كيف ترى الصورة الكبيرة للأمور؟

كدت أتعرَّض لحادث كان على وشك الحدوث مساءً؛ إذ كان أمامي صف من السيارات تقف عند منعطف الطريق، وعندما تجاوزتُ آخر سيارة في ذلك الصف، تقدَّمتُ إلى الأمام، وقد بدَت لي إشارة المرور خضراء، ولكن من المحتمل أن يكون ذلك اللون "إشارة تدل على الانعطاف نحو جهة اليسار" بالنسبة إلى الجانب الآخر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المُدوِّنة "داناي سميث" (Danae Smith)، وتُحدِّثنا فيه عن تجربتها التي جعلَتها تركِّز على أهمية رؤية الصورة الكبيرة للمواقف التي نتعرض لها.

أحد سائقي السيارات الذي كان يقف على الجانب الآخر قرر المخاطرة والانعطاف؛ لذلك حاولت أن أبطئ سرعتي وأغيِّر مساري كيلا أبقى أمام خيار الضغط على المكابح، لكنَّ السائق الآخر اتجه نحو المسار الذي غيَّرتُ اتجاهي إليه؛ لذلك عدت إلى مساري السابق، فقط لكي ينحرف للخلف، إلا أنَّ الفوضى تلك انتهت عندما فقدتُ السيطرة ومن ثمَّ ضغطتُ على المكابح.

لحسن الحظ، لم نصطدم ببعضنا بعضاً، وكلانا سار في طريقه كما لو أنَّ شيئاً لم يحدث، ومع ذلك، لم أكن على ما يرام؛ حيث إنَّني كنت منزعجة ومحبطة، واستمررتُ على هذا الحال لفترة طويلة، وعند التفكير في ذلك الوضع برمته، ينتابني الشعور بالغضب من سائق السيارة الذي كادت سيارته أن تصطدم بسيارتي.

ثم تذكَّرت فكرة أنَّني لم أتعرَّض لحادث كان من الممكن أن يكون مروعاً؛ فأنا بمأمن الآن، وسيارتي لم تتضرر، وبالمقابل، فإنَّ الشخص الآخر بخير أيضاً ولم تلحق الأذية بسيارته، كما أنَّه لم يكن هناك أي أموال يجب صرفها مقابل تصليح أي عطل في كلتا السيارتين، ولم يكن هناك تبادُل للمعلومات التأمينية؛ بل كلٌّ منا سار في طريقه دون أيَّة أذية تُذكَر.

كان من السهل أن تكون هذه القصة مختلفة، ومع ذلك، ركَّزتُ بشدة على ما كاد أن يحدث في ذلك اليوم لدرجة أنَّني تجاهلت ما حدث بالفعل.

كم مرة نركز على حياتنا بشدة على ما كاد أن يحدث مقارنة بما حدث بالفعل؟ وكم مرة نتذكر كل الأشياء السلبية التي حصلَت مقابل رؤية اللحظات والتجارب التي كانت جيدة وقيمة ومحورية لرحلتنا والاحتفاء بها؟

شاهد بالفديو: 12 عقبة تمنعك دائماً من الوصول إلى النجاح

أستطيع أن أتحدث عن نفسي وأقول إنَّني أفعل ذلك كثيراً، وقد فعلتُ هذا الأمر الأسبوع الماضي؛ حيث إنَّه من السهل أن نركز على اللحظات السلبية أو اللحظات التي "كانت على وشك أن تصبح سلبية"، ومن السهل تذكُّر هذه التجارب.

لكنَّ الأمر الذي تعلَّمتُه وما زلتُ أتعلمه هو أنَّ هذه ليست طريقة للعيش؛ حيث إنَّنا عندما نركز على الجانب السلبي لأي شيء، فمن الممكن أن نُغفِل ما هو هام فعلاً، ويمكننا أن نغفَل عن الخير الذي يتكشَّف في حياتنا في اللحظة الحالية؛ فنحن نفقد فكرة الشعور بالامتنان.

أنا لا أقترح عليك تجاهل أو التخلص من أي شيء، إذ إنَّه من حقنا الكامل أن نجلس ونشعر بما يجب أن نشعر به في لحظة معينة، وأنا فعلت ذلك، فقد سمحتُ لنفسي أن أشعر بالإحباط والانزعاج والغضب، لكنَّني أيضاً أرهقتُها بالتفكير لما كاد أن يحدث، وهذا ما استحوذ على تفكيري؛ الأمر الذي أعاق قدرتي على رؤية الصورة رؤية كاملة؛ حيث إنَّ الصورة الكبيرة تتمثل في قول: "نعم، كدت أتعرض لحادث، لكنَّني نجوت منه، وأكملت طريقي بعيداً عن مكان الحادث الذي كان على وشك الحدوث".

إقرأ أيضاً: كيف تتجاوز تحدّيات الحياة بنجاح وتعيش حياتك بسعادة وسلام

ينطبق الأمر نفسه على العديد من التجارب التي نتعرض لها في حياتنا اليومية؛ فالحياة مليئةٌ بالتقلبات، وأنا أكرر قول ذلك كثيراً لأنَّ هذا هو الواقع، فالحياة مليئة بالنجاح والإخفاقات ولحظات من الركود، والصورة الكبيرة لا تعني رؤية جانب واحد من الموقف الذي نتعرض له، كما أنَّها ليست منعطفات وتقلُّبات؛ بل إنَّها تعني أيضاً التفكير بالجانب الآخر من الموقف.

لدينا فرصة لننظر إلى الحياة من خلال أكثر من جانب، ورؤية الصورة كاملة؛ مما يعني رؤية ما كان يمكن أن يحدث وما لم يحدث، كما أنَّنا قادرون على معرفة مَن نحن على الجانب الآخر منه؛ فالحياة متعددة المستويات والأوجه، وبالمثل، فإنَّ رؤيتنا للحياة يمكن أن تكون كذلك.

مع بداية هذا الأسبوع، أدعو نفسي والآخرين لتغيير منظورنا للأمور حتى نتمكَّن من رؤية الصورة الكاملة النابضة بالحياة؛ التي تعني الحياة الكاملة، ولنسمح لأنفسنا أن نرى حياتنا ومَن نحن فيها على أكمل وجه.

المصدر




مقالات مرتبطة