كيف تدير وقتك وتنظمه جيداً في أثناء الدراسة؟

متعة التعليم لا تضاهيها متعة في الحياة، والمرحلة الدراسية من أمتع المراحل التي يعيشها الإنسان على الرَّغم من التعب المرافق لها، ولا يشعر بهذه المتعة إلَّا من مرَّ بها، إضافة إلى أنَّ الدراسة والتحصيل العلمي ضروريان جداً للوصول إلى الأهداف، فلا يمكنك أن تصبح طبيباً مميزاً دون دراسة ولا حتى مهندساً ناجحاً، ولا معلِّماً، ولكنَّ السؤال الهام هو: ما الذي يحتاج إليه الطالب للنجاح في دراسته؟



توجد عدة إجابات عن هذا السؤال، والتي تؤكِّد أنَّ النجاح يحتاج إلى طموح وإلى ذكاء وقدرة على الفهم والحفظ والانتباه لما يشرحه المدرس، وتسجيل الملاحظات، واستغلال وقتك كله في الدراسة، والابتعاد عن المُسلِّيات بكافة صورها، وتكريس حياتك للدراسة فقط.

لكنَّني سأُجيبك عن هذا السؤال من تجربتي الخاصة، فأساس تفوقي في مدرستي، ومن ثمَّ في دراستي الجامعية لم يكن الطموح أو الذكاء فقط؛ وإنَّما كان تنظيم الوقت بدقة، فأنا لم أمتنع عن قضاء أوقات ممتعة مع أصدقائي والتحدُّث إليهم؛ وإنَّما حدَّدت الوقت الممكن لكل نشاط؛ لذلك سنوضِّح لك في مقالنا الحالي أهمية إدارة الوقت، وكيفية تنظيمه خلال الدراسة، للوصول إلى النجاح والتفوق والتميز أيضاً.

ما الفائدة من تنظيم الوقت في أثناء الدراسة؟

فوائد تنظيم الوقت وإدارته للطالب كثيرة أبرزها ما يأتي:

1. الشعور بالراحة النفسية:

إنَّ تنظيم الوقت يعطي شعوراً للطالب بأنَّه قادر على إنهاء كافة الواجبات والفروض بالوقت المناسب ليمنحه ذلك الشعور بالراحة النفسية.

2. تعزيز الثقة بالنفس:

يسمح له بالاستمتاع بوقته دون قلق، فقد وجد وقتاً لكل مهمة، وأصبح لديه ثقة بقدراته على الوصول لما يريد.

3. تعزيز التوازن في حياة الطالب:

تنظيم الوقت يجعله قادراً على عيش حياته الاجتماعية دون إهمال دراسته، حتى إنَّ تنظيم الوقت يجعل الطالب قادراً على الالتحاق بعمل إلى جانب الدراسة، بالنسبة إلى الطالب الجامعي طبعاً، ومن ثمَّ جعل الحياة متوازنة قدر الإمكان.

4. رفع المستوى التحصيلي للطالب:

يوجد فرق كبير بين مستوى الطالب المهمل الذي يقوم بإنجاز مهامه إن سمح له الوقت بذلك، وبين الطالب الذي يقوم بمهامه كافة بأفضل صورة؛ إذ ينعكس ذلك إيجاباً على مستواه الدراسي.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعّالة لتطوير مهارات التفكير عند الطلاب

5. تحقيق الأحلام:

كل ما سبق من بنود يضمن للإنسان تحقيقه لأهدافه في الحياة ووصوله إلى أحلامه، فهو يقلِّل من الوقوع بالأخطاء، ويزيد إنتاجية الفرد، ممَّا يضمن له مستقبلاً زاهراً.

كيف تنظِّم وقتك وتديره في أثناء الدراسة؟

نظراً لأهمية تنظيم الوقت والتي تحدثنا عنها سابقاً، فلا بدَّ من معرفة كيفية إدارة الوقت للوصول إلى الأحلام والأهداف المرجوَّة في الحياة، إليك أهم النقاط المساعدة على ذلك:

1. إعداد جدول دراسي:

يجب جدولة المهام المطلوب إنجازها من الطالب في كل أسبوع، ولا يقتصر الأمر على المهام الدراسية؛ إذ يجب أن يضمَّ الجدول جميع المهام الدراسية منها وغير الدراسية، ومن الأفضل إعداد الجدول في عطلة نهاية الأسبوع؛ وذلك كي تبدأ أسبوعك الجديد براحة نفسية بعيداً عن القلق المرافق للخوف من عدم إنجاز المهام المطلوبة.

لكن عند جدولة المهام يجب أن تكون الأهداف واقعية قدر الإمكان، فعندما يضع الطالب عدة مهام في نفس اليوم، فقد لا يتمكَّن من إنجازها جميعاً، فيصيبه الإحباط والإرهاق، ويشعر بالعجز عن النجاح مع أنَّه قادر على ذلك، ولكنَّ التنظيم خاطئ؛ لذلك يجب أن تكون الأهداف واقعية، فمثلاً من الخطأ أن تحدِّد موعداً لأخذ درس موسيقى، ودرس في اللغة الإنجليزية، ودرس حاسوب في نفس اليوم بعد الانتهاء من المدرسة.

2. تحديد الوقت اللازم لكل مهمة:

من الأفضل وضع فترة زمنية لإنجاز كل مهمة؛ وذلك بهدف زيادة تركيز الطالب كي ينهي المهمة في الوقت المطلوب، ويتجنَّب كل ما يتسبَّب بتضييع الوقت، ومن الضروري وضع الزمن اللازم لإنهاء مهمة وفقاً لقدراتك وليس قدرة زميلك، فلا تنظِّم وقت الدراسة كما نظَّمه زميلك؛ بل فكِّر بقدراتك وكم من الوقت تحتاج إلى حفظ درس مثلاً أو حل مسألة فيزيائية، فقد تنجزها في نصف ساعة في حين يحتاج زميلك إلى ساعتين.

3. تدقيق الوقت:

يجب أن يدرك الطالب أين يذهب وقته، وما هو السبب بعدم القدرة على إنجاز المهام المطلوبة، من خلال تذكُّر كل ما يقوم به يومياً، فقد يكتشف أنَّ السبب هو إمضاء كثير من الوقت بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي، أو بالتحدث إلى الأصدقاء، والهدف من ذلك هو تجنب الأمور التي تتسبَّب بضياع وقته عادةً.

4. تقسيم المهام:

يمكن تقسيم المهام الكبيرة إلى مهام صغيرة وأجزاء تقوم بها يومياً، لكيلا يشعر الطالب بالإرهاق، فمثلاً عندما يُطلَب منه مشروع ما يمكن جمع المعلومات في يوم، وفي اليوم التالي تنظيمها وتدقيقها، وهكذا لتُنهي المشروع في اليوم المطلوب، بدلاً من العمل عليه من الصباح للمساء، ففضلاً عن شعور الراحة الذي يرافق تنظيم العمل بهذه الطريقة، فإنَّه يتيح لعقلك التفكير بتركيز أكثر فتخرج بأفكار أفضل.

شاهد بالفديو: 9 عادات دراسية بسيطة لتحسين التعلم

5. اترك وقتاً مؤقتاً بين المهام:

من الخطأ الانتقال من مهمة إلى أخرى فوراً، كالانتقال من دراسة مادة علمية كالرياضيات إلى مادة أدبية كاللغة العربية؛ إذ إنَّ ذهن الإنسان يحتاج إلى تصفية، وطاقته تحتاج إلى شحن من جديد، فقد أكَّدت بعض الدراسات أنَّ دماغ الإنسان غير قادر على التركيز أكثر من 90 دقيقة في كل مرة.

6. حدِّد مكان الدراسة:

نظراً لأهمية المكان في زيادة التركيز فبعض الأشخاص يحب الجلوس في غرفة هادئة بعيدة عن الضجيج، وبعضهم يفضِّل الدراسة في حديقة المنزل حيث توجد الأشجار والأزهار، فيساعده ذلك على الشعور بالراحة والتركيز، فمن الأفضل أن تُحدِّد المكان وتُجهِّزه قبل البدء بتطبيق الجدول الدراسي الذي وضعته في بداية الأسبوع.

مثلاً في حال أردت الدراسة في غرفة معيَّنة يمكنك تجهيز الطاولة وترتيب الأوراق اللازمة ووضع إضاءة مريحة للعين لكيلا تضيِّع الوقت على هذه التفاصيل في أثناء الدراسة.

إقرأ أيضاً: أهم طرائق الدراسة الفعالة

7. تحديد أوقات الراحة:

لا تظن أنَّك قادر على أخذ استراحة متى أردت، فكما حدَّدنا المدة اللازمة لكل مهمة، فيمكننا تحديد وقت الراحة بوصفه مهمة أيضاً، فمن دون أخذ قسط من الراحة لا يمكن استعادة النشاط والحماسة للدراسة، فمثلاً يجب أن تحدِّد وقتاً لتناول وجبة الطعام، ويُفضَّل أن تُنظِّم وقت الطعام بحيث يتوافق مع موعد تناول طعام العائلة، وتحديد نصف ساعة للخروج والمشي في الطبيعة، أو ممارسة بعض التمارين الرياضية التي تساعد على الاسترخاء والتخلُّص من الطاقة السلبية، كاليوغا التي تُخلِّص الجسم من هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر)، وتحديد الوقت الذي يُستخدم فيه الهاتف المحمول، والاطلاع على مواقع التواصل، أو التحدُّث إلى الأصدقاء؛ لأنَّ الهاتف مغلق خلال الدراسة كما هو مفروض.

8. تعديل الجدول:

في حال حدوث مهام طارئة، أو ضرورة الذهاب لحضور مناسبة اجتماعية، كحفل زفاف، أو عيد ميلاد، أو حتى تقديم العزاء، يشعر الطالب حينها بالتوتر؛ لأنَّه غير قادر على القيام بالمهام بوقتها، ولكن من الممكن النجاح بالقيام بمختلف المهام من خلال حذف بعض النشاطات التي لا يوجد ضرر من تأجيلها، كمشاهدة التلفاز مثلاً، ونقل المهام التي يتزامن موعد إنجازها مع موعد المناسبة الاجتماعية إلى يوم آخر، كما يمكن تطبيق ذلك في حال استغرقت بعد المواد الدراسية وقت أكثر لدراستها من الوقت الذي توقعته.

9. تنظيم النوم:

لا يمكن النجاح في تطبيق الجدول الذي وضعته ما لم تحصل على ساعات النوم الكافية ليكون جسدك بكامل نشاطه، كما أكَّدت الدراسات أنَّ متوسط درجات الطلاب ممَّن يذهبون إلى النوم باكراً ويحصلون على قسط كاف من النوم أعلى من متوسط درجات الطلاب ممَّن يسهرون حتى وقت متأخر ولا يحصلون على قسط كاف من النوم.

لذلك وقبل بدء العام الدراسي بأسبوع نظَّم وقت نومك من خلال الذهاب للنوم باكراً، والحرص على النوم لعدد ساعات لا تقل عن 8 ساعات ليلاً، فالنوم الصحي هو النوم الليلي، ويمكنك ممارسة بعض الأنشطة قبل النوم لمساعدتك على النوم بسهولة، مثل قراءة كتاب، أو أخذ حمام دافئ، إضافة إلى عدم الإكثار من المشروبات المنبهة، وخاصة في فترة المساء كالقهوة أو النسكافيه.

في الختام:

التفوق الدراسي والنجاح هو مطلب جميع الطلبة، والذي يحتاج إلى بذل كثير من الجهد، ولكنَّ النجاح لا يتحقَّق بقضاء ساعات طويلة بالدراسة؛ وإنَّما يتحقَّق بالدراسة بتركيز واهتمام، بعيداً عن القلق والتوتر الذي يرافق الطالب، وخاصة في فترة الامتحانات، ومن ضرورات النجاح إدارة الوقت وتنظيمه في أثناء الدراسة والذي يمكن لأي طالب القيام به من خلال تدقيق الوقت لمعرفة ما هي النشاطات التي تأخذ من وقته يومياً، ووضع جدول بكافة المهام التي يجب فعلها لأسبوع كامل متضمناً كل مهمة مع الوقت اللازم لإنجازها بناءً على قدراته، إضافة إلى أوقات الراحة، كالنوم، أو الخروج في نزهات، أو غيرها من النشاطات التي تساعد الطالب على العودة للدراسة بنشاط، كما يمكن للطالب تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء صغيرة، وتعديل الجدول في الحالات الطارئة، ومن الضروري تجهيز مكان الدراسة قبل البدء بتطبيق الجدول، وتنظيم النوم لإبعاد الجسم عن الإرهاق والتعب قدر الإمكان.




مقالات مرتبطة