كيف تحول التنوع في المؤسسة إلى اندماج؟

التنوع بلا اندماج ضار؛ فاكتشِف كيف يمكِنك تحويل مؤسستك إلى مكان يزدهر فيه الموظفون جميعهم. هل يشعر الموظفون جميعهم في مؤسستك بالأمان والاندماج؟ وهل يؤدي الموظفون الذين ينتمون إلى خلفيات متنوعة عملهم بحرية ودون تهميش؟ وهل تعمل باستمرار على توسيع قاعدة التوظيف؟



يجب على القادة الملتزمين بإنشاء مساحات عمل متنوعة وشاملة أن يسألوا أنفسهم هذه الأسئلة، ولكن قبل أن يتمكنوا من تقديم أيَّة إجابة منطقية، يجب أن يمتلكوا عقليةً منفتحة، وحريصة على التعلم، وأن يكونوا مستعدين للتعلم في المجالات التي لديهم فيها نقاط ضعف.

تخيَّل أنَّك رئيس تنفيذي أو قيادي في شركتك، وأنت رجل أبيض، فمن الناحية الإحصائية، من المرجح أن يكون هذا هو الحال، ففي عام 2018، لم يكن هناك سوى 24 رئيسة تنفيذية في قائمة "فورتشن 500" (Fortune 500)، ولم يكن هناك سوى ثلاثة رؤساء تنفيذيين من أصحاب البشرة السمراء، وجميعهم من الذكور، أما نسبة 95% المتبقية من الرؤساء التنفيذيين في القائمة المذكورة، كانوا من الرجال البيض؛ لذلك، إنَّ افتراض أن يكون قادة شركتك ذكور بيض، هو افتراض صحيح، ولكن يجب أن تتغير هذه الأرقام حتى تُمثِّل أماكن العمل العالم الذي نعيش فيه تمثيلاً حقيقياً.

ولكن في الوقت الحالي، دعنا نتناول السيناريو الأكثر احتمالاً؛ أي إذا كنتَ رجلاً أبيض وكان معظم مرؤوسيك من الذكور البيض، فما الذي ستفعله للتعرُّف إلى تجارب أولئك الذين لا يتمتعون بالامتياز الذي تتمتع به؟

التوظيف مكان رائع للبدء؛ إذ أشار تقرير أعدَّته منظمة غير ربحية تُمثِّل أعضاء نقابة أصحاب البشرة السمراء إلى أهمية تدريب مسؤولي التوظيف تحديداً على كيفية التعامل مع أصحاب البشرة السمراء لفهم تجاربهم والتحديات التي يواجهونها في مكان العمل، حيث كشفَ مَن شملهم الاستطلاع عن إجراءات يمكِن للشركات اتخاذها لجعل مكان العمل مناسباً لأصحاب البشرة السمراء، ومنها:

  • الإعلان عن جميع السياسات المتعلقة بأصحاب البشرة السمراء، مثل السياسات المناهضة للتمييز في المعاملة.
  • النص صراحةً على أنَّ الشركة صديقة لمجتمع أصحاب البشرة السمراء.
  • خضوع الموظفين لتدريب خاص بالتعامل معهم.
  • الإعلان عن الوظائف في وسائل إعلام أصحاب البشرة السوداء.

لن يبقى المرشحون المتنوعون إن لم يشعروا بالأمان داخل المنظمة، وقد بدأَت حتى أكثر مجالات العمل عناداً وأقلها تنوعاً تدرك هذه الحقيقة، حيث تجلى هذا عندما بدأَت صناعة الألعاب تتخذ خطوات عملاقة لتصبح أكثر إنصافاً للموظفين جميعهم، حيث ألقى نائب رئيس قسم الألعاب في شركة "مايكروسوفت" (Microsoft) "فيل سبنسر" (Phil Spencer) الكلمة الرئيسة حول الخطوات التي ستتخذها الشركة لتتحول إلى بيئة عمل أكثر تنوعاً وشمولاً وأماناً، وهذا موجزٌ عنها:

  1. إقامة علاقة قائمة على التعاطف والثقة مع الموظفين من خلال الإصغاء إليهم، ومعالجة مخاوفهم.
  2. تحلِّي القادة بالمسؤولية والاعتراف بالأخطاء السابقة.
  3. امتلاك عقلية تحث على النمو، وتجعل القيادة تفهم أنَّ الفشل - العام أو الخاص - يمهد الطريق للنمو.
  4. أخذ الآراء جميعها بالحسبان، وخاصة تلك التي غالباً ما تُغفل.
  5. إيلاء الاهتمام لمبادئ القيادة الثلاثة؛ الوضوح، وتوليد الطاقة للفريق، وتحقيق النجاح.

كانت كلمة "سبنسر" الرئيسة نقطة تحول واضحة، حيث قال: "أنا مخضرم في صناعة الألعاب، ولديَّ خبرة طويلة ومباشرة مع تفشي التمييز على أساس الجنس، حيث جمعتُ مجموعةً من القصص وكذلك فعلَت كل امرأة أعرفها". وفي عام 2017، وجدَت دراسةٌ أجرَتها الهيئة التجارية لصناعة الألعاب في المملكة المتحدة، وهي رابطة مستقلة تجمع مطوري الألعاب، أنَّ 14% فقط من العاملين في صناعة الألعاب في ذلك البلد هم من النساء، ووفقاً لرابطة مطوري الألعاب الدولية، إنَّ أكثر من 75% من مطوري الألعاب هم من البيض، وبالنسبة إلى النساء أو الأقليات التي عملَت في مجال يهيمن عليه الرجال البيض، كان هذا أكثر من مجرد إحصائيات، فعندما يكون لدى منظمة مستويات عالية للغاية من التفاوت بين الجنسين والعرق، فإنَّ اللغة التمييزية وتهميش الأقليات هو أمر واقع.

إقرأ أيضاً: كيف نشجع عقلية النمو؟

كيف تصبح المؤسسات أكثر شمولاً؟

قالت "نيلا داس" (Neela Dass) مديرة علاقات مطوري الألعاب في شركة "إنتل" (Intel) إنَّ فريقها يستضيف ورش عمل تساعد المشاركين على معرفة تحيزاتهم الكامنة وغير المدروسة، وكيف تؤثر هذه التحيزات في الآخرين، وقال "فيل هاريسون" (Phil Harrison) نائب رئيس شركة "جوجل" (Google) إنَّهم يُدرِّبون الموظفين الجدد خلال عملية التأهيل على تمييز تحيزاتهم اللاواعية بصورة أفضل.

في أوائل التسعينيات، لم تكن المنظمات تعي أهمية التنوع، ناهيك عن الاندماج، والحاجة إلى مساحات عمل آمنة، وقد استُهزِئ إلى حد كبير بالإصلاح السياسي بكونه صعباً ورتيباً، والآن نحن نعي ذلك بشكلٍ أفضل، حيث تدل الكلمات التي نستخدمها لوصف الأشخاص والأشياء على كيفية تفكيرنا وشعورنا تجاههم، ومن خلال الحرص على استخدام لغة خالية من التحيز، فإنَّنا مضطرون للتحقق من تحيزاتنا والتي غالباً ما تكون غير واعية، والوعي بهذا الأمر هو الخطوة الأولى نحو القضاء على تحيزاتنا وتطوير رؤية عالمية شاملة.

لا بُدَّ أنَّنا جميعاً ارتكبنا خطأً مُحرجاً في يومٍ من الأيام باستخدام مصطلح خاطئ يصف مجموعة أشخاص تختلف عنا، ولكن كيف يمكِننا تصحيحه عندما نشعر أنَّنا لا نستطيع مواكبة وتيرة التغيير الاجتماعي؟

الخبر السيئ هو أنَّك حتماً ستقول شيئاً ما يجعلك تشعر بالغباء، والخبر السار هو أنَّه إذا كانت لديك علاقات قائمة على حسن النية مع مرؤوسيك وزملائك المباشرين، فسيصدقونك عندما تقول: "أنا آسف جداً، من فضلك، هل يمكِنك أن تُعلِّمني الطريقة الصحيحة للحديث عن هذا؟". عموماً، يسعد الناس بتثقيف الآخرين إذا كان من يطلبون منهم النصح متجاوبين وممنونين، وعندما لا يكونون مضطرين لتثقيف الناس طوال الوقت.

بصفتك قائداً في الشركة، فأنت من يضع الأساسات التي تُحدد طريقة التعامل مع الآخرين في الشركة، فإن ارتكبتَ خطأً، وصحَّحه أحدهم لك، فعليك ألا تكرره في المستقبل؛ إذ يجب أن يجني من علَّمك ثمرة تعليمه لك عندما يراك تُطبِّق نصائحه في أثناء حديثك مع الموظفين من المستويات كافة، فإن جعلتَ مكان العمل آمناً بأسلوبك ولغتك، وطلبتَ من الجميع الاقتداء بك، فأنت تُظهر للموظفين المُهمَّشين أنَّك تقف إلى جانبهم وتدعمهم.

 

المصدر




مقالات مرتبطة