كيف تدون أحلامك الواعية وتتجاوز أكبر مخاوفك؟

يُعدُّ الاحتفاظ بمفكرة لتدوين الحلم الواعي أو الصافي خطوةً هامةً في عملية الأحلام الواضحة، لكن ما هو الحلم الواعي (Lucid dreaming)؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة ماري جاكش (Mary Jaksch)، وتخبرنا فيه عن تجربتها في تدوين الأحلام.

الحلم الواعي هو تجربة إدراك أحلامك وأنت تحلم بها:

فكر في حلم كنت قد حلمت به مؤخراً، وتخيل الآن كل الاحتمالات إذا كنت تعلم أنَّك تحلم؛ فإذا كان هناك شيء في الحلم لا يسير وفقاً لرغباتك، يمكنك تغيير المسار؛ وإذا حدث شيء استمتعت به، فيمكنك الاستمرار فيه.

يمنحك الحلم الواعي الفرصة لاستكشاف عالم أحلامك؛ ونظراً لأنَّ عالم أحلامك من صنع عقلك، فإنَّ ما يتيحه لك الحلم الواعي هو استكشاف عقلك؛ فالأحلام الواضحة الواعية ليست ممتعة فحسب؛ بل إنَّها طريقة رائعة للتغلب على المخاوف والتحديات في حياتك.

الاحتمالات محدودة فقط في خيالك؛ فمن خلال ممارسة الأحلام الواعية، يمكنك الاستمرار في أي مغامرة تتخيَّلها، لكن ضع في حسبانك أنَّ قوانين الواقع لا تنطبق في عالم الأحلام، لذلك إذا كنت تريد الطيران، فيمكنك ذلك، ويمكنك السباحة إلى قاع المحيط أو الذهاب إلى مكان لم تزره من قبل، فكل خيالاتك العظيمة يمكن أن تتحقق ويمكنك حتى تحمُّل أكبر مخاوفك أو عقباتك ومكافحتها والتغلب عليها.

يبدو ذلك ممتعاً أليس كذلك؟ لكن إذا كنت ترغب في استكشاف عالم الأحلام الواعية، يتعين عليك أولاً البدء بتسجيل أحلامك، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي الاحتفاظ بمفكرة للأحلام الواعية.

تدوين الأحلام أمرٌ لا بد منه لأي حالم صافي التفكير:

يساعدك هذا التدوين على تذكُّر أحلامك؛ وإلا فيتمُّ نسيانهم فور الاستيقاظ، ومن خلال التعود على الاحتفاظ بمذكرات، فإنَّك تُكيِّف عقلك على الانتباه إلى التفاصيل وتكون أكثر وعياً بمحيطك في المنام.

قد تجد صعوبة في الاحتفاظ بمفكرة لتدوين أحلامك الواضحة في البداية، فهي ليست قصة؛ بل تشبه إلى حدِّ كبير اللغز الذي يجب عليك حله؛ لكن سرعان ما ستتعلم اتباع "منطق الحلم" الغريب وسيزداد عدد الأحلام التي يتمُّ تذكرها.

بعد حصولك على بعض الإدخالات، يمكنك دراسة ميزات أحلامك، مما سيساعدك على التعرف إلى الأحلام على حقيقتها؛ وأعني بالميزات المواقف أو الأماكن أو الأشخاص أو الشخصيات الأخرى التي تحلم بها.

أنا أعطي كل من إدخالاتي عنواناً قصيراً وأحتفظ بجدول؛ إذ يتمُّ سرد أحلامي مع ميزاتها، وهكذا يمكنني بسهولة التحقق مما إذا كانت هناك ميزة معينة جديدة أو متكررة أو متصلة بميزات أخرى؛ فعلى سبيل المثال، إذا كنت أحلم بأشخاص أعرفهم من حياة اليقظة، فسأجدهم في مكان مألوف مثل منزلي، مدرستي القديمة، عملي، وما إلى ذلك.

وقد تلاحظ مع مرور الوقت أنَّ بعض الأماكن أو الشخصيات قد تتغير وتبدو مختلفة في أحلامك، لكن توجد دائماً خاصية أو وظيفة تظل كما هي، وهذا يعني أنَّ هذه الميزة متكررة.

لقد وجدت شخصية متكررة - بعد أن استعرضت نحو 30 إدخالاً في دفتر يومياتي - من شأنها أن تغير مظهرها، ولكنَّها بطريقة ما لا تستطيع تغيير لون شعرها وعينيها، أُطلق على هذه الميزات مثل "حواء" أو "مبنى فارغ كبير"، وبالنسبة إليك، بعد أن تتعلم كيفية التعرف إليها، فإنَّها غالباً ما تؤدي إلى حالة من الوضوح.

توجد مشكلة أخرى غالباً ما نواجهها، وهي أنَّ معظمنا يضطر إلى الاستيقاظ باكراً للمدرسة أو للعمل؛ فعندما ننتقل في لحظة من حالة النوم إلى حالة الاستيقاظ على صوت المنبه، غالباً ما يتمُّ "محو" الحلم من ذاكرة الاستيقاظ بسبب الانتقال المفاجئ.

لقد بحثت عن حل بديل لهذه المشكلة وفي النهاية قررت تغيير عاداتي في النوم؛ فعوَّدتُ نفسي أن أنام باكراً وأن أستيقظ في السادسة صباحاً دون منبه؛ إذ تترك لي هذه الطريقة وقتاً كافياً للنوم لأحلم، ووقتاً للاستيقاظ ببطء، وهو الأمر الأكثر أهمية لاسترجاع طريقة الحلم.

شاهد: 5 طرق تجعل من تدوين اليوميات عادة مكتسبة

تذكُّر أحلامك:

في تحليل الأحلام، يوصى بالبدء بتذكُّر حلمك بينما أنت نصف نائم ولم تستيقظ تماماً بعد، فغالباً ما يؤدي إلى حلم آخر يستمر أو حتى يفسر السابق؛ فأنا لا أعود إلى النوم لكن أحاول أن أبقى نائمةً لفترة كافية لأتذكر ما كنت أحلم به، ثمَّ عندما أصبح أكثر وعياً بقليل، أناقش اللحظات الرئيسة؛ ما هي الأماكن أو الشخصيات التي رأيتها؟ ما الذي كان مألوفاً؟ وما الجديد؟

ثمَّ يمكنني متابعة روتيني الصباحي؛ وعادةً ما آخذ معي دفتراً صغيراً وأكتب الحلم خلال وجبة الإفطار أو في الحافلة أو في طريقي إلى العمل.

في المساء، وعندما يكون لدي وقت كافٍ، أضع جميع المعلومات في ملف على جهاز الكمبيوتر الخاص بي مع ملء التفاصيل التي فاتتني سابقاً، وأشير إلى مستوى وضوح كل حلم وما الذي أثاره، وبمقارنة الأحلام في جدولي، يمكنني بسهولة معرفة الميزة التي من المرجح أن تحفز الحالة الواضحة.

إقرأ أيضاً: أحلام اليقظة: سلبياتها وإيجابيتها، وطرق التعامل معها

تقنيات أخرى للحلم الواعي:

بالطبع توجد تقنيات أخرى؛ إذ يمكنك الاحتفاظ بدفتر ملاحظات بالقرب من سريرك والكتابة بعد الاستيقاظ مباشرة، كما يمكنك استخدام الكلمات الرئيسة أو التسجيل صوتياً أو حتى رسم أحلامك أو كتابة الشعر.

الشكل والأسلوب والتقنية كل شيء متروك لك، وعليك فقط أن تجرب حتى تجد ما هو الأفضل؛ الشيء الهام هو جعل الاحتفاظ بالمفكرة عادة والكتابة أو التسجيل كل يوم، فلن ينفع كثيراً إذا قمت بإجراء الإدخال مرة أو مرتين في الأسبوع.

بالنسبة إلي، عندما لم أستطع تذكُّر معظم الأحلام أو لم يكن لدي ما يكفي من الوقت أو الرغبة في الكتابة، استخدمت "أسلوب تكييف": كنت أكتب في دفتر ملاحظاتي كلمة رئيسة واحدة فقط، أي شيء يمكنني تذكره، على سبيل المثال "المدرسة" أو "الجرو الأسود"، وإذا كنت محظوظة لتذكُّر ما كان يفعله الجرو خلال النهار أو ما رأيته في المدرسة، فسوف أكتب كلمة رئيسة أخرى حتى لو كانت إدخالاتي في المفكرة تحتوي على كلمة واحدة فقط بنهاية اليوم، فقد علمت أنَّني لم أتخطَّ مهمتي الهامة وأنَّني لم أفقد حلمي تماماً.

لقد رأيت ذلك الجرو الأسود مرة أخرى في حلم آخر، وتذكرت فجأة يجب أن أتبعه لإكمال ما أكتبه، وقد كانت أفكاري واضحة لمدة دقيقتين تقريباً.

إقرأ أيضاً: 5 معوقات تقف في وجه أحلامك تخلّص منها

في الختام:

إنَّ الاستمرار في تدوين الأحلام يحتاج إلى الصبر والوقت والمثابرة؛ فالحلم هو فن قديم يجب تعلُّمه، والتعلُّم يتطلب العمل، لكن إذا اخترت التعلم، فهناك رحلة رائعة تنتظرك؛ والمفكرة هي أسهل الأدوات وأكثرها فائدة لاستكشاف أرض الأحلام الخاصة بك، لزيادة وعيك وإتقان فن الاستيقاظ خلال الحلم.

المصدر




مقالات مرتبطة