك، لا يَشعر 53% من الموظفين بتقدير إنجازاتهم في العمل، في حين لا يَشعر 47% بالعرفان ليكون حافزاً لهم لتحقيق أهدافهم.

تُسهم جميع تلك العوامل في عدم انخراط الموظف والحد مِن نجاحه؛ لكن لا تقلق حيث يمكنك علاج تلك المشكلات باتباع خطوتين سهلتين وواضحتين وهما: تقدير مجهودات موظفيك وتثقيفهم حول قيَم الشركة الجوهرية.

1. تقدير مجهودات الموظفين:

أظهرَت الأبحاث الأثر الكبير لتقدير مجهودات أعضاء الفريق على أدائهم، فقد وَجدت دراسة أجراها موقع بيرسين وشركاه (Bersin and Associates) انخراطاً أكبر للموظفين بنسبة 14% في الشركات التي تقدِّر مجهودات موظفيها، بالإضافة إلى زيادة الإنتاجية وتعزيز خدمة العملاء؛ مقارنةً بغيرها مِن الشركات التي لم تقدِّر جهود موظفيها.

فضلاً عن ذلك، انخفض معدل دوران العمالة في الشركات التي تعترف بجهود موظفيها بنسبة 31% مقارنةً بغيرها ممَّن لم تعترف بها. لقد أصبح الحد مِن دوران العمالة الطوعي مصدر قلقٍ متزايد لأرباب العمل؛ حيث هيمن جيل الألفية بصورةٍ متزايدة على القوى العاملة لديهم، وهم معروفون بالتنقل بين الوظائف، مما قد يراكم الأعباء المالية لعدم استقرار الموظفين.

يحبُّ البشر الثناء ويستجيبون له؛ لذا يُعدُّ التقدير هاماً جداً؛ لأنَّه يُشعر الموظفين بقيمتهم، وأنَّ هنالك مَن يهتم بهم، وهو يعزِّز حقيقة أنَّ مساهمتهم هامة ويعبِّر عن الامتنان لعملهم الجاد، مما يشجعهم على مواصلته.

يعزِّز التقدير السلوكات الإيجابية ويُلهم كلَّ موظف لتقديم أفضل ما لديه، ويساعد على تعزيز الثقة بين الموظفين ومديريهم والولاء أيضاً، وهذا هو سبب الصلة بين التقدير ودوران العمالة؛ ومع ذلك، ليس لكل أنواع التقدير التأثير نفسه، فلا يمكنك أن تعمل بضع أيام وتتكاسل في باقي الأيام.

على مدار السنوات القليلة الماضية، ظهرت مجموعة من الأبحاث شملت كافة التخصصات، وقد أظهرَت أنَّ وضع الأهداف السنوية ومراجعات الأداء "غير فعالة في تعزيز الأداء، وتعزل الموظفين، وتستند إلى فهمٍ خاطئ للدوافع البشرية وغالباً ما تكون تعسُّفيةً ومنحازةً".

لكي يحصد التقدير أفضل النتائج، يجب أن يكون دائماً وفورياً، فعندما يعمل الموظف عملاً عظيماً - سواء كان يقدِّم عرضاً تقديمياً رائعاً أو يساعد زميلاً له أو يعقد صفقة بيع أو يبتكر فكرةً لامعةً - فهذه هي الفرصة لتقدير إنجازه. حيث يقول 72% من الموظفين أنَّ أداءهم يتحسن بعد تغذيةٍ راجعة بنَّاءة ومحدَّدة أكثر.

إضافةً إلى ذلك، فإنَّ التقدير على العلن فعال على وجه الخصوص؛ فقد أظهر الاستطلاع أعلاه الذي أجرته مجموعة براندون هول (Brandon Hall Group) البحثية تمتُّع 82% من المؤسسات التي لديها منصات اجتماعية للاعتراف بأعمال الموظفين بإيرادات أعلى، في حين شهدت 70% منها تحسناً في معدلات الاحتفاظ بالموظفين.

إقرأ أيضاً: تقدير الموظف: أفضل الطرق لإظهار التقدير للموظفين

2. وجود الهدف وإدراك المغزى من العمل:

إنَّ الدافع الرئيس الثاني لقصور النجاح الباهر هو الافتقار إلى مَهمَّة وقيَم جوهرية محدَّدتين بوضوح أو مفهومتين؛ فالثقافة هي الرابط الذي يربط المؤسَّسة معاً.،فإذا عيَّنتَ موظفِين لا يتناسبون مع ثقافة شركتك أو يؤمنون بمهمتها ولا يتمسكون بقيَمها الأساسية؛ فستواجه مشقةً كبيرة لمساعدتهم في النجاح.

شاهد بالفديو: 6 طرق مبتكرة لرفع معنويات الموظفين

تُوفِي المهمة المحدَّدة جيداً بالغرض وتساعد الموظفين على فهم سبب قدومهم إلى العمل كل يوم والقيام بما يقومون به، حيث يكون الموظفون الذين يشعرون أنَّ عملهم مفيدٌ أكثر إلهاماً وتحفيزاً وانخراطاً. وتساعد القيَم الأساسية الموظفين في فهمِ أنواع الإنجازات والسلوكات التي تستحق المكافأة، كنوع من المبادئ التوجيهية لكيفية تحقيق النجاح داخل المؤسَّسة، على سبيل المثال: إذا كان جعلُ العملاء أولويةً يمثِّل قيمةً أساسيةً، فسيتعامل كلُّ موظف - سواء كان في المبيعات أو الدعم أو في فريق التصميم - مع عمله مِن هذا المنطلَق. 

تمتلك معظم الشركات بيانات مهمَّة وقيَماً أساسية؛ لكن تكمن المشكلة في أنَّها ليست مرتبطةً بالمؤسَّسة، لذلك تكون دون فائدة تُذكَر. ولا يكفي أن تكون مكتوبةً أو موجودةً على موقع الشركة.

يتطلب التمسك بالمهمة وغرس القيم الأساسية التواصلَ الواضح، وكذلك الاعتراف بهذه القيَم. سيُبرز هذا التعزيز للموظفين كيف يتناسب عملهم مع الصورة الأشمل، بالإضافة إلى تعزيز توافقهم مع الثقافة المشترَكة لفعل الشيء الصحيح. وسيكون لتقدير الموظفين المنتظَم وتثقيفهم بشأن القيم الأساسية تأثير كبير في رضاهم ومشاركتهم وإنتاجيتهم.

حاوِل إعادة ضبط ثقافة شركتك لتتناسب مع تحقيق الأهداف الباهرة وستدهشك النتائج بكل تأكيد.

 

المصدر




مقالات مرتبطة