كيف تدير وتقود فريقاً يعمل عن بعد؟

إنَّ المهام التي يقوم بها القادة في وقتنا الحاضر صعبة للغاية ومن المرهق جداً إنجازها؛ لذلك يتطلب من الشركات التحلِّي ببعض المرونة لتحقيق التميز وأن تكون صبورة باتخاذ القرارات، ويحتاج قادة الأعمال في العصر الحديث إلى تبنِّي الحرية الشخصية مع الموازنة بين مبادرات الشركة وتحقيق الأهداف الرئيسة، والأهم من ذلك، يجب أن يكونوا مرنين في قدرتهم على قيادة وإدارة فريق العمل عن بعد.



لم يَعُد العمل عن بُعد خياراً محتملاً أو بعيد المنال للآباء المشغولين؛ حيث إنَّ جائحة كوفيد-19 قد غيَّرت تماماً مفهوم مكان العمل الذي نعرفه.

في عام 2020، أجرت منصة "غروموتلي" (Growmotely) دراسة استقصائية، ووجدت أنَّ 74% من المشاركين يتوقعون أن يصبح العمل من المنزل أمراً اعتيادياً في عالم الأعمال، وعلى الرغم من أنَّه لا مفر من وجود شركات تكلف موظفيها بالعودة إلى مكان العمل بمجرد انتهاء الجائحة، إلا أنَّه من المؤكد أنَّ عالم الشركات لن يكون كما كان أبداً مرة أخرى.

مع وضع ذلك في الحسبان، يجب أن يعرف أرباب الشركات كيفية إدارة وقيادة فريق العمل عن بعد، من أجل تعزيز المهارات الأساسية وتحقيق التواصل المناسب، وبغض النظر عن آراء الناس في العمل من المنزل، فإنَّ بعض الأشخاص سيخسرون وظائفهم إذا لم يتكيَّفوا مع متطلبات العمل الجديدة في الوقت الحاضر، فيما يلي خمس نصائح حول كيفية قيادة وإدارة فريق يعمل عن بعد بشكل فعال:

1. ركِّز على المهام المُنجزة بغض النَّظر عن طريقة إنجازها:

لا ينبغي على قادة الأعمال أن يُعِدُّوا أنفسهم مسؤولين عن جميع تصرفات الموظفين في منازلهم؛ حيث إنَّهم بالطبع سيفعلون ما يريدون في أثناء وجودهم في المنزل، ولكنَّ هذا لا يعني أنَّهم يضيعون وقت العمل على حساب وقتهم الشخصي.

يعمل جميع الموظفين بمعدلات وساعات وأوقات مختلفة على مدار اليوم؛ لذا فإنَّ السماح لموظفيك بالقيام بذلك قد يزيد من إنتاجيتهم في العمل مع تحسين نوعية حياتهم، ومن المثير للاهتمام أنَّ جامعة ستانفورد (University of Stanford) نشرت دراسة توثق زيادة بنسبة 13% في الإنتاجية في أثناء العمل من المنزل، مما أدى أيضاً إلى زيادة الرضا في العمل وانخفاض بنسبة 50% تقريباً في معدل الاستنزاف.

خلال العمل من المنزل، فإنَّ الأشخاص الذين يستيقظون مبكراً، يمكنهم إنجاز العمل باكراً، وبالنسبة إلى الذين يستيقظون في وقتٍ متأخر، قد يعني ذلك أنَّ يوم عملهم قد يمتد إلى ساعات متأخرة من الليل، ولكن في الحقيقة، لا يهم الوقت الذي يقضيه شخص في العمل على مدار اليوم، طالما أنَّه ينجز عمله ويلتزم بالمواعيد النهائية، هذا مهم لأنَّه يسمح للأفراد باختيار يوم عملهم، مما يعزز الثقة، ومناقشة الصعوبات المتعلقة بالعمل، وزيادة شعورهم بالرضا عن عملهم بشكل أكبر.

والأهم من ذلك كله هو أنَّ التركيز على إنجاز العمل يُعَدُّ أكثر أهمية من طريقة إنجازه بالنسبة إلى الشركة، في الواقع، النتائج هي الشيء الوحيد المهم.

إقرأ أيضاً: 9 طرق لزيادة الإنتاجية أثناء العمل من المنزل

2. اطلب الحصول على تغذية راجعة من الموظفين:

لا يخبر القادة المؤثرون موظفيهم كيفية حل المشكلات؛ بل يسألونهم عن كيفية حلها؛ حيث إنَّ طلب إبداء الرأي حول مشكلة ما، هو طريقة لتعزيز الابتكار المستمر؛ وذلك لأنَّه ينمي عقلية حل المشكلات في الشركة بأكملها، وليس فقط ضمن فريق القيادة، فإذا كان لدى فريق القيادة جميع الحلول لمشكلاتهم، فلماذا يحتاجون إلى موظفين آخرين يعملون عندهم؟ يتمثل دور القائد في تحديد المشكلات من أجل حلها، ولتعزيز التفكير الإبداعي.

ناقش الكاتب البريطاني سيمون سينك (Simon Sinek) في كتابه "اللعبة اللانهائية" (The Infinite Game) أنَّ القادة العظيمين هم عادة آخر من يتحدث عن موضوع أو مشكلة ما؛ وذلك لأنَّهم يختارون الإصغاء إلى وجهة نظر الآخرين قبل اتخاذ خطوة لحلها؛ حيث إنَّهم يستثمرون فريقهم ومواردهم للتوصل إلى أفضل الأفكار، وفي المقابل، تعزز هذه الخطوات البسيطة النمو والابتكار والتواصل بين أعضاء الفريق وأقرانهم.

إنَّ مطالبة الموظفين بتغذية راجعة تجعلهم يشعرون بالتقدير وأنَّهم جزء من الفريق، مما يؤثر تأثيراً كبيراً في معنوياتهم، عندما يشعر الأشخاص بانتمائهم إلى مجموعة، فإنَّهم على استعداد لبذل المزيد من الجهد لإظهار ولائهم، والأهم من ذلك، أنَّ دوافعهم تصبح جوهرية بدلاً من أن تكون نتيجة تأثيرات خارجية، مما يخفف بدرجة كبيرة الشعور بالتوتر وعدم اليقين.

وحتى إذا تعذر استخدام التغذية الراجعة المقدمة أو تطبيقها، فإنَّها تظل ضرورية للنمو والتطور، وفي العديد من المواقف، سوف ينبهر القادة بالإجابات الرائعة التي تُطرح عليهم بمجرد أن يبذلوا ما يكفي من الشجاعة لطرح الأسئلة، ويكونون قادرين على تقبُّل فكرة عدم امتلاكهم الأجوبة دائماً.

3. أَظهِر شعورك بالضعف:

ظاهرياً، قد يبدو إظهار الضعف نقطة ضعف، لكنَّها في الحقيقة دليل على القوة، فأولئك الذين يُظهرِون نقاط ضعفهم، سيقنعون أقرانهم وموظفيهم بأفكارهم؛ وذلك لأنَّهم ليسوا أعلى شأناً منهم، إنَّ البشر كائنات ضعيفة، ومع ذلك، في مكان العمل، من السائد عدُّ أي تقبُّل للخطأ أو الانتقاد نقطة ضعف.

من خلال إظهار ضعفك، سوف تتمكن من الانسجام مع غيرك؛ وذلك لأنَّك تُظهِر للآخرين أنَّه من الطبيعي التعبير عن المشاعر لإعطاء الأولوية للراحة النفسية والبدنية، وفي الواقع، نحن جميعاً نمر بأيامٍ جيدة وأخرى سيئة؛ لذا احتفل بالأيام الجيدة وتقبَّل العقبات في الأيام السيئة، وستندهش عندما ترى كيف يستجيب الناس استجابة إيجابية لجهودك.

كشفت الكاتبة والباحثة الأمريكية برينيه براون (Brene Brown) من خلال بحثها عن مدى قوة تقبل الشعور بالضعف في مكان العمل؛ حيث وجدت أنَّ الرجال والنساء يختلفون في قدراتهم على إظهار الضعف بناءً على نظرة المجتمع المحيط بهم، وهذا هو السبب في صعوبة إجراء هذا التحول في مكان العمل، ومع ذلك، هذا لا يعني أنَّه لا توجد طرائق للتغلب على هذا الحاجز؛ حيث يتطلب الأمر النية والممارسة المستمرة لتحقيق النجاح في أي مجال من المجالات؛ لذلك أعطِ الأولوية للضعف.

إقرأ أيضاً: 3 طرق هامة تساعدك على القيادة دون الخجل من إظهار مواطن ضعفك

4. سارِع في حل الخلافات فور حدوثها:

يمكن أن يوفر الابتعاد عن مكان العمل قدراً أكبر من المرونة والراحة، ولكنَّه قد يسمح بتفاقم المشكلات الصغيرة في المستقبل، وإذا كان هناك قدر أقل من التواصل بين القادة وأعضاء فريقهم، فقد تكون هناك أيضاً فرص أقل لإثارة الخلافات على مدار اليوم، إنَّ هذا الأمر خطير نوعاً ما؛ وذلك لأنَّ المشكلات الصغيرة تتحول بسرعة إلى مشكلات كبيرة دون بذل الكثير من الجهد، مما يتسبب في الكثير المشكلات التي قد تؤدي في النهاية إلى إرهاق الموظفين أو عدم الالتزام بالمواعيد النهائية.

لا تزال النقاشات الجانبية الشخصية التي تُجرى في المكاتب عاملاً في الثقافة التنظيمية عبر الإنترنت؛ حيث يمكن أن تصبح المحادثات والرسائل النصية الجماعية عائقاً أمام نمو الشركة، وتُضعِف معنويات الفريق؛ لذا تأكد من الاطلاع على هذه المحادثات لتجنب أي مشكلات أو مشاحنات بين الموظفين، والتي ستحدث حتماً.

5. كن على استعداد للتعلُّم يومياً:

أخيراً، يجب أن يكون قادة المستقبل على استعداد للتخلي عن الأفكار القديمة وإعادة تقييمها وتعزيزها بمعلومات جديدة يومياً؛ حيث يبحث القادة ذوو الكفاءة العالية عن أفكار جديدة ومبتكرة باستمرار، ومع ذلك، فإنَّ الكثيرين يخطئون في الأمر، مما قد يعوق الابتكار والتفكير الإبداعي، ولكن من خلال تغيير المفاهيم وإعادة صياغتها، يمكن لقادة المستقبل أن يعززوا الابتكار مع فِرقهم تعزيزاً كبيراً، ويوفروا إطاراً هيكلياً لتغيير طريقة قيامهم بأعمالهم.

في الختام:

لا يجب أن تكون قيادة الفريق عن بُعد وإدارته أمراً صعباً، طالما أنَّك على استعداد لتخصيص الوقت والطاقة والموارد في معالجة مشكلاتك، إنَّ مهمتك هي ضمان أعلى مستويات الثقة مع فريقك، والتي ستنقلك مع أفراد فريقك إلى مستوى أفضل، مما يضمن نجاحك المستقبلي، وعندما يقود القادة بصدق تام، فإنَّهم يحولون الموظفين إلى مرؤوسين مخلصين وقادة مستقبليين؛ لذا كن على استعداد لفعل ما يلزم لوضع موظفيك في المقام الأول، حتى عندما يعملون من المنزل.

المصدر




مقالات مرتبطة